الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

المشركون يقسمون أن الله لا يبعث من يموت

19 ابريل 2018 21:45
أحمد محمد (القاهرة) كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين، فأتاه يتقاضاه، فكان فيما تكلم به، والذي أرجوه بعد الموت، فقال المشرك وإنك لتزعم أنك لتبعث بعد الموت، فأقسم بالله لا يبعث الله من يموت، فأنزل الله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ...)، «سورة النحل: الآية 38».قال الطبري، هؤلاء المشركون من قريش أقسموا بالله جهد أيمانهم وحلفهم، لا يبعث الله من يموت بعد مماته، وكذبوا وأبطلوا في أيمانهم التي حلفوا بها كذلك، بل سيبعثه الله بعد مماته، وعدا عليه أن يبعثهم، والله لا يخلف الميعاد، ولكن أكثر قريش لا يعلمون وعد الله عباده، أنه باعثهم يوم القيامة بعد مماتهم أحياء.وتتابع الآيات بيان ألوان الكفر والجحود، وهذا اللون من الكفر فاقع جدا، وهو إنكار بعث الله للموتى، وتبين الآية أن بعث الناس بعد الموت حق لا بد منه، ولكن الكفار ضالون بإنكارهم له، وذكر لفظ الجلالة في سياق الإخبار عن القسم يدل على تغليظ القسم، وأن الكفار لم يكونوا يقسمون قسماً عابراً، بل كانوا يغلظونه، وفيه بيان التناقض في عقلية أهل الجاهلية ومن سار على دربهم، فهم يعظمون الله بالقسم به، ويكفرون به، بل ويشركون معه، جاهدين في القسم، فهي أقسام مغلظة، يبذلون لها المشقة، فكم يبذل الكفار المشقة في محاولة تشويش حقائق هذا الدين، فأقسم الكفار بالله العظيم مجتهدين في قسمهم غاية الاجتهاد حتى أصابتهم المشقة من شدة أيمانهم أن الله لن يبعث الموتى، ونفي بعث الله للموتى نفي لأي بعث، لأنه إذا لم يبعث الله الموتى فمن غيره يبعثهم!.والغريب نفي بعث الله للموتى بذكر لفظ الجلالة، يشعر السامع بأن الكفار يقسمون عن ثقة، وهذا من منهج أهل الجحود عند نفيهم حقيقة من حقائق هذا الدين، وترد عليهم الآية بأن الله سيبعث من يموت، فابتداء الخلق لم يعجزه فكيف تعجزه الإعادة؟! والابتداء والإعادة عنده أمران يستويان تحت قدرته، ولكن أكثر الناس على الضلال، لا يعلمون أن الله قادر على إحياء الموتى.وقال القرطبي، وأقسموا بالله جهد أيمانهم، هذا تعجيب من صنعهم، إذ أقسموا بالله وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت، ووجه التعجيب أنهم يظهرون تعظيم الله فيقسمون به، ثم يعجزونه عن بعث الأموات، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنهم مبعوثون، كيف تقسمون بالله وأنتم لا تؤمنون به، فهذه علامة غباء عند الكفار ودليل على أن موضوع الإيمان غير واضح في عقولهم، لأن كلمة «الله» نفسها دليل على الإيمان به سبحانه، فليس هذا بكلام العقلاء، فقد استبعد الكفار أمر البعث، لأنهم لا يتصورون كيف يبعث الله الخلق من لدن آدم حتى تقوم الساعة.قال الشوكاني، في «فتح القدير»، ذكر الله عناد قريش وإنكارهم للبعث، فقال وأقسموا بالله جهد أيمانهم، جاهدين لا يبعث الله من يموت من عباده، زعموا أن الله سبحانه عاجز عن بعث الأموات، فرد الله عليهم ذلك بقوله بلى وعدا عليه حقاً يبعثهم، لأن البعث وعد من الله وعد عباده به، والتقدير وعد البعث وعدا عليه حقاً لا خلف فيه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك يسير عليه سبحانه، ليبين وليظهر لهم، الذي يختلفون فيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©