تفوقت روسيا على المملكة العربية السعودية في صادرات النفط لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، حيث زادت صادراتها من خام النفط ومنتجات المصافي 7.4 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بـ 7.25 مليون برميل يوميا في الربع الأول، حسب بيانات وزارة الطاقة الروسية.
في المقابل خفضت السعودية صادراتها الى نحو 7 ملايين برميل يوميا من 7.39 مليون برميل يوميا حسب تقديرات الإنتاج والطلب المحلي لوكالة الطاقة الدولية. وكان المستثمرون قد توقعوا أن تخفض روسيا إنتاجها بعد أن أفاد إيجور سيشين نائب بوتين لدى منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك في شهر ديسمبر الماضي بأن روسيا مستعدة لتقليل إنتاجها دعماً للأسعار. واتفقت أوبك أمس الأول على إبقاء أهداف الإنتاج دون تغيير بعدما عبرت السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم عن أملها في أن يعزز تحسن الاقتصاد سعر النفط وهونت من تضخم المخزونات.
إعفاءات ضريبية
وبدلاً من ذلك تقدم روسيا إعفاءات ضريبية للحقول الجديدة في سيبيريا، حيث قامت روز نيفت ولوكويل و TNT - BP شركة الائتلاف الروسية مع الشركة البريطانية بي بي BP جميعها بزيادة الإنتاج مع زيادة سعر النفط أكثر من الضعف الى أعلى من 70 دولارا للبرميل من أسعاره المنخفضة في ديسمبر. وقال كريس ويفر كبير المحللين الاستراتيجيين في أورل سيب فايننشال في مقابلة « بالتأكيد روسيا هي المستفيد الأكبر بقرار أوبك. وأضاف « كانت الأسعار المرتفعة بمثابة تعويض لتراجع الضرائب بقيمة 20 مليون دولار، هذه الزيادة الإنتاجية الروسية ربما تقوض جهود أوبك في تقليل المخزون ومنع الأعضاء من تجاوز حصصها عقب اجتماع المجموعة. وحسب متوسط تقديرات 34 محللاً التي جمعتها بلومبيرج ينتظر أن ينخفض سعر البترول 4.7 في المائة في الربع الثالث الى 64.5 دولار للبرميل. وكان قد بلغ أعلى سعر في فترة عشرة أشهر 75 دولاراً للبرميل في 25 أغسطس وكان سعره 71.1 دولار في تداولات الثلاثاء الماضي. ووافقت أوبك خلال ثلاثة اجتماعات العام الماضي على خفض إنتاجها بـ 4.2 مليون برميل يوميا ما يعد أكبر خفض في تاريخ المجموعة بعد أن سجلت الأسعار انخفاضاً قياسياً في شهر ديسمبر 2008 بلغ 32.40 دولار للبرميل من أعلى سعر قياسي 147.27 دولار في يوليو 2008.
قفزة الإنتاج
وقفز إنتاج خام النفط الروسي 1.3 في المئة في أغسطس عن سنة قبله الى 9.97 مليون برميل يوميا، وزادت صادراتها النفطية 5.9 في المائة، حسب خدمة بيانات وزارة الطاقة. وجاءت الزيادة بعد أن بدأت أكبر مصدر رورنيفت إنتاجها من حقلها الجديد فانكور في سيبيريا. وفي مارس حين أشار الساسة الروس الى إمكانية خفض الإنتاج أعلن مدير تنفيذي لوكويل فاجيت اليكبيروف أن شركته عزمت على زيادة الإنتاج 1.7 في المائة هذا العام. وقد علق ادوارد مورس الباحث الاقتصادي الرئيسي في الـ «سي إم كومودينيز» في نيويورك: «لو كان إنتاج روسيا انخفض بالقدر الذي كان يتوقعه الناس وكان أقل من إنتاج اليوم بـ 60 ألف الى 70 ألف برميل يوميا لكانت السوق أكثر شحاً بكثير. «وهل تتحمل روسيا هذه الزيادة بشكل دائم؟»، هو سؤال خاضع للكثير من الجدل حسب مورس والذي يضيف: «أعتقد أن إنتاج روسيا سيزيد» وذلك لملء خط أنابيب الشرق الأقصى الجاري بناؤها والتي ستمد الصين ومنطقة المحيط الهادئ.
صادرات الغاز
لقد صدرت روسيا طاقة أكثر فعلاً من أي دولة أخرى مع شحنات من شركة جاز بروم للغاز الطبيعي الحكومية أكبر شركة منتجة في العالم. كان إنتاج «جاز بروم» من الغاز السنة الماضية، ما يكافئ 9.9 مليون برميل من النفط يوميا مقارنة مع إنتاج السعودية من النفط الخام البالغ 9.2 مليون برميل. كذلك ستستفيد مبيعات روسيا من الغاز الى أوروبا من جهود أوبك لزيادة سعر الخام بالنظر الى أن بعض عقود الغاز مرتبطة بأسعار النفط. وكانت السعودية قد ظلت أكبر منتج في العالم لفترة، وكانت تنتج السنة الماضية 10 ملايين برميل يوميا، غير أنها اختارت أن تخفض إنتاجها. وكان أصحاب القرار السوفييت المركزيون سابقا قد زادوا إنتاج روسيا الى 11.48 مليون برميل يوميا عام 1987، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991 وأزمة روسيا المالية عام 1998 تراجع الإنتاج الى نحو نصف هذا الكم بحلول عام 1999. وقال معالي وزير النفط السعودي علي النعيمي في تصريحات لدى وصوله الى فيينا يوم الثلاثاء الماضي إن بلاده تنتج حالياً نحو 8 ملايين برميل في اليوم، وقال إن السعودية ملتزمة بقدر الإمكان بتخفيضات أوبك. كما توقع أيضاً 26 خبيراً في استطلاع أجرته بلومبرج في 3 سبتمبر ألا يكون هناك تغيير في الحصص رغم ارتفاع المخزونات، حيث زادت مخزونات الخام الأميركي 13% عن مستويات عام مضى الى 343.4 مليون برميل حسب وزارة الطاقة. ورغم أنه سبق لرئيس الوزراء بوتن أن وعد أوبك بخفض إنتاج روسيا ما إجماليه نحو 670 ألف برميل يوميا إلا أن ذلك لم يتحقق وهو ما أثار استياء أوبك ممثلة في أمين عام المنظمة معالي عبدالله سالم البدري. ويبدو أن أوبك وأعضاءها قد اعتادت على مواقف روسيا المتضاربة، فهي تقول ما لا تفعل، وهذا يبدو موروث من العهد السوفييتي السابق، حسب إدوارد تشو خبير التحليلات في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، علماً بأنه على عكس العرف السابق لم تقم المنظمة بدعوة روسيا وغيرها من غير الأعضاء للحضور بصفة مراقبين في اجتماع الأربعاء.
عن «انترناشيونال هيرالدتربيون»
عدد اليوم
