الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البلور والزجاج.. صناعة عالية الدقة

البلور والزجاج.. صناعة عالية الدقة
1 يوليو 2016 20:40
مجدي عثمان (القاهرة) عرف علماء المسلمين البلور أو الكريستال وصنعوه بإتقان، وما زال يستعمل، على نفس طريقتهم، في صناعة الأقداح والأواني والثريات، والخواتم وأدوات الزينة وصنعوا منه المنظرة «نظارة العيون» كما استخدموا الأدوات الزجاجية في مختبراتهم، وابتكرو جهاز الأنبيق وآلات التقطير. وقد أسمى المسلمون الزجاج «زجاج - قزاز - قوارير» والصافي منه البللور، واحتفظوا بأسرار صناعته، ورغم وجود نحو 800 نوع من التراكيب الزجاجية حالياً، إلا أن 90 في المئة منها عرفه المسلمون قبل عدة قرون. وقد وصل إنتاج الزجاج الإسلامي إلى درجة عالية من الدقة والتقنية خلال القرن التاسع الهجري، ثم ظهر الزجاج المطلي بالذهب والمينا خلال القرنين الـ13و14هـ، مع بداية صنع أوعية العطور الصغيرة الحجم، ومصابيح المساجد. وعُرفت الصناعة الفنية للزجاج في العالم العربي الإسلامي قبل 12 قرناً، ورثها المسلمون عن الدولة البيزنطية الرومانية وعن الساسانيين الفرس، وكانت تأخذ ثلاث تقنيات هي النفخ من دون القوالب مع إعادة التسخين لاستكمال التشكيل، والنفخ مع استخدام القالب ثم إعادة التسخين، وتلك يرجع صنعها إلى القرن الأول ق.م، وظل هذا النوع يُنتج في القرون الأولى للدولة الإسلامية، وكانت الجرار اللولبية الشكل تنتج في سوريا منذ العصر الروماني، بينما بدأت الأنواع التي تعتمد على تسخين الزجاج في مصر منذ القرن السابع، وكان الزجاج المضغوط ينتج في بلاد الأفغان، كما استمر إنتاج الزجاج في إيران خلال العصر الإسلامي. انتقلت صناعة الزجاج إلى أوروبا عندما أنشأ فنيون مصريون مصنعين للزجاج في اليونان، ولكن المصنعين حُطما في العام 544هـ/‏ 1147 م، عندما اجتاح النورمانديون مدينتهم ففر الفنيون إلى الغرب، وهو ما ساعد على النهضة الغربية في مجال صناعة الزجاج في العصور الوسطى، كما انتقل فن الزجاج غرباً حتى الأندلس، وقد عُثر في قصر الزهراء في قرطبة على نماذج لا تختلف عن الزجاج الشرقي، وتمركزت هذه الصناعة في جزيرة «مورانو» من أعمال البندقية، وكانت مستمدة من تقاليد الصناعة الشامية. وازدهرت صناعة الزجاج في العصر الفاطمي، وخاصة في الزخرفة بالبريق المعدني، وكذلك صناعة التحف من البللور الصخري في مصر، وأخذت صناعة الزجاج تتخلص من التقاليد القديمة الموروثة لتكتسب شخصية فنية متفردة، وازدهرت مراكز صناعته في الفسطاط والأشمونين والفيوم والإسكندرية، وبلغت صناعة الزجاج أوج مجدها في الشام ومصر أثناء حكم الأيوبيين والمماليك، وأجمل ما وصل إليه صناع الزجاج المسلمون يتجلى في صناعة المشكاوات المموهة المينا والتي ظل ما بقي منها موزعاً بين المتاحف والمجموعات العالمية، وهو نحو ثلاث مئة مشكاة. وقد عرف الإيرانيون طلاء الزجاج بالمينا ونقلوا هذا الفن إلى سمرقند عندما حمل إليها تيمورلنك أمهر صانعي الزجاج الإيرانيين في بداية القرن الـ9 هـ/‏15م. أما في تركيا العثمانية، فقد ازدهرت الصناعات الزجاجية، خاصة قناني العطور النسائية والتي تأثرت زخارفها بمنتجات الشرق الآسيوي وبرع الأتراك في تقليد تنويعات الرخام في أوانيهم الزجاجية. ونشأت أيام الدولة الأموية صناعة الزجاج المعشق - المؤلف بالجبس-وظهرت في الأجزاء العليا من المساجد، ويشكل الزجاج المعشق فناً يرتبط بالعمارة الإسلامية، حيث انتشر الزجاج المعشق بالجص، في نوافذ قصر الحير الغربي بالشام والجامع الأموي بدمشق وجامع أحمد بن طولون وجامع عمرو بن العاص بالفسطاط في مصر. كما عرفت بلدان العالم الإسلامي من النوافذ ما يسمى بالقمريات -المدورات الرخامية اليمنية- والشماسات المغربية، ومع دخول العثمانيين إلى العديد من البلاد الإسلامية أصبح أسلوب النوافذ الزجاجية المعشقة بالجص هو الأسلوب السائد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©