الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عملية السلام... ودور جماعات الضغط

21 مايو 2010 22:02
تشكل "محادثات التقارب" في الشرق الأوسط خطوة إلى الوراء إذا ما قورنت بالمحادثات المباشرة. والآن يفترض كل طرف، وهو عالق في دائرة من الاستقطاب الذاتي، أن الطرف الآخر الغريم مضلل. وقد ساعد الدعم المتحيّز وغير المشروط لهذا الطرف أو ذاك في الواقع البائس في الشرق الأوسط على إدامة السيناريو الكئيب والدائرة المفرغة اللذين أدت إليهما عملية السلام خلال السنوات الأخيرة. والآن، هل يمكن عكس هذه الدائرة؟ هل من غير الواقعي تصور العرب واليهود والمسلمين في أميركا يوحدون جهودهم دعماً للسلام في الشرق الأوسط؟ حسناً، إن "المعجزات" تقع أحياناً. فقبل عدة عقود أجرى السادات زيارة مذهلة وغير متوقعة إلى إسرائيل، بعد أن رأى عدم جدوى الوضع السائد. وكانت "المعجزة" هي معاهدة سلام بين إسرائيل ومصر. وعلى رغم أن الذين انتقدوا السادات حينها اعتبروا ذلك استسلاماً، إلا أن الذين ساندوه شعروا في المقابل بأنه ولّد قوة اندفاع باقية من أجل التسوية. واليوم، يأمل المرء أن تهديد حرب جديدة إقليمية سيعد المسرح لمفاجأة تاريخية قد تكون على شكل حدث مثل ما حصل مع السادات، يغير اللعبـة. ولا يمكن للوضـع الراهن، على كل حال، أن يستمر إلى ما لا نهايـة. ولا شك في أن إنهاء النزاع سيضع حدا لمخاطر ومآزق أخلاقية وماديّة لا حصر لها، ناتجة عن الاحتلال، وسيحسّن المناخ الإقليمي، وعلاقات الولايات المتحدة مع العالم العربي، وقبل هذا كله سيحقق التطلعات الوطنية للفلسطينيين. وهنا في أميركا، لو فكّرت مجموعات الضغط المرتبطة بالشرق الأوسط خارج سياقات الانحياز الأعمى، فقد تساعد على إنقاذ عملية السلام في النهاية. وتكمن عبقرية أميركا في تنوعها المتكامل، وفيها سجل يجري تقديره عادة من المصالحة بين الجاليات. وهناك على سبيل المثال جهد لعقد علاقات تعاون وتفاهم بين خمسين مسجداً مع خمسين كنيساً عبر الولايات المتحدة وكندا. وفي نوفمبر الماضي انضمت المساجد والمعابد اليهودية معاً في عطلة نهاية الأسبوع لعقد برامج مصمَّمة لتشجيع الوحدة والتفاهم المتبادل بين مختلف الأديان والجاليات. وزيادة على هذا يوجد تنوع واسع من النشاطات التعاونية بين المجموعات اليهودية والمسلمة أو العربية تضم فنانين ورياضيين وعلماء وشباباً ورجال دين وسياسيين ونساء وأشخاصاً قياديين. ويشهد التاريخ على قدرة المنظمات غير الحكومية ذات العلاقة على دعم المصالحات وتحفيز الأجواء المؤدية إليها. وخلال ثمانينيات القرن الماضي مثلا، قادت المنظمات الأميركية غير الحكومية حملة سلام عالمية في الشرق الأوسط، فأحضرت منظمات غير حكومية فلسطينية وإسرائيلية للعمل معاً. أما تشكيل فريق العمل الأميركي من أجل السلام، فقد تم أصلاً بإلهام من تجربة بناء الجسور التي قامت بها حركة السلام الأميركية. وفي الفترة الأخيرة، تقوم منظمة "جي ستريت" (J-Street) ، وهي مجموعة تأثير يهودية مساندة لإسرائيل تدعو للسلام، بالمبادرة بأشكال جديدة من الحوار الإسرائيلي- الفلسطيني. إلا أن الحاجة ما زالت ماسّة لقفزة نوعية في العمل الاجتماعي داخل أميركا للتعامل مع المشاكل الصعبة المتبقية في الصراع. ويحمل الجمود في قضية تبادل الأسرى الفلسطينيين في طياته، على سبيل المثال، نتائج بعيدة المدى لإعادة إحياء عملية السلام، حيث يقضي مروان برغوثي، الذي يُعتبر نيلسون مانديلا الفلسطيني، أحكاماً عديدة بالسجن المؤبد في سجن إسرائيلي بعد أن دانته محكمة إسرائيلية بقتل إسرائيليين أثناء الانتفاضة الثانية. إلا أن البرغوثي كما هو معروف ناشط سلام قوي، وما زال يؤمن بحكمة حل الدولتين. ويملك هذا القيادي السجين الشعبية والمؤهلات للمساعدة على إعادة توحيد الفلسطينيين المنقسمين بين "فتح" و"حماس". من ناحية أخرى، تحتفظ "حماس" بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط أسيراً، وقد أصبح الآن رمزاً عند الإسرائيليين. وقد وصلت المفاوضات على تبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس" إلى طريق مسدود، حيث وافقت إسرائيل على تبادل مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندي شاليط، ولكن ليس من ضمنهم البرغوثي. ويمكن للعمل بشكل جماعي في أوساط جماعات الضغط في أميركا من أجل إطلاق سراح البرغوثي وشاليط وسيكون لذلك أثر هائل على حل هذا النزاع. إذا تسنى للأميركيين العرب واليهود والمسلمين أن يشنوا حملة معاً فسيعملون على إيجاد مناخ سياسي جديد. وإذا عملت مجموعات مصالحة كهذه للتأثير على "حماس" وإسرائيل فقد ينفتح باب استراتيجي يؤسس للسلام في الشرق الأوسط. وقد تساعد مثلا زيارة أميركية من جماعات المجتمع المدني من الطوائف المختلفة إلى سجن إسرائيلي وإلى معابد يهودية ومساجد، وإلى غزة، على تلطيف مواقف كافة الأطراف. وكذلك يمكن لحملة إعلامية مشتركة أن تحقق "المعجزات"! والراهن أن جماعات الضغط والجاليات الأميركية التي تشتغل على موضوع إسرائيل وفلسطين تجد نفسها في موقف جيد الآن، وهذا ما يدعوها لتجربة أفكار جديدة لصنع السلام في منطقة الشرق الأوسط. وتستطيع الجماعات الأميركية، من خلال جهود مشتركة لليهود الأميركيين والعرب والمسلمين، أن تسهم إسهاماً كبيراً وملموساً في تعبيد طرق عملية السلام. وفي غياب دعمها، قد لا تذهب الإدارة الأميركية بعيداً في ماراثون عملية السلام الطويل. وليس السحر في الأعجوبة هو أن يكون صانعها خارقاً أو لا يخطئ وإنما يكمن في نبل عمله أو عملها. ويتطلب الوضع المزري الراهن في الشرق الأوسط توجهات إبداعية أساسية لحل النزاع. وهنا يمكن لمجموعات الضغط الأميركية أن تثبت أنها قطعة أساسية مفقودة في الأحجية الشرق أوسطية. غسان ربيز - فلوريدا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©