هدى جاسم، وكالات (بغداد) - انتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصل إلى بغداد أمس في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، السلطات العراقية لسماحها بعبور رحلات إيرانية عبر أجواء العراق إلى سوريا، واعتبر أن هذه الرحلات تساعد “الرئيس بشار الأسد ونظامه على الصمود”، مؤكدا أن عبور الطائرات الإيرانية حاملة أسلحة لسوريا “يمثل مشكلة”، داعيا بغداد إلى منع تدفق الأسلحة إلى سوريا. كما دعا الحكومة العراقية إلى إعادة النظر في قرار تأجيل انتخابات مجالس المحافظات في نينوى والأنبار التي من المقرر أن تجري في 20 أبريل، حيث اعتبرتها الخارجية الأميركية “نكسة خطيرة”.
وقال كيري بعد لقائه رئيس الحكومة نوري المالكي “لقد أوضحت بصورة جيدة لرئيس الوزراء أن الرحلات التي تمر عبر العراق من إيران، هي في الحقيقة تساعد الأسد ونظامه على الصمود”، مشددا على أنه أبلغ المالكي “أن أي شيء يدعم الأسد يطرح مشاكل”.
وتابع “أوضحت كذلك أن هناك الكثير من أعضاء الكونجرس والناس في أميركا يراقبون ما يفعله العراق”. وقال “أملي أن نحرز بعض التقدم في هذا الموضوع”.
وتأتي الزيارة بعد أيام من الذكرى العاشرة لاجتياح العراق الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بنظام الرئيس الراحل صدام حسين، وتعد هذه الزيارة الأولى لوزير خارجية أميركي منذ زيارة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لبغداد في أبريل 2009.
والتقى كيري ظهر أمس المالكي، ثم لاحقا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي. وقال كيري لدى لقائه المالكي إن “ما تحقق شيء جيد، ومن الجيد رؤيتك مرة أخرى”. وأضاف “لاحظت أن الأمور أهدأ مما كانت عليه في المرة الأخيرة التي كنت فيها هنا”، في إشارة لما كان عليه العراق خلال آخر زيارة لكيري عام 2006، حين كان البلد يشهد موجة عنف دامية. ورد المالكي على كلام كيري قائلا “إن شاء الله”.
وتتهم واشنطن بغداد على وجه الخصوص بغض الطرف عن إيران التي تقوم بإرسال معدات عسكرية عبر المجال الجوي العراقي بواسطة رحلات طيران مدنية، تقول عنها طهران إنها تحمل إمدادات إنسانية فقط.
وكان مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قال سابقا رافضا الكشف عن اسمه، إن كيرى “سيتحدث بشكل مباشر جدا مع المالكي عن أهمية وقف الطلعات الجوية الإيرانية وعبورها الأجواء العراقية، أو على الأقل تفتيش كل رحلة منها”.
وأضاف أن كيري “نفسه كوزير للخارجية، على قناعة بأنها تشمل نقل مقاتلين وأسلحة وهذا خطر على العراق”، متهما إيران بإرسال رحلات يومية تقريبا إلى سوريا. وأعلنت بغداد عن قيامها بتفتيش رحلتين متوجهتين من إيران إلى سوريا في أكتوبر 2012.
وذكر أن كيري حث الحكومة العراقية على التعامل بشكل أفضل مع تظاهرات العرب السنة التي انطلقت في ديسمبر احتجاجا على التهميش السياسي لهم. وقال إن الوزير الأميركي حث على وجه الخصوص المالكي على إعادة النظر بقرار تأجيل انتخابات مجالس المحافظات في نينوى والأنبار، والتي كان من المقرر أن تجري في 20 أبريل، وهو القرار الذي وصفه مسؤول في الخارجية الاميركية بأنه “نكسة خطيرة”.
ونفى المسؤولون العراقيون السماح بنقل أسلحة من إيران إلى سوريا عبر المجال الجوي العراقي. وقال عباس البياتي عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية “نحن قمنا بواجبنا بتفتيش عشوائي لعدد من الطائرات الإيرانية ولم نجد سلاحا مسربا أو مهربا عبر العراق”. وأضاف “إذا كانت أميركا في هذا الصدد حريصة على هذا الأمر، عليها أن تزودنا بالمعلومات التي لديها”.
وأفاد مراسلون حضروا جلسة لالتقاط الصور في بداية محادثات كيري والمالكي، بأن وزير الخارجية الأميركي قال مازحا “أخبرتني الوزيرة السابقة هيلاري كلينتون بأنكم ستفعلون كل ما أقوله”. وأشار الصحفيون إلى أن المالكي رد مازحا أيضا بقوله “لن نفعل”.
من جهة أخرى، التقى كيري رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي. وقالت مصادر مطلعة إن وزير الخارجية الأميركي حث القادة العراقيين على التعاون بشكل أكبر من أجل عزل النظام السوري المحاصر.
وذكر مصدر مطلع أن كيري دعا النجيفي القيادي في القائمة العراقية التي انسحب وزراؤها من حكومة المالكي، إلى عودة هؤلاء الوزراء إلى الحكومة. وبحسب المسؤول الأميركي فإن “وزير الخارجية كيري بحث مع المالكي أهمية الحوار مع جميع مكونات المجتمع العراقي، ومع السنة من أجل التوصل إلى أفضل السبل للتصدي للتهديدات الإرهابية الخطيرة جدا التي تقلق جميع العراقيين”.
وقال المسؤول الأميركي إن كيري حث النجيفي الذي دعا السنة إلى ترك الحكومة، على التعاون مع المالكي رغم عدم ثقة السنة في رئيس الوزراء. وأضاف “من الأفضل له أن يتعاون بغض النظر عن رأيه في المالكي”.
وحذر دبلوماسي غربي الشهر الجاري من أن واشنطن “قلقة من الفراغ وأن تستغل القاعدة الاحتجاجات في المحافظات السنية لتلعب دورا فيها”.
وتأتي زيارة كيري وسط معلومات تحدثت عن تراجع النفوذ الاميركي في العراق وبالخصوص بعد مرور اكثر من عام على الانسحاب الاميركي في ديسمبر 2011، ومخاوف من تنامي نفوذ ايران. وتعد البعثة الدبلوماسية الاميركية في بغداد الاكبر في العالم.
عدد اليوم
