الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا تنس

لا تنس
24 مارس 2012
في كتاب أميركي ساخر، كان البطل كلما طلبت منه أمه عملاً ما، يقوم بتذكير نفسه بطريقة بسيطة. يقول البطل إن كتابة وريقات صغيرة يكتب عليها المطلوب منه عمله تكلف ورقاً وجهداً لا داعي لهما، لذا طريقته بسيطة جداً.. كلما طلبت منه أمه شيئاً ألقى بوسادة من على فراشه في أحد أركان الغرفة. في الصباح ينهض من النوم فيتساءل عن سبب وجود هذه الوسادة هنا.. ثم يتذكر ما طلبته أمه ليلاً وينفذه. ذات مرة نزع جوربيه المتعفنين ووضعهما على جهاز التلفزيون حتى يتذكر شراء أشياء طلبها أبوه.. تخلص أبوه من الجوربين فوراً، وكانت النتيجة أنه لم يقم بما هو مفترض منه.. يرى البطل أن من يستحق اللوم هو أبوه الذي تخلص من الجوربين... هنا يبلغ ذهولي أقصى درجة له؛ لأن هذه كانت طريقتي بالضبط في تذكر الأشياء. من أخبر هؤلاء الغربيين بأدق أسرار طفولتي؟ في أيام المدرسة كنت أقذف قلماً أو كتاباً في ركن الغرفة.. وفي الصباح أجده فأتساءل عن سبب إلقائي به هناك من ثم أتذكر المطلوب مني.. جربت طريقة الورق كثيراً فيما بعد.. لكن هناك مشكلة دائمة هي أن الورقة تضيع عندما تريدها.. المشكلة الأخرى هي أن خطي لا يُقرأ.. وعلى الأرجح أعجز عن قراءة أي شيء كتبته بعد نصف ساعة من كتابته، ثم إنني أكتب رموزاً يستحيل فهمها.. ذات مرة قضيت ساعات أحاول فهم عبارة «احضر المرأة»، ثم تبين أنني أذكر نفسي بأن أجلب المرآة التي أرسلتها لتركيب إطار لها.. أما عن قصاصات الورق الصغيرة التي تلتصق، والتي يثبتونها على شاشة الكمبيوتر أو مرآة الحمام فلتنسها.. إنها تسقط دائماً من تلقاء نفسها وفي أسخف الأوقات طراً... ثم تلتصق بقدم ابنك الحافية فيقرأ ما فيها ليعرف أدق أسرارك.. هناك طريقة أن تبرمج الهاتف المحمول ليذكرك، لكنك تنسى أن الشحن الكهربي ينتهي دائماً في الوقت غير المناسب. عندما تضبط الهاتف المحمول ليذكرك بموعد الطائرة فأنت تنتحر؛ لأنه لن يدق أبداً.. وبالطبع، لا تطالبني بتعليق ورقة تذكرني بشحن الهاتف المحمول.. الحياة لا تحتمل هذا التعقيد.. هكذا تظل طريقة إلقاء الوسادة من أكفأ الطرق.. في أيام الدراسة، كانت هناك طريقة فعالة جداً، هي أن أضع لوناً على القانون الرياضي الذي أريد أن أتذكره. المشكلة هي أنني كنت أستعمل اللون الأسود لهذا الغرض!.. وقد راقبني معلم الرياضيات وأنا أراجع بعض الصفحات في الكتاب، فتساءل في حيرة: - «ما هو القانون الرياضي الذي قمت بحذفه؟.. لم نحذف أي قوانين رياضية لهذا العام». قلت له في بساطة: - «بل قمت بشطبه باللون الأسود لأتذكره!» عاد يكرر العبارة محاولاً فهمها: - «إذن أنت قمت بشطب هذا القانون بالقلم الأسود السميك حتى لا تنساه!» قلت في كبرياء: - «نعم» لو كان علي أن أقنع كل واحد أني لست مجنوناً كما يحسبون فلن يصير لدي وقت لأي شيء آخر. أنا أذكر القانون، لكني أنسى استعماله.. لكن بهذه الطريقة صارت هناك «لطخة» سوداء لا يمكن نسيانها أبدًا... طبعاً هذه الطريقة غريبة، لكنها ليست أغرب من طريقة تمزيق الصفحة المهمة في الكتاب.. وهي طريقة فعالة جداً. عندما أجد أنه لا يوجد شيء بين صفحتي 120 و130 أتذكر على الفور ما كان يحويه الجزء المحذوف.. هناك كذلك طريقة ممتازة وبسيطة جداً: أن تتذكر ما هو مطلوب منك. لكن القليلين جداً من سعداء الحظ هم من يقدرون على تطبيق هذه الطريقة الممتازة. أنا لست منهم بالتأكيد ولا أحسبني سأكون منهم أبداً. د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©