الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا... الضربات الجوية في وجه الأكاذيب

ليبيا... الضربات الجوية في وجه الأكاذيب
29 مارس 2011 19:38
منذ أيام والمسؤولون الليبيون يقولون إن الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة تخلف القتل والدمار، متحدثين عن سقوط أكثر من 100 قتيل خلال أسبوع من الهجمات التي منحت امتيازاً عسكرياً للثوار المعارضين للنظام. وقد استنكر التليفزيون الليبي الرسمي "قصف السكان"؛ غير أنه لا يتم تقديم أدلة على حدوث إصابات -مدنية أو عسكرية- يمكن التحقق منها بشكل مستقل. وعلى سبيل المثال، فمساء الأحد الماضي بمدينة سرت، مسقط رأس العقيد معمر القذافي والمعقل الأخير الذي يفصل بين الثوار المتقدمين والعاصمة طرابلس، قيل للصحافيين الأجانب إن القوات الحكومية أعادت الاستيلاء على مدينة أجدابيا المحورية - كذبة من السهل إثباتها. بمثل هذه الطريقة يتعاطى نظام القذافي مع الحقيقة لدرجة أن قلة قليلة من الصحافيين الأجانب صدقوا ما رأوه يوم الجمعة الماضي، عندما أُخذوا إلى موقع ريفي سقط فيه صاروخ أميركي على حديقة وألحق أضراراً بمنزل. مثال يُظهر الصعوبة التي يواجهها أنصار القذافي أثناء سعيهم لإقناع العالم الخارجي بأي حقيقة تساعد قضيتهم. وبالفعل، فيبدو الآن أن صاروخاً أميركياً قد ضرب المنزل بالفعل؛ ولكن الأمر لم يكن يبدو كذلك يوم الجمعة. ذلك أن عدداً من العناصر في الموقع، الذي يقع على بعد حوالي 20 ميلًا إلى الشرق من طرابلس، بدت غير منطقية حينها - وليس فقط لأن الناس هناك أدلوا بروايات مختلفة حول من تعرض للأذى، وإن كان ثمة أحد قد تعرض للأذى أصلاً. فقد لاحظت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" تضارباً واضحاً في الشهادات من خلال إشارتها إلى أن الموقع "قد يكون تعرض لتدخل متعمد حتى يبدو أكثر إقناعاً مع ما بدا إطلاقاً لوابل من الرصاص على بعض الجدران الخارجية والجبس الأبيض المتساقط على الأرضية الداخلية". ووصفت بعض المصادر الإخبارية، التي تعرضت لأسابيع من الخطاب الدعائي الرسمي والبروباجندا والأكاذيب التي يمكن إثبات زيفها منذ بداية الانتفاضة ضد نظام القذافي في منتصف فبراير الماضي، المشهدَ برمته باعتباره مفبركاً ومزيفاً من قبل الحكومة. غير أن تحليلات لاحقة من قبل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" تُظهر أن أجزاء الصاروخ التي كانت معروضة في الفناء هي من صاروخ "إيه جي إم 88 هارم" مصنوع في الولايات المتحدة - وهو صاروخ فائق السرعة يفضله المخططون العسكريون لتدمير مواقع الرادارات. وربما كان يستهدف منشآت رادار مجاورة، حيث توجد منشأة من هذا النوع على بعد 1.9 ميل إلى الشمال الغربي، وتعد واحدة من بين منشآت مماثلة عديدة متناثرة بمحاذاة الساحل المتوسطي الليبي الذي يتعرض للقصف من أجل فرض منطقة حظر للطيران بموافقة الأمم المتحدة و"حماية المدنيين" من القوات الليبية. الأرقام المتسلسلة وأجزاء من الصاروخ أظهرت أن السلاح أميركي الصنع؛ ذلك أن من بين الأجزاء المتبقية منه "زعنفة" الصاروخ التي كان مكتوبا عليها BSU-60 A/B، والتي تعد جزءاً من منظومة "هارم". ويبلغ طول هذا الصاروخ أربعة أمتار وقطره عشرة إنشات؛ وتفسر صور على الإنترنت الأجزاء المتبقية التي وجدت في الموقع الليبي، ومن ذلك مقدمة الصاروخ مخروطية الشكل وقطعة خاصة أخرى من الشظايا-حزام معدني مثبت حول الصاروخ في النصف. أما "ثقوب الرصاص" المحفورة في الحائط، فتجد تفسيرها في الطريقة التي يدمر بها صاروخ "إيه جي إم 88 هارم" الرادار الذي يستهدفه: باستعمال قطع على شكل مكعبات أصغر حجماً من الرصاص تنفجر من الصاروخ. وقد يساعد شرح الخبراء لكيفية اشتغال منظومة "هارم" سبب عدم سقوط الصاروخ في موقع للرادارات؛ ذلك أن "هارم" لديه "قدرة لا نظير لها على استهداف أجهزة الرادار" وتدمير أنظمة الدفاع الجوي، حسب GlobalSecurity.org؛ غير أنه وخلافاً للأسلحة الموجهة الدقيقة، "لا يمكن التحكم في اتجاهه بدقة، وفي بعض الظروف قد لا يستطيع بلوغ الهدف الذي أطلق من أجله في الأصل". غير أن ذلك لم يكن بديهياً بالنسبة للمرافقين الحكوميين في الموقع، ولا بالنسبة للصحافيين المتشككين الذين باتوا يعرفون أن التمثيل المسرحي هنا هو شكل من أشكال الفن. وفي ما يلي مثالان على ذلك: ففي مراسم دفن جماعي الخميس الماضي، قام عمال الهلال الأحمر الليبيون بإفراغ 33 نعشاً من جثامينها أمام كاميرات التلفزيون. وقال المسؤولون إنها لضحايا الضربات الجوية التي ينفذها الحلفاء. فصلى مئات الرجال وعدد من النساء ورددوا شعارات مناوئة للغرب. وبعد المراسم، حُملت نصف النعوش تقريباً بعيداً، ظاهرياً من أجل دفن جثامينها في مكان آخر نزولاً عن رغبة العائلات. ولكن وبينما كان يتم إخراج الجثامين من نعوشها في المقبرة، تبين أن أحد النعوش فارغ. هذا بينما دُفنت الجثامين المتبقية في قبور كانت معدة سلفاً (ولكنها لم تستعمل أبداً) لجنازة أخرى منفصلة لضحايا حرب مزعومين حضرها صحافيون قبل أربعة أيام. وفي مراسيم التشييع ذاتها يوم الخميس، كانت إحدى أكثر الشخصيات لفتاً للانتباه رجلاً يهتف بشعارات مؤيدة للنظام ويلوح بعلم أخضر حاملًا طفلًا على كتفيه يمسك لعبة هي عبارة عن بندقية. ولاحقاً، شوهد هذا الرجل في ردهة فندق من فئة خمس نجوم حيث يقيم الصحافيون وهو يدردش مع عملاء الاستخبارات الليبيين والمرافقين الحكوميين المكلفين بمراقبة الصحافيين. الرجل، الذي قال إن اسمه أسامة بن صالح، قال إنه "سائق سيارة أجرة" تعرضت عائلته التي تحب القذافي للقصف من قبل الثوار في مصراته. وبعد أربعة أيام على ذلك كان هذا الرجل ما يزال داخل "حرم" هذا الفندق، فندق من النوع الذي يقول المسؤولون الحكوميون إن دخوله "ممنوع" على الأشخاص العاديين. سكوت بترسون - طرابلس الغرب ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©