الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجمالية.. «عاصمة» القاهرة

الجمالية.. «عاصمة» القاهرة
25 مارس 2015 20:50
سمي حي الجمالية، نسبة إلى بدر الدين الجمالي وزير الخليفة المستنصر، ويضم مسجدي الحسين وخان الخليلي وغيرهما، إلا أن أهالي المكان وزواره لا يستخدمون اسم الجمالية كثيرا في معاملاتهم اليومية فكل أجزاء هذا الحي شهيرة في حد ذاتها. ننطلق إلى الجمالية من العتبة، ونعبر شارع الأزهر، وعندما نصل إلى كوبري المشاة المعدني الذي يربط بين جانبي الشارع سنصاب بالحيرة، ففي هذا المكان ينفصل شارع المعز لدين الله الفاطمي أطول شارع أثري في العالم (4800 متر) وهو يزخر بالمساجد وبالتحف المعمارية الإسلامية. حكاية مسجد في نهاية شارع المعز يقع مسجد الحاكم بأمر الله وهو ثاني المساجد التي أقامها الفاطميون في مصر، حيث بدأ الخليفة الفاطمي العزيز بالله ثاني الخلفاء الفاطميين بمصر في أعمال بناء المسجد عام 380 هجرية (990 ميلادية) وبعد وفاته استكمل ابنه الحاكم بأمر الله بناء المسجد حيث استغرق 22 عاماً وسماه باسمه: «مسجد الحاكم بأمر الله». تتعدى مساحة المسجد 13 ألف متر مربع، ويتكون من صحن كبير لا يعلوه سقف وعلى يمينه ويساره ممران يؤديان إلى القبلة، وفي مقدمة المسجد مساحة كبيرة مغطاة بسقف ذي رسوم وزخارف وفي منتصف الصحن تقع مسقاة للوضوء. وللمسجد مئذنتان متوسطتا الطول مبنيتان من الحجر تقع على أطراف المسجد من الخارج عند بابه الرئيسي، ومقامتان على برجي المسجد الشمالي والجنوبي، لا يرى الإنسان منهما من الخارج سوى الجزء العلوي المجدد إبان حكم السلطان الناصر بن قلاوون. لكن الشكل الحالي للمسجد من الداخل والخارج تغير كثيراً عما كان عليه، فعند إنشائه لم يكن المسجد داخل مدينة القاهرة الفاطمية إلى أن قام بدر الجمالي بإقامة السور الشمالي لها الذي يقع بين بابي النصر والفتوح. وتعرض المسجد عام 702 هجرية (1302 ميلادية) إلى زلزال كبير أدى إلى سقوط مئذنتيه وتصدع مبانيه، فأمر الناصر بن قلاوون الأمير بيبرس الجاشنكير بتجديد المسجد وترميم مبانيه ومئذنتيه. تتميز جدران المسجد بالكتابات الكوفية خصوصا أسفل سقفه، أما شبابيكه المفرغة فتزينها رسومات وأشكال هندسية تسمح بدخول أشعة الشمس من معظم الجهات. ملامح مدينة في قلب هذا (العالم) يشمخ مسجد الإمام الحسين الذي بني في عهد الفاطميين سنة 549 هجرية (1154 ميلادية) تحت إشراف الوزير الصالح طلائع، ويضم 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر. سمي المسجد بهذا الاسم لاعتقاد البعض بوجود رأس الإمام الحسين مدفونا به، إذ تحكي بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق به في مكانه الأول في مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل بطلبه وحمل الرأس الشريف إلى مصر ودفن في مكانه الحالي، وأقيم المسجد عليه. ويشتمل المبنى على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية، وبني محرابه من قطع صغيرة من القيشاني الملون بدلا من الرخام وهو مصنوع بين 1303 هـ وبجانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدي إلى حجرة المخلفات التي بنيت عام 1311 هـ. والمسجد مبني بالحجر الأحمر على الطراز الغوطي، أما منارته التي تقع في الركن الغربي القبلي فقد بنيت على نمط المآذن العثمانية. وللمسجد ثلاثة أبواب من الجهة الغربية وباب من الجهة القبلية وباب من الجهة البحرية. مسجد الحسين هو عمر القاهرة وكل مرحلة في تاريخ مصر تم تسجيل ملامحها على جدرانه من المظلة الفاطمية أول جزء تم بناؤه في المسجد، مرورا بباب قايتباي الذي يمثل اهتمام دولة المماليك بالجامع، ثم مظلة الأتراك الموجود بها حاليا المنبر والقبلة والتي تم بناؤها في عهد العثمانيين، بالإضافة إلى اللافتات المحفورة على جدران الجامع وتدل على مدى اهتمام أبناء أسرة محمد علي في القرنين التاسع عشر والعشرين بعمارة وتجديد الأزهر، وفى المركز من كل هذا يقع المنبر الشهير وتاريخ بنائه يعود لعام 970 ميلادية أما أول صلاة جمعة فكانت في 7 رمضان 361 هجرية 972 ميلادية، وأصحاب الفكرة هم الفاطميون الذين أرادوا أن يكون الأزهر مركزا لنشر المذهب الشيعي. التجارة والعبادة نخرج من الباب الخلفي للجامع للتجول خلفه قليلا، فيظهر بيت زينب خاتون ومنزل الهراوي، ومرة أخرى نعود للخلف لنتجه إلى نفق المشاة القديم الذي يربط بين الجامع الأزهر ومشيخة الأزهر القديمة ومن خلاله نصل إلى ميدان سيدنا الحسين. والمرور على خان الخليلي أمر لابد منه بالطبع، فهو أشهر سوق شرقي، ومنتجاته لها شهرة عالمية. أنشأ الخان الأمير جهاركس الخليلي، أحد أمراء السلطان برقوق، المتوفى سنة 791 هـ (1389 م). أقيم الخان مكان تربة الخلفاء الفاطميين، التي تجاور القصر الشرقي الكبير والتي كانت تعرف باسم تربة الزعفران، فلما رغب جهاركس في بناء هذا الخان نبش تربة الزعفران وألقى بما كان بها من عظام على التلال الموجودة خارج القاهرة، معتذرا عن ذلك بأن الفاطميين كانوا كفارا على أساس أنهم كانوا ينتمون للمذهب الشيعي. وفي ربيع الثاني سنة 917 هـ (يوليو سنة 1511 م هدم السلطان الغوري خان الخليلي، وأنشأ مكانه حواصل وحوانيت وربوعا ووكالات يتوصل إليها من ثلاث بوابات، وقد هدمت هذه الحواصل وتلك الحوانيت وأعيد بناء الخان بعد ذلك. «الأقمر» الناصع ينسب للعصر الفاطمي «الجامع الأقمر» في شارع المعز لدين الله «النحاسين»، والذي بناه الوزير المأمون بن البطايحي بأمر من الخليفة الآمر بأحكام الله أبي علي منصور سابع الخلفاء الفاطميين سنة 519هـ (1125م) وسمي بهذا الاسم نظرا للون حجارته البيضاء التي تشبه لون القمر. ويروي المقريزي أنه من المساجد المعلقة في القاهرة فقد كانت توجد تحته حوانيت، وبالرغم من صغر مساحته بالنسبة للجامع الفاطمي المجاور له مباشرة وهو الحاكم بأمر الله الا أنه من المساجد المميزة على المستوى المعماري، فهو أول جامع في القاهرة تحتوي واجهته على تصميم هندسي بديع، وهو أول جامع أيضا تكون فيه الواجهة موازية لخط تنظيم الشارع بدلا من أن تكون موازية للصحن، لكي تصير القبلة متخذة وضعها الصحيح. وتعتبر الواجهة هي أجمل ما في الجامع، ويرى في مدخله لأول مرة في عمارة المساجد العقد المعشق الذي انتشر في العمارة المملوكية في القرن الخامس عشر الميلادي، وفوق هذا العقد يوجد العقد الفارسي وهو منشأ على شكل مروحة وأهم ميزة في تصميم الجامع استخدام المقرنصات والتي لم تستعمل قبل ذلك إلا في مئذنة جامع الجيوشي، وهي تلك الزخرفة التي انتشر استخدامها في العمارة الإسلامية بعد هذا الجامع، بالإضافة إلى النقوش والكتابات الكوفية للآيات القرآنية والنصوص التاريخية بتاريخ الإنشاء واسم الخليفة الحاكم بأمر الله ووزيره البطايحي. «الأقمر» مكون من صحن مكشوف صغير مربع مساحته عشرة أمتار مربعة تقريبا، تحيط به أربعة أروقة أو ظلات أكبرها رواق القبلة وعقود الأروقة محلاة بكتابات كوفية مزخرفة ومحمولة على أعمدة رخامية قديمة ذات قواعد مصبوبة وتيجان مختلفة تربطها ميد خشبية، أما أركان الصحن فهي محمولة على أكتاف مربعة ويقال إن هذه الأعمدة مأخوذة من عمائر أخرى أقدم. أما المنبر فقد جدد في أيام السلطان الظاهر برقوق في سنة 799 هـ (1396/ 1397م). بيوت راسخات تقودنا الرحلة في قلب الجمالية إلى «بيت السحيمي»، الذي يعتبر نموذجاً فريداً من نماذج عمارة البيوت السكنية الخاصة، بل إنه البيت الوحيد المتكامل الذي يمثل عمارة القاهرة في العصر العثماني في مصر، وهو يتكون من قسمين، القسم الجنوبي أنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي في سنة 1648م، أما القسم الشمالي فقد أنشأه الحاج إسماعيل شلبي في سنة 1796م، وجعل من القسمين بيتاً واحداً وسمي بيت السحيمي نسبة إلى الشيخ أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك بالأزهر وهو آخر من سكن فيه. ويشتمل البيت على عدة قاعات تتألف كل منها من إيوانين بينهما دور قاعة يتوسط بعضها فسقية من الرخام ولبعض أسقف القاعات مناور يعلوها شخشيخة خشبية، وكسيت جدران بعض القاعات من أسفل بوزرات الخشب المزخرف على هيئة بلاطات القيشاني وكسيت الأرضيات بالرخام. وبقاعات البيت مشربيات ونوافذ من الخشب الخرط ودواليب وبالبيت كتابات أثرية تشتمل على تاريخ الإنشاء والمنشئ وقصيدة البردة للأمام البوصيري. ويعتبر هذا البيت من أجمل آثار القاهرة التاريخية، وقد صدر قرار بتحويل بيت السحيمى إلى مركز للإبداع الفني تابع لصندوق التنمية الثقافية بعد ترميمه وإعادة افتتاحه عام 2000 م ليكون مركز إشعاع ثقافيا وفنيا في منطقة الجمالية.. ويعتبر مركز إبداع السحيمي نموذجاً فريداً للتأثير الاجتماعى للعمل الثقافي والأثري من حيث تأثير الموقع الثقافي في المجتمع المحيط به. في المنطقة بيت أثري آخر هو بيت زينب خاتون، وهي إحدى خادمات محمد بك الألفي، أعتقها وتزوجت أميراً يدعى «الشريف حمزة الخربوطلي». فأصبحت أميرة وأضيف لقب إلى اسمها وهو خاتون أي المرأة الشريفة الجليلة. اشترى لها زوجها منزل شقراء هانم حفيدة السلطان الناصر حسن بن قلاوون وسمي المنزل باسمها بيت زينب خاتون. وهو بيت أثري قديم يقع خلف الجامع الأزهر بالقاهرة. تم بناؤه في عام 1486م. يُعتبر بيت زينب خاتون نموذجًا للعمارة المملوكية. يتطابق في عمارته مع البيوت الأخرى في القاهرة الفاطمية. هامش ص 5 أروقة الأزهر ضم الأزهر الشريف إلى جواره عدداً كبيراً من الأروقة التي كانت بكثرتها تدل على النشاط العلمي الواسع الذي اضطلع بمسؤوليته ارتبط الرواق بمعان سامية عدة لا تخرج عن معاني التعبد والتعلم الملازمة لبيت الصلاة في المسجد، الملتفة حوله، فالأروقة حول الجامع الأزهر كأنها سياج حام، أو حرس مصطف أو بوابة موصلة إلى الحرم المهيب، حيث تمنح المسجد بعداً أفقياً، وهالة تقديسية. وقد بلغت تلك الأروقة في فترة من الفترات قرابة الثلاثين رواقا، أشهرها: رواق الأتراك: الذي بناه السلطان قايتباي، والرواق العباسي نسبة إلى بانيه خديوي مصر عباس حلمي الثاني الذي بناه عام (1897م ـ 1315هـ) وكانت فيه إدارة الأزهر ومشيخته ومكتبته وطبيبه ومحفوظاته مع طلبة يسكنون جوانب منه، ورواق المغاربة، ورواق الصعايدة الذي أنشأه الأمير عبدالرحمن كتخدا، ورواق الحنابلة: الذي بناه الأمير عثمان كتخدا، ورواق الحنفية: وأنشأه الأمير راتب باشا الكبير سنة (1279هـ ـ 1862م). بدر الدين الجمالي أمير الجيوش ووزير الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وصاحب مشهد الجيوشي القابع فوق جبل المقطم. استدعاه الخليفة المستنصر من الشام ليوليه الوزارة في عام 1073م حتى يستعيد السيطرة على الأمور وللخروج من الأزمات التي كادت تودي بدولة المستنصر بالله. أعاد بناء سور القاهرة لتقويته ولزيادة مساحتها، وأصبحت القاهرة مدينة دفاعية مسورة لصد هجمات السلاجقة المحتملة عليها، وقد بقيت أجزاء من هذا السور، وبعض أبوابه الشهيرة، باب النصر، باب الفتوح، وباب زويلة. بوكس ص 5 أبواب القاهرة الفاطمية عندما شيد جوهر الصقلي مدينة القاهرة، أحاطها بسور ضخم من الطوب اللبن مزود بثمانية أبواب، هي باب زويلة وباب الفرج في الجنوب، وباب الفتوح وباب النصر في الشمال، وباب القراطين والبرقية في الشرق وباب سعادة والقنطرة في الغرب، ليصد عنها الغزاة والطامعين. ولم يبق من هذه الأبواب سوى ثلاثة فقط، هي باب النصر والفتوح وباب زويلة، وهي أبواب ذات خصوصية شديدة في الفكر والتراث الإسلامي، وخاصة بعد أن أعيد بناؤها بأمر من الأمير بدر الجمالي بديلا عن الأبواب القديمة في الفترة من 480 الى 485 هجرية. باب زويلة باب زويلة أو بوابة المتولي هو أحد أبواب القاهرة القديمة. تم إنشاء الباب في العام 485‏ هجرية (‏1092‏ ميلادي‏)، ويتكون من برجين مستديرين يتوسطهما ممر مكشوف يؤدي إلى باب المدخل. ويشتهر هذا الباب بكونه الذي تم تعليق رؤوس رسل هولاكو قائد التتار عليه حينما أتوا مهددين للمصريين، وأعدم عليه أيضاً السلطان طومان باي عندما فتح سليم الأول مصر وضمها للدولة العثمانية. باب النصر بني عام 1087 ميلادية، مر بهذا الباب سلاطين مصريون مثل الظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والأشرف خليل والناصر قلاوون بأسرى أعداء مصر. ويعتبر هذا الباب من أهم الآثار ذات الطبيعة العسكرية. وتمتاز البوابة بالزخرفة على الجناحين وجبهات الأبراج، والتي ترمز إلى النصر. يتكون من برجين مربعين نقشت عليهما في الحجر أشكال تمثل بعض آلات الحرب من سيوف وتروس، ويتوسط البرجين باب شاهق وجدت به فتحة من أعلاه، كي تصب منها المواد الكاوية على من يحاول اقتحام الباب يطلق عليها سقاطة. ويعلو هذه الفتحة أفريز يحيط بالقلعتين وبه كتابات كوفية تضمنت اسم المنشئ وتاريخ الإنشاء. باب الفتوح بني عام 1087 ويتكون من برجين مستديرين يتوسطهما المدخل وفي فتحتيهما حلية مكونة من اسطوانات صغيرة مزخرفة، وفي أعلى المدخل تماثيل على هيئة كبش بقرنين. ويتصل باب النصر بباب الفتوح بطريقتين: إحداهما من فوق السور والآخر من تحته، وهو ممر معقود على جانبيه الحجرات بحالة متقنة تعطي فكرة جيدة عن نظام الحصون المصرية في ذلك الوقت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©