الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حب حتى الملل!

حب حتى الملل!
25 مارس 2015 21:10
يختلف فيلم «أفضل جزء مني» عن هذه النوعية من الأعمال التي تتشكل مضمونا وأسلوبا بين الرومانسية والخيال العلمي، والخرافة، في أنه يقدم قصة حب درامية واقعية، تلعب فيها المفاجآت القدرية، دورا مؤثرا. الفيلم من إخراج مايكل هوفمان، والقصة مرتكزة على رواية لنيكولاس سباركس. ومن بطولة جيمس مارسدين، ميشيل مونجان، وجيرالد ماكراني. ثمة نقطة مؤثرة ومحورية في كل حكاية رومانسية، يمكنها أن تكون البؤرة التي يرتكز عليها الفيلم، نستطيع من خلالها التسلل إلى الواقع النفسي للأبطال في رؤيتهم للعالم، وكيفية تفاعلهم معه، لذا تكون فكرة الإنتصار للحب والتمسك به في حد ذاتها ضوءا يعكس أثرا ايجابيا على كل الوقائع المؤلمة الموجودة على مدار الفيلم. يتوقع مشاهد «أفضل جزء مني» رؤية قصة حب، لكن التساؤل المطروح عن مدى طزاجة ما ستقدمه الحكاية، من تفاصيل ومشاعر وأحداث غير متشابهة أو مكررة، ما يجعل ثيمة الحب في الفيلم مفعمة بالملل! يتناول الفيلم قصة داوسون وأماندا اللذين أحبا بعضهما خلال سنوات الشباب الأولى، وبعدها افترقا نحو عشرين عاما، ليس نتيجة الفرق في المستوى الاجتماعي بينهما فقط، فأماندا ابنة رجل ثري ومعروف، وحبيبها ابن رجل شرير وسيئ، يتجنبه كل سكان البلدة، إلا أن أماندا تغرم بدايسون وتدافع عن حبها حتى اللحظات الأخيرة. لكن لأسباب كثيرة ومتشابكة على مدار الفيلم يدخل داوسون السجن، وهو في التاسعة عشر من عمره، وعند هذا الحدث يرفض لقاء أماندا أبدا، بينما تواصل هي القدوم لزيارته في السجن طوال عام كامل، لكنه يستمر في رفض لقائها. يتقاطع الحبيبان هنا عند النقطة الجوهرية للحب الحقيقي، في تفضيل سعادة الآخر بعيدا، عن تعاسته وحضوره. هي ترفض التخلي عنه لإيمانها ببراءته، وهو يرفض زيارتها لقناعته بأن عليها أن تنساه وتبدأ حياتها من جديد. بدءا من حدث السجن، ولحظة الفراق تتغير حياة كلا منهما، تتكسر الأحلام، كلاهما لا يحقق حلمه بالدخول إلى الجامعة، ولا بالحياة مع من يحب؛ كلاهما يعيش حياة خالية من الحب الذي عرفاه في لحظات صدق نادرة. تتزوج أماندا وتؤسس أسرة وتنجب طفلين، لكن ابنتها تصاب بسرطان الأطفال وتموت، أماندا تظل تعاني من هذا لوقت طويل، قبل أن تواصل حياتها مع زوجها وابنها، ومن المشاهد الأسرية القليلة تتضح طبيعة علاقتها بزوجها الموسومة بالفتور والتباعد.. أما دايسون فبعد خروجه من السجن، يسافر، ويتنقل بين أماكن كثيرة، ويواصل عمله في ميكانيك السيارات، يقيم علاقات عديدة، لكنه لم يتزوج، ولم يحب إلا أماندا. الوصية يحرص الفيلم على التأكيد أن ثمة شيء قدري وغامض في علاقة الحب بين دايسون وأماندا، هذا يتضح في أكثر من مشهد: التواصل مع النجوم الذي يقوم به البطلان رغم البعد المكاني بينهما؛ الخيالات حيث دايسون وهو على وشك الموت في كلا المرتين يشاهد أماندا في حقل شاسع من الورد تقترب منه وتمد يدها له. هناك أيضا سقوط دايسون في أعماق المحيط بعد انفجار السفينة التي كان يعمل بها، ثم نجاته بمعجزة قدرية تعيده للحياة مرة أخرى. يتلقى دايسون، وكذلك أماندا، اتصالا هاتفيا من محامي صديقهما العجوز تاك الذي كان شاهدا على قصة حبهما الماضية، وغادر العالم قبل أيام تاركا وصيته لهما الإثنين، كدلالة على أنه لم ينسهما أبدا. لعب تاك دورا مهما في حياة دايسون حيث استقبله في بيته حين طرده أبوه وتعامل معه كابن له، وأدى دوره في حياة أماندا يوم رفض دايسون لقائها، وأيضا بعد أن ماتت ابنتها، تاك كان دائما بجوارهما في أحلك المواقف، لذا عليهما تنفيذ وصيته. يتسلم كلاهما من المحامي مظروفا، وطلبا بأن ينثرا معا رماد جثته في حديقة بيته التي التقيا فيها مرارا. هكذا يلتقي الحبيبان في قريتهما الصغيرة التي تركاها قبل عشرين عامًا، وهذا اللقاء يجدد الحب بينهما وكأن الوقت لم يمضِ، لكنهما يكتشفان أن الأسباب التي أدت إلى فراقهما من قبل، أصبحت أكثر عمقا وتجذرا؛ أماندا متزوجة وأم لشاب في سنته الجامعية الأولى، ودايسون مازال يعاني من آثار التفكك العائلي الذي أودى به إلى السجن. تخوض أماندا صراعا قاسيا بين واجباتها الأسرية، وبين رغبتها الشديدة في مواصلة حب قديم، استعادته بقوة بعد أن أمضت عطاة نهاية الأسبوع برفقة دايسون في بيت صديقهما العجوز الذي ترك في وصيته أن يكون البيت الريفي لهما معا. وترك لكل منهما رسالة توصية بالتسامح مع جراح الماضي. عنف على الرغم من وجود الفيلم ضمن نوعية الأفلام الرومانسية، إلا أنه لم يخل من مشاهد كثيرة من العنف والجريمة، فالفيلم يتضمن جريمتين تغيّران مسار الأحداث ككل، كما يمكن اعتبار مشاهد العنف جزءا أساسيا من الطرح الاجتماعي لشخصية دايسون بأنه ينحدر من عائلة سيئة السلوك والسمعة حيث يتسبب أبوه وأخويه في دخوله السجن وضياع مستقبله وهو شاب، وفي قتله وهو في الأربعين. استطاع المخرج رغم ما في الأحداث من مآس وآلام نفسية، التركيز على الجوانب الجمالية في حركة الكاميرا، خاصة مع مشاهد الطبيعة، والنهر، والحدائق والغابات، كما استخدم تقنية تبديل الأبطال في مراحل أعمارهما المختلفة، حيث لعبت دور أماندا وهي شابة الممثلة ليان ليبراتو، وأدى دور داوسون الشاب لوك براسي، إلا أن التبديل بين الممثلين لم يكن موفقا، حيث أوحى للمشاهد أن البعد الزمني يتجاوز العشرين عاما، خاصة وأن كلا الفنانين ميشيل مونغان، وجيمس مارسدين، كان بإمكانهما القيام بالدور في كل المراحل العمرية، من الشباب وحتى النضج. وعلى الرغم من أن العمل مأخوذ عن رواية حملت نفس العنوان، إلا أن الحوارات بين دايسون وأماندا أثر لقائهما بعد غياب سنوات طويلة، بدا بحاجة لمزيد من العمق، بدت مشاهد حواراتهما في كثير من اللقطات خالية من الانفعال الأصيل الذي ينتج عن لقاء شخص كان وجوده مؤثرا، كما أن غيابه غير نهج العلاقة مع الحياة ككل، وبدل الأحلام من مسار إلى آخر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©