الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان أبوظبي يستعيد أمجاد العرب الموسيقية

مهرجان أبوظبي يستعيد أمجاد العرب الموسيقية
25 مارس 2012
تتواصل فعاليات مهرجان أبوظبي 2012، الذي يقام بتنظيم من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، حيث كان الجمهور أمس الأول على موعد مع أمسية موسيقية لعازف الجاز إبراهيم معلوف، إضافة إلى ندوة حول الموسيقار العربي زرياب تحدثت فيها الدكتورة رتيبة الحفني، رئيسة المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية، والباحث الموسيقي محمد قابيل صاحب أول موسوعة في الغناء العربي. علي العزير (أبوظبي) - يوضح الموسيقي إبراهيم معلوف أنه ينطلق من ثنائية ثقافية عكست تنوعها على إبداعه الموسيقي، ذلك أن تحدره من جذور لبنانية جعله يهتم بالنغمات الشرقية، ويرتبط بوشائج قربى مع الآلات الموسيقية الرائجة عربياً، لا سيما العود، والوتريات عامة، في حين أن نشأته الفرنسية منحته فرصة الإطلالة على عالم الجاز والتنويعات الغربية عامة، فأصبح نتاجه مزيجاً بين رومانسية الشرق وحداثة الغرب، لتكون المحصلة خامة إبداعية متميزة تؤكد افتراضات شتى، في مقدمها أن الموسيقى لغة موحدة تسمو على اللغات المألوفة، وتمتلك قدرة على النفاذ من بيئة إلى أخرى دونما حاجة إلى ترجمة المصطلحات المتباينة. ذاكرة الموال يؤكد معلوف أن للموال مكانة مميزة في ذاكرته الصوتية، فهو ثقافته الأولى التي تربى عليها، وهو أيضاً حكاية الأسلاف التي لا تزال تلح على البال مهما ابتعدت الأجساد عن مساقطها الأولى، ويوضح أن هذا اللون من الموسيقى هو ميزة عربية خالصة، يحق لأبناء هذه الثقافة أن يتباهوا بها، فهي تأتي تعبيراً عن مقدرة فنية حقيقية سواء في مجال التأليف الموسيقي، أو فيما يتصل بالأداء الغنائي، وبالرغم من كل التنويعات التي أدخلت على الموسيقى الغربية، يؤكد محدثنا قائلاً: تظل للموال قامته الشرقية المستقلة، ونكهته العربية المميزة التي لم يقترب منها أي لون موسيقي أو غنائي آخر.. يشدد معلوف على أن المستقبل الموسيقي هو للخلطة المتقنة التي تجمع بين شرق وغرب، وأن النتائج المتوقعة من المسار الموسيقي العالمي السائد راهناً تؤكد حتمية انهيار الحواجز الفاصلة بين النوعيات المختلفة منها، ذلك أن الموسيقى تتجلى يوماً بعد يوم كتيمة عالمية متخطية الفوارق المفتعلة، ومتجاوزة الحدود الوهمية.. زرياب موسيقي عالمي على الجانب الآخر من أنشطة المهرجان أقيمت ندوة حول الموسيقي العربي زرياب، وهو أحد أعلام الموسيقى العالمية، نهل من منبعه الجميع شرقاً وغرباً، وظل على مدى الأيام والسنين معيناً لا ينضب من الدهشة والإعجاز.. في معرض توصيفه لنشأة زرياب أوضح الباحث الموسيقي محمد قايبل أن الرجل ذا البشرة السوداء دخل إلى دائرة الاهتمام من باب العبيد، حيث اشتراه أحد أعوان الخليفة العباسي المهدي من سوق النخاسة، لكنه أثار الاهتمام لانسجامه اللافت مع غناء إبراهيم الموصلي أحد أعلام الفن في تلك المرحلة. مخاض طويل خاضه الرجل الأسود منذ أن قدم إلى بلاط الخليفة إلى أن غدا طالباً نهماً يتلقى أصول الغناء على يد إبراهيم الموصلي، ومن بعده ابنه إسحاق الذي شعر بخطر زرياب يتهدده بعد أن صار الأخير محط اهتمام الخليفة، وأهم رواد مجلسه، الأمر الذي جعله يطلب إليه مغادرة المملكة، ولم يكن أمام العبد الساعي إلى التحرر بفعل عبقريته وشغفه الشديد بالفن سوى الامتثال، وهكذا حصل، فبدأ رحلة فرار طويلة انتهت به في الأندلس موضع رعاية واهتمام ملكها، وعلماً بارزاً من أعلام الموسيقى والغناء فيها، حتى جاز القول إن زرياب هو مؤسس امبراطورية الموسيقى العربية في الأندلس، وإن كان الحكم السياسي العربي في تلك البلاد قد انهار بفعل التداعيات والعديد من عوامل التراجع، فإن المملكة الموسيقية التي أشادها زرياب القادم من سوق النخاسة، بقيت تحافظ على تألقها، بل دخلت في صميم الحضارة الغربية، يوم راحت تقنيات زرياب الموسيقية، هو الذي أضاف الوتر الخامس لأوتار العود، واستبدل الريشة الخشبية التي تستخدم للعزف عليه بريشة نسر، يوم صارت هذه التقنيات مواد تدرس في أرقى الأكاديميات الموسيقية الغربية ولا تزال. تقنيات كثيرة ومن جهتها، تناولت الدكتورة رتيبة الحفني الإبداعات التي أدخلها زرياب إلى علم الموسيقى، وفي مقدمتها استخدامه مختلف أجزاء الجسد البشري سعياً لإدراك طاقة الأداء الأفضل.. وأوضحت الحفني أن زرياب كان يلجأ إلى ربط حزام على منطقة الحجاب الحاجز ليجعل الصوت المؤدى ينطلق من أعماق الجسد البشري، وهو ما كان يمنح المغني طاقة عالية وقدرة متميزة على الغناء، مشيرة إلى أن هذه التقنيات، بين تقنيات كثيرة لا يتسع لها المقام، وجدت طريقها إلى المدارس الموسيقية المتعددة والمعاصرة، ولم تستبعد أن تكون السيدة أم كلثوم قد استخدمت هذه التقنية في غنائها على المسرح. إنكار فضل العرب كشفت رتيبة الحفني أن المدارس الموسيقية الغربية اعترفت بزرياب مبكراً، وآمنت بقدراته الاستثنائية، وقد فعل ذلك الألمان والروس أولاً، ثم تبعهم الإيطاليون، لكنها توقفت عند محاولة الموسيقيين الغربيين إنكار ما للعرب من فضل على الموسيقى العالمية، خاصة إزاء إحجام المؤرخين العرب عن تدوين الإنجازات الإبداعية الكثيرة التي زخر بها التاريخ العربي، وبصورة خاصة الابتعاد عن توثيق النوتة الموسيقية للعديد من الألحان والمعزوفات المتميزة، وفي مقدمتها أعمال زرياب، في حين أن الغرب نجح في توثيق تراثه الموسيقي، خاصة عندما لجأت الكنيسة إلى اعتماد النوتة في تراتيلها الدينية المختلفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©