الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفريقيا وشخْصنة الانتخابات

13 يوليو 2008 01:55
مع تعمق الأزمة السياسية في زيمبابوي، يتعين على المجتمع الدولي، لاسيما القادة الأفارقة، لعب دور رئيسي في إنقاذ تلك الدولة من الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي بات يتهددها· والملاحظ أن أولئك القادة طال بهم التردد في مواجهة الرئيس روبرت موجابي· وفيما يبدو فقد آثروا التعامل معه على خلفية دوره السابق في حركة التحرر الوطني الأفريقي، متناسين دوره في انهيار بلاده بعد تحررها· غير أن خصمه مورجان تسفانجراي، المعارض والقائد النقابي السابق، لم يواجه هذا التردد الأفريقي بالرضا والارتياح، وإنما فضل منازلة الطغيان والاستبداد· وبالنتيجة فقد انصب معظم الحوار العالمي الدائر حول الأزمة الزيمبابوية الراهنة على صراع السلطة بين موجابي وخصمه تسفانجراي· وعلى رغم أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية هي التي أوصلت البلاد إلى درجة الغليان التي تمر بها الآن، إلا أنه يلزم القول إن الصراع الحقيقي هناك ليس حصراً بين هاتين الشخصيتين· وعليه فإن السؤال الرئيسي المطروح على المجتمع الدولي الآن ليس عما إذا كان سيؤيد موجابي أم خصمه تسفانجراي، وإنما عن مدى قدرته على دعم الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين الزيمبابويين؟ والحال أن وضع الشعب الزيمبابوي كرقم مهم في قلب معادلة الحوار الدائر الآن حول بلاده، يمكن أن يسهم في تصحيح الاتجاه السائد الآن في الانتخابات الأفريقية عموماً، وهو اتجاه مثير للقلق بحق، لكونه ينصبُّ دائماً على شخصنة صراعات السلطة بين الأفراد والقيادات، وليس على الشعوب وحقوقها ومصيرها! ومن شأن إحداث تحول كهذا في اهتمامات الحوار والعمليات الانتخابية التي تشهدها القارة السمراء، أن يعطي المجتمع الدولي فرصة أفضل للعب دور إيجابي بنَّاء في بلدانها· وقد آن الأوان لأن نغير الاتجاه السائد حالياً، الذي تناقش فيه الانتخابات الأفريقية كما لو كانت انتخابات تعني المرشحين وليس الناخبين·· الذين هم الأساس· وكنت قد استمعت إلى أحد كبار مسؤولي لجنة الانتخابات، خلال العملية الانتخابية التي شهدتها نيجيريا في العام الماضي، وهو يشكو متأفِّفاً من الناخبين، واصفاً إياهم بأنهم ''عقبة'' أمام عملية يراد لها أن تخلو من الشوائب والنقائص· وقد انعكس ازدراؤه للناخبين واستخفافه بهم، في مظاهر الفوضى التي عمت العملية الانتخابية نفسها، وأفضت بشعور الكثير من النيجريين بغربتهم وبعدهم عنها· ومن بين نتائجها، موجة عنف ودعاوى قانونية أثارتها· كما شهدت الانتخابات الكينية التي أجريت قبل أشهر فحسب، أحداث عنف مشابهة، بسبب ما أثير من شكوك واتهامات بتزوير نتائجها لصالح الرئيس الحالي ''مواي كيباكي'' ضد منافسه ''رايلا أودينجا''· والنتيجة: نزاع أهلي طاحن، امتدت آثاره لتشمل الساحة الإقليمية بأسرها· هذا وقد أثمرت جهود الوساطة التي قادها الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، عن التوصل إلى تسويِّة سياسية للنزاع، تم بموجبها اقتسام السلطة بين الزعيمين المتناحرين في نهاية الأمر· غير أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الشعب الكيني قد حقق أي مكسب من تلك التسوية، وهو المعني بها في الأصل، فوق كونه ضحية العنف الأولى الذي تسببت فيه تلك الانتخابات· وفي الحالة الكينية كانت النتيجة المضمونة للتسوية السياسية المذكورة التي تم بموجبها اقتسام السلطة بين الخصمين المتنافسين، هي مكافأة قادة الأحزاب على التنازلات السياسية التي قدموها· ولكن الغالب أن تعجز هذه التسويات عن تلبية المطالب العادلة للشعوب، والتصدي لمظالمها التاريخية المتمثلة في: إعادة اقتسام الثروة والدخل القومي، والتوزيع العادل للأراضي والموارد الطبيعية، ثم التصدي لممارسات الفساد التي كانت سبباً في اشتعال نيران العنف· كما تقف الحالة الكينية نفسها دليلاً على تلبية الانتخابات دائماً لحاجة النخب، وليس لحاجة الشعوب· وكما هو الحال في كينيا، فقد أثار تلكؤ حكومة موجابي في إعلان نتائج الانتخابات التي أجريت في شهر مارس، السؤال المشروع: انتخابات مَن هي في الأصل؟ والذي لاشك فيه أن اللجنة الانتخابية التابعة للحزب الحاكم هناك، لم تشعر بأكثر من أن نتائج الانتخابات التي أجريت، هي مجرد معلومات يستفاد منها للاستخدام الاستراتيجي الخاص بالحزب الحاكم لاحقاً! وهنا يكمن الخلل الواجب تصحيحه، دون التقليل من أهمية القيادة في المجتمعات الأفريقية بالطبع· مايكل جيفين زميل متخصص في الشؤون الأفريقية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©