الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسات التقشف... هل تُفاقم أزمة الاقتصاد الأوروبي؟

سياسات التقشف... هل تُفاقم أزمة الاقتصاد الأوروبي؟
21 مايو 2010 22:00
الضرائب الجديدة التي أطلق عليها اسم (ضرائب الأزمة) في البرتغال، وإلغاء صرف شيكات للمواليد الجدد في إسبانيا، ليسا سوى مظهرين فقط من المظاهر الدالة على أن أوروبا تدخل الآن مرحلة تقشف طويلة الأمد. فشد الأحزمة على البطون بات أمرا مطلوباً بشدة للحد من تفاقم أعباء الديون التي تعاني منها القارة العجوز، والتي أفزعت المستثمرين. ولكن، وفي إطار سعي القادة الأوروبيين لحل أزمة الدين العام المخيفة التي تعاني منها دولهم، يغامر هؤلاء القادة بالتعرض لعلّة لا تقل خطورة عن علّتهم الحالية، لأن إجراءات محاربة الديون التي تقوم بها الدول الأوروبية في الوقت الراهن، سوف تمتص الطلب من اقتصاد منطقة اليورو، الذي كان متوقعاً أن ينمو بالكاد بنسبة 1 في المئة هذا العام، حتى قبل أن تؤدي مخاوف عجز اليونان عن سداد ديونها إلى نشر الفزع في كافة الأسواق الأوروبية. وفي الوقت الراهن، يحذر بعض المحللين من أن هذا الانضباط المالي قد يقود أوروبا إلى انكماش صريح، إي إلى دورة قد تكون مزعزعة لاستقرار بعض الدول، من حالات الهبوط في الأسعار القادرة على إعادة تعزيز نفسها بنفسها، والتي إن بدأت، فسوف يكون من الصعب للغاية النجاة منها. والذي حدث بالفعل خلال شهر أبريل الماضي، أن الأسعار هبطت في إسبانيا لأول مرة منذ أن بدأ ذلك البلد في الاحتفاظ بسجلات لتغييرات الأسعار في العام 1986. يقول "ديفيد روزنبرج" كبير الاقتصاديين في مؤسسة "جلوسكن شيف"، وهي مؤسسة استثمارية مقرها تورونتو بكندا:"الوضع في أوروبا في الوقت الراهن غير مضمون، فمخاطر حدوث حالة من الانكماش الاقتصادي في الوقت الراهن عالية ومتزايدة". وإعادة التخندق الأوروبي، عملية سيكون لها تداعيات على صناع السياسة في الولايات المتحدة، الذين يواجهون عجزاً في الميزانية الفيدرالية هذا العام نسبته 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأميركي قد بدأ يُظهر بعض علامات القوة، إلا أن إدارة أوباما لا تزال عازفة عن عمل أي شيء يؤدي لتخفيض الطلب المحلي، إلى أن يبدأ معدل البطالة المقدر برقمين في الانخفاض. بعض المحللين يقولون إن التخفيضات الضريبية التي فرضها بوش، والمقرر أن تنتهي في ديسمبر 2010 يمكن تمديدها - حتى وإن كان ذلك بصفة مؤقتة.. كما أشار "مارتين فيلدشتاين" أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد الأسبوع الماضي. وقال "جورج ماجناس" كبير المستشارين الاقتصاديين لـشركة (يو. إس. بي) ومقرها لندن:"إن دائني حكومة الولايات المتحدة لن يجلسوا هناك دون عمل للأبد، إذا ما تركت تلك الحكومة موضوع العجز للقصور الذاتي، أو إذا لم تتوافر الإرادة السياسية اللازمة لإيجاد الحلول له... وخلال الأشهر الستة أو الشهور الاثني عشر القادمة، فإنني اعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يتم تحقيق بعض التقدم في هذا الاتجاه". والنهوض من الصدمة الاقتصادية التي تعرض لها العالم كان في بداياته، ولا يزال هشا بالتالي، قبل أن تقع أزمة الديون. ففي الأسبوع الماضي على سبيل المثال، قال مسؤول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو ناد للدول الغنية مقره باريس، إن المؤشرات الرئيسية المجمعة، تشير إلى أن العالم سيدخل لفترة من التباطؤ الاقتصادي. وآخر البيانات المتوافرة من المنظمة المذكورة، في شهر مارس الماضي، كانت تقول إن فرنسا وإيطاليا على وشك التداعي الفعلي، وأن الاقتصادات النامية القوية لدول مثل الصين والبرازيل أظهرت هي الأخرى علامات على أن نموها الاقتصادي آخذ في التراجع. من المعروف، أن عدداً من الدول الأكثر مديونية في منطقة "اليورو"، هي في الأصل دول ذات اقتصادات صغيرة كاليونان على سبيل المثال، ما يعني أن إجراء تخفيضات على الإنفاق فيها، لن يكون له تأثير عالمي. لكن المشكلة تكمن في أن إسبانيا التي تمتلك تاسع أكبر اقتصاد في العالم، تقوم هي الأخرى في الوقت الراهن بإجراء تخفيضات في الإنفاق الحكومي، وهي تخفيضات وصلت إلى حد إلغاء شيكات بقيمة 3000 دولار كان يتم صرفها لكل أسرة إسبانية تنجب طفلًا جديداً. والمزاج التقشفي الجديد، يظهر في الوقت الراهن علامات على إمكانية امتداده إلى قلب أوروبا. ففرنسا على سبيل المثال، تجمد الإنفاق الحكومي بسبب التضخم حتى العام 2013 . والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، ألغت الخطط الرامية لإجراء تخفيضات جديدة في الضرائب. والحكومة البريطانية الجديدة تقول إن كبح جماح العجز الكبير في الميزانية يأتي على رأس قائمة أولوياتها. و"روب شابيرو"، رئيس مؤسسة "سانكون" الاستشارية، ومقرها واشنطن، يقول أيضا إن أوروبا يمكن أن تشهد حالات عجز عن سداد الديون من قبل عدد من الدول، يمكن أن يصل إلى خمس على الأقل هي: اليونان، والبرتغال، وإسبانيا، وإيطاليا، وأيرلندا. وأكد شابيرو"أننا لو تعرضنا لسلسلة من حالات العجز عن سداد الديون، سنكون قد دخلنا بذلك في الأزمة الاقتصادية الثانية". ليس كل من في أوروبا على استعداد لشراء فرضية الخوف من الانكماش، إلا أن ما يمكن قوله هو إن توقعات التضخم ستظل ممثلة لرأي الأقلية والدليل أن أسعار السلع هبطت أثناء الأزمة اليونانية: فبرميل النفط الذي كان يباع بـمبلغ 87 دولارا في السادس من أبريل الماضي، يباع الآن بـ 71.61 دولار فحسب، كما أن أسعار النحاس هبطت بنسبة 12 في المئة خلال نفس الفترة. وإذا أخذنا في اعتبارنا عمليات سداد الديون المستمرة حالياً، أو سياسات تخفيض الاعتماد على المديونية التي يجري تنفيذها على قدم وساق في أميركا وغيرها من البلدان، فسوف نتوصل إلى خلاصة مؤداها أن التضخم سوف يظل احتمالاً بعيدا - كما يقول "روزنبرج". ديفيد جيه. لينش محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©