الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا والراديكالية الدينية

13 يوليو 2008 23:30
تميزت الحياة الدينية الإندونيسية في حقبة ما بعد سوهارتو بظهور الراديكالية الدينية المتطرفة· ويشكل النزاع بين المسلمين والمسيحيين في ''بوزو'' بمقاطعة ''سولاويزي تنغارا'' ومقاطعة ''مالوكو'' أمثلة على هذه الظاهرة، مثلما فعلت عمليات التفجير في بالي عامي 2002 و ·2005 ويؤكد ظهور المنظمات الراديكالية مثل جبهة المدافعين عن الإسلام وقوات المجاهدين شبه العسكرية ومجلس المجاهدين الإندونيسيين السلطة الجديدة للمحافظين في السياسة الإندونيسية· قبل عشر سنوات، استقال الرئيس الراحل سوهارتو بعد أن قضى في السلطة فترة استمرت 32 سنة، وقد تنحّى نتيجة لتظاهرات احتجاج ضخمة من قبل طلبة الجامعات الذين أصابهم الإحباط نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي اكتنفت إندونيسيا عام ·1998 أدت استقالة سوهارتو إلى تغيير سياسي، من حكومة سلطوية إلى أخرى ديمقراطية، دون وقوع كمّ يذكر من التوتر السياسي والاجتماعي· كان لهذا التحول نحو الديمقراطية العديد من الآثار الإيجابية، على سبيل المثال، تجسدت حريات التجمع والتعبير في ظهور أحزاب سياسية ومنظمات اجتماعية جديدة· حتى الصحافة الإندونيسية استفادت من التحول، إلا أن الراديكالية الإسلامية اكتسبت في الوقت ذاته موطئ قدم قوي بين مسلمي إندونيسيا، يمكن قياسه من نوعية الكتب التي أصبحت تتمتع هناك بشعبية واضحة، ففي ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته كان مسلمو إندونيسيا يقرؤون الأطروحات الدينية الفلسفية والليبرالية التي كتبها مفكرون متميزون مثل فضل الرحمن الباكستاني وحسن حنفي المصري ومحمد أركون الجزائري، وهؤلاء كانت أفكارهم الإنسانية تُثري الفلسفات الحداثية للمفكرين الإندونيسيين أمثال ''نوركوليش مجديد'' و''هارون ناسوتيون'' و''منور سادزالي'' وأحمد وهيب وغيرهم· إلا أن هناك طلباً الآن على نصوص إسلامية تتباهى بالراديكالية الدينية، وتوفر دور الكتب ترجمات لنصوص متطرفة بقلم مفكرين أمثال عبدالله عزام الفلسطيني، كذلك من بين الكتب والمقالات التي تتمتع بشعبية ما كتبه الإندونيسيون الذين حاربوا في أفغانستان ومعظمهم يشجبون أفكاراً ومفاهيم مثل الديمقراطية والعلمانية، ويظهرون مواقف غير متسامحة تجاه غير المسلمين· وبينما يبدأ الراديكاليون المسلمون بتحقيق الشهرة في الأطروحات الدينية، كانت هناك نزعة نحو المبادئ الدينية القديمة لإفشال الحريات الدينية باسم الأمن· ونتيجة لسياسة اللامركزية التي أدخلتها الحكومة المركزية عام 2001 أصدرت الإدارات الإقليمية العديد من القوانين الخلافية التي تعزز ممارسات معينة، بما فيها فرض على النساء المسلمات لبس الحجاب ومنعهن من مغادرة منازلهن ليلاً دون مرافق من الأقرباء· بشكل عام، ألهم زعماء مقاطعة ''أتشيه'' في غرب إندونيسيا هذه السياسات، حيث تم إعطاء هؤلاء الزعماء السلطة لكي يطبقوا بشكل كامل نسخة صارمة من الشريعة ترتكز على المبادئ الإسلامية تحت قانون حكم ذاتي خاص· لماذا إذن ازدادت الراديكالية في حقبة الإصلاح الإندونيسية؟ يلقي المراقب السياسي الأسترالي ''غريغ فيلي'' باللائمة على أساليب المجابهة التي يستخدمها مفكرون ليبراليون عند تناولهم لأمور لها علاقة بالدين· على سبيل المثال، سمحت لوائح قوانين الفقه التي أدخلها أفراد لهم ارتباطات مع ''بارامدينا''، وهي مؤسسة أنشأها الراحل ''نوركوليش مجديد''، بالزواج بين معتنقي مختلف الأديان، وهو أمر بالغ الحساسية في الإسلام· وشجبت المجموعات الإسلامية ذلك الطرح متهمة مروجيه بأنهم يشوهون التعاليم الإسلامية ويشجعون الردة عن الإسلام· وتضم العوامل التي ذكرها ناشطون مسلمون راديكاليون لتبرير أساليبهم العنفية الفقر والفساد المستشري في البيروقراطية المحلية والنظام القانوني والحروب في أفغانستان والعراق والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني المستمر· إلا أن خطوات محددة ستذهب بعيداً في تحقيق ضمان ألا يكون الجمهور الإندونيسي عرضة للنشاطات الفوضوية التي تتبناها مجموعات راديكالية· ويتوجب على الحكومة الإندونيسية الحالية أن تركز على تطبيق القانون لحماية المواطنين من تداعيات الأعمال العنفية من قبل فصائل غير حكومية· إضافة إلى ذلك، يمكن لإشراك المنظمات الإسلامية المحترمة مثل ''نهضة العلماء'' و''المحمدية'' في التوسط النشط في النزاعات أن يساعد على تسوية مصادر القلق الديني بالنسبة للحقوق العامة الأكثر اتساعاً وبناء منبر لا عنفي لحل النزاعات ورفض الأسطورة القائلة بأن المنظمات الراديكالية العنفية تعمل باسم جميع المسلمين الإندونيسيين· ستذهب هذه التغييرات بعيداً في ضمان امتداد مجالات التقدم في حقبة ما بعد سوهارتو إلى جميع مناحي الحياة خلال العقد القادم· علي نور زمان- متخصص في الشؤون الدينية ينشر بترتيب مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©