السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديمقراطيون ··· والسياسة الخارجية المرتبكة

الديمقراطيون ··· والسياسة الخارجية المرتبكة
13 يوليو 2008 01:53
جعل الحزب ''الديمقراطي'' ومرشحه في الانتخابات الرئاسية، ''باراك أوباما''، من ''ترميم صورة أميركا'' و''تجديد القيادة العالمية'' أحد الأركان الأساسية في حملة الحزب الانتخابية للعام ،2008 حيث لا يخلو بيان رسمي، أو موقع إلكتروني، من تأكيدات تذهب في هذا الاتجاه· والحقيقة أن وعود الحزب ''الديمقراطي'' تنطوي على رسالة قوية تحظى بقبول لدى الناخبين الأميركيين، وأصدقائنا حول العالم· لكن إذا نظرنا قليلاً تحت سطور الخطاب المتداول وقمنا بتحليل سياسات محددة يقترحها ''الديمقراطيون'' في الكونجرس، على هامش الحملة الانتخابية، سنجد خططاً لو طبقت من شأنها إلحاق بالغ الضرر بمكانة أميركا في العالم· وليس أدل على ذلك من التباين بين خطاب ''الديمقراطيين'' وسياساتهم المقترحة في موضوعي التجارة الحُرة والحرب في العراق· فهم يتعهدون بترميم صورة أميركا في العالم واستعادة الثقة في القيادة الأميركية، وفي الوقت نفسه يدعون إلى سياسات أحادية وغير مسؤولة تجاه بعض القضايا العالمية· هذا التضارب في الرؤى، والاختلاف بين الخطاب المعلن والسياسة المطبقة قد يكون مفيداً في الانتخابات التمهيدية، لكنه يهدد بتقييد حركة الحزب ''الديمقراطي'' في الانتخابات العامة، حتى لو فاز بالبيت الأبيض· وبالحديث عن التجارة الحرة تبنى ''الديمقراطيون'' موقفاً يدعو إلى المزيد من الحمائية إلى درجة أصبحوا مستعدين معها لخرق معاهداتهم مع أصدقاء أميركا وحلفائها مثل كوريا الجنوبية وكولومبيا وكندا والمكسيك· فقد أقدمت رئيسة الأغلبية ''الديمقراطية'' في مجلس النواب ''نانسي بيلوسي'' في شهر مايو الماضي على تجميد معاهدة للتجارة الحرة تم التوصل إليها بعناء كبير مع كولومبيا كان سيستفيد منها بدرجة أولى المصدِّرون الأميركيون· وإذا كانت أميركا متخوفة من التجارة الحرة مع دولة صغيرة مثل كولومبيا، وهي الدولة الساعية إلى الديمقراطية ومحاربة الإرهاب ومواجهة تجارة المخدرات، فكيف ستقود الاقتصاد العالمي؟ وأكثر من ذلك أوقفت ''بيلوسي'' مؤخراً استكمال إجراءات كانت ترمي إلى تقييد تصويت الكونجرس على المعاهدات التجارية، ما يعني أن اتفاقيات جديدة مع كوريا الجنوبية وباناما لن تبصر النور في وقت قريب· وفي السياق ذاته اقترح ''الديمقراطيون'' خلال الشهر الماضي في مجلسي الشيوخ والنواب مشروع قانون يطلب من الرئيس رفع خطط إلى الكونجرس لإعادة النظر في جميع الاتفاقات السابقة، بما فيها اتفاقية أميركا الشمالية للتجارة الحرة مع كندا والمكسيك المعروفة اختصاراً باسم ''نافتا''· ويبدو أن الرسالة التي تبعثها الولايات المتحدة إلى العالم من خلال إجراءاتها الأخيرة واضحة وهي أن عليكم ألا تثقوا بأميركا وبقدرتها على الوفاء بمعاهداتها التجارية التي تبرمها مع دول العالم، حتى لو كانت تلك الاتفاقيات مع بلدان نامية تصارع للحاق بالطبقة الوسطى العالمية· وهذا التوجه الذي يسير فيه الحزب ''الديمقراطي'' بعيد، كل البُعد، عن دعوات ''أوباما'' أثناء خطابه بمناسبة فوزه بترشيح حزبه في 3 يونيو الماضي، التي تركز على ضرورة ترميم ''صورتنا كآخر وأفضل أمل متبقٍّ للعالم''· ولا يختلف أداء ''الديمقراطيين'' في العراق، حيث وضعوا أنفسهم في موقف يصعب الثبات عليه حقاً حتى النهاية· فعلى رغم الأدلة والقرائن التي تثبت عكس طرحهم مازال ''أوباما'' والنواب ''الديمقراطيون'' في الكونجرس يصرُّون على أن الزيادة في عدد القوات الأميركية بالعراق كانت ''فاشلة''، ولهذا يلحُّون دائماً على سحب القوات، متعهِّدين بأنهم سيفعلون ذلك ما أن يدخلوا البيت الأبيض· والحال أن جميع التحليلات الرصينة للوضع العراقي الآن، بما فيها الدراسة التي أنجزتها ''مجموعة دراسة العراق''، تحذر من أن أي خفض متعجل للقوات الأميركية سيؤجج العنف الطائفي، ويهدد الحكومة في بغداد· ومع ذلك تعهد أكثر من أربعين مرشحاً ديمقراطياً في مجلس النواب بأنهم في حال انتخابهم سيقترحون تشريعات تنص على سحب فوري للقوات الأميركية من العراق، باستثناء الذين سيبقون لحراسة السفارة الأميركية· ويؤكد ''أوباما'' من ناحيته أنه سيسحب ''من لواء إلى لواءين مقاتلين كل شهر''، وهي الوتيرة التي تعتبر الأسرع منذ حرب فيتنام· وبالإصرار على تجاهل ضرورة دعم الاستقرار الحالي في العراق ومن ثم الإلحاح على سحب القوات على رغم احتمال تسبب ذلك في كارثة إنسانية، سينظر العالم إلى التحرك الأميركي على أنه في قمة انعدام المسؤولية، وستتحول تعهدات ''أوباما'' باستعادة الثقة إلى أميركا وقيادتها للعالم إلى مهزلة كبرى· والواقع أنه ربما يتعين علينا التريُّث قليلاً قبل أن نأخذ كلام ''الديمقراطيين'' على محمل الجد، فربما كان جزءاً من صنعة الانتخابات الأميركية لهذه السنة، الرامية إلى تهدئة مخاوف الفئات المناهضة للحرب في المجتمع الأميركي، أو لاسترضاء الناخبين المتخوِّفين من تأثير التجارة الحرة· وعلى كل فقد وصف اثنان من مستشاري ''أوباما''، بعيداً عن أضواء وسائل الإعلام، الوعود التي قطعها المرشح ''الديمقراطي'' على نفسه بخصوص العراق والتجارة الحرة بأنها مجرد أدوات لكسب الانتخابات، ليطغى بعد ذلك الحذر على السياسات· ومع هذا فقد تنقلب استراتيجية ''الديمقراطيين'' عليهم إذا ما استغلها الحزب ''الجمهوري'' واتهم غريمه ''الديمقراطي'' بتكريس الروح الانهزامية والانعزالية لدى أميركا بالنظر إلى المخاوف المبالغ فيها من التجارة الحرة، والحرب في العراق· وما لم يشرع ''الديمقراطيون'' بقرن خطابهم الملهم بسياساتهم المعلنة، فإنهم سيخسرون ليس فقط الانتخابات، بل أيضاً الفرصة لمساعدة أميركا في استرجاع قيادتها للعالم· ستيوارت جوتليب مستشار ''ديمقراطي'' للسياسة الخارجية وكاتب خطابات في مجلس الشيوخ الأميركي من 1999 إلى ·2003 ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©