أحمد مراد (القاهرة)
روى القرآن الكريم قصة أهل الكهف : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) الآية 25»، وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول النهار ولا آخره.
وأثناء نوم هؤلاء الفتية كل تلك الفترة كانوا يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال، قال تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)، الآية 18»، وفي هذه الآية إعجاز علمي، حيث كان تقلب أهل الكهف لفائدة صحية لهم، وهي حقيقة أثبتها العلم.
حذر العلماء من خطورة أن ينام الإنسان أكثر من أربع وعشرين ساعة على جهة واحدة من دون تحريك بسبب من الأسباب كأن يكون قد تعرض لكسور كثيرة يصعب معها تحريكه لتفادي تراخي الجبائر وفساد الكسور مرة أخرى، أو فيمن تعرض لأضرار كثيرة نتيجة حادث أو حريق أو غير ذلك. وفي كتابه «مع الطب في القرآن الكريم»، يقول الدكتور عبد الحميد دياب: إن من الإصابات الشائعة وصعبة العلاج التي تعترض الأطباء الممارسين في المستشفيات هي مشكلة حدوث «قرحة السرير» عند المرضى الذين تضطرهم حالتهم للبقاء الطويل في السرير، كما في كسور الحوض والعمود الفقري أو الشلل أو حالات السبات الطويل، وهي عبارة عن قرحات تموت في الجلد والأنسجة بسبب نقص التروية الدموية عند بعض مناطق الجلد، نتيجة انضغاطها بين الأجزاء الصلبة من البدن ومكان الاضطجاع، وأكثر ما تحصل في المنطقة العجزية، وعند لوحي الكتفين وكعبي القدمين، ولا وقاية منها سوى تقليب المريض، بحيث لا يبقى من دون تقليب أكثر من 12 ساعة، وهذه هي الحكمة من تقليب الله لأهل الكهف.
هذه الحقيقة العلمية التي جاءت في سياق الخبر عن قوم أحبوا الله وأحبهم، فنالتهم العناية الإلهية العظيمة التي لم تتوقف عند إنقاذهم من أعدائهم فحسب، بل تعدته إلى تقليبهم أثناء نومهم لئلا يصيبهم ما يصيب النائم لفترة طويلة دون تقليب. أما قوله تعالى: (... وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ...)، «سورة الكهف: الآية 18»، فهو يشير إلى أن عملية التقليب التي كانت مستمرة لم يكن يشاركهم فيها كلبهم لأنه بقي باسطاً ذراعية بالوصيد أي أنه لا يتقلب، وفي هذا الأمر حقيقة علمية أخرى تفرق بين جلود البشر وجلود الحيوانات.
عدد اليوم
