الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضحية زوجي وصديقتي

ضحية زوجي وصديقتي
3 ابريل 2014 20:50
منذ نعومة أظفاري، وأنا ألقى اهتماما كبيرا من أسرتي، حيث كنت البنت الوحيدة بعد ثلاثة أولاد، ودللني الجميع، وأحاطوني بالاهتمام والرعاية، فلم تكن لي حاجة للبحث عن صديقات، وأنا في مراحل الدراسة الأولى، فكل من حولي يحققون لي ما أريد، ويملأون أوقات فراغي، لكن ظهرت الحاجة إلى الصديقات، بعد أن التحقت بالمرحلة الثانوية ثم الجامعة، وكانت الفتاة التي أصبحت صديقتي في مثل عمري نلتقي في كثير من الصفات ونتفاهم في كل شيء تقريبا، وأشعر بأنني كنت في حاجة ماسة إليها، ففي هذه المرحلة العمرية هناك ما لا يمكن أن أتحدث فيه إلا مع صديقة مقربة جدا، وأثق بها، وقد كانت بالفعل محل ثقتي ومستودع أسراري. صداقة وثيقة بت أعرف عنها أدق التفاصيل ليس فقط فيما يخصني أنا وهي، بل أيضا كل ما يدور داخل أسرتينا، وكل منا كانت كتابا مفتوحا للأخرى لا نخفي همسة، ولا حركة، ولا سكنة عن بعضنا، ونتزاور باستمرار، والأسرتان تعرفان ذلك، وتستريحان لهذه الصداقة التي أصبحت نموذجا يتحدث عنها الناس، والبعض يحسدوننا عليها، وكانت مضرب المثل. انتهينا من الدراسة الجامعية، لكن استمرت صداقتنا وازدادت قوة، وكل يوم نتزاور بشكل دائم فنحن بجانب أننا نقيم في منطقة واحدة، وهذا يتيح لنا اللقاء بشكل مستمر، فإن اللقاءات متواصلة في نفس النادي الذي تشترك فيه الأسرتان، وفوق هذا وذاك الاتصالات الهاتفية اليومية التي تستمر أحيانا ساعات، لذا لم تتأثر علاقتنا بانتهاء الدراسة، ونتناقل الأخبار الخاصة بالزملاء والزميلات وما استجد فيها، وهي ليست غيبة، وإنما نحب أن نعرف أخبارهم ونكون على اتصال مع بعضهم، وأحيانا نلتقي ونشارك في المناسبات التي تخصهم. وجاءت الخطوة الأهم في حياة كل فتاة، عندما تقدم شاب لخطبتي، ولم يكن هناك رأي يتقدم على رأي صديقتي فهو المؤثر والمقدم عندي على كل الآراء حتى على أبي وأمي وإخوتي، وكانت شريكة لي في كل خطوة صغيرة أو كبيرة مهمة أو تافهة.. نتفحص العريس ونناقش إمكاناته وصفاته حتى في لقاءات التعارف الأولى كنت حريصة على أن تكون معنا لأنني بحاجة لوجهة نظرها في كل ما يخصه، وقد ترى فيه ما لا أراه خاصة وهي تفهم شخصيتي وطباعي، ومن المؤكد أنني سوف أستنير بما تقدمه لي من نصائح وإرشادات، وربما يمكنها أن تضع يدها على أشياء لا أدركها في خضم الارتباك، وأخيرا انتهى الرأي بالموافقة من الجميع. مازلت عند اعتمادي على صديقتي في كل شيء، فلم أكن استطيع اختيار الشقة ولا المفروشات والأثاث والأدوات الكهربائية والديكور، إلا بموافقتها وفي وجودها وبعد التشاور معها، ولم أفعل صغيرة ولا كبيرة إلا وكانت معي، وقد تحملت عني الكثير وساعدتني، ووقفت بجانبي وقفة يشهد بها الجميع، وتتدخل في الوقت المناسب لحل أي مشكلة طارئة، بل وتتدخل لإزالة أي التباس أو سوء تفاهم بيني وبين خطيبي، فقد كان أثناء فترة الخطبة يبدي غيرة واضحة، وإن كنت احب غيرته، واعتبرها نوعا من الاهتمام والحب. رد الجميل قبل أن يتم زفافي بأسابيع قليلة جاء من يخطب صديقتي، ورغم أنني كنت مشغولة باللمسات الأخيرة لزواجي، فإنني لم اقصر معها، وقدمت لها أكثر مما قدمت لي، وبعد انتهاء شهر العسل كرست وقتي وجهدي أنا وزوجي معا لمساعدتها ورد الجميل لها، وكان شرطنا الأول على خطيبها أن تظل صداقتنا مقدمة على كل شيء، وكان بالطبع شرطا هزليا وضحكنا جميعا، وقد استمرت الصداقة الأسرية، ونتبادل الزيارات ونخرج للتنزه معا، ولا نفعل أي شيء، إلا بعد أن ندرسه نحن الأربع، وصرنا أسرة واحدة. أنا وزوجي كنا سعيدين في بيتنا وحياتنا مستقرة مع أنني عصبية جدا، ولدي بعض العناد والإصرار على الرأي ولا أتراجع بسهولة عن موقفي، وهذا عيب أعترف به، لكن لا مانع عندي من الاعتذار إذا اكتشفت أنني مخطئة، ولم تعرف الخلافات طريقها إلينا إلا بعد أن حدثت مشكلة بين صديقتي وزوجها بعد عام من زواجهما، وكان من الطبيعي أن نتدخل أنا وزوجي لحل مشكلتهما، لكن فشلت كل المساعي، ولم نستطع تقريب وجهات النظر إلى أن تم طلاقهما. والغريب أنني لم أجد عند صديقتي حزنا ولا أسفا على ذلك رغم أن الطلاق يعد كارثة على واحدة مثلها لم تتخط الخامسة والعشرين من عمرها، وبعد زيجة لم تستمر لأكثر من ثمانية عشر شهرا، وكانت الشهور الستة الأخيرة منها كلها خلافات ومشاكل، ولاحظت تغيرا كبيرا في تفكيرها بخلاف ما كنت أعرفه عنها طوال السنوات الماضية، وعمر صداقتنا الذي يصل إلى أكثر من عشر سنوات. كل شيء من حولي تغير بعد ذلك، فحتى زوجي صار ينظر بتمعن للنساء، ويمتدح جمال صديقاتي وينتقد تصرفاتي ويثني عليهن وعلى اهتمامهن بأنفسهن، مع أنني لم أجد شيئا جديدا يفتقده عندي ويجده عندهن، وكان يثير أعصابي، وهو مندمج مع الأغاني العاطفية التي تتحدث عن لوعه الحب والأشواق وأمنيات التلاقي والاقتراب، في الوقت الذي أكون فيه منهمكة في أعمال المنزل من طهو وغسيل وتنظيف وكي ملابسه، مع أنه لم يكن كذلك من قبل وليست له أي اهتمامات بالفن، وخاصة الغناء، فكان ذلك جديدا على شخصيته وتصرفاته، إذ لم اعتد هذا منه طوال فترة الخطبة التي استمرت نحو عامين ومنذ زواجنا قبل ثلاث سنوات أي أن علاقتنا عمرها خمسة أعوام، وأزعم أن كلاً منا عرف صاحبه تماما، ويستطيع أن يحكم على مواقفه. تغيرات طارئة الأمر تطور وتزايدت شكوكي، ولعبت الهواجس برأسي، بعدما لاحظت هذه التغيرات الطارئة عليه، وأصبحت أبحث في جيوبه، وأفتش في هاتفه الخاص وملابسه وأوراقه، بحثا عن دليل يثبت ما أعتقد أنه اتجاه نحو علاقة غرامية جديدة. علاقتنا الزوجية مهددة، وتكاد تصاب أركانها بزلزال، واضطررت إلى التجسس عليه ليس من اجل تصيد الأخطاء، وإنما محاولة للوصول إلى الحقائق كي أستريح من الظنون، وأجد تفسيرات لما يحدث ويؤدي إلى حالة من فقدان الثقة والغليان داخلي، وقد كان حريصا لدرجة انه لم يترك خلفه أثرا لإدانته تقع عليه يدي، ولم أعثر على أي دليل يمكنني أن أواجهه به أو يثبت أنه يفعل شيئا لا يرضيني. همست بشكوكي ومخاوفي في أذن صديقتي المقربة التي اعتبرها أكثر من أخت، وهي الوحيدة التي كانت على علم بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا، وشكوت لها من زوجي وما كنت كعادتي اخفي عنها شيئا، فقد انتهى الانسجام وضاع الوئام، واختفت المودة والرحمة التي كانت بيننا بسبب المشاكل التي بدأت تطفو على السطح، بجانب بعض العيوب التي كانت مستترة في شخصيته، وبدأت تظهر تباعا، فبجانب التغيرات التي ذكرتها فإنه لا يهتم يوما بأن يعطيني مصروفا في يدي رغم قدرته المالية، ويتجاهل المناسبات ولا يتذكر عيد ميلادي، كما أصبح شغله الشاغل في المنزل هو الجلوس لفترات طويلة على الإنترنت للشات، أو الخروج مع أصدقائه يقضي معظم وقته على المقهى، أو خارج البيت في أماكن لا أعرف أين، ولا مع من، ولا يجيب عن سؤالي حول ذلك. وما لم أجد له تفسيرا أيضا أنني كلما شكوت لصديقتي وشاركتها همومي كما كنا من قبل أجدها دائما تسعى لتضخيم عيوب زوجي في عيني، وتختلق عيوبا لم اكن أراها تجعلني أرى حياتي الزوجية بمنظار أسود، واستمر الوضع هكذا حتى وجدتها تنصحني بالطلاق، ولا داعي للاستمرار في زيجة بهذا الشكل، ومع رجل لا يقدرني -على حد وصفها- خاصة في عدم وجود أطفال بيننا، وهذا أفضل بكثير قبل أن «نتورط» في الأنجاب، ويكون الصغار هم العائق في الحصول على حريتي. وكانت الطامة الكبرى والصدمة القاتلة ،عندما اكتشفت أن المكالمات الهاتفية الهامسة والغامضة والتي يحاول زوجي أن يخفي شخصية المتحدث أو المتحدثة معه على الجانب الآخر هي مع صديقتي المطلقة، وعندما واجهته قال بكل برود، إنه تزوجها، وقد اختفت صديقتي فجأه ومن دون سابق إنذار أو مقدمات، ولكن القدر أراد أن اعرف الحقيقة المرة، وهي زواج صديقتي من زوجي وتعيش معه في شقة في الشارع الخلفي، ولم تكتف بذلك، بل أخبرت الناس وجميع أصدقائنا المشتركين أنها سعيدة جدا معه، وأنه الرجل والزوج المثالي، وتحملني المسؤولية لأنني لم استطع أن أحافظ عليه، فهل ضاقت الدنيا وانتهى الرجال، ولم تجد صديقتي إلا زوجي أم أنني قدمته لها على طبق من ذهب، عندما سمحت له بالجلوس معها أثناء انشغالاتي؟ خنجران طعنا في ظهري خيانة بضربة مزدوجة من زوجي الذي لم أقصر معه في واجباتي، وصديقتي التي كنت ألجأ إليها وقت الضيق وعند الأزمات وأستشيرها في كل شيء. النار تأكل صدري كيف لم ألاحظ أن عينها كانت على زوجي، وأنها بالتأكيد كما كانت تفعل معي بإظهار وتضخيم عيوبه كانت تفعل معه المثل حتى تم الشقاق، وكبرت الخلافات، ورفضت تلك الزيجة جملة وتفصيلا، وبدأ يختلق ويلصق بي العيوب، والنقائص كي أبدو أمام الناس أنني لا أصلح زوجة، وأنه بريء ويبرر ما أقدم عليه من فعلة نكراء. نار الغيرة تشتعل داخلي وتحرق قلبي كلما توجه إليها، ولا أعرف للنوم طعما إذا قضى الليل عندها طلبت الطلاق، لكنه متناقض، ويقول إن المميزات التي عندي أكثر منها لكن هي كلامها حلو جدا، وطوال الوقت مرحة وبلا مطالب، وتعرف متى تطلب شيئا، ومتى تتكلم ومتى تسكت وحتى متى تغضب يعني أنه يريدنا معا. لا أطيق ولا أقبل أن تشاركني أي امرأة أخرى في زوجي، وخاصة هذه الغادرة ولو طلبت تطليقها، فسيرفض، ولو طلبت الطلاق فسيفعل فهل أستسلم؟ نورا محمد (القاهرة)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©