الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كان» تتحول إلى مدينة سينمائية تنبض بالأحداث

«كان» تتحول إلى مدينة سينمائية تنبض بالأحداث
20 مايو 2010 21:40
عام 1946 أي قبل ثلاثة وستين عاما بدأ مهرجان سينمائي في مدينة فرنسية صغيرة اسمها كان، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقة بينهما على أشدها، لدرجة أن صار اسمها مقرونا بمهرجانها. ففي كل عام من هذا الوقت تفتح المدينة أبوابها مرحبة بضيوفها من كل بقاع الأرض. في كل شبر من مساحة ساحلها هناك سينما ونجومها من ممثلين ومخرجين يمشون على بساط أحمر، يفرش على شرفهم، فيما الصحفيون منتشرون يسعون لتغطية ما يجري فيها من أحداث. وبلغ عدد الصحفيين هذا العام قرابة 4000 صحفي، في حين لم يتجاوز عددهم في عام 1963 الثلاثمائة. أما ميزته الأكبر فتكمن في جمعه الفن بالتجارة، حيث تعقد في سوقه صفقات تجارية. وعلى المستوى الشعبي يحتفل سكان المدينة وضيوفها كل يوم حتى الصباح، فأيامه هي عرس حقيقي، سينمائي وشعبي، ومن يصل إليها يشعر وكأنه وصل إلى الفردوس السينمائي العجيب. والمهرجان حقل نشاط لا يتوقف؛ رجال الإعلام يلاحقون نجومه ويسجلون كل شاردة وواردة والنقاد يجدون في أفلامه زادا يتزودون فيه طيلة عام تقريبا، والسبب أن “كان” يمنح أفلامه غالبا تزكية تميز، فمن يدخل في مسابقاتها كأنه دخل إلى حلبة صراع الكبار. فـ”كان” هو المهرجان المؤثر على الدوام، وقلما يتأثر بعوامل من خارجه إلا نادرا كما فعل بركان آيسلندا إذ وقفت رياح بركان آيسلندا هذا العام في وجهه، وحد دون شك من حركة الواصلين إليه، ومع ذلك ظلت حركة المهرجان دون تغيير كبير. فالحصول على أمكنة في الفنادق ليس بالأمر الهين مع كل غلاء أسعارها، فكان مدينة اقترنت بالثراء دوما وزوارها خارج أيام المهرجان هم من أثرياء العالم. ولأن الطلب شديد على مساكنها فكثيرا ما يؤجر أصحاب الشقق من أبناء المدينة شققهم مؤقتا لضيوف المهرجان فيختلط سكان عماراتها الأصليون بجنسيات وألوان من البشر تضفي على المدينة جمالا نادرا. العرب لهم حضورهم في هذا العرس، والضيوف منهم يتغيرون من عام لعام إلى آخر، باستثناء عدد من الصحفيين والنقاد الذين اعتادوا الحضور إليه سنويا، ولذلك فوجود معشر الصحفيين العرب والنقاد ملحوظ ومميز. ومع أن المشاركة العربية تنحصر غالبا بعروض سوق الأفلام، فإن بعض شركات إنتاج عربية تفتح مكاتب لها، تعرض فيها بضاعتها السينمائية. ومع كل هذا التنوع المدهش لم يعرف مهرجان كان توجها نحو سينما معينة أو اتجاه سياسي وفكري خاص. واتسم المهرجان ببحثه الدؤوب عن النوعي والخاص، فكان سباقا لعرض الأفلام الطليعية والجيدة الصنعة. وبالرغم من هذا يخرج دائما كلاما أقرب إلى التخمين حول برنامجه. كما يتعكز الكثيرون على قلة الأفلام الأميركية في هذه الدورة واعتبروها مؤشرا على ميل لدى المشرفين عليه لتضييق مساحة هوليوود، غير أن الإصرار على اختيار “روبين هود” كفيلم افتتاح خارج المسابقة يظل دليلا على استئثار هوليوود بـ”كان”. ورغم أن هذه الاختيار كان موضع تساؤل خاصة أن عرضه ترافق زمنيا مع عروضه الدولية الأخرى ما أثار تساؤلا حول معنى عرض فيلم في “كان” سيعرض في ذات الوقت على صالات العرض المحلية في أكثر من مكان، وعن قصة معروفة سلفا للجميع، اشتغلها قبله أكثر من مخرج. ربما معالجة ريلي سكوت تكفلت بالإجابة على هذا الأسئلة لأنها انطلقت من سرد مختلف لسيرة روبين هود التاريخية، حيث عاد إلى بداية حياته وليس من طرحه كمتمرد وخارج عن القانون يسلب من الأثرياء ويوزع ما جناه على الفقراء. في هذا الشريط حاول المخرج ريدلي سكوت بناء الشخصية وفق تطورها التاريخي، مع السعي إلى نقل أفكارها وعرض الأسباب التي دفعته لمعارضة مملكته والتي كان من أكثر المخلصين لها. من بين ما يثيره فيلم روبين هود معارضته للحروب الصليبية ودعوته للكف عن إيذاء أبناء فلسطين الذين لقوا الويل على أياديهم، ثم دعوته إلى الليبرالية وتصحيح العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ولكن ومع كل هذا لم تأت محصلته على مستوى المنجز البصري المطلوب، مع ما فيه من استثمار للتقنية عالي المستوى.
المصدر: كان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©