الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
9 سبتمبر 2009 23:29
وتبقى لعبة مهما تعقدت فصولها، ومهما نأت طقوسها عن مدارك الطفولة وبراءتها، تبقى لعبة وإن تعقدت شروطها، وتنوعت انعكاساتها، وأضيفت إلى المسميات الكبيرة، فقيل عنها: لعبة الحياة، ولعبة الحرب، ولعبة الدول، ولعبة الموت، ولعبة الزمن، ولعبة التاريخ، و... هي لعبة تجد أبهى تجلياتها في كرة تعشق الدوران، وفي انقسام الناس حولها وسعيهم الجنوني للاستئثار بها، وصولاً إلى توقهم الأزلي لدفعها نحو الاستقرار داخل شبكة مخادعة، بقدر ما تبدو محايدة.. لأنَّها لعبة فهي تحيل اللاعبين إلى خصوم مفترضين، وتجعل قلة من بينهم حلفاء مؤقتين لبعض، الجميع ينشد الفوز الذي يلوح في البعيد سراباً متوهجاً، والجميع يستمتع بجرعات الوهم التي تمدهم بها على هيئة ومضات من الأمل الكاذب، لا يكاد سراجه يضيء حتى يعاوده الانطفاء. ندرك منذ البدء أنَّها لعبة، وأنَّه لا يجدر بنا أن ننسى كونها كذلك، لكنَّنا غالباً ما نفعل، ونأخذها على محمل من الجد يتجاوز حاجتها، هي تفترض منطق الفريق المتكاتف، الذي يحمل أعضاؤه بعضهم على وهم الأحسن، تستدعي انسجاماً سحرياً بين أبناء الجهة الواحدة، تغاضياً عن الصغائر، وتخلياً عن توافه الانانيات.. وتستوجب كذلك حباً جارفاً من قبلهم لكره الآخرين.. يتقنها البعض فيحسنون التناغم في ما بينهم، يعرفون كيف يتنازلون، ولو خلال فترة دورانها فقط، عن رواسب ذاتية تزخر بها شخصياتهم الآدمية، يحظون جراء اتقانها بنعمة الفريق التي يُكافأون عليها ربحاً وفوزاً ونصراً، ويقصر عن نيلها آخرون فيتلقون العقاب على هيئة خسارة وفشل وهزيمة.. مثل هؤلاء العاجزين عن التنكر لنقاط ضعفهم، ولو على امتداد شوط من اللعب، محكومون بالدوران في دوامة الفرص المهدورة.. وإن كان يحلو لبعضهم التذرع بضرورات اللعب النقي، اللعب الذي لا تشوبه شائبة من قوانين وضوابط تخرجه من دائرة كونه لعباً، أي نشاطاً متاخماً للعبث الكلي.. بعض أنواع اللعب يدور في ملعب العقل، فكرة تتقاذفها الإرهاصات والاحتمالات، تسير متخطية دفاعات الخصوم، تجد لها مناورين يعبرون بها المسافات القصية، يضفون عليها الحماية من تقلبات الأمزجة، ثمَّ يدخلونها هدفاً في مرمى الانجازات الباهرة، يفعلون ذلك قبل أن يطلق حكم العمر صافرته، معلناً انتهاء المباراة، ومذكراً المندمجين اللاهثين، المتصببين عرقاً، والمتهالكين جهداً، أنَّ الأمر برمته لا يعدو كونه لعبة!! علي العزير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©