السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النحات المسلم.. أبدع في أشكال الطير والحيوان والإنسان

النحات المسلم.. أبدع في أشكال الطير والحيوان والإنسان
3 يوليو 2016 15:34
مجدي عثمان (القاهرة) حينما نتحدث عن فن النحت في العصور الإسلامية، وجب أن نطالع مقدمة تاريخ مدينة السلام للـ «الخطيب» وما ذكره عن تمثال الفارس الذي يحمل رمحاً فوق القبة الخضراء في بغداد زمن المنصور، وما ذكره «النويري» عن أحد قصور الخليفة المتوكل المسمى بالبرج، قالوا وكان البرج من أحسنها، فيه صور عظيمة من الذهب والفضة، وبركة عظيمة غطى باطنها وظاهرها بصفائح الفضة، وجعل عليها شجرة من ذهب فيها طيور تغرد وتصفر، كما نذهب إلى وصف «المقريزي» لما كان يعمل في القاهرة يوم فتح الخليج أيام الفاطميين، قال: كان يعمل في بيت المال من التماثيل شكل الوحوش من السباع والفيلة والزرافات والغزلان عدة وافرة من الذهب والفضة والعنبر، وورد في أخبار مصر عن التماثيل المتحركة لـ «بن ميسر» من أن الأفضل بن أمير الجيوش ووزير الفاطميين كان له مجلس في تماثيل لثماني من جوار متقابلات، أربع بيض من الكافور، وأربع سود من عنبر، قيام عليهن أفخر الثياب وأثمن الحلي، بأيديهن أحسن الجواهر، فإذا دخل من باب المجلس ووطيء العتبة نكسن رؤوسهن خدمة لهن، فإذا جلس في صدر المجلس استوين قائمات، وأيضاً من التماثيل المتحركة الساعة التي أهداها هارون الرشيد إلى الملك شرلمان، مضافاً إلى ذلك التماثيل التي تُخرج أصواتاً إذا دخل فيها الهواء أو الماء. ولا شك أن فن النحت من الفنون التي غيَّرها الإسلام، فقد كان النحت المنتشر في بلاد العرب قبل الإسلام مثله مثل النحت في سائر بلاد العالم، يُركِّز على التماثيل، وقد اتخذها الغربيون آلهة مثل أبولو، وفينوس، وهايجيا، وباخوس، كما اتخذها الشرقيون أيضاً آلهة، وجسَّدوها، مثل ما كان للعرب من آلهة في جاهليتهم، إلا أن ذلك لم يمنع الفنان المسلم من نحت تماثيله، حتى ارتفع إلى درجة التجريد في فنه، حيث إنه كان لا يستهدف محاكاة الطبيعة، وإنما كان ينزع إلى المبتكر الذي يثير الخيال ويدفع إلى الإعجاب، يجمع بين الحيوان والطير والإنسان في حشواته في صياغة تشكيلية لا سابق لها. ومن الملاحظ أن فن النحت استمر في الإسلام بعد تغيير الهدف منه بحيث ارتبط أكثر بالعمارة، ومن ذلك واجهة قصر المشتى، الذي أُنشئ في العصر الأموي بالأردن، وقد أُخذت الواجهة إلى متحف الدولة ببرلين، والأشكال المنحوتة على هذه الواجهة تتكون من زخارف متباينة متداخلة لأشكال مجردة المستوحاة من الحيوان والإنسان، وكذلك محراب جامع الخالصكي - القرن 2ه - 8م - بمتحف بغداد الوطني، منحوت من قطعة واحدة من الرخام الأصفر. كما نحت الفنانون المسلمون التيجان المرمرية في العصر العباسي، الموجودة حالياً بمتحف المتروبوليتان في نيويورك، وبعضها في متحفي إسطنبول بتركيا وبرلين بألمانيا، وقد امتد تأثير طراز العصر العباسي الأول إلى شرق تركيا. وفي الفترة من القرن الخامس إلى السابع الهجريين، اهتم السلاجقة في إيران بالنحت الحجري والجصِّي في عمل الزخارف والخط العربي، ومن أهم مميزات الحفر السلجوقي تقسيم السطح إلى مستويات مختلفة، وإدخال موضوعات جديدة على الزخارف النباتية تقترب من الطبيعة. ومن أهم آثار النحت الفاطمي في مصر، الزخارف الجصية الموجودة في كل من الجامع الأزهر ومسجد بن طولون، ومن أهم منحوتات الرخام، تلك الكتلة ذات النحت البارز لأسد يزحف. كما ايتكر الفاطميون إشكال المقرنصات في العمارة لتزيين السطح، وأقبلوا على إستخدام الأشكال الحيوانية كعناصر زخرفية، فقد وجدت في العصر الفاطمي أعمال من القرن 10هـ/‏16م تمثل أحداث الصيد ومواقف الصراع بين الإنسان والحيوان، كما وجدت أعمال أخرى تُجسد موضوعات لعازفيّن وراقصين، وقد تميز نحاتو الخشب عن غيرهم في حفر أسمائهم علي أعمالهم. وقد إتبع الأيوبيون والمماليك بمصر وسوريا أساليب الفاطميين في النحت، وتميز العصر المملوكي بإزدهار الزخارف الجصية والحجرية كما في مسجد الظاهر بيبرس، والأضرحة والمدارس، واهتموا بتزيين المآذن والقباب والمنابر، ونحتوا الأواني الحجرية والرخامية، والنافورات، وأحواض المياه والجرار، وتزخر المتاحف بنماذج عديدة من نحت هذه الفترة، وأجملها ما يوجد في متحف فكتوريا وألبرت في لندن، ومتحف المتروبوليتان بنيويورك ومتحف الفن الإسلامي بالقاهرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©