الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مجهولو النسب.. بين أحضان الدولة وقسوة المجتمع

مجهولو النسب.. بين أحضان الدولة وقسوة المجتمع
4 ابريل 2014 23:54
تسبق الدولة، بتشريعاتها وقوانينها، المجتمع فيما يتعلق بقضية مجهولي النسب؛ فالدولة عبر سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية تسن قوانين، وتضع آليات، وتراقب تنفيذها لضمان حماية الأطفال، ومن ضمنهم مجهولو النسب، وتوفير أفضل الخدمات لهم، ليشبّوا ضمن بيئة صحية ونفسية سليمة، ويسهموا في مسيرة البناء والتنمية في مجتمعهم ودولتهم. في المقابل، فإن المجتمع في الإمارات ما يزال ينظر بعين متشككة تجاه هذه الفئة التي لا ذنب لها فيما آلت إليه، حيث تعرقل هذه النظرة مسيرة حياة مجهول النسب، خصوصاً ما يتعلق بالزواج والحياة الاجتماعية في مجتمع يحفظ للقبيلة والعائلة الممتدة مكانتها.وعلى الرغم من الإقبال الكبير من أسر مواطنة على حضانة مجهولي النسب ورعايتهم، إلا أن النظرة السلبية لهم، تجعل من النادر، إن لم يكن من المستحيل، مصادفة شخص يعلن أنه مجهول نسب، حتى أن العائلات الحاضنة تتجنب التصريح بأنها تحتضن طفلاً مجهول النسب، وتفضل أن تبقى معرفة الناس بذلك في حدودها الدنيا. تحقيق: أحمد مرسي، آمنة النعيمي، منى الحمودي رأت مريم الإيماني أن مسألة الأطفال مجهولي النسب أقل انتشاراً في الدول العربية مقارنة بنظيراتها الغربية، واعتبرت أن الأطفال مجهولي النسب شأنهم شأن غيرهم ممن يعيشون في كنف آبائهم ويحصلون على الأمان والراحة وجميع احتياجاتهم، إلا أنهم لا يعرفون آباءهم البيولوجيين، وهذا هو الأمر الوحيد الذي قد يؤثر عليهم، ويضعهم في مواقف، ويؤثر على نفسياتهم. وأضافت أن هؤلاء الأطفال لهم الحق في التعليم والصحة والحياة الاجتماعية وكل سبل الراحة، وبالتالي ستحقق أهدافهم ورغباتهم وطموحاتهم المستقبلية. ودعت إلى التعامل معهم دون أن نشعرهم بأي نقص، وهو ما يمنحهم الثقة والأمن اللازمين ليستمروا بالعيش ويواجهوا تحديات الحياة، قائلة: «من ناحيتي لا مانع لديّ بأن أربي طفلاً مجهول النسب إلى جانب أطفالي لأعوضه الحب والحنان الذي فقده». وروى محمد الجمري، وهو يحتضن طفلاً مجهول الأبوين منذ عام 2008، قصة عثوره الطفل، قائلاً إن زوجته عثرت على طفل رضيع ملقى بالقرب من منزلهما، حيث أصيب كلاهما بصدمة، كونهما لم يتوقعا أن يكون ما يشاهدانه في الأفلام والمسلسلات يحدث حقيقة في الواقع. وأضاف أن زوجته أصرت على الاحتفاظ بالطفل، وكانت رافضة بشكل قاطع تسليمه للجهات المسؤولة، خشية حرمانها منه، خصوصاً أنهما لم يرزقا بأبناء، وكان هو وزوجته دائمي الدعاء بأن يمن الله سبحانه وتعالى عليهما بالذرية. وتابع: اعتبرنا العثور على الطفل هدية من الله عز وجل، وقدمنا الرعاية والاهتمام له، كما لو كان ابناً من صلبي، لكن ما كان يؤرق حياتنا هو عدم حصول الطفل على الأوراق الثبوتية. ولفت محمد إلى أنه سمع عن طريق الإذاعة ببرنامج «احتضان» التابع لهيئة تنمية المجتمع في دبي، وعمل على إقناع زوجته بأهمية تسليم الطفل للهيئة، للحصول على وثائق رسمية له، تمكنه من الحصول على التعليم والصحة وغيرها من الخدمات. وأوضح أنه وجد تعاوناً وتجاوباً من هيئة تنمية المجتمع في دبي، مشيراً إلى أن «الهيئة» اتخذت إجراءات فور إبلاغها بوجود الطفل، حيث تم تصوير الطفل وأخذ بيانات الوالدين، وقيام لجنة من «الهيئة» بزيارة مسكن العائلة، للتأكد من مدى ملاءمة المكان للعيش. وأقر محمد بأن سبب تأخرهم في البلاغ عن الطفل هو غياب التوعية بمثل هذه الأمور، التي تعُتبر حساسة في المجتمع، مطالباً بأن يتم عمل مزيد من التوعية للأسر التي تحتضن أطفالاً غير مُبلغ عنهم للجهات المختصة حتى تطمئن، وأن الغرض من البلاغ هو فقط ضمان حق الطفل بالحصول على الحياة الكريمة، وإصدار الأوراق الثبوتية له، لضمان حقه في التعليم والصحة وغيرها من الأمور. وروت أم راشد قصة قريبتها المطلقة البالغة من العمر 58 عاماً، التي تربي طفلتين مجهولتي النسب، إحداهما في الرابعة عشرة من عمرها، والأخرى في الثامنة، وهما بحالة صحية واجتماعية ممتازة. ولفتت إلى أن الطفلة الكبرى تدرس الآن بمدرسة محو الأمية، لتأخر أمها بالتبني في إبلاغ الجهات المسؤولة عنها خوفاً من أخذها، ولكن بعد إبلاغها للجهة المسؤولة تم عمل أوراق ثبوتية للطفلة ومتابعتها بشكل مستمر وقيام لجنة بزيارة المنزل لرؤية الحالة المعيشية لها، وهو ما شجعها على تبي طفلة أخرى بإجراءات رسمية وسليمة. حدد الدكتور محمد أبو العينين أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمارات عاملين لوجود مشكلة الأطفال مجهولي النسب في أي مجتمع وهما الإنجاب عن طريق علاقات غير شرعية، أو تخلي أفراد متزوجين شرعاً عن أبنائهم. ولفت إلى أن أعمار الآباء والأمهات الذين يتخلون عن أبنائهم تتفاوت بين المراهقين وكبار السن، لكنها تتركز في المراهقين الذين تورطوا في علاقات غير شرعية نتج عنها طفل، أو ضاقت بهم سبل الحياة فلم يجدوا حلاً سوى التخلي عن فلذة أكبادهم. وتوقع أبو العينين أن تسود هذه المشكلة بين الفقراء ومحدودي الدخل في بعض المجتمعات ممن لا يتورعون عن القيام بهذا العمل غير القانوني والذي يستهجنه المجتمع. ورأى عالم الاجتماع أن هذه المشكلة لا ينبغي أن تُترك حتى تستفحل ويزداد عدد الأطفال مجهولي النسب في المجتمع لما في ذلك من خطورة على الأفراد والمجتمع معاً، فمن ناحية الأفراد ستؤثر هذه المشكلة في البناء النفسي للطفل مجهول النسب لأنه سيشعر بظلم أبويه حينما تخليا عنه في فترة كان أحوج ما يكون لعطفهما ورعايتهما وحبهما مثله في ذلك مثل أي طفل آخر، وبالتالي سيكون ناقماً على نفسه وعلى المجتمع، ولن يتورع عن الانحراف بأي شكل من الأشكال. أما تأثير ازدياد مجهولي النسب على المجتمع، فأوضح أبو العينين أنه إذا زاد عدد هؤلاء الأطفال فسيشكلون عبئاً على الأجهزة الأمنية ومؤسسات الرعاية، وسيجد المجتمع نفسه مطالباً باحتوائهم والعمل على تهيئتهم نفسياً واجتماعياً وتنشئتهم حتى يشبوا أفراداً صالحين. فالمجتمع في هذه الحالة مطالب بالقيام بدور الأب والأم في توجيه هذه الفئة من الأطفال الذين سرعان ما ينتقلوا إلى مرحلة المراهقة والشباب التي تحتاج إلى متابعة مستمرة. من ناحية أخرى، أكد الدكتور إبراهيم حسن الملا، محامٍ ومستشار قانوني ومدرس في معهد القضاء الاتحادي، اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بحماية حقوق الطفل منذ قيام الاتحاد، حيث سنت قوانين، وأنشأت مؤسسات مثل مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، التي تضم تحت لوائها منذ عام 2004 دار زايد للرعاية الأسرية، ومؤسسة التنمية الأسرية، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، لتوفير أرقى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية لبناة المستقبل. ونصت المادة (16) من الدستور على أن (يشمل المجتمع برعايته الطفولة والأمومة ويحمي القصر وغيرهم من الأشخاص العاجزين عن رعاية أنفسهم لسبب من الأسباب كالمرض أو العجز أو الشيخوخة أو البطالة الإجبارية، ويتولى مساعدتهم وتأهيلهم لصالحهم وصالح المجتمع). وتوالى إصدار التشريعات والقوانين المنظمة لحقوق الطفل، وكان من أهمها القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1983 في شأن دور الحضانة، والقانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية والتعديلات الواردة بشأنه، حيث أشار إلى عدد من المواد، التي تُعنى بإثبات نسب الطفل وتنظيمه وتأطيره قانونياً، وأهمها إثبات النسب للطفل كحق قانوني مقرر له، وأحكام حضانة الطفل وشروطها وتحديد من يتولاها، وكفالة الإنفاق على الطفل، حيث أوجب نفقة الصغير على أبويه، وأوجب النفقة على الأم الموسرة في حال توفى الأب أو لم يتمكن من الإنفاق، كما أوجب نفقة اللقيط (مجهول الأبوين) على الدولة. وأقرت بنود القانون رقم (1) لسنة 2012 بشأن رعاية الأطفال مجهولي النسب الصادر بتاريخ 24-5-2012، أحكام رعاية الأطفال مجهولي النسب من حيث تنظيم دور الرعاية في الدولة وتطويرها، وكفالة حقوق الأطفال مجهولي النسب وحرياتهم المدنية، وحماية حياتهم الخاصة وحقهم في الأمن والأمان والحفاظ على مصالحهم الفضلى، وحمايتهم من التعرض للإساءة أو المعاملة غير الإنسانية والإهمال، وتهيئة وتأمين الظروف المعيشية اللازمة لنموهم الطبيعي وتنشئتهم النشأة الإسلامية والاجتماعية الواجبة. كما نظم القانون في مواده واجبات من يعثر على طفل مجهول النسب، وطرق تسليمه إلى الجهات المختصة، وما الإجراءات التي يجب أن تُتخذ من تلك الجهات، ودور النيابات العامة في هذا السياق وكيفية التنسيق مع وزارة الداخلية في الدولة، وما المسؤوليات المناطة بدور رعاية الأطفال مجهولي النسب من حيث اختيار الاسم والتسجيل في الأوراق الرسمية. واهتم القانون أيضاً بتنظيم طرق حضانة الأطفال مجهولي النسب من حيث تأمين أسر حاضنة لمجهولي ومسؤولياتها تجاه المحضون وكيفية متابعة الأسر ممن توافر فيها الشروط، وتوفير وإنشاء دور الرعاية من الجهات المعنية. وحول الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة الإمارات لضمان حقوق الأطفال والأطفال مجهولي النسب، لفت الملا إلى أن الإمارات انضمت إلى اتفاقية حقوق الطفل بتاريخ 15-12-1995، مع إبدائها تحفظات على مواد تتعارض مع التشريعات الداخلية، وتمس سيادة الدولة مثل (الحق في اكتساب الجنسية)، أو مع التشريعات الإسلامية (مثل حرية الفكر والدين، وأحكام التبني). وأضاف أنه تم الانضمام إلى عدد من الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحقوق الطفل على المستوى الدولي، ومنها اتفاقية حقوق الطفل 1997، برتوكول منع ومعاقبة جرائم الاتجار بالبشر وخاصة النساء والأطفال 2009 المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (111) لسنة 1958 بشأن التمييز في المهنة والاستخدام، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (138) لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (182) لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال. من جهة أخرى، أكدت الدكتورة سعاد المرزوقي أستاذ الصحة النفسية بجامعة الإمارات، أن أفضل مرحلة لإخبار الطفل بحقيقة كونه مجهول النسب هي بين سن الثانية وحتى السادسة، حيث يبدأ الوالدان بتقديم إيحاءات للطفل بأنهما ليسا والديه الحقيقيين، وتعتبر السنة السادسة هي الأنسب، لأن الطفل يبدأ في هذه السن بالتمركز حول الذات وتتشكل لديه الانفعالات والأحاسيس والصورة الذهنية وبداية التفكير المنطقي وتكوين الشخصية. وبينت المرزوقي أن الشخص مجهول النسب الذي يكون لديه علم بحقيقة نسبه منذ الطفولة، ينشأ شخصاً سوياً يركز على ذاته، ويتصرف اعتماداً على طريقة التربية التي يتلقاها في صغره، ولا يعاني من أي مشاكل نفسية، ويكون قادراً على مواجهة المجتمع، بعكس الشخص الذي يعلم بحقيقة نسبه في مرحلة متأخرة من عمره، حيث يبدأ عنده حدوث اضطراب سلوكي، وحقد اجتماعي، وانخفاض في تقدير الذات، خصوصاً في فترة المراهقة، حيث يبدأ الشخص بالتمرد وعصيان الأوامر ولوم الوالدين البديلين ويصل إلى إيذائهما وجرح مشاعرهما، وقد يتفاقم الأمر إلى حدوث اضطرابات نفسية لديه، وإصابته بأمراض عضوية مثل الصداع المزمن والتبول اللاإرادي. وزادت: في حالة معرفته بالأمر متأخراً قد تتكون لدى الشخص مجهول النسب ردة فعل عكسية، مثل الاتجاه للسرقة والانخفاض في المستوى الدراسي وتكوين علاقات شاذة مع الجنسين. أما في حالة تأخر المعرفة إلى ما بعد المراهقة (بعد 18 سنة)، فإنه تتكون اضطرابات شخصية واضطراب النضج، ويصبح شخصية مضادة للمجتمع، لهذه الأسباب يصبح من الضروري معرفة الشخص لوضع نسبه قبل نهاية السنة السادسة من عمره. وشددت المرزوقي على أن أفضل من يبلغ الطفل مجهول النسب بحقيقته هما الأم والأب البديلان، مشيرة إلى أن أهم مرحلة يمر بها الأطفال مجهولو النسب هي من الولادة إلى السنة الخامسة من العمر لحاجة الطفل الماسة للأم، لذلك يجب أن تكون هناك أم بديلة للطفل حتى توفر له الإرضاع والحنان والعطف. وأضافت المرزوقي أن توافر الأم للطفل مجهول النسب من بداية السنة الثالثة من عمره، يساعده بشكل كبير على الحصول على الراحة النفسية والثقة اللازمة لتكوين شخصيته ولمواجهة المجتمع، وفي حالة غياب الأم يشعر الطفل بالذنب وعدم الثقة بالنفس. وتابعت: في المرحلة من سنة ونصف السنة إلى ثلاث سنوات يتعلم الطفل المشي، وتبدأ لديه بوادر السلوك الاجتماعي، ويجد حلولاً لبعض مشاكله، وفي حالة غياب الأم، فإن الطفل تتكون لديه مشكلة الخجل الشديد وعدم الثقة بالنفس، والشك بالآخرين. ومن بعد السنة الثالثة من عمره وحتى السنة الثانية عشرة من عمره، تتكون لديه مرحلة المبادرة، والتي من الضروري وجود الأب فيها، حيث يتعلم فيها الطفل المهارات الاجتماعية والقدوة، وفي حالة غياب الأب يشعر الطفل بالدونية وأنه مختلف عن الآخرين. لقطاء في الأماكن العامة وقائع متعددة شهدتها الفترات الماضية متعلقة بالعثور على أطفال لقطاء في الأماكن العامة، حيث عثر أحد عمال النظافة على جثة لطفلة «لقيطة» موضوعة في كيس للنفايات وملقاة بجوار حاوية قمامة في الصجعة، والعثور على حالتين في سوق الغوير، وفي أم خنور أمام حديقة عامة، وحالة تركها مجهولون أمام أحد المستشفيات، بالإضافة إلى حالات تركت أعلى البنايات، وغيرها من الأماكن الأخرى. تحال جميع الوقائع إلى المراكز الشرطية المختصة عن كل حالة، لمتابعتها من قبل الجهات المعنية، إلا أنه ونظراً لصعوبة التوصل إلي الأشخاص الجناة، يتم حفظ الملفات في المراكز الشرطية باستثناء بعض الحالات التي يتم التوصل لمرتكبيها. يذكر أن القيادة العامة لشرطة الشارقة، بالتعاون مع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، سبق وأن كشفت عن تفاصيل واقعة العثور على طفلين في المنطقة الصناعية الرابعة بالإمارة، وقام مجهولون بوضعهما في صندوقي «كرتون» أمام أحد المساجد بالمنطقة، وتركهما في أجواء ماطرة، منذ قرابة ثلاثة أعوام، حيث ألقت القبض على امرأتين، من الجنسيتين الفلبينية والإندونيسية، وشخص من الجنسية البنجالية، وتمكنت من تحديد هوية شخص رابع «بنجالي» وتبين من خلال فحوص الـ (D.N.A) أنهم والدا ووالدتا الطفلين، وأنهما نتاج لثمرة علاقة غير مشروعة نشأت بينهم في مقر لسكن العزاب بأحد المناطق السكنية بالإمارة. القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2012 في شأن رعاية الأطفال مجهولي النسب يتضمن القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2012 في شأن رعاية الأطفال مجهولي النسب الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، تشكيل لجنة في كل إمارة لاختيار الأسر الحاضنة، تسمى “لجنة الأسر الحاضنة” على أن يكون أحد أعضائها من وزارة الداخلية. ويهدف القانون إلى تنظيم رعاية مجهولي النسب في الدولة من خلال إنشاء وتطوير دور الرعاية وتأمين أسر حاضنة لتوفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية والترفيهية والتعليمية لهم، كما يهدف إلى كفالة حقوق مجهولي النسب، وحرياتهم المدنية وحماية حياتهم الخاصة، وحقهم في الأمن الشخصي والحفاظ على المصالح الفضلى للطفل، وحماية مجهولي النسب من التعرض للإساءة أو المعاملة اللاإنسانية والإهمال، إضافةً إلى تهيئة وتأمين الظروف المعيشية اللازمة لنموهم الطبيعي وتنشئتهم النشأة الإسلامية والاجتماعية الواجبة. ويوضح القانون الخطوات التي يجب أن تتم على كل من يعثر على طفل مجهول النسب فعليه أن يبلغ أقرب مركز للشرطة أو يسلمه فوراً إليه، مع الملابس التي كانت عليه، وجميع الأشياء الأخرى التي وجدها معه، أو بالقرب منه، وأن يقوم مسؤول مركز الشرطة باستلام الطفل وإرساله إلى أقرب مركز صحي لإجراء الفحوص الطبية اللازمة وإخطار النيابة العامة بذلك وتحرير محضر بالملابسات والظروف التي وجد فيها، موضحاً فيه مكان العثور وساعته وتاريخه واسم الشخص الذي عثر عليه ومهنته وعنوانه. كما على المركز الصحي القيام بإجراء الكشف الطبي على الطفل، واتخاذ ما يلزم للمحافظة على صحته وسلامته، ويقوم الطبيب المختص بتقدير سنه. وتقوم النيابة العامة بإحالة الطفل إلى الدار بالتنسيق مع الوزارة ووزارة الداخلية. وتختار الدار اسماً رباعياً للطفل وفي جميع الأحوال لا تجوز الإشارة بأي شكل إلى كون الطفل مجهول النسب سواءً في شهادة الميلاد أو أية أوراق ثبوتية أخرى، ومن ثم تتولى الدار اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل الطفل في الأوراق الرسمية وفق القوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة بالتنسيق مع وزارة الداخلية. وحدد القانون في المادة 10 منه الاشتراطات الواجب توفرها في الأسرة الحاضنة، وهي أن تكون أسرة مسلمة مواطنة مقيمة في الدولة، وأن تتكون من زوجين لا يقل عمر أي منهما عن (25) سنة، كما لا يكون قد سبق الحكم على أي من الزوجين في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يثبت خلوهما من الأمراض المعدية والنفسية والاضطرابات العقلية التي تؤثر على صحة الطفل وسلامته، وذلك من خلال تقرير صادر من جهة طبية رسمية، إضافة إلى أن تكون الأسرة قادرة على إعالة أفرادها والمحضون مادياً، وأن تتعهد بحسن معاملة الطفل وتربيته تربية صالحة، والاهتمام بصحته وتعليمه وحمايته وتنميته. ونص القانون بجواز حضانة مجهول النسب من مواطنة مسلمة مقيمة في الدولة لا يقل عمرها عن 30 سنة، إذا كانت غير متزوجة أو مطلقة أو أرملة أو غاب عنها زوجها غيبة منقطعة وكانت قادرة على إعالة مجهول النسب مالياً. وأشار القانون إلى دور وزارة الشؤون الاجتماعية في تأمين أسر حاضنة لمجهولي النسب بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وإنشاء دور بالتعاون مع الجهات المعنية والمختصة تتولى رعاية مجهولي النسب والعناية بهم وتقديم الرعاية الشاملة لهم وعلى وجه الخصوص من حيث تأمين الخدمات المعيشية اللازمة من الغذاء والملبس والمسكن، وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية لهم بما يتناسب ومراحل أعمارهم المختلفة، وغرس القيم النبيلة وترسيخ المبادئ والأخلاق الإسلامية فيهم، إضافة إلى توفير فرص تعليم متكافئة في مراحل التعليم المختلفة في جميع المؤسسات التعليمية النظامية أو المتخصصة، وتعزيز الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء إلى الدولة، وتنمية قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية واستثمارها في صقل شخصيتهم، ودمجهم مع غيرهم من الأطفال في المراكز والأندية الرياضية والثقافية والمخيمات وتوفير الأنشطة المناسبة لهم. ويُلزم القانون الأسرة الحاضنة ببعض الالتزامات مثل إخطار الوزارة بالعنوان الجديد في حالة تغيير محل إقامتها، عدم تسليم الطفل المحضون إلى أسرة أخرى ولو لفترة مؤقتة إلا بموافقة الوزارة على أن تصدر الوزارة قرارها في هذا الشأن في خلال المدة التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، عدم التخلي عن الاستمرار في حضانة المحضون إلا بعد إخطار الوزارة وتسليم المحضون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار، إضافة إلى الإفصاح للمحضون عن نسبه بالتنسيق مع الوزارة وطبقاً للشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية، وتقديم تقرير طبي سنوي عن الحالة الصحية للمحضون من إحدى المنشآت الطبية، وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية . قانونيون ومختصون: المشرع الإماراتي أكثر رحمة باللقيط من والديه «الأطفال اللقطاء» ظاهرة تسجل ارتفاعاً في معدلاتها وتنتظر إجراءات حازمة أكدت نعيمة خميس الناخي رئيسة قسم الخدمات الاجتماعية في مستشفى القاسمي بالشارقة، أن الإمارات حمت الطفولة ورعتها لجهة تقديم الخدمات في جميع المجالات أو بإصدار وتطبيق التشريعات المحلية منها والدولية، وهو ما ينطبق أيضاً على الأطفال مجهولي الأبوين أو اللقطاء، منذ العثور عليها ومتابعتهم في جميع مراحل حياتهم الطبيعية فيما بعد. جاء ذلك، في إطار التحقيق الذي أجرته «الاتحاد» حول تكرار حالات العثور على أطفال لقطاء مؤخراً، حيث وصل العدد الكلي للحالات المعروفة إلى سبع منذ بداية العام، لأطفال رضع تركهم ذووهم دون رحمة أو شفقة، في الشوارع العامة وعلى أسطح البنايات، غير مقدرين للمخاطر التي قد تلحق بهم. ورغم خسة التصرف، إلا أن من حسن حظ هؤلاء الأطفال أنهم يعيشون في مجتمع يعرف الرحمة التي انتزعت من قلوب آبائهم، حيث امتدت لهم على الفور أيادي الرحمة والمساعدة لتنقلهم منذ لحظة العثور عليهم في الأماكن العامة إلى المستشفيات لفحصهم والتأكد من سلامتهم، ليجري نقلهم عقب ذلك إلى دار الرعاية الاجتماعية بالشارقة، ليلاقوا كل الاهتمام والرعاية، ولتقدم لهم الحياة الكريمة التي بخل عليهم بها من كانوا سبباً في وجودهم بالحياة. هذه القضية التي تتجدد بين فترة وأخرى، تثير الكثير من التساؤلات حول أسباب ظهورها وتكرارها، وتكشف عن وجود فئة تعيش في ظل المجتمع لا تتورع عن أي فعل، وعن أمهات مطلوبات تبحث عنهن الجهات الأمنية بعد أن أخطأوا مرتين في حق المجتمع، أولهما عبر العلاقة غير الشرعية التي أثمر عنها مولود، والثانية بالتخلص منه وتعريضه للخطر بتركه في الشارع العام. 4 حالات وأكدت نعيمة خميس الناخي رئيسة قسم الخدمات الاجتماعية في مستشفى القاسمي بالشارقة، أن المستشفى استقبل ومنذ بداية العام الجاري سبع حالات لأطفال مجهولي النسب «لقطاء»، وصلوا إلى المستشفى من خلال سيارات الشرطة ووجدوا في أماكن متفرقة بالإمارة في منطقة اليرموك وأم خنور والغوير ومويلح، وفي كل مرة يكون مرتكب تلك الفعلة شخص بلا رحمة بإلقاء هؤلاء الأطفال البريئين في الشارع العام. وأشارت إلى أن قسم رعاية الأطفال في المستشفى يضم حالياً أربع حالات، ثلاثة أطفال ذكور وطفلة، ويتلقون الرعاية والعناية بصورة كبيرة من خلال فريق طبي متخصص يقدم لهم كل الاحتياجات والفحوص الطبية، لافتة إلى أنه سيتم تسليم حالتين منهم إلى دار الرعاية، بينما يتطلب الأمر بقاء حالتين للقيام بفحوص طبية تطمينية إضافية لهم. وقالت إن المستشفى يقوم بفتح ملفات طبية للحالات منذ لحظة دخولها ويدون فيه كل ما يخص شؤونها الطبية، ومن ثم يحدد فيما بعد موعد التطعيمات ومتابعتها، وكل ما يخصها في الملف الطبي. وقالت الناخي: «بعض الدول الأجنبية قامت بوضع صناديق في الشوارع العامة، مطالبة الأشخاص بوضع الأطفال بداخلها بدلاً من إلقائهم في الشارع العام وعدم تعريضهم للخطر»، لافتة إلى أنها صناديق صممت خصيصاً لهذا الغرض. وأضافت: «لا أحبذ تنفيذ الفكرة داخل مجتمع الإمارات، فنحن مجتمع لنا عاداتنا وتقاليدنا ونرفض من الأساس فكرة اللقطاء، على الرغم من أنها واقع، ولا يمكن في اعتقادي تقبلها وتقنينها بوضع صناديق خاصة يتم فيها إيداع الأطفال في الشوارع العامة، فهو في رأيي أمر ينتقص من كرامتهم». وأشارت إلى أن تربية أطفال الخطيئة أو اللقطاء داخل دور للرعاية الاجتماعية في المرحلة الأولى من العمر أمر جيد، ليحل محلها مباشرة الأسرة الحاضنة أو البديلة، وذلك لكي ينشأ الطفل في مجتمع سوي ويكون فرداً هادفاً فيه، يؤدي دوره بصورة صحية اجتماعياً من خلال غرس قيم ومبادئ دينية واجتماعية سليمة تطبعه على طباع المجتمع وصفاته الحميدة. ولم تحبذ الناخي مصارحة الشخص بحقيقته في مرحلة سنية متقدمة لعدم تقبله الوضع أو تفهمه له في مرحلة سنية متقدمة، إلا أنه من الأفضل مصارحته فيما بعد بصورة مدروسة ومن خلال متخصصين ليتقبل الأمر. وأوضحت أن هناك مسمى «سيكولوجيا اللقيط»، وهم دائماً ما يشعرون بالنقص والعرضة للاكتئاب أكثر من المجموعات العادية، لافتة إلى ضرورة أن يتفهم المجتمع معاناتهم وأن يؤمن بأنهم أشخاص لا ذنب لهم في وضعهم، ويعاملهم بشيء من الحنو الزائد. وبيّنت أن الأشخاص اللقطاء أو مجهولي النسب، إذا استثمروا ظروفهم وتفهموها جيداً وآمنوا بأنه لا ذنب لهم فيما هم فيه، سيكونون ذوي شأن رفيع في المجتمع، وهي نسبة لا تتعدى 20% منهم، كما أنهم قد يتعرضون لانتكاسة في منتصف الطريق كأن يعايرهم البعض بأصولهم، ما يجعل استمرار تفوقهم أمراً صعباً، حيث إن نسبة القادرين على الثبات النفسي منهم لا تتعدى 10%. مشرع رحيم وأفاد حاتم مصطفى، يعمل محامياً في أحد مكاتب المحاماة بدبي، بأن القانون والتشريع الإماراتي عرف اللقيط بأنه كل طفل غير مميز مجهول الأبوين والنسب، ولا يشترط أن يكون اللقيط نتاج علاقة محرمة وغير مشروعة، ولكنه قد يكون نتاج ظروف اجتماعية غير طبيعية، وقد يكون نتيجة جريمة كيدية للكيد بوالديه أو بأحدهما كأن يخطف أو يسرق منهما ويلقى في أي مكان، سواء مكاناً معموراً بالسكان أو غير ذلك، لافتاً إلى أنه مع اختلاف الأسباب فإنها تؤدي إلى نتيجة واحدة، ألا وهي أن هذا الطفل لقيط مجهول النسب نتيجة قسوة قلب من تركه وحيداً يلقى مصيراً مجهولاً. وأفاد بأن المشرع الإماراتي أكثر رحمة على اللقيط من والديه ومن المتسبب في تركه للمجهول، حيث نصت المادة 11من القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1975 في شأن تنظيم قيد المواليد والوفيات وتعديلاته على أنه «يجب على كل من يعثر على طفل حديث الولادة أن يسلمه إلى أقرب مخفر للشرطة، ويحرر محضراً بالملابسات والظروف التي وجد فيها المولود، يذكر فيه مكان العثور عليه وتاريخه وساعته وجنس المولود «ذكراً كان أم أنثى»، وسنه حسب الظاهر، ويختار للطفل اسماً ولقباً وتثبت ديانته مسلماً». وبيّن أن التشريع الإماراتي أعطى الحق بأن يكتسب اللقيط جنسية الدولة أيضاً، وهو ما نص عليه قانون الجنسية وجوازات السفر رقم 17 لسنة 1972 والمعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1975 الذي نص في مادته الأولى على أن تكتسب جنسية الدولة بحكم القانون أو بالتبعية أو بالتجنس، ونصت المادة الثانية من القانون ذاته بعد التعديل على أنه يعتبر مواطناً بحكم القانون. وناشدت عفاف المري مدير دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، الأسر في المجتمع الإماراتي بالمبادرة واحتضان الأطفال مجهولي النسب ليحظوا بفرصة للحياة في أجواء صحية طبيعية، خاصة أنه تخلى عنهم ذووهم بطرق مؤلمة، وتركوهم دون رحمة في الطرقات، يتعرضون لظروف غامضة، مشيرة إلى الطفلين الأخيرين اللذين تخلى عنهما ذووهما فوق سطح كافيتريا، والآخر الذي تخلت عنه أمه فوق سطح البناية دون اكتراث لبرودة الطقس، وتم العثور عليهما وهما يرتعشان من البرد. وكشفت المري عن أن دار الرعاية الاجتماعية التابعة لدائرة الخدمات الاجتماعية تسلمت 20 طفلاً من مجهولي النسب خلال العام المنصرم وحتى مطلع مارس الجاري، بما فيهم الحالات المكتشفة مؤخراً، لافتة إلى أن الدار نجحت في تسليم 13 طفلاً لأسر بديلة خلال العام الماضي وطفلين خلال العام الجاري، فيما لا يزال 45 طلباً قيد الدراسة للتأكد من استيفائهم الشروط التي تخولهم باحتضان الأطفال. إقبال كبير وقالت فاطمة المرزوقي مدير دار الرعاية، إن الأطفال الذين يعلن عنهم في الصحف يحظون بإقبال كبير، حيث تنهال الاتصالات على الدار لطلب الاحتضان بمجرد ظهور خبر عن تخلي أسرة عن ابنتها أو العثور على طفل من مجهولي النسب. وقالت: «بدورنا نثمن تعاطف أفراد المجتمع والاستجابة السريعة لإيواء الأطفال، إلا أننا نحفظ طلبهم حتى انتهاء إجراءات الحالة، سواء القانونية أو الطبية»، موضحة أن الشروط تتمثل في أن يكون مقدم الطلب من مواطني الدولة وحسن السيرة والسلوك وأن تكون الأسرة سليمة لا تعاني أية أمراض خطيرة أو معدية، بالإضافة إلى خلوها من الاضطرابات النفسية وذات وضع اقتصادي جيد، بحيث تسد احتياجات ومتطلبات الطفل الأساسية، وتوافر شرط الرضاعة في حال كان عمر الطفل ما بين (0 - 2) سنة، بحيث ترضعه إحدى قريبات الأسرة حتى لا يكون محرماً عليهم عندما يكبر. وبينت المرزوقي أنه في العادة ما يتخلى أحد الوالدين عن الأطفال، سواء كانوا شرعيين أو غير شرعيين بسبب المشاكل الأسرية التي يعاني منها كلا الطرفين، سواء مادية أو نفسية أو اجتماعية إلا أن هذا لا يعفي الأبوين من المساءلة القانونية في حال تخليهم عن أبنائهم، سواء بتركهم في أماكن عامة كما جرى في القضيتين السابقتين. وبالنسبة لمجهول النسب، فإن رعايتهم في الشارقة بدأت منذ عام 1984 من خلال دائرة الخدمات الاجتماعية عملاً بالقانون الخاص بحكومة الشارقة بشأن رعاية الأطفال المحرومين من الرعاية الاجتماعية الذي يكفل حقوقهم، ويتضمن التشريعات الخاصة برعايتهم، وتوفير أسر بديلة لهم. أما عن الأطفال الذين لا يحصلون على فرصة للاحتضان، فيبقون تحت رعاية الدار حتى سن الـ 18 بالنسبة للذكور، وحتى يصبح قادراً على الاعتماد على نفسه، وبالنسبة للإناث فيبقين حتى يتزوجن. وأشارت إلى أن العدد الفعلي للمحرومين من الرعاية الاجتماعية في دار الأطفال يبلغ حالياً 25 طفلا ينتمون إلى فئات ثلاث، يتصدرها مجهولو النسب وأبناء السجينات، وأخيراً الأطفال المعنفين، وذلك من جميع إمارات الدولة، لافتة إلى أن العدد الموجود في الدار متحرك وليس ثابتاً بفعل جهود الدار وسعيها لتوفير أسر بديلة للأطفال مجهولي النسب، وتأهيل أسر أبناء التصدع الأسري لإرجاع أبنائها إليها، وكذلك تسليم أبناء السجينات لأمهاتهم بعد انتهاء مدة عقوبتهن. وأكدت المرزوقي الإقبال الكبير لاحتضان الأطفال، حيث بلغ عدد طلبات الاحتضان خلال العام الماضي 32 أسرة، لافتة إلى المتابعة الفورية للأسر، سواء كانت هاتفيه أومكتبيه، كما نظمت لهم جلسات إرشادية ونفسية للتأكد من أن الأسرة مطابقة لشروط الاحتضان ومؤهلة لرعاية الأطفال المحرومين. وقالت: «نحرص في حالات التصدع الأسري على علاج الحالة بإرجاع الأطفال إلى ذويهم من خلال النظر في بواعث التخلي عنهم من قبل ذويهم، ومعالجة تلك الأسباب، وفي حال صدور قرار من المحكمة بعدم إرجاع الطفل لأسرته، نقوم بدورنا بالبحث له عن أسرة»، مشيرة إلى أن الزواج من أجنبيات يعد أحد أهم أسباب التخلي عن الأطفال، فكثير من الحالات التي شهدتها الدار كانت بسبب التخلي عنهم لأنهم لأمهات أجنبيات. وأشارت المرزوقي إلى أن الدار فتحت في الآونة الأخيرة باب الكفالة الاجتماعية لأطفال الدار عقب مبادرات بعض المحسنين في إبداء رغبتهم في رعاية الأطفال مادياً، والتكفل بنفقات التعليم أو الإيواء، الأمر الذي حدا بالدار لفتح الباب أمام جميع الراغبين في رعاية الأطفال من الناحية المادية، منوهة بأن الدار تتكفل برعاية الأطفال من جميع النواحي، وتوفر لهم احتياجاتهم كافة من إيواء وتعليم وخدمات صحية ونفسية. زيارات دورية قال أحمد إبراهيم الطرطور مدير إدارة حماية حقوق الطفل، إن عمل الدائرة لا ينتهي بتسليم الطفل للأسر الحاضنة، بل يستمر بمتابعة وتفقد أحواله من جميع النواحي بصورة مكثفة في بداية فترة الحضانة ثم تصبح الزيارات دورية، لافتاً إلى إعادة بعض الأطفال مجهولي النسب من الأسر الحاضنة بعد اكتشاف لجنة المتابعة تعرضهم للإهمال بصور مختلفة، حيث أسندت إحدى الأسر تربية الطفل إلى الخادمة، وأخرى استغلته في التسول فيما التزمت جميع الأسر بالاشتراطات التي أقرتها الدائرة لاحتضان الأطفال. وتتنوع الآراء حول أسباب الظاهرة، حيث قال عبد الرحمن حميد ناصر، من مواطني الشارقة، إن مسألة ترك الأطفال حديثي الولادة باتت تمثل ظاهرة، كونها تكررت كثيراً خلال الفترات الماضية، وأصبح الأمر يتطلب تدخلاً أكبر من قبل الجهات المعنية للقضاء عليها أو الحد منها. وأشار إلى أن تنوع التركيبة السكانية التي تتمتع بها الإمارات من خلال تعايش ثقافات وجنسيات متنوعة على أرضها، أوجد هذا الأمر الذي يعود في الغالب إلى علاقات غير مشروعة بين أفراد هؤلاء الجنسيات التي تثمر مولوداً غير شرعي، بالإضافة إلى مشكلات قد تنتج بين الطرفين وعدم ثبوت البنوه، حيث تعمد الأم إلى التخلص منه بإلقائه بتلك الطريقة غير الآدمية في الشارع العام. وأوضح عبد المنعم السالم، من سكان الشارقة، أن حالات الأطفال اللقطاء تزايدت خلال الفترات الماضية وتنوعت أساليب الأشخاص الذين يتخلصون من أبنائهم بإلقائهم بطريقة غير آدمية على أسطح البنايات وفي الشارع العام وبجوار صناديق القمامة، وغيرها من الأماكن التي تشكل خطراً على حياتهم وقد تعرضهم للأمراض أو أن تلتهم أجسادهم الغضة كلاب الشوارع. وقال إن الدولة رحيمة على هؤلاء الأطفال أكثر من أمهاتهم عليهم، حيث وفرت لهم أماكن للرعاية والعناية والفحوص الطبية والمتابعة المستمرة طوال حياتهم، مطالباً بالحزم في التعامل مع من يرتكب هذه الأفعال من خلال تكثيف البحث عنهم وتقديمهم للعدالة لنيل جزائهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©