الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زعيمة عصابة الرجال

زعيمة عصابة الرجال
3 ابريل 2014 20:50
داخل غرفة الشات، الخاصة بأحد المواقع الشهيرة تجمع ولأول مرة أفراد العصابة، يحكي كل منهم ظروف حياته الصعبة منهم العاطل والعامل، الذي يعاني شظف العيش وضيق ذات اليد، ومنهم من ينتظر مولودا جديدا ويشكو قلة الحيلة، ولا يدري من أين له بالمصروفات، وقد يضطر لإدخال زوجته المستشفى لعدة أيام ولا يملك شيئا. تحدثوا بصراحة لأنهم لا يعرفون بعضهم ووجدوها فرصة للفضفضة والتعبير عما يعانون منه في حياتهم. وقت فراغ البطالة ووقت الفراغ جعلتهم خلال شهر واحد يكررون المحادثات والشكايات، وأخيرا قررت “كارمن” التي تتمتع بقدرات كبيرة في الحديث والاستقطاب والإقناع أن ترسل رسالة إلكترونية إلى جميع المشاركين في الحوار واحدا تلو الآخر، تدعوهم فيها إلى ضرورة الالتقاء للتعارف والحديث عن المشاكل والمعاناة التي يعيشها كل منهم، فهناك فرق كبير بين الفضاء الإلكتروني مع أشخاص غير معروفين كثير من الناس يتخفون فيه ويتعاملون بأسماء وهمية، وبمعلومات مغلوطة وأشخاص يتقابلون وجها لوجه يرون ويلاحظون تعبيرات الوجوه وملامحها وما يبدو من أحزان وأفراح وسعادة وغيرها. وبالفعل استطاعت أن تجمع عددا منهم التقوا على “كوفي شوب” بعد التعارف، وتناولوا المشروبات وتحدث كل منهم مرة أخرى عن مشاكله وظروفه الصعبة كلها تتركز حول الحاجة إلى الأموال، لكن كارمن لا تعرف اللف والدوران عملت بمبدأ “اطرق الحديد وهو ساخن”، استغلت ضعفهم وأرادت ألا تضيع الفرصة، فلم يكن هدفها التخفيف عنهم ولا مساعدتهم كما كان يبدو من دعوتها لهم، ولكن لكي تستقطبهم وتنفذ خطتها الخبيثة، ودخلت في الموضوع مباشرة من غير لف ولا دوران وطرحت عليهم أنها ستقوم بحل مشاكلهم، ولكن لن يكون ذلك من جانبها وحدها ولابد أن يساعدوها ويشاركوها في ذلك، فالحل بين أيديهم ويجب أن يحصلوا على حقوقهم، فهم فقراء بلا سبب، بينما الأغنياء يحصلون على كل شيء بلا مجهود، ولن يأتيهم أحد بحقوقهم وعليهم أن ينتزعوها. اقتنعوا بكلامها بغض النظر عن صحته من عدمه، لكن عميت قلوبهم عن تمييز الغث من السمي،ن فقد أوهمتهم بأن سرقة الأغنياء شيء عادي، بينما هي تدفعهم لتشكيل عصابة إجرامية للسرقة، والغريب والمدهش في الأمر أن الجميع وافقوا بلا تردد وبلا تفكير، ولم يكن لأي منهم سجل إجرامي سابق واتفقوا جميعا على اللقاء من أجل الترتيبات، فيما بينهم وكان اللقاء الأول في منزل كارمن في منطقة متوسطة تملكه، ويبدو عليها الثراء فقد سبق لها ارتكاب العديد من الجرائم، والحكم عليها بالسجن، وانتهت من قضاء العقوبة، لكنها عادت لنشاطها الإجرامي مرة أخرى، وتريد أن تتعامل مع وجوه جديدة غير معروفة لرجال الشرطة، وتطمع فيهم لقلة خبرتهم بعالم اللصوصية وبدأوا اختيار المناطق الراقية المرشحة لتنفيذ عمليات السرقة. مناطق عمل بالإجماع حددوا أربع مناطق معروفة بثراء أصحابها، فهناك فيلات أو بنايات فاخرة تقف أمامها سيارات فارهة والإجراءات الأمنية ضعيفة مع عدم وجود كاميرات مراقبة في الشوارع، والمؤكد أن هؤلاء يحتفظون بالكثير من الأموال والمشغولات الذهبية والمجوهرات في المنازل وليس في البنوك، وبدأوا مرحلة التدريبات على أساليب السرقة ومراقبة الأماكن والفيلات والبنايات التي استهدفوها ومعرفة كسر أبواب الشقق بلا ضجيج حتى لا يشعر بهم أحد من السكان المتواجدين في منازلهم. عشرة أيام فقط كانت كافية للانتهاء من التدريب النظري والعملي على تنفيذ أي عملية سرقة بسهولة ودقة ومهارة. وهكذا انطلقت العصابة المكونة من سبعة أشخاص تقودهم امرأة غير عادية، وقد ارتضوا بالرضوخ لأوامرها والعمل تحت قيادتها، اشتروا معدات حديثة تستخدم لأول مرة، واستأجروا ثلاث شقق في مناطق مختلفة للتمويه وحتى لا يلفت عددهم الكبير الانتباه وزعوا الأدوار، وخططوا جيدا لها حتى يتم التنفيذ بسرعة فائقة وتنتهي العملية خلال دقائق معدودة ولا مجال لاحتمال الخطأ لأنه يعني السقوط، وكانت بداية تنفيذ الخطة في منزل صاحب شركة، وفشلوا في كسر الخزينة الموجودة داخل الشقة فقاموا بسرقتها وتكسيرها في إحدى الشقق التي استأجروها وصدقت توقعاتهم فقد عثروا داخلها على مئة ألف دولار وسبعين ألف يورو ومشغولات ذهبية لا يعرفون قيمتها لكنها كثيرة. الضربة الأولى الناجحة كانت كافية لحل جميع مشاكلهم جملة واحدة وزيادة، لكن بعدما وجدوا أن الغنائم كبيرة بهذا الشكل ظهرت الأطماع الخفية التي كانت كامنة بداخلهم وبلا هدنة أو استراحة كانوا يتحدثون عن الهدف القادم أجمعوا أنه يجب أن يكون في منطقة أخرى لأنهم عندما طالعوا صحف الصباح، وجدوها كلها قد اهتمت بهذه السرقة الكبيرة وبخبرتها قررت “كارمن” ضرورة تغيير المنطقة في المرة الثانية، استهدفوا ثلاث شقق في ضربة واحدة وقد تم لهم ذلك خلال خمس عشرة أو عشرين دقيقة، وكانت عملية السرقة كما هو مخطط سلفا تبدأ بصعود “كارمن” زعيمة العصابة إلى باب الشقة للطرق عليه، والتأكد من خلوها من السكان، لتنتهي بنزول الأفراد بالمسروقات، لوضعها داخل سيارتين والهروب من مكان الجريمة. تحدي الشرطة المتهمون يعرفون أنهم مستهدفون من قبل الشرطة، وأن البحث عنهم يتم على قدم وساق وأن جميع أجهزة البحث مستنفرة، لكنهم قرروا عدم التوقف والاستمرار في نشاطهم الإجرامي مع نقله إلى منطقة أخرى، ونجحوا في تنفيذ عدد من الجرائم قبل أن تصل إليهم أيدي البوليس فبعد أن تعددت هذه السرقات الخطرة بنفس الأسلوب تم التأكد من أن اللصوص يمارسون نشاطهم في المناطق الراقية، ويستهدفون الأثرياء تم وضع الأكمنة الثابتة والمتحركة، وانتشر رجال البحث الجنائي في الشوارع متخفين في زي عمال أو باعة جائلين، وبذلك استطاعت أجهزة الأمن إلقاء القبض على التشكيل العصابي، وفي البداية وقع اثنان منهم في قبضة رجال المباحث، اعترفا بالسرقة في المناطق الراقية وبتفاصيل لقاءاتهم واتفاقاتهم وجرائمهم، بينما فر أربعة منهم ومعهم الكثير من المسروقات عائدين إلى الأماكن التي جاءوا منها ويقيمون فيها، ولكن تم إبلاغ كمائن الشرطة المنتشرة على الطرق بأوصافهم ومواصفات وأرقام السيارة التي يستقلونها، وهم يتوهمون أنهم لن يتم ضبطهم لأنهم غير معروفين للشرطة من قبل. وتمكنت أجهزة الأمن من ضبطهم وبحوزتهم مشغولات ذهبية وزنت خمسة كيلو جرامات وأكثر من عشرة ملايين دولار أثناء استقلالهم سيارتين لم يبق إلا شخص واحد وزعيمة العصابة الأول تم ضبطه داخل إحدى الشقق التي استأجروها عندما توجهت قوة من الشرطة وتخفى الضابط في زي عامل دليفري لأحد المطاعم المشهورة حتى لا يبادر المتهم بارتكاب حماقة أو اللجوء إلى العنف أو استخدام السلاح، وعندما فتح الباب كان يبدو مضطربا بالفعل رغم أنه لم يعرف بعد أن زملاءه قد سقطوا، لكن يكاد المريب يقول خذوني، وقبل أن يسأل أو يقول كلمة اندفع أفراد القوة مثل النسور داخل الشقة، وتمكنوا من توثيقه والسيطرة عليه، وكانت هناك مفاجأة أخرى، فقد عثروا على كميات كبيرة من المجوهرات والأموال. صيد صعب أما زعيمة العصابة “كارمن” فلم تكن صيدا سهلا فهي تعرف كيف تتحرك وكيف تتخفى وأول شيء فعلته أنها أغلقت هاتفها المحمول حتى لا يتم تحديد مكانها، وتتبعها والقبض عليها وكذلك لم تحاول الهروب والتنقل في هذا الوقت الذي تسعى فيه الشرطة لضبطها ابتعدت عن المطاعم المعروفة والأماكن التي كانت تتردد عليها خشية أن يكون البوليس قد نصب لها كمينا فيه، وقد كانت محقة في ذلك، فلم يكن هناك مكان توجهت إليه إلا وفيه كمين من الشرطة، لم تجد في النهاية إلا المناطق السياحية التي في الغالب تكون فيها الشرطة متواجدة للتأمين فقط وليس للبحث عن الجناة والمجرمين، لذلك بالغت في التخفي، وارتدت ملابس مثل فتيات الغرب ووضعت على رأسها قبعة وضاقت عليها الأرض كلها فاضطرت أخيرا للتوجه إلى صديقتها القديمة التي كانت معها في السجن أثناء حبسهما معا من قبل، لكن بعد أن علمت أنها مطلوبة للعدالة طردتها بلا خجل، فالأمر لا يحتمل المجاملة، وهي تعلم أنها لو قبلت إيواءها فإنها ستكون متهمة معها بلا جريرة. لم تستطع “كارمن” النجاح في خطة الهروب والتخفي أكثر من ذلك وتوجهت إلى الشقة التي كان يقيم فيها المتهمون تحاول التأكد من أنهم لم يسقطوا، لكنها لا تعرف نظرية الشرطة أن المتهم يحوم حول مكان الجريمة فألقي القبض عليها، وبذلك يكون جميع المتهمين قد سقطوا، لكنهم بددوا كثيرا من المسروقات من الأموال والمجوهرات وتبادلوا الاتهامات واعترفوا بارتكاب اثنتي عشرة واقعة سرقة، وسيواجهون اتهامات تصل عقوبتها إلى الحبس سبع سنوات فقط رغم هذه الكمية من المسروقات والعدد من الجرائم، أمرت النيابة بحبس المتهمين من أفراد عصابة الأثرياء لمدة خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات وقررت تقديمهم لمحاكمة عاجلة. أحمد محمد (القاهرة)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©