الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أورلاشوف»... ثائر «الفولجا»!

24 مارس 2012
حُفر الطريق والنقل العام وفواتير الماء والكهرباء ووجبات المدارس... هذه بعض القضايا والمشاكل التي تحرك حملة الانتخابات المحلية في بلدة "ياروسلفال" الروسية، وهي المشاكل أيضاً التي تكمن في صلب استراتيجية المعارضة الروسية الساعية إلى تعرية بنية السلطة التي أقامها بوتين ويحركها من خلال رجاله في سائر المدن والبلدات الروسية. ومع أن انتخابات محلية في مدينة متوسطة مثل "ياروسلفال" اشتهرت بإنتاج عجلات السيارات والمشروبات والمحركات الإلكترونية قد لا تسترعي انتباه أحد في العادة، إلا أنها باتت رمزاً لتحدي سلطة بوتين، متخذة شكل حملة انتخابية شرسة يقودها مرشح يقول إنه مناهض للفساد، مستغلاً موجة الاحتجاجات السياسية التي عمت روسيا طيلة الخريف الفائت لتدعيم حظوظه والبروز باعتباره المرشح الأوفر حظاً والأكثر شعبية بين سكان المدينة. وهذا المرشح ليس أحداً آخر سوى ابن المدينة، "يفجيني أورلاشوف" الذي جعل من شعار "ردوا المدينة إلى أهلها" رمزاً لحملته الانتخابية واستطاع الانتشار ليس فقط بين سكان "ياروسلفال" البالغ عددهم 600 ألف نسمة، بل لقد وصل صداه أيضاً إلى العاصمة موسكو نفسها. ولم يحصر المرشح للانتخابات البلدية حملته على المشاكل المحلية مثل حفر الطريق وغيرها، بل تعداها إلى المشاكل البنيوية في روسيا المرتبطة بالفساد وثقافة الاستعلاء السائدة بين بعض الرسميين. ويعتمد نجاح النظام الانتخابي في روسيا على قدرة النظام على منع صعود المعارضة سواء بإقصاء المرشحين عند الضرورة، أو كبح تشكل الأحزاب الجديدة التي قد تتحدى السلطة القائمة، ولذا يمثل السباق الانتخابي على عمودية هذه المدينة الواقعة على نهر "الفولجا" والبعيدة بحوالي 160 ميلاً عن موسكو اختباراً حقيقيّاً لمدى قدرة المعارضة الروسية على الاستفادة من السياسة المحلية عقب الفوز الذي حققه بوتين في الانتخابات الرئاسية خلال الشهر الماضي. وفي هذا السياق يقول "أليكسندر كينيف"، الخبير في الانتخابات المحلية بمنظمة "جولوس" غير الربحية المعنية بتعزيز الانتخابات النزيهة، إن نجاح المرشح "أورلاشوف" في انتخابات العمودية المقرر عقدها في الأول من شهر أبريل المقبل ستكون له قيمة كبرى من الناحية الرمزية، وعن ذلك يقول: "إن قصة نجاح على الصعيد المحلي ستكون محفزاً حقيقيّاً بالنسبة للمعارضة وعاملاً مشجعاً على الحركة". وبالنظر إلى مسيرة "أورلاشوف" البالغ من العمر 44 سنة لا يبدو أنه شخص جديد على الحياة السياسية، فقد أمضى ثماني سنوات عضواً في مجلس المدينة. ومع أنه يملك القليل من الأصدقاء، إلا أنه أصبح أحد أشد المنتقدين لتجاوزات البلدية ومشاكل الفساد التي تنخرها، ولاسيما بعد التبذير الكبير الذي تورطت فيه البلدية في عام 2010 احتفالاً بحلول الذكرى الألف لتأسيسها، حيث جاءت الاحتفالات مع ذلك باهتة ودون المستوى. والآن يتنقل المرشح في حملته الانتخابية من منزل إلى آخر بعدما رفض أصحاب القاعات في المدينة تأجيرها خوفاً من السلطة، وهو ما اضطر "أورلاشوف" إلى الوقوف ساعات طويلة في البرد القارس لمناقشة قضايا المدينة مع الأهالي والإصغاء لشكاواهم. ومن بين الذين قدموا لسماعه "إيرينا بوروفا" التي تقول عنه: "أعتقد أنه سيفوز في الانتخابات، على رغم أنهم لم يسمحوا لنا في الماضي بانتخاب رجل نزيه"! وتأتي هذه الانتخابات البلدية بعد سنوات مديدة قضاها العمدة الحالي لمدينة "ياروسلفال" تعود إلى فترة الاتحاد السوفييتي السابق دون أن يهيئ من يخلفه. ويحاول "أورلاشوف" اليوم خوض الانتخابات بعدما سعى في السابق إلى مهادنة السلطة، مما دفعه إلى الانضمام لمدة قصيرة إلى حزب روسيا الموحدة الحاكم. لقد حصد "أورلاشوف" في الدورة الأولى من انتخابات العمودية 40 في المئة من الأصوات مقابل 27 في المئة حصل عليها مرشح حزب روسيا الموحدة الذي قدمه الحزب في آخر لحظة وعلى عجل لخوض المنافسة، وهو ما اضطر الاثنين للمرور إلى الجولة الثانية، وكان "أورلاشوف" قد صرح في لقاء صحفي بأن "السلطة تدعم أحد رجالها، فيما أنا أمثل شيئاً مختلفاً تماماً"، ولكن ليس جميع الناخبين بنفس التفاؤل والمثالية، "فستانيسلاف فولكوف"، العضو في مجلس المدينة يرى أن "أورلاشوف يعرف كيف يجذب الناس للتعاطف معه، إلا أنه في الإدارة ليس متميزاً. أما مرشح السلطة ياكوشوف فهو عملي ولا يفكر من خلال الشعارات، كما أنه رجل أعمال ناجح، ومع أنه محسوب على القلة المحظوظة في هذا البلد، يبقى أننا نعرفه". واليوم وفي ظل الشعبية المتصاعدة للمرشح "أورلاشوف" باتت السلطة في حيرة من أمرها لا تدري كيف تتعامل معه، حيث يخشى مؤيدوه أن تلجأ السلطة إلى إقصائه تماماً من المشاركة بقرار فوقي، فيما يتوجس آخرون من احتمال لجوء بوتين وأعوانه إلى طريقة قديمة تسعى إلى استيعاب "أورلاشوف" وتدجينه. ويل إنجلوند - روسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©