الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدلة خشيبون: لا حرية ولا وطن بلا ضمير

عدلة خشيبون: لا حرية ولا وطن بلا ضمير
22 يناير 2009 00:32
حين تلتقيها فإنك تحتار، هل تتحدث مع الإنسانة أم الكاتبة المبدعة التي تكتب نصوصاً لا تتجاوز نظرتها للإنسانية· عدلة شداد خشيبون، اسم يحمل بعضاً، فهي من قانا الجليل بلد المعجزة الأولى· تتحدث عن نفسها برومانسية، فهي ولدت في ليلة عاصفة من كانون، صفّرت فيها الرياح عالياً· دقّ قبل الولادة بأيام جرس كنيسة ينبئ الناس بحلول عيد الميلاد المجيد، فأسرعوا للصلاة، بينما أسرعت أمها للمشفى· أكملت سنواتها الأولى بهدوء وسكينة· أحبت الحرف والمعنى منذ نعومة أظفارها فكتبت كل ما شعرت به، وكانت كتاباتها بداية تنطق باسم أختها المريضة، وكأنها تقمصت شخصيتها، وبعدها شعرت بأن كل شخصية تعاني تخصها، فكتبت عنها، حيث رزقها الله بشقيقتين إحداهما كفيفة البصر فكرست قلمها للكتابة عن معاناة أمثالها· عن تجربتها الكتابية جرى هذا الحوار: ؟ حين قرأت لك وجدتني أصفك بالقاصة الرمزية فما هي حكايتك مع الرمز؟ ؟؟ في نصوصي دائماً الرمز موجود، فلكل حرف رمز وكل يفسر الرمز بطريقته وحسب عملية الإسقاط، لا يحدد الكاتب عامة الرمز، الرمز يحدد القارئ، انطلاقاً من أن كاتب النص يموت بعد أن يضع بصمته الأخيرة على نصّه، والقارئ هو الذي يحيي النص من جديد· وهذا ما حصل بقصّة ''سُعاد'' وهي آخر ما كتبت· فعملية فك الرموز تتعلق بالقارئ وفقط بالقارئ شرط أن يكون تفسيره ضمن المنطق· ؟ ماهو مفهومك للإنسانية ضمن طرحها في كتاباتك؟ ؟؟ أحب كل من يرفع علم الإنسانية عالياً، لا يهمني الدين ولا القوميّة، فلي أصدقاء من كل القوميات والديانات، فمثلاً في قصتي ''سعاد'' تجدين أن سعاد هي الإنسانية المعذبة، والحبيب هو الضمير الذي ما زال يعيش ولم يمت بعد، وحيداً في بحثه عن عالم الجمال في حديقة غناء· ؟ يمكن القول إن عدلة رغم جنوحها للرمزية في كتابتها إلا أن رمزيتها بسيطة فما هو تفسيرك لهذا أو كيف استطعت إمساك العصا من المنتصف؟ ؟؟ ألجأ في كتابتي إلى الرمزية الجميلة التي يمكن وصفها بالسهل الممتنع من أجل إيصال فكرة ببناء قصصي سهل، لكنه يخفي وراء رموزه الهدف، وإن أعطى للقارئ المؤشرات حتى لايتيه في البحث ويلقي بالنص جانباً، أو يمل القراءة، لا أحب الرمزية المغرقة بالتخفي التي يضيع معها القارئ البسيط· ؟ إذن تقودنا عدلة إلى مفهوم الضمير في كتاباتها؟ ؟؟ الضمير هو البداية للحرية، بدون الضمير أنت عبد ولو تخيلت أنك حر، فالضمير هو الوطن الذي تصبو كل نفس إليه، الضمير هو الفكرة، هو الحرية، الضمير لا يخشى قسوة البشر، فهو الموجّه وهو القوي الذي لا يخشى سوى ربي بارئ الكون· ؟ الرجل في حياتك كان له اختيار خاص حسب ما رسمته في بعض كتاباتك، الرجل الحلم الذي عثرت عليه بعد طول بحث؟ ؟؟ أحببت من الرجال ذاك الشجاع القوي، صاحب الفكر الحر الذي يحترم نفسه من خلال احترامه لأمه وأخته ثم شريكة حياته، فكان اختياري صعباً ولكن أخيراً رست نفسي لتعانق نفساً أخرى تبادلها الشعور، فكان زواجي، ورزقني الله بطفلين جميلين هما أروع ما أهداني إياه الله· ؟ ماذا تقولين في وداع محمود درويش؟ ؟؟ للغائب الحاضر محمود درويش كتبت التالي: عندما تعجّ المواقع بخبر واحد، وتمتلئ الصحف بنعي واحد عندما تدمع عيون الملايين لسبب واحد وتنفجر القلوب حزناً، لسبب واحد عندما تشاهد الجنازة في أكثر من فضائية وترى المذيع لا يقوى على نقل الخبر عندما تصمت الأفواه عجزاً، عندما يدقّ جرس الكنيسة حزناً ويرفع في ذات الوقت صوت الآذان عندما يلفّ رام الله شريط أسود والكل إلى رام الله يشد الرحال ورام الله حزينة حزينة·· كغير عادتها حزينة·· وعندما تغلق أبواب القلوب معلنة عدم دخول الفرحة وتعلن الثغور عصيانها عن الابتسام عندما نكون في أمسية شعرية ولا يكون·· عندما يعلن نبض الحياة التوقف بلا سابق إنذار··· ويدنو الموت ينتزع وهج النهار عندما نأخذ لرام الله حفنة تراب من تراب البروة لنغطي الجسد المسجى هناك نتأكد أن الموت لا يرحم لا ولا يُبقي للثورة إلا عنواناً عندما تحن كل قطعة أرض لتأوي جسداً نعلم أنه هو محمود درويش قد مات عندما تقرأ هذه الكلمات: ''للمنفى أسماء كثيرة، ومصائرُ مُدمّرة قد لا ينجو منها إلا بعض الأفراد الذين لا يُشكّلون القاعدة· أما أنا، فقد احتلّني الوطن في المنفى· واحتلّني المنفى في الوطن·· ولم يعودا واضحيْـن في ضباب المعنى· لكني أعرف أني لن أكون فرداً حراً إلا إذا تحرَّرَت بلادي· وعندما تتحرَّر بلادي، لن أخجل من تقديم بعض كلمات الشكر للمنفى'' تتيقن أنّ محمود درويش قائلها
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©