الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجون العراق: مزاعم التعذيب وسوء المعاملة

سجون العراق: مزاعم التعذيب وسوء المعاملة
14 سبتمبر 2009 02:32
في زنزانة تنز بالحرارة والعرق، يسقط الضوء المتسرب من نافذة صغيرة على صفوف من السجناء الجالسين القرفصاء، والأكياس البلاستيكية التي تحوي أغراضهم معلقة على مسامير في كل شبر من الحائط. يقول الحارس إن 74 رجلا يعيشون في هذه الزنزانة، التي يبلغ طولها ستة أمتار وعرضها ثلاثة تقريباً؛ بينما يوجد 85 آخرون في الممر، و12 مثلهم بالقرب من المرحاض. هذا هو سجن «هبهب» الواقع على أطراف بعقوبة، العاصمة المضطربة والمغبرة لمحافظة ديالي التي تبعد بنحو 64 كيلومتراً عن العاصمة بغداد. إنه ليس سوى واحد من سجون المحافظة حيث يتحدث السجناء والجنود الأميركيون عن اعتقال المتهمين لفترات طويلة في سجون مكتظة، وحيث يجري التعذيب لانتزاع الاعترافات من السجناء. وإذا كانت الظروف هنا أشد وأصعب مقارنة بأماكن آخر في البلاد، فإن نظام الاعتقال في العراق بصفة عامة يُنتقد بشدة من قبل منظمات حقوق الإنسان الغربية. وفي هذا الإطار، ذهب تقرير صدر في ديسمبر 2008 عن منظمة «هيومان رايتس ووتش»، التي يوجد مقرها في نيويورك، إلى حد تأكيد وجود «استمرارية مقلقة» لممارسات قديمة تعود لعهد صدام حسين. ورغم أن لجنة شكلتها الحكومة العراقية في يونيو الماضي بهدف التحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المفترضة، إلا أن غياب المحاسبة والإرادة السياسية يشكل عقبة أمام تغيير ثقافة التجاوزات والانتهاكات التي كانت وما تزال سائدة، كما يقول نشطاء حقوق الإنسان. المقدم «شون ريد»، قائد وحدة المشاة الأميركية الموجودة في بعقوبة، كثيراً ما يجد صعوبة في قبول هذه الثقافة. وفي هذا الإطار، يقول «ريد» الذي جعله عمله مع قوات الأمن العراقية يطلع على ظروف الاعتقال في السجون العراقية، إنه من الصعب تغيير حراس تعودوا على الأساليب العنيفة والقوية، مضيفاً أن «ما أعتبره أنا معاملة إنسانية للسجناء، ليس هو ما يعتبرونه معاملة إنسانية». وقد اتخذ الموضوع طابعا ملحا جديدا في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة على تقليص وجودها في العراق، مما سرع الإفراج عن السجناء العراقيين المعتقلين في المعسكرات الأميركية ونقلهم إلى السجون العراقية؛ حيث تم الإفراج عن معظم السجناء الذين يُستبعد أن يعودوا إلى ارتكاب أعمال عنف. وفي هذا الإطار، أُفرج خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري عن أزيد من 5000 معتقل، بينما نُقل قرابة 1200 إلى السجون العراقية، حسب النقيب «براد كيمبرلي»، المسؤول عن التواصل وضباط أميركيين آخرين استُجوبوا لغرض هذا التقرير. وبوتيرة الإفراج الحالية عن السجناء (750 سجيناً في الشهر)، فإن 1400 معتقل من المتوقع أن يذهبوا إلى السجون العراقية قبل إتمام عمليات تسليم المهام في أغسطس 2010. واللافت أنه بعد فضح التجاوزات والانتهاكات التي حدثت في سجن أبو غريب، بات المسؤولون الأميركيون اليوم أشد حرصاً على اتخاذ تدابير لضمان معاملة لائقة للسجناء العراقيين. غير أنه من المهم اليوم أن يُبدوا حرصاً مماثلا كذلك على تجنب نقل السجناء إلى نظام سجني حيث يوجد خطر حقيقي للتعذيب وسوء المعاملة، وهو أمر يمثل خرقاً للقانون الدولي، كما يقول الباحث في منظمة «هيومان رايتس ووتش» سامر مسقطي الذي يسافر كثيراً إلى المنطقة. وفي هذا السياق، كتب مسقطي في رسالة إلكترونية يقول: «خلال البحوث التي قمنا بها على مدى السنوات القليلة الماضية، استمعنا إلى مزاعم ذات مصداقية حول التعذيب وسوء المعاملة خلال الاعتقال الأولي من قبل القوات العراقية»، مضيفاً أنه «من واجب الولايات المتحدة أن تتحقق من الظروف السائدة في المنشآت السجنية العراقية التي يُنقل إليها السجناء، وذلك عبر عمليات تفتيش دورية للسجون من قبل مراقبين مستقلين ومحايدين». وحسب مسقطي، فإن ذلك هو بالضبط ما يسعى الأميركيون إلى القيام به؛ حيث يمر كل سجين معتقل لدى الأميركيين، من المنتظر أن يفرَج عنه أو أن يُنقَل إلى السجون العراقية، عبر معتقل معسكر «كروبر» الأميركي بالقرب من بغداد. وكان اليوم يوم غسل الملابس في المعسكر حين زرنا المعتقل مؤخراً ووجدنا البذلات الصفراء معلقة تجف تحت الشمس، بينما كان المعتقلون يلعبون أو يجلسون على سجاد الصلاة يقرأون القرآن بشكل جماعي. واللافت أن المسؤولين الأميركيين هنا يسعدون باصطحاب الزائرين في جولة عبر المخيم حيث يشيرون بفخر إلى الفضاء الكبير، ودروس الفن والحاسوب وكرة الطاولة وكرة القدم التي تم توفيرها للمعتقلين. ويقول العقيد جون هوي، القائد المسؤول عن المعتقلات السجنية الأميركية الثلاثة في العراق، وهي «كروبر» و»بوكا» و»تاجي»، وقد احتك بآلاف المعتقلين في العراق منذ عام 2003: «إنني أعرف الطريقة الصحيحة والطريقة الخاطئة للقيام بالأشياء... بعد (فضيحة) أبو غريب، صدرت 240 توصية بخصوص كيفية معاملة المعتقلين». لكنه أشار إلى أن الانخراط الأميركي في الشؤون العراقية «آخذ في التراجع»، مضيفا أن «مسؤوليتنا تنتهي حين ننقل المعتقلين إلى الحكومة العراقية». وضمن الجهود الرامية إلى تقليل خطر انتهاك حقوق الإنسان، يقول «هوي» إن المعتقلين يُنقلون إلى تسعة سجون فقط تديرها وزارة العدل، وأن السجون التي تديرها وزارتا الداخلية والدفاع تعد أسوأ حالا. والحال أن الجنود الأميركيين في محافظة ديالي كانوا ينقلون المعتقلين إلى سجن تابع لوزارة الداخلية حين كنا حاضرين، وأخبرونا بأنها ممارسة عادية. آليس فوردام -بغداد وبعقوبة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©