الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صافورا.. راعية غنم كانت تكره مخالطة الرجال

3 ابريل 2014 20:49
أحمد مراد (القاهرة) هي إحدى ابنتي نبي الله شعيب عليه السلام، عاشت في مدين، وهي مدينة تجارية تقع ما بين المدينة المنورة والشام آنذاك، وتقع بها البئر الذي استقى منه موسى عليه السلام لماشية شعيب، وكان ما بين مدين ومصر مسيرة ثمانية أيام كما روى الطبري في تاريخه. وتعود قصة «صافورا» مع نبي الله موسى عليه السلام، عندما فر من مصر، واستقر بمدين بعيداً عن بطش فرعون، وجلس عند هذه البئر، وكان الغرباء يتجمعون كعادة البلدة عند البئر ليستضيفهم أحد أهلها، وعند البئر وجد موسى من دون الناس بنتين تكفّان غنمهما عن الماء، حتى إذا انتهى الناس تبدأ البنتان تسقيان الغنم، وكانت البنتان هما «ليا الكبرى» و«صافورا الصغرى»، وهذه كانت رحلتهما اليومية في العمل، وكانتا تكرهان مخالطة الرجال، وما أخرجهما إلى العمل إلا لأن أباهما شيخ كبير لا يستطيع أن يخرج ليرعى غنمه لضعفه. قصة في القرآن وكانت صافورا الصغرى تشارك أختها الكبرى ليا في العمل، وقد أفصح القرآن على لسانهما هذا الموقف حينما سألهما موسى الشاب: ما خطبكما؟ يقول الله تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)، «سورة القصص، الآية: 23» وحينما حافظت صافورا وأختها، على صلاحهما، أوجد الله لهما الشاب القوي الذي آتاه الله بسطة في الجسم، نبي الله موسى عليه السلام، الذي رفع صخرة لا يقدر على رفعها إلا بضعة رجال، فسقي لهما، وكان قد أضناه الجوع من السفر، وكان الوقت حراً، وقد زاد على ذلك تعبه في رفع الصخرة، والسقاية لهما، وبعد أن سقى لهما وهو على هذه الحال، أوي موسى إلى ظل شجرة قريبة من البئر. وذهبت صافورا وأختها إلى أبيهما وقصتا عليه ما فعله موسى معهما، وطلبتا من أبيهما أن يستأجره، وعندما جاء موسى إلى شعيب عرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه، ويقول القرآن عن ذلك: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)، «سورة القصص، الآية: 27». ووافق موسى عليه السلام، ورضي بشروط الأب، وأعلن عن كامل رضاه، وتزوج صافورا، وكان من كامل رضاه، أن موسى قضي أطول الأجلين، وحينما سئل ابن عباس: أي الأجلين قضي موسى، قال: قضي أكثرهما وأطيبهما، إن رسول الله إذا قال فعل. فراسة ووصف العلماء صافورا بالحكمة في اختيارها، والفراسة في التنبؤ بمستقبل مشرق مع زوجها، ففي تفسير ابن كثير، يقول عبد الله بن مسعود: أفرس الناس ثلاثة: صاحب يوسف حين قال لإمراته: أكرمي مثواه، وصاحبة موسى حين قالت: (... يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)، «سورة القصص، الآية: 26»، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب. وبعد انقضاء ما قطعه موسى من العمل لمدة عشر سنوات، أراد أن يرجع إلى أسرته في مصر، فأمر صافورا أن تتجهز للسفر فأعدت ما يحتاجون إليه ومعها طفلاها، وفي سيناء، وعند ظلام الليل، كان موسى على موعد مع النبوة، ويحكي القرآن ذلك في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)، «سورة النمل، الآية 7». وهنالك اقترب موسى من النار، ولم يكد يقترب منها حتى نودي من رب العزة: (أن بورك من في النار ومَنْ حولها وسبحان الله رب العالمين)، وتماسك موسى ثم دنا ليأخذ من النار قبسًا لصافورا وطفليه، فإذا بالله تعالي يناديه: (... يَا مُوسَى* إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى)، «سورة طه، الآيتين 11- 12»، وكلف الله موسى بالرسالة، وصافورا ما زالت في خيمتها، تنتظر عودة موسى إليها، حيث ربط الله على قلبها، إلى أن عاد زوجها موسى وزفّ إليها بشارة النبوة والرسالة، فكانت بحق خير رفيقة لزوجها في مشوار حياته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©