الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل والخريطة الجديدة

24 مارس 2013 23:23
إيان إس. لستك أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنسلفانيا انتهى نتنياهو تواً من تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، لكن لا يوجد شيء ذو أهمية سيتغير مع ذلك. فمحادثات السلام لن تُستأنف، والنشاط الاستيطاني سيتوسع، وسيف الحرب مع إيران سيظل مشهراً، وستتحول إسرائيل على نحو مضطرد كي تصبح دولة منبوذة دولياً. ورغم أن أوباما قد تعامل بود، ربما، مع نتنياهو خلال زيارته، إلا أن ذلك لا يمكن أن يخفف من تأثير ما كان قد قاله بالفعل من قبل وهو: «إن حكومة إسرائيلية برئاسة نتنياهو لا يمكن أن تكون شريكاً إيجابياً لمحادثات سلام». ويفترض أن يكون أوباما قد أوضح للإسرائيليين خلال زيارته للمنطقة كافة التداعيات التي ستترتب على عزلتهم وأن الحد الأدنى من الشروط التي تحتاج إليها بلاده للانخراط على نحو جدي في قضية السلام تتمثل في: قيام حكومة ظل في إسرائيل تكون بديلا موثوقاً به للكتلة المتطرفة والمتعصبة قومياً، والتي هيمنت- ومازالت- على السياسة الإسرائيلية تجاه العالمين العربي والإسلامي. لكن ما مدى قرب إسرائيل من التحول لدولة منبوذة؟ إنها قريبة جداً من ذلك في الحقيقة. فرغم أن تقييم إسرائيل في استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة قد يكون أفضل من تقييم الكونجرس الذي يأتي تقييمه في الوقت الراهن في خانة الأرقام الفردية، إلا أن الأمر ليس كذلك على المستوى العالمي. ففي عام 2003 أظهر استطلاع للرأي رعاه الاتحاد الأوروبي أن الأوروبيين يرون أن إسرائيل أخطر على السلام العالمي من أي دولة أخرى. وفي عام 2006 أظهر استطلاع للرأي عن الحكومة الإسرائيلية أجري في 35 دولة، أن إسرائيل كانت صاحبة أسوأ صورة عامة في كل فئة من الفئات التي تم اختبارها. وفي عام 2012 بين استطلاع للرأي أجرته «بي بي سي» أن 50 في المئة من 24,090 شخص استطلعت آراءهم في مختلف أنحاء العالم، كانوا يعتقدون أن إسرائيل لها تأثير سيء على العالم. لكن صورة إسرائيل تأثرت بالأعمال الصادمة لشعور العالم بالعدالة والإنصاف أكثر من تأثرها بحملات العلاقات العامة السيئة التي قامت بها. فالزعماء الإسرائيليون هددوا مراراً وتكراراً بضرب إيران الموقعة على اتفاقية منع الانتشار النووي لقيامها بتطوير تقنية نووية لتصنيع سلاح نووي، رغم أن إسرائيل ذاتها لم توقع على تلك المعاهدة، وتمتلك ترسانة ترفض الإفصاح عن عددها من القنابل النووية. وبالإضافة لذلك، قامت إسرائيل بشن هجمات عديدة على قطاع غزة ولبنان وألحقت أضراراً جانبية جسيمة بالأبرياء فاقت بكثير ما تعرضت له هي من خسائر. كما أعلنت عن خطط توسع جهنمية في المستوطنات اليهودية في المواقع الحساسة من القدس والضفة الغربية. تلك السياسات والأفعال هي التي شكلت ملامح الصورة العالمية عن إسرائيل كدولة متحدية بدلا من أن تكون دولة شجاعة، ودولة ميالة للحرب والعدوان بدلا من أن تكون دولة عقلانية، ودولة خطرة بدلا من أن تكون دولة يمكن الاعتماد عليها. ويمكن إلقاء اللوم على نتنياهو وحلفائه بشأن العديد من التجاوزات الإسرائيلية، إلا أن هناك قوى ومؤثرات أعمق بكثير ساهمت في ذلك. ومن تلك الحقائق أن العقيدة الصهيونية التي قامت على أساسها الدولة لم تتطور على نحو تدريجي مع التغييرات الحادثة في العالم، وهو ما يجعل إسرائيل تبدو وكأنها غير قادرة على مواكبة الزمن. وإسرائيل على خلاف ما يقال ليست دولة علمانية، ولا هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة! إن أي أيديولوجية هي عبارة عن خريطة للتضاريس السياسية، تحدد مخاطر ومسارات التقدم، والعقبات والفرص. ونظراً لأن إسرائيل مرغمة على استخدام خريطة تنتمي للقرن التاسع عشر للإبحار في القرن الحادي والعشرين، فإن النتيجة المحتمة هي أن شعبها يجد نفسه الآن مشوشاً لدرجة تدفعه للخوف واليأس. لذلك يمكن القول إن إسرائيل بحاجة لخريطة جديدة تواكب الزمن: خريطـة لا تعرّف معاداة السامية كأساس لكافة المشكلات التي تعانيها، خريطة لا تضفي البطولة على أعمال اغتصاب الأراضي، وتعرّف إسرائيل بأنها دولة عادية معرضه مثلها في ذلك مثل أي دولة أخرى لارتكاب أعمال غبية ووحشية تحت مزاعم وأساطير قديمة، دولة من المرجح، مثلها في ذلك مثل أي دولة صغيرة، أن تدفع الأكلاف الرهيبة لعدم رؤية عيوبها الذاتية وتركيزها على عيوب الآخرين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©