الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستراليا ومبادرة «الحزام والطريق»

21 مايو 2017 21:43
في ختام منتدى «مبادرة الحزام والطريق» في بكين يوم الثلاثاء الماضي، أصدر «ستيف سيوبو» وزير التجارة والاستثمار الأسترالي الذي يمثل بلاده في المنتدى بياناً حذراً. فقد ردد ترحيب الأنشطة الاقتصادية الأسترالية بفرص التجارة والاستثمار التي تخلقها المبادرة الصينية التي تتركز حول تحسين الاتصال بين الدول وداخلها. لكن «سيوبو» أضاف أن الفوائد لن تتعاظم إلا إذا تم اتباع نهج شفاف وتعاوني ومخطط. ودعا إلى «ميدان تنافس متساو قائم على أساس مبادئ السوق والتمسك بأفضل الممارسات في التمويل». لكن المثير للاهتمام هو أن بياناً مشتركاً أصدره زعماء دول وحكومات التسع والعشرين دولة الذين حضروا القمة أيدوا المبادئ نفسها. وهذا يثير التساؤل التالي: ما الذي يمنع بالضبط الحكومة الأسترالية من المشاركة بفعالية أكثر مع الصين، علماً بأن «مبادرة الحزام والطريق» وصفها الرئيس «شي جينبينج» في الأيام القليلة الماضية بأنها «مشروع القرن»؟ ولنتذكر زيارة رئيس الوزراء الصيني «لي كيكيانج» لأستراليا في مارس الماضي، فقد رفضت «كانبيرا» رسمياً تأييد المبادرة أو ربطها بخطط الحكومة الأسترالية مثل استراتيجية تطوير شمال أستراليا. ولم تظهر حكومة نيوزيلندا مثل هذا التردد بل وقعت مذكرة تفاهم بشأن التعاون في المبادرة بمجرد وصول رئيس الوزراء الصيني إلى «ويلنجتون» قادماً من سيدني. ووقعت سنغافورة وهي شريك يشبه في العقلية أستراليا، على مذكرة تفاهم مع الصين بشأن التعاون في المبادرة في الأيام القليلة الماضية. ورغم أن بعض المعلقين الأستراليين ربما استراحوا لوجود عدد صغير من الزعماء الغربيين الآخرين في قمة بكين، لكن يجب ألا ننسى حضور الرئيس الإندونيسي «جوكو ويدودو» ممثلاً عن أكبر اقتصاد في تكتل آسيان (رابطة جنوب شرق آسيا). وحضر أيضاً زعماء ماليزيا والفلبين وفيتنام رغم النزاعات المحتدمة على الأراضي مع الصين في بحر الصين الجنوبي. واستجابة دول الجوار هذه تبين أن على أستراليا تطوير فهم واضح الرؤية لما تعنيه المبادرة. والتحفظات التي عبر عنها الآخرون وتحديداً الولايات المتحدة يتعين الحكم عليها بحذر. فقد طلبت الولايات المتحدة من أستراليا ألا تنضم إلى «البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية»، محتجة بأنه مبادرة صينية من طرف واحد تستهدف إضعاف معايير الحوكمة. وهذه المزاعم ثبت أنها بلا أساس تماما. والخوف الكبير للولايات المتحدة من المبادرة هو أنها لعبة استراتيجية جغرافية للصين قصد بها الاستحواذ على سلطة واشنطن المهيمنة في آسيا. ورغم أن رئيس الوزراء الأسترالي السابق «بول كيتينج»، قد صرح في أغسطس الماضي بأن صعود الصين الاقتصادي يعني أن الهيمنة الأميركية «غير قادرة على الصمود»، لكن لا يوجد إلا القليل من الأدلة على أن الصين لديها خطط خفية وشريرة من «مبادرة الحزام والطريق». صحيح أن القائد والخبير العسكري الصيني القديم «سون تزو» في عمله الكلاسيكي الذي يعود إلى أكثر من 2500 عام، وهو بعنوان «فن الحرب»، نصح بأن تكون الخطط «مظلمة وعصية على الاختراق مثل الليل البهيم لكن حين تتحرك انزل كالبرق». لكن الرئيس «شي» كشف عن المبادرة لأول مرة عام 2013 في كلمة أمام البرلمان الإندونيسي. وهذا لم يكن سرياً تماماً. ومنذ ذاك الحين ووسائل الإعلام الصينية التابعة للدولة تروج للمبادرة في كل فرصة. وربما ليست المبادرة منافسة استراتيجية جغرافية على أي حال. وهناك مشكلة كبيرة في فكرة أن «مبادرة الحزام والطريق» تتعلق بمواجهة النفوذ الأميركي في آسيا. لأن الولايات المتحدة دعيت، كما دعي الجميع إلى المشاركة. ومر عامان على «منتدى بواو لآسيا» في جزيرة هاينان الصينية حين قال «شي» إن «مبادرة الحزام والطريق» المقصود بها أن تكون «مفتوحة وشاملة للجميع» وتقوم على أساس المبادرات القائمة لا أن تحل محلها. وقد تُحسن أستراليا صنعاً إذا لم تلتفت كثيراً إلى الافتقار إلى التفاصيل بشأن المبادرة لأن الصينيين لا يعرفون التفاصيل أيضاً. والواقع أن «جين جولي» من الجامعة القومية الأسترالية قد أشارت إلى أن المرء إذا طرح أسئلة في الصين عن المبادرة، فإنه سيجد طرقاً مختلفة للفهم وجدلاً محتدماً بشأن كل جانب مهم تقريباً في المبادرة. وأوضح «جيسون يونج» مدير مركز «أبحاث الصين المعاصرة» في نيوزيلندا الشهر الماضي أن النهج الصيني نحو الخطط الكبيرة يميل لأن يكون شديد الطموح ويتمتع بالمرونة بشكل مدروس. *نائب مدير معهد العلاقات الصينية الاسترالية في جامعة التكنولوجيا في سيدني **باحث بارز في معهد العلاقات الصينية الاسترالية في جامعة التكنولوجيا في سيدني وباحث في معهد دراسات الطاقة في الجامعة القومية في سنغافورة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©