الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كتاب منافع الحيوان يضم 94 صورة على الطريقة الصينية

كتاب منافع الحيوان يضم 94 صورة على الطريقة الصينية
9 سبتمبر 2009 23:25
كتاب «منافع الحيوان» لمؤلفه ابن بختيشوع من أهم الكتب التي عني المسلمون بانتاج نسخ مخطوطة منها زينت دوما بالتصاوير التي توضح موضوعاتها الشائقة، ولدينا في متاحف ومكتبات عالمية نسخ مختلفة من هذا الكتاب بعضها باللغة العربية والبعض الآخر من ترجمات للغة الفارسية• والمؤلف مسيحي نسطوري الأصل وهو عبدالله بن بختيشوع، ولد لأسرة علمية اضطرها الاضطهاد الديني لمذهبها في بيزنطة الى مغادرة اوطانها لتعيش في مدينة جنديا بور بخوزستان «جنوب غرب ايران» ومارست نشاطا كبيرا في ترجمة النصوص اليونانية إلى اللغة العربية ابان ازدهار نشاط الترجمة في العصر العباسي الاول• وعمل ابن بختيشوع كطبيب مواصلا بذلك مهنة أجداده الذين عملوا لبعض الوقت في خدمة بلاط الخلفاء ببغداد بدءا من عهد الخليفة المنصور وحتى عهد الدولة البويهية• وقد لقيّ كتاب ابن بختيشوع المعروف باسم «منافع الحيوان» انتشارا وذيوعا كبيرين في العالم الاسلامي ويتناول المؤلف في الكتاب «الانسان والحيوان» بالطريقة المنهجية نفسها التي طبقها العالم اليوناني ديسقوريدوس على النباتات لكنه يخالف ذلك المنهج في كثير من الحالات فيضم داخل مادته العديد من الاساطير الشعبية والخرافات• ومن المعروف ان ابن بختيشوع صنف مؤلفه باللغة العربية وظلت النسخ العربية منه متداولة حتى نهاية القرن السابع الهجري، ولم تتم ترجمته إلى الفارسية إلا في عصر ايلخانات المغول تحت تأثير هيمنة النخبة الفارسية على أروقة الحكم وفرضها الفارسية لغة رسمية للبلاط إلى جانب الايغورية التي كان المغول يتعاملون بها في الدواوين الرسمية• وتشير المصادر التاريخية إلى ان السلطان المغولي غازان محمود كان قد أمر أحد أصحاب اللسانين «العربي والفارسي» وهو عبدالهادي بترجمة الكتاب إلى الفارسية وقد وصلت إلينا نسخة مبكرة من هذه الترجمة يرجح أنها ذات النسخة الأصلية للترجمة التي انجزها عبدالهادي• وتم نسخ وتصوير هذه المخطوطة في «مراغة» العاصمة الاولى للمغول في إقليم اذربيجان لتوضع في مكتبة السلطان غازان محمود، ومن المعروف ان هذا السلطان حكم إيران فيما بين عامي 694 هـ و703 هـ وفي عهده تم اقرار الإسلام كدين رسمي للنخبة المغولية ويرجح علماء فن التصوير الإسلامي ان هذا المخطوط انتج بين عامي 697 هـ و699 هـ وتحتفظ مكتبة مورجان في نيويورك بهذه النسخة الفارسية النادرة من كتاب «منافع الحيوان» وترجع اهميتها إلى أنها من بواكير المخطوطات التي تم انتاجها بعد سقوط بغداد في ايدي المغول عام 656 هـ - 1258م. المدرسة المغولية ويظهر في تصاويرها التي بلغ عددها 94 صورة تأثير التصوير الصيني على التصوير الاسلامي، ويعود ذلك التأثير إلى ان المغول كانوا يستخدمون الفنانين الصينيين للعمل في خدمة البلاط وترك عملهم اثرا كبيرا على اعمال المصورين المسلمين، حتى ادى الامر خلال سنوات قليلة إلى وظهور مدرسة تصويرية جديدة في مجال تزيين المخطوطات بالصور عرفت باسم المدرسة المغولية خاصة مع رسم الاشخاص بملامح مغولية لها عيون منحرفة• وينظر علماء الفنون الى هذه النسخة الفارسية من كتاب «منافع الحيوان» باعتبار ان تصاويرها تمثل المرحلة الانتقالية بين تقاليد مدرسة التصوير العربية وخصائص المدرسة المغولية في التصوير• فالصور الاولى التي تتناول الانسان ومعظم البهائم فيها استمرارا للتقاليد العربية في التصوير وبخلاف هذه الصور فإن بقية المخطوطة تضم انتاج عدد من المصورين الذين تأثروا بدرجات متفاوتة بمختلف اساليب التصوير الصيني• ودفع هذا التباين العالم ايتنجهاوزن الى الاعتقاد بأن فنانين من أصول مختلطة اتجهوا الى المراغة للعمل في انتاج المخطوطات المصورة، والى هذه الطائفة من الفنانين ينتمي رسام من جنوب العراق ظل يواصل الرسم حسب التقاليد التي الفها في موطنه الاصلي كما في رسم لفيلين يقفان على ارضية عشبية ايضا رسام اخر قد يكون ايغوريا رسم صورة طبقا لتقاليد الفن الصيني كما في صور الخيول بهذا المخطوط وفي عدد من تصاوير المجموعة الاولى المنتجة طبقا لتقاليد المدرسة العربية نلاحظ ذات المشاركة التي تخص الادراك الحسي الدقيق لصفات الحيوان، مثلما نراها في تصوير الواسطى في مقامات الحريري لقطيع من الابل. فالفنان العراقي الذي رسم الفيلين رسمهما بحيوية اكثر مما يتوقع ان نجدها في تصاوير مخطوط علمي، ولهذه التصويرة جاذبية خاصة، اذ نرى فيها مظهرا جديدا غير متوقع وهو التحول الكلي لطيات الجلد الى صفوف من الخطوط الملونة، على ان الميل نحو تغيير عنصر طبيعي الى شكل زخرفي له سوابقه في تقاليد مدرسة التصوير العربية ولاسيما عند التعبير عن طيات الملابس• المزج بين العربية والمغولية أما المجموعة الثانية من الصور فنرى في البعض منها ذلك المزج بين التقاليد الفنية العربية والمغولية مثلما هي الحال في تصويرة من ذات المخطوط تمثل محاربا مغوليا يضرب رأس الحيوان الخرافي المعروف في الشرق الآسيوي بالتنين قبل ان يهاجم سيدة تجلس هادئة في هودج او كرسي على مقربة من فرس• واذا كان الفنان هنا قد حافظ على خط الأرض العشبي المألوف في تصاوير مدرسة بغداد، الا انه تأثر بالمصورين الصينيين عندما قسم صورته الى مقدمة متسعة تمثل الارض وخلفية تمثل السماء وكأنها ستارة معلقة ودون تسجيل لخط الافق او نقطة تجمع خطوط النظر فضلا عن استخدام بعض المفردات الصينية الصميمة مثل عنصر السحاب الصيني «تشي» ورسوم الصخور الاصطلاحية• ومن تصاوير هذه المجموعة الثانية ايضا واحدة تمثل كلاب الصيد مع حارسها حيث يظهر في الصورة حارس الكلاب يقود كلبتين إحداهما بيضاء والاخرى سوداء وعلى البعد نشاهد ثعلبا يعدو وقد رسم على مستوى اخر من مستويات ارضية الصورة• ويقف الحارس ووجهه في وضع ثلاثة أرباع وهو يرتدي غطاء رأس مخروطي الشكل ويلبس رداء رسمت فيه الطيات بأسلوب واقعي• أما عن رسوم الحيوانات في الصورة فلقد رسمت قريبة من الواقع وتعبر عن قوة الملاحظة ومهارة المصور في نقل الملامح الأصلية• والصورة مقسمة إلى مقدمة تمثل عدة مستويات من الارض ومن خلف الارضية السماء بلونها الازرق ودون تعبير عن المساحة الوسطى• وقد تناثرت في السماء رسوم السحاب الصيني• ويزخر هذا المخطوط من كتاب منافع الحيوان لابن بختيشوع بالعديد من التصاوير التي تفصح عن الطابع المميز لمدرسة التصوير المغولية مثل صورة ذكر وانثى الخيل التي تبرهن على اهتمام نخبة الحكم المغولية بالخيول ودقة رسمها، وصورة طائر السيمرغ الخرافي وهو من المواريث المشتركة بين الحضارتين الايرانية والصينية وكذلك صورة الماعز الجبلي وهو يقفز من ارتفاع شاهق ليسقط على قرنيه•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©