الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

في البصرة.. بطالة ومعاناة وعشوائية وراء سراب الذهب الأسود

في البصرة.. بطالة ومعاناة وعشوائية وراء سراب الذهب الأسود
19 ابريل 2018 22:05
البصرة (أ ف ب) يراقب سلطان نايف، وهو عراقي عاطل عن العمل قرب منزله الصغير الواقع بين سكة حديد وأسلاك لنقل الطاقة الكهربائية، أعمدة دخان تتصاعد من حقول النفط على امتداد الأفق في محافظة البصرة، جنوب البلاد. ويتوافد إلى البصرة، أغنى محافظات العراق بالنفط، عشرات آلاف الأشخاص القادمين من مناطق متفرقة في البلاد على غرار سلطان، سعياً وراء سراب الذهب الأسود وباتوا يتكدسون في أحياء أقيمت فيها مساكن عشوائية. ورغم النشاط التجاري الواسع في محافظة البصرة، حيث اعتقد هؤلاء أن بإمكانهم العثور على فرصة عمل لكن انتهى بهم المطاف دون عمل وسط معاناة وعيش داخل مجمعات مكتظة في هذه المحافظة التي تعاني نقصاً في البنى التحتية. وتنتشر تلك المنازل التي بني أغلبها من أحجار بأحجام مختلفة وعلب معدنية وتغطى سقوفها أحياناً بألواح معدنية، لتشكل أحياء عشوائية لا تقترن بأي شكل من أشكال العمارة ولا تتوفر فيها أي خدمات عامة. ويقول نايف، البالغ 25 عاماً، الذي لا يزال يعتمد على والديه في العيش كما هو حال إخوته الأربعة: «إن كل ما نحصل عليه من النفط هو التلوث». وعلى مسافة قريبة من منزل هذا الشاب، يمكن رؤية أبقار وأغنام ترعى في منطقة خضراء لا يفصلها عن حقل تتصاعد منه لهب وأعمدة دخان سوداء، سوى حائط من الحجر. ويؤكد أغلب الشباب الذين كانوا يأملون بالحصول على فرصة عمل في الشركات النفطية العراقية أو الأجنبية، أن الثروة النفطية في محافظة البصرة التي تشكل المنفذ البحري الوحيد للبلاد، هي «الموارد الأولى لثروة البلاد». وذكّر نايف بأسف واضح بأن «أغلب الشركات النفطية تجلب موظفيها من الخارج» للعمل في هذا البلد الذي تشكل نسبة البطالة فيه 18 في المئة بين الشباب. ووفقاً للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لا تشكل وظائف العاملين في قطاع النفط العراقي سوى 1 في المئة من القوى الوطنية، رغم أنه يمثل 65 في المئة من الإنتاج الإجمالي للبلاد. ويمثل شراء المنزل حلماً، حتى بالنسبة للذين وجدوا عملاً، مثل أم أحمد التي تعمل خياطة، إضافة إلى عملها في صالون تجميل تملك. وتقول السيدة بحسرة، «إن زوجي موظف حكومي لكن لا يمكننا أن نشتري سنتمتراً على الأرض من الراتب الذي يتقاضاه». وتابعت وهي تنظر باتجاه ماكينة خياطتها الحديدية: «حتى لو كنا ضد فكرة الاستحواذ، فقد سكنا هنا على أرض للحكومة». وأشارت أم أحمد، البالغة 48 عاماً، إلى أن البلدية دمرت منزلها بحجة التجاوز على المال العام، الأمر الذي «تطلب إعادة بنائه مجدداً وبالكامل». من جانبه، اعتبر وسام ماهر الذي يعمل حداداً، ويبلغ 32 عاماً، أن «السلطات لا تبالي بنا إلا عند تدمير منازلنا» وتابع: «نعيش تحت خطوط الكهرباء دون أي خدمات». وتؤكد السلطات المحلية أن هذه الأرض التي تنتشر فيها ظاهرة المنازل العشوائية، ملك للدولة. وتعود آخر دراسة حول المجمعات السكنية غير الرسمية في البصرة، إلى عام 2014، وفقاً لـ«زهرة الجابري» مسؤولة التخطيط العمراني في مجلس المحافظة، مشيرة إلى تحديد «48 ألفاً و520 منزلًا» عشوائياً آنذاك. وأكدت الجابري أن «هناك الآن أكثر بكثير، لكنه ليست لدينا أية أرقام دقيقة». وأدى هجوم تنظيم «داعش» عام 2014 إلى فرار أعداد هائلة إلى مناطق متفرقة بينها محافظة البصرة التي كانت في منأى عن المعارك، ولم يجد كثيرون منهم غير مجمعات عشوائية للسكن. ووفقاً لوزارة التخطيط، يسكن 3,2 مليون نسمة من نساء وأطفال ورجال في حوالى أربعة آلاف مجمع سكني عشوائي موزعة في عموم العراق، وهو ما يعني وجود حوالى عشرة في المئة تقريباً من سكان البلاد في هذه المجمعات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©