الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«إنترناشيونال بوليسي دايجست»: قطر وراء الاستفزازات الصومالية الأخيرة

20 ابريل 2018 00:31
دينا محمود (لندن) واصلت وسائل الإعلام العالمية لليوم الثالث على التوالي التنديد بالتصرفات والسياسات الاستفزازية التي تنتهجها الحكومة الصومالية المدعومة من قطر، والتي دفعت دولة الإمارات إلى إنهاء مهمة قواتها التدريبية التي كانت موجودةً في هذا البلد المنكوب بالإرهاب والعنف والحروب الأهلية، لمساعدة مواطنيه على نيل قدرٍ من الاستقرار، بعد ما عانوا لعقودٍ طويلة من الفوضى وإراقة الدماء. فقد ربطت مجلة «إنترناشيونال بوليسي دايجست» بين الخطوات الرعناء التي اتخذتها حكومة الصومال في الآونة الأخيرة، والأزمة القطرية المستمرة منذ الخامس من يونيو من العام الماضي، والتي شهدت اتخاذ الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) تدابير صارمة ضد النظام الحاكم في الدوحة، شملت قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، في مسعى لدفع هذا النظام للعودة إلى الصفين الخليجي والعربي، والتخلي عن سياساته التخريبية وعلاقاته بأنظمة استبدادية، مثل نظام الملالي المهيمن على الحكم في إيران. وفي تقريرٍ تحليلي حمل عنوان «ما الذي تعنيه الأزمة الخليجية بالنسبة لقطر»، سلط الباحث والمحلل المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي والبحيرات العظمى «عبدي آدان تاواني» الضوء على الجهود المكثفة التي بذلتها دولة الإمارات على مدى سنواتٍ طويلة، لمد يد العون للصومال وانتشاله من هوة التناحر الأهلي وعدم الاستقرار السياسي، التي يتردى فيها منذ نحو ثلاثة عقود. فقد أبرز تاواني في تقريره فتح الإمارات أبوابها للأنشطة التجارية والاقتصادية الصومالية «بعد الانهيار الذي حل بالصومال في أوائل تسعينيات القرن الماضي» مع سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري، موضحاً أن العلاقات مع الصومال أصبحت إحدى أولويات السياسة الخارجية الإماراتية، في أعقاب الهجمات الإرهابية التي ضربت واشنطن ونيويورك في الولايات المتحدة الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر 2001، مُشيراً إلى أن الدولة أقامت منذ ذلك الحين علاقاتٍ مع الجهات المعنية في هذا البلد بهدف «محاربة تهديد القرصنة (البحرية) والإرهاب» الناجم عن وجود عناصر متطرفة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» الإرهابي. واستعرض تاواني كذلك الدور البارز الذي اضطلعت به الإمارات على الصعيد الاقتصادي والتجاري لدعم الصومال الذي ظل لسنواتٍ طويلة يفتقر إلى أي حكومة مركزية، قائلاً إن الدولة أصبحت «المركز الرئيسي لتصدير المواد إلى الصومال، ولاستيراد الماشية الحية والجلود من مقديشو». وفي إشارة إلى الحفاوة الإماراتية بالمواطنين الصوماليين الذين فروا من بلادهم بأعدادٍ كبيرة خاصةً بعدما ازداد نفوذ حركة «الشباب» الموالية لتنظيم القاعدة، قال التقرير التحليلي إنه من المعتقد أن الصوماليين يفضلون أن يُقيموا ويديروا أعمالهم من على أراضي الدولة «لأنهم يعتبرون دبي بوابةً» للعالم الخارجي. وأبرز التقرير كذلك التسهيلات التي تقدمها السلطات الإماراتية للمقيمين الصوماليين وأيضاً للشركات الصومالية، التي قال إنها صارت تعتمد بشدة على المصارف التي تتخذ من دبي مقراً لها، وذلك على صعيد التعامل مع أموال تحويلات المغتربين إلى أسرهم سواء المقيمة في داخل الصومال أو المغتربة بدورها في دولٍ أخرى خارجها. من جهة أخرى، ألقى الكاتب الضوء على الدور الكبير الذي تضطلع به الشركات الإماراتية منذ سنواتٍ في القرن الأفريقي، قائلاً إن هذا الدور يستهدف «تأمين الموانئ الصومالية على نحوٍ خاص». وأشار في هذا السياق إلى أن بعض هذه الشركات ارتبط بتعاقداتٍ لإدارة وتشغيل موانئ مثل بربرة وبوصاصو ومقديشو. وضرب مثالاً في هذا الصدد بضخ الدولة استثماراتٍ بملايين الدولارات، لتشغيل ميناء بربرة التابع لإقليم «أرض الصومال» الذي يحظى بوضعٍ شبه مستقل. وقال الكاتب إن الإقليم وافق كذلك على تأجير ميناء في بربرة للإمارات مقابل تكفلها بإقامة مشروعاتٍ لتأهيل البنية التحتية وتوفير فرص عمل لمن يعانون من البطالة في هذا الإقليم الفقير. ولم يفت التقرير الإشارة إلى أن الحكومة الصومالية وقفت حجر عثرة على طريق تنفيذ هذه المشروعات، التي كان من شأنها - بحسب مراقبين - الإسهام في تطوير وتحديث الاقتصاد المحلي في تلك المنطقة. فقد أشارت أوساطٌ اقتصادية عدة أن تشغيل ميناء بربرة - على سبيل المثال - من جانب شركة «دبي وورلد»، كان سيشكل مشروعاً تنموياً من الطراز الأول، في ضوء أن ذلك كان سيفضي إلى إقامة مركزٍ إقليميٍ يتم عبره نقل المواد الخام من المناطق البعيدة عن السواحل في أفريقيا إلى العالم الخارجي، بتكاليف منخفضة، وكذلك تقليص تكاليف استيراد أجهزة الكمبيوتر، وتجهيزات المزارع، وغير ذلك من الآلات اللازمة لتعزيز قوة اقتصاديات الدول الواقعة في شرق أفريقيا. لكن الحكومة الصومالية - التي تعمل بتحريضٍ من النظام القطري الداعم للإرهاب - سعت إلى عرقلة مشروع تطوير ميناء بربرة وعدم الاعتراف بالاتفاقية الموقعة بشأنه. ولم تكتف حكومة «فرماجو» المدعومة قطرياً بذلك، بل أقدمت على إيقاف طائرةٍ إماراتيةٍ في الثامن من الشهر الجاري في مطار مقديشو، رغم أنه كان على متنها مدربون إماراتيون مُكلفين بمهمة مساعدة قوات الأمن الصومالية على محاربة الإرهاب، واستولت على نحو عشرة ملايين دولار، كانت مُرسلة على متن الطائرة نفسها. وقال تاواني إن ما اقترفته الأجهزة الأمنية الصومالية في هذا الشأن أدى إلى حدوث «ًصداعٍ دبلوماسي»، في إشارةٍ واضحة إلى عواقبه الوخيمة على حكومة مقديشو. ولفت الانتباه هنا إلى ما ترتب على هذه الواقعة من انهيارٍ لمذكرة التفاهم التي أُبرمت بين البلدين في عام 2014، والتي كانت الإمارات تتولى بمقتضاها «تدريب عناصر في الجيش الصومالي، ودفع رواتبهم كذلك». ويكفي للدلالة على ما كرسته الدولة من موارد ٍلإنجاح هذه المذكرة، كونها قد تكفلت في إطارها برواتب 2407 جنود صوماليين، وإدارة ثلاثة مراكز تدريب لقوات مكافحة الإرهاب في الصومال. وأطلق الباحث والمحلل السياسي في ختام تقريره تحذيراتٍ ضمنية لحكومة مقديشو من مغبة استمرار تصرفاتها الاستفزازية، في إشارة لا تخفى إلى الضرر الفادح الذي يلحق بالشعب الصومالي جراء تصرفات حكومته، باعتبار أنهم أكثر المستفيدين من المساعدات والتبرعات الإماراتية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©