الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النمسا والإسلام من الحصار العثماني لفيينا إلى قانون الإسلام أحمد عبادي

النمسا والإسلام من الحصار العثماني لفيينا إلى قانون الإسلام أحمد عبادي
14 سبتمبر 2009 02:08
يرتبط تاريخ الإسلام في النمسا ووصوله إليها بعصر توسعات الدولة العثمانية في وسط وشرق أوروبا، إذ كان أول اتصال للنمسا بالإسلام والمسلمين في فترة التقدم التركي العثماني نحو «فيينا»، والتي كان أول حصار تركي لها في سنة (963 هـ -1549 م)، حيث دارت رحى الحرب بعنف وشراسة بين الإمبراطورية العثمانية وإمبراطورية النمسا والمجر آنذاك، حيث فشل العثمانيون في الاستيلاء على فيينا، ثم جاء الحصار الثاني لفيينا في سنة (1095هـ - 1683م) وانتهى أيضاً بفشل العثمانيين في الاستيلاء عليها، ولم يتقدموا في تلك الأراضي أكثر من ذلك، حيث مشارف فيينا، وعندما توسعت إمبراطورية النمسا دخلت في حوزتها مناطق انتشر بها الإسلام، كبلاد البشناق والهورسك أو ما يعرف حالياً بالبوسنة والهرسك. ويشير كل من سيد عبدالمجيد بكر وعلي بن المنتصر الكتاني في مؤلفيهما «الأقليات المسلمة في أوروبا»، و«المسلمون في أوروبا وأميركا» إلى أن الجذور الحقيقية للجاليات المسلمة الحالية بالنمسا، تعود إلى فترة ما قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، حيث هاجر إليها بعض المسلمين من أوروبا الشرقية، ثم زادت هذه الهجرة بعد الحرب العالمية الثانية، فوصلت إليها هجرات إسلامية من يوغسلافيا، ثم جاء إليها العديد من العمال الأتراك، وهم يمثلون أكبر جالية مسلمة في النمسا، يليهم المسلمون اليوغوسلاف، ثم مسلمو الأقطار العربية. ويؤكد الكاتبان أن النمسا بدأت التعرف إلى الإسلام أكثر عن طريق هؤلاء المهاجرين الذين تركوا بلادهم الأصلية بحثاً عن مستوى اقتصادي واجتماعي أرقى. واتخذ الإسلام كدين صبغة قانونية ضمن النظام القانوني النمساوي ففي عام 1912م صدر القرار الإمبراطوري بالاعتراف بالإسلام رسمياً كأحد الأديان الموجودة في النمسا وسمى بقانون «الإسلام» حين كان مسلمو البوسنة والهرسك جزءاً من الإمبراطورية النمساوية، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وانقسام الإمبراطورية التي كانت تضم النمسا والمجر توقف عملياً العمل بقانون «الإسلام»، حيث لم يعد هناك وجود للمسلمين بدولة النمسا في حدودها الحالية. وبعد انقضاء الحرب العالمية الثانية وازدياد هجرة العمالة المسلمة التي وفدت على النمسا للمساهمة في إعادة الإعمار، بالإضافة إلى توافد الطلاب المسلمين بهدف الدراسة، تكونت أقلية إسلامية عملت على المطالبة بإعادة العمل بقانون الإسلام، حيث تحقق ذلك في عام 1979 بموجب القرار الوزاري الذي أقر للمسلمين بحق تنظيم نشاطهم الديني والعقدي والتعليم الإسلامي، وبناء على ذلك القانون يسمح للطلاب المسلمين بدراسة مادة الدين الإسلامي كمادة أساسية في المدارس النمساوية الحكومية بواقع ساعتين أسبوعياً. وبموجب قانون التعليم النمساوي أيضاً، يحق للمسلمين إنشاء وتأسيس المدارس والمعاهد والأكاديميات التعليمية، على أن يتحملوا نفقات التشغيل وتوفير المباني التعليمية المناسبة، بينما تقوم الدولة النمساوية بمنحها الاعتراف القانوني الكامل بشهادتها وتتحمل مرتبات أعضاء هيئات التدريس بكاملها. وعقب اعتراف النمسا بالإسلام كدين رسمي بالبلاد، عمدت الجاليات الإسلامية إلى تأسيس الهيئات والجمعيات الإسلامية، مثل الهيئة الإسلامية والاتحاد الإسلامي، واتحاد الطلاب المسلمين وجمعية المللي جروس، وهي هيئة إسلامية تركية، والمركز الإسلامي بفيينا. وتعد الهيئة الدينية الإسلامية الممثل الرئيسي للمسلمين في النمسا، والصوت المعبر عنهم في البلاد، وقد أُنشئت عام 1979، وينقسم المسلمون في النمسا إلى شريحتين الشريحة الأولى وهي الأقدم في الوجود وهي شريحة الأكاديميين الذين قدموا أصلاً إلى النمسا للدراسة ثم تخرجوا واستقروا في النمسا، والثانية وهي الأكبر والأوسع هي شريحة العمال والأيدي العاملة الذين قدموا بعد الحرب العالمية الثانية. ويصل عدد المساجد في النمسا إلى حوالي 135 مسجداً، منها 53 في العاصمة فيينا وحدها، والجدير بالذكر أنه لا يوجد في النمسا سوى مسجد واحد كبير يضم مئذنة وقبة، يقع في العاصمة فيينا. وتشير التقديرات الخاصة بالمنظمات الإسلامية في النمسا، حسبما تؤكد التقارير المنشورة ببعض المواقع الإسلامية مثل «إسلام أونلاين»، إلى أن تعداد المسلمين في النمسا يتجاوز حالياً النصف مليون مسلم ومسلمة، حيث بلغ ذلك العدد في آخر إحصاء سكاني نمساوي في عام 2001 قرابة 400 ألف نسمة كانوا يمثلون تقريباً 5 % من التعداد العام للسكان، ويتركز المسلمون في النمسا في العاصمة فيينا، حيث يصل عددهم إلى حوالي 122ألف نسمة أي بنسبة 7.8% من سكان العاصمة. وبالرغم من الحرية الدينية الممنوحة للمسلمين في النمسا فمازالوا يعانون كأقرانهم في باقي دول الغرب من الصورة النمطية السلبية، حيث الاتهامات بالعنف والتطرف التي أطلقها غير المنصفين من الغرب، والتي أدت إلى خلق شيء من الحذر والتوجس لدى المواطن النمساوي تجاه المسلمين. ويعاني المسلمون بالنمسا بعض الممارسات السلبية القليلة التي تُمارَس بصفة شخصية من قبل بعض أصحاب المدارس والمحال الخاصة لمنع الفتيات من ارتداء الحجاب، وبالرغم من هذا يعتبر الإسلام، وفقاً لما نقله موقع رسالة الإسلام عن تصريح لوزير الدفاع النمساوي أدلى به لمحطة الإذاعة النمساوية العام في يناير 2008، هو الديانة الثانية التي يدين بها عناصر الجيش النمساوي، حيث تشير تقديرات صحفية إلى أن ما يزيد على ألف مسلم يؤدون حالياً خدمتهم العسكرية الإلزامية في النمسا. ومن المتعارف عليه أنه إذا أعطي المجند شهادة من الهيئة الإسلامية بأنه مسلم لا يقدم له لحم خنزير، وإذا منح ما يثبت أنه مسلم ملتزم فإنه يتمكن من إقامة الصلوات الخمس وصيام رمضان، ويعطى وجبة إفطار في رمضان، ويعطى إجازة في العيدين، ويعطى إجازة لأداء صلاة الجمعة. وأكدت دراسة حديثة صادرة عن «الجمعية النمساوية للتفاهم بين الناس»، وهي جمعية أهلية تُعنى بالشؤون الاجتماعية والدينية أن الجالية الإسلامية ستصبح بحلول عام2010 ثاني أكبر طائفة في المجتمع النمساوي بعد الطائفة المسيحية الكاثوليكية. وتستند هذه الدراسة إلى الإحصاءات الحديثة التي جاء فيها الإسلام في المرتبة الثالثة للتقسيم الديني لسكان النمسا، حيث جاءت النسب لتضع الكاثوليك في المرتبة الأولى بنسبة 74% ثم اللوثريون 4.7% ثم المسلمون 4.2%. وقد أوضحت هذه الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان، حسب الانتماءات الدينية أن عدد المسلمين في تزايد مستمر، وأنه قد تضاعف في الفترة من 1991 إلى 2001 إلى أكثر من الضعف، في حين نقص عدد المسيحيين الكاثوليك الذين يمثلون الأغلبية هناك بحوالي 166 ألف شخص، وهو ما يدفع بالإسلام لأن يتقدم نحو المرتبة الثانية في عدد المنتمين إليه من سكان النمسا مستقبلاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©