الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا والصين: شراكة جديدة

روسيا والصين: شراكة جديدة
24 مارس 2013 23:22
فريد وير محلل سياسي أميركي لم يكن من قبيل الصدفة، أن يختار الرئيس الصيني المعين حديثاً «شي جينبينج» العاصمة الروسية موسكو التي وصل إليها في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، كي تكون محطته الخارجية الأولى. وخلال عطلة نهاية الأسبوع اجتمع «شي» في الكرملين مع الرئيس الروسي بوتين، ورئيس وزرائه ميدفيديف وغيرهما من المسؤولين الروس، لمناقشة قائمة المواد المعتادة على الأجندة التجارية المتنامية للبلدين والتي تتكون من: الغاز، والنفط، والأسلحة، والسلع الهندسية... من روسيا، مقابل البضائع الاستهلاكية من الصين. وتقول مصادر رسمية إن الجانبين قد وقّعا بالفعل على 30 في المئة من الاتفاقيات، وفي مجال الطاقة بشكل أساسي. وتكمن أسباب ذلك التطور الملحوظ في العلاقة بين البلدين في الشعور المتنامي بأنهما مدفوعان للتقارب سوياً، وذلك بتأثير الرياح الجيوبوليتيكية المتحولة، التي تبعد كل منهما عن الغرب، وتكثف في الآن ذاته من الحاجة لشراكة أكثر اعتمادية وتبادلا. وعندما وصل «شي» إلى موسكو يوم الجمعة الماضي، أكد بوتين على أن العلاقات بين روسيا والصين لم تكن في أي وقت أقوى مما هي عليه الآن، وأنها مهيأة لأن تصبح أكثر حرارة. وقال بوتين أيضاً: «حقيقة أن زعيم الصين الجديد اختار أن يقوم بأول زيارة خارجية له إلى بلدنا، فتلك حقيقة تؤكد الطبيعة الخاصة للشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين». ويشار إلى أن كل الأحاديث التي تكاثرت مؤخراً عن تحويل محور الاهتمام الأميركي نحو آسيا، قد جعلت الصين تخشى من أنها ربما تكون معرضة لخطر العزلة بفعل الضغط الأميركي. فمواجهتها مع اليابان حول جزر دياوايو -سنكاكو في بحر الصين الشرقي، مع ما يصاحب ذلك من خطر جر حليف اليابان الرئيسي، أي الولايات المتحدة، يمكن أن تكون قد دفعت بكين لتركيز اهتمامها على الخيار الأكثر مرغوبية، والمتمثل في تعزيز علاقاتها مع روسيا. ويعلق «ألكسندر كونوفالوف»، رئيس المعهد المستقل للتقييم الاستراتيجي بموسكو على ذلك بقوله: «الولايات المتحدة تحول محور أولوياتها من أوروبا لآسيا، وهو ما يؤشر على أن هناك احتمالا لبروز شكل ما من أشكال التنافس في هذه الساحة». أما الضغوط التي تدفع روسيا لتحويل اتجاهها شرقاً، فأكثر وضوحاً من مثيلتها الصينية. فخلال العام الماضي تحولت علاقاتها مع الولايات المتحدة من فاترة إلى متوترة، كما أن العديد من صانعي السياسة في موسكو يقولون إنهم لم يعدوا مهتمين حتى بالمحافظة على صداقتهم معها. أما الاتحاد الأوروبي الذي لم يزل -رسمياً- على رأس قائمة أولويات عقيدة السياسة الخارجية لروسيا، فإنه بات محاصراً بالأزمات المالية. ليس هذا فحسب، بل أنه يعمل فعلياً من أجل تقليص اعتماده على إمدادات الطاقة الروسية. وما زاد الطين بلة أنه حاول الأسبوع الماضي إنقاذ البنوك في جزيرة قبرص المتوسطية من خلال فرض ضريبة خاصة على الودائع المودعة في بنوكها، وهو ما كان سيسبب الضرر للآلاف من الروس الأثرياء الذين يحتفظون بحساباتهم هناك. وكما اتحدت روسيا والصين معاً في استخدام حق النقض «الفيتو» ضد قرارات مجلس الأمن الدولي التي يمكن أن تستخدم لإتاحة التدخل الغربي العسكري في الحرب الأهلية المحتدمة في سوريا، علاوة على أن الدولتين تتشابهان في حساسيتهما لأي نوع من أنواع «التدخل الإنساني» في أي بقعة من البقاع الساخنة في العالم. ولا يقتصر الأمر على ذلك بل أن الخبراء يقولون إن البلدين يتبنيان آراء متشابهة بشأن الكيفية التي يمكن بها احتواء الطموحات النووية لكوريا الشمالية، وبشأن الحاجة للاستعداد لمواجهة عدم الاستقرار الناشيء من أفغانستان بعد قيام الولايات المتحدة وحلفائها من دول «الناتو» بتقليص أعداد قواتهما العام المقبل. ويوضح «أليكسي بوشكوف»، رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما (مجلس النواب الروسي) ذلك بقوله: «هناك عدد من العوامل تتجمع في الوقت الراهن. فدولتان مثل روسيا والصين تنظران إلى مراكز القوى التقليدية- مثل الولايات المتحدة وأوروبا- وترى أن تلك الدول لا تستطيع أن تقدم إجابات على الكثير من الأسئلة حيث بات الجميع تقريباً يشعر بأن العالم القديم قد انتهى. وهذا السيل من الأحداث يدفع روسيا والصين بعيداً عن الاعتماد على العالم الأورو أطلسي. ففي خاتمة المطاف ما هو نوع النماذج التي يقدمها هذا العالم بعد أن قام تواً بمصادرة أموال من حسابات الناس». ويواصل بوشكوف:«روسيا والصين وغيرهما من دول البريكس تتطلع لنموذج جديد... علماً بأنهما ليستا مدفوعتين في ذلك بأي منطق مناوئ للغرب. هناك في الوقت الراهن أزمة ثقة. هناك شعور بأن دولنا قد تركت كي تتدبر أمر نفسها بنفسها، بعد أن لم تعد لديها أي مرجعية». «إننا- الكلام لا يزال لبوشكوف- نواجه تحديات جيوبوليتيكية من الغرب طوال الوقت، في حين لم نسمع من الصين أي شيء يجعلنا نقلق». ثم يواصل: «بالطبع كان الأمر سيكون مختلفاً لو أن الصين تغيرت وأصبحت دولة أكثر تعصباً من الناحية القومية وأكثر عدوانية. لكن، في الوقت الحالي على الأقل، نرى أن الصين قد أظهرت نفسها كقوة معتدلة، عقلانية نستطيع العمل معها». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©