الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أعراس» دفتا تتمسك بأريج التقاليد

«أعراس» دفتا تتمسك بأريج التقاليد
28 مارس 2011 20:21
لا يزال أهل دفتا محافظين على أبسط المفردات الشعبية، وعلى ما يتبعها من أدوات وعادات وتقاليد، على الرغم من التطور الذي دخل إلى تلك المنطقة التي تتبع إمارة رأس الخيمة، حيث أصبح غالب سكان المنطقة من المثقفين وتخرج عدد كبير من أبناء المنطقة، ومنهم كثيرون يحملون درجات في الماجستير والدكتوراه، وترتدي الفتيات والزوجات الشابات أحدث الأزياء، وفي كل منزل اليوم أحدث التطورات التقنية التي دخلت، لحاجة الرجال والنساء العاملين في وظائف مختلفة لتلك التقنيات. كل ذلك لم يغير أو يلغي أجمل العادات التي يحبها أهالي المنطقة، وهي التعاون في شؤون حياتهم اليومية، والإبقاء على بعض العادات المتعلقة بالأعراس، وقد قامت شيخة الوالي ابنة أحد وجهاء العائلات المعروفة في دفتا، بتنفيذ يوم “الزهبة” في منزلها، حيث تعتبر شيخة خبيرة في جمع التراث المادي وغير المادي، وكانت ترغب في عرض تفاصيل اليوم الذي تقوم فيه أم العروس، بعرض كل ما تم شراؤه من مستلزمات للعروس. في حوار معها في منزلها وسط مجموعة من السيدات والفتيات، قالت شيخة: إن كثيراً من الأمهات لا يزلن إلى اليوم يحرصن على تخصيص يوم “المكسار” أو “الزهبة”، وهو يوم تعرض فيه تجهيزات “جهاز” العروسة، وتتضمن تلك المستلزمات القطع القماشية والأعشاب والعطور، وفي هذا اليوم تقيم لهن الأم وليمة غداء. أحداث المكسار تكمل شيخة الوالي قائلة: كانت كل أم تعرف أن الصديقات والقريبات حين يأتين من الصباح ويتناولن فطوراً أعدته لهن ولن يغادرن إلى وقت متأخر، وذلك لأنهن سوف ينقسمن إلى مجموعات، حيث تقوم كل اثنتين أو ثلاث بدق أوراق الحناء من أجل تخضيب كفي العروس فيما بعد، وتتناوب النساء في تلك المجموعة على عملية دق الحناء وسحقها حتى تصبح بودرة ناعمة، ثم تنخل كي تصبح ناعمة لزجة عند العجن، ثم يفعلن ذلك الشيء مع أوراق الياس العطرية والمحلب، وهو ما يستخدم لزينة وتعطير الشعر، كما يتم سحق أزرار الورد الجوري المجففة والزعفران من النوع الفاخر، لأنها من العطور الخاصة إما للشعر أو للجبين والصدغين. تزيين الزهبة تكمل شيخة الوالي: إن مجموعة أخرى لا يقل عددهن عن اثنتين يعملن على حبك بعض الخيوط لصنع شرائط قماشية سوف تزين بها أثواب العروس وهي عملية تطريز الثوب يدويا، وأخريات يصنعن البراقع لأن كل عروس كانت ترتدي البرقع الإماراتي قبل الزواج بعد دخولها مرحلة البلوغ، وتعمل بقية السيدات في تفصيل وخياطة الأثواب والسراويل، وقد تستمر الأمهات والصديقات من الأهل والجيران في العمل لأيام عدة، لأن عملية التعاون تجعلهن ينجزن العمل بسرعة. تتابع شيخة: كل أم تعلم أن الدور سوف يأتي عليها لتكون ذات يوم بحاجة لصديقاتها، ليشاركنها تجهيز وخياطة كل مستلزمات العروس، ولذلك لا تتخلف النساء عن تلك الدعوة، وبالنسبة لأم المعرس أو كما يقولون اليوم العريس، فإنها في منزلها لها أيضاً استعدادات خاصة، لأن أثواب العريس تحتاج إلى عناية خاصة، ومنها أن يتم تحويل بعض الكنادير التي سوف يرتديها المعرس، إلى ما يعرف بالثوب “المورّس”، وذلك يعني نقع الثوب في عشبة الورس العطرية وهي تجعل الثوب ملوناً بالأصفر وتنبعث منه رائحة عطرية عشبية محببة. تباين مع الحاضر من الزهبة التي لا بد أن تكون في صندوق العروس العطور والأمشاط وأنواع عربية من العطور، كانت ولا يزال بعضها يؤتى به من الهند، ولكن اليوم لم تعد الفتيات راغبات في العطور العربية، وقد أصبحن يذهب إلى المدن مثل مدينة الفجيرة نفسها أو الشارقة ودبي للشراء من أفخر المراكز التجارية، وقد استبدلن القديم بأفضل الماركات حتى أنهم يجلبن العطر مع الرائحة ذاتها من الصابون والكريمات الخاصة بالعطر، وحين تقرر أي أم إقامة المكسار فهي تعرض كل الجهاز الحديث، حتى الذهب وهو يتضمن الحديث مع القديم، لأن الأم تحب عدم التخلي عن شراء مصاغ على الطريقة العربية، وهو يحمل نقوشاً وأحجاراً تعكس الطابع التراثي القديم. وتستدرك شيخة الوالي قائلة إن كل ملابس العروس كانت على هيئة قطع قماشية وكل شيء تتم خياطته على يدي الأم وصديقاتها وقريباتها، ولكن اليوم الكثير من الفتيات يفضلن الجاهز، إلا أنهن لا يستغنين عن شراء القطع القماشية، المصنوعة من الحرير ومن القطن من أجل تطريزها وخياطتها على شكل أثواب ذات طابع محلي تراثي وبعضهن يدخلن الطراز المغربي أو المكسي الفرنس”الثوب الطويل المنسدل من دون تطريز”. حناء الرجال تقوم أم المعرس أيضاً بتحضير شيء من الحناء له، لأن الرجال قديماً كانوا يحرصون على وضع الحناء في قاع قدمي الرجل، وفي الكفين لأنهم يؤمنون أن السلف الصالح كانوا يفعلون ذلك، وربما ترك الكثيرون اليوم تلك العادة، ولكن أيضا هناك من يحرص على فعلها حتى وإن كان خريجاً جامعياً، لأنه يرغب في تتبع أثر السلف وكي يجعل أسرته فرحة، وفي الوقت ذاته يكون لون الحناء في كفيه دليلاً على أنه عريس، مع أن البعض تركها مدفوعا بالخجل أو لأنهم لا يرغبون في أن يكونوا مثار تساؤل عند عودتهم إلى وظائفهم. العرس التراثي «التعاوني» الأهالي لا ينتظرون من يقوم بدعوتهم للمشاركة، لأن ذلك يعد أمراً لا يتوافق مع نظرية أن الأهالي جميعهم أسرة واحدة، والأسرة الواحدة لا تدعو الفرد من داخل البيت الواحد للمشاركة، وإنما ذلك واجب على كل فرد يشعر أنه عضو في الأسرة، ولذلك بمجرد أن يعلن عقد قران كريمة إحدى الأسر، يذهب الجميع للتهنئة، خاصة أن الغالبية يعقدون قرانهم بعد صلاة الجماعة في المسجد.ذكرت شيخة أن اليوم الوحيد الذي ترسل فيه الدعوة للمشاركة هو يوم المكسار أو الزهبة، لأن على أم العروس أن تستعد له لاستقبال السيدات، ومن ثم ترسل من ينوب عنها لإخبار القريبات والصديقات من الجيران بموعد يوم “المكسار”، وتأتي السيدات لحضور يوم عرض الزهبة والبدء في العمل لإنهاء متطلبات زهبة العروس، وتكون العروس خلال تلك الفترة مكنونة لا تظهر على أحد إلا أسرتها التي تقيم معها، وأيضاً الخالات والعمات حتى تتجهز نفسياً وتخرج عليهم في أبهى صورة يوم زفافها. نكهة تراثية توضح لنا شيخة الوالي الخبيرة في التراث أن أهالي دفتا على الرغم من التطور وتبدل بعض الأمور، إلا أن العرس في دفتا لا يزال يحافظ على نكهته التراثية، حيث تقام الولائم وخلالها الكل يكون في عمل جماعي في شكل من أشكال التعاون، حتى وإن كان الطعام الخاص بالولائم معداً في المطابخ الشعبية، وإلى اليوم يتشارك الرجال في الرزيف تعبيراً عن فرحتهم بزواج أحد أبناء المنطقة. وكل أم تعلم أن الدور سوف يأتي عليها لتكون ذات يوم بحاجة لصديقاتها، ليشاركنها تجهيز وخياطة كل مستلزمات العروس، ولذلك لا تتخلف النساء عن تلك الدعوة، وبالنسبة لأم المعرس أو كما يقولون اليوم العريس، فإنها في منزلها لها أيضاً استعدادات خاصة، لأن أثواب العريس تحتاج إلى عناية خاصة، ومنها أن يتم تحويل بعض الكنادير التي سوف يرتديها المعرس، إلى ما يعرف بالثوب “المورّس”، وذلك يعني نقع الثوب في عشبة الورس العطرية وهي تجعل الثوب ملوناً بالأصفر وتنبعث منه رائحة عطرية عشبية محببة.
المصدر: دفتا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©