الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسلمو الدنمارك .. بين مخاطر التعصب وتحديات الاندماج

مسلمو الدنمارك .. بين مخاطر التعصب وتحديات الاندماج
9 سبتمبر 2009 00:06
ينقسم المسلمون الذين يعيشون في الدنمارك، كما يشير سيد عبدالمجيد بكر في مؤلفه عن «الأقليات المسلمة في أوروبا»، إلى غير العرب ومعظمهم من باكستان وتركيا، وقد كانت هجرتهم إلى الدنمارك بعد الحرب العالمية الثانية بهدف المساهمة في تعمير أوروبا بسبب نقص اليد العاملة فيها بعد الحرب، ثم العرب وكان أول من جاء منهم إلى الدنمارك من بلاد المغرب العربي في بداية السبعينيات وأقاموا المتاجر والمساجد، ثم قدم قسم آخر من بلاد الشام سواء من فلسطين أو سوريا أو لبنان ومعظمهم من الفلسطينيين، وغالبيتهم جاءوا كلاجئين بعد حروب المخيمات في لبنان. وقد كان لمجيء أهل الشام أثر كبير في تحريك الدعوة في الدنمارك، وإبراز الصوت الإسلامي فيها، وإنشاء المساجد والمصليات في التجمعات الإسلامية، وتنظيم الجمعيات الإسلامية وكانوا يحرصون على أن يسكنوا في أحياء متجمعين للحفاظ على هويتهم، ثم جاء بعد ذلك الصوماليون فالعراقيون بعد حرب الخليج الثانية ومعظمهم من شيعة الجنوب وقد بدأوا بإنشاء بعض الحسينيات. ووفقا للإحصاءات والأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسات دنماركية رسمية، يعيش في مملكة الدنمارك حوالي 210 آلاف مسلم يمثلون نسبة 3.9 % من عدد سكان الدنمارك الإجمالي. وتتيح الدنمارك للأقليات بها ومنها الأقليات المسلمة حرية العقيدة حيث يتاح لكل فرد ممارسة حريته وشعائره الدينية وطقوس إيمانه من خلال التعبد وممارسة الشعائر وحقوق التعلم وغيرها، وعلى هذا توجد، وفقاً لبيان توضيحي نشر على الموقع الإلكتروني لسفارة الدنمارك ببلجيكا، تسع عشرة جالية مسلمة معترف بها في الدنمارك، وتخضع الجاليات المسلمة لنفس القوانين التي تخضع لها الجاليات الأخرى المعترف بها في مملكة الدنمارك بما فيها الجاليات المسيحية. ويحق للمسلمين وفقاً للقوانين الدنماركية إقامة المساجد وكذلك المقابر بكل حرية وذلك حسب القوانين الدنماركية، كما يمكن لأئمة المساجد الإسلامية المعترف بها الحصول على ترخيص يخولهم بعقد زواج ساري المفعول قانوني مثله مثل عقود الزواج التي يتم عقدها لدى السلطات المدنية، وكذلك تُعفى التبرعات التي تقدمها الجاليات المسلمة المعترف بها للشؤون الدينية من الضريبة كما تعفى الجاليات المسلمة من دفع الضرائب على الهدايا والهبات وغيرها مما يُقدم لها. ويتمتع جميع المسلمين في الدنمارك بالحقوق المدنية والسياسية نفسها التي يتمتع بها سائر المواطنين هناك، كما يتمتع جميع المسلمين بالطبع بالحقوق الاجتماعية ذاتها التي يتمتع بها سائر المواطنين في الدنمارك، مثل نظام الضمان الاجتماعي، فالعناية الصحية والتعليم مجانيان ومتاحان للجميع في الدنمارك، ويسمح للمسلمين بفتح مدارس خاصة ويمكنهم الحصول على منح ودعم كامل من الدولة. وتوجد في العاصمة كوبنهاجن عدة مؤسسات إسلامية منها جمعية الشباب الإسلامي، والمركز الثقافي الإسلامي، ومركز البحوث الإسلامية، ومكتب رابطة العالم الإسلامي، والاتحاد العام للجمعيات الإسلامية بالدول الإسكندنافية، ومدرسة الأقصى العربية الإسلامية، والمعهد النوردي للطلاب الآسيويين، كما يوجد مركز إسلامي في مدينة هليسنجود. وكشفت دراسة دنماركية حديثة نشرتها مؤخرا صحيفة كريستيليج داجبلاد عن تزايد أعداد معتنقي الإسلام بين الفتيان، وأن هذه الفئة العمرية تمثل النسبة الأكبر للمتحولين إلى الإسلام في الدنمارك. وأشارت الدراسة إلى أن غالبية الفتيان الذين اعتنقوا الإسلام يفضلون إعلان إسلامهم بهدوء ودون إحداث ضجة، حيث ينطقون الشهادتين ويعلنون إسلامهم في البيت أمام اثنين من الشهود، وطبقا للدراسة فإن ما يزيد عن ثلث معتنقي الإسلام منذ عام 2007 وحتى الآن هم من الفتيان والفتيات بعمر 19 عاماً فأقل. وبالرغم من تلك الصورة الوردية التي ترسمها الأرقام والدراسات التي يصدرها الجانب الدنماركي عن أحوال المسلمين هناك، فلا يخلو المجتمع الدنماركي، كما تؤكد المواقع الإلكترونية الرسمية للمنظمات الإسلامية بالدنمارك، من عدة مشكلات تواجه المسلمين هناك أهمها وأكثرها صعوبة تربية الأبناء على الأخلاق الإسلامية والعادات العربية، حيث يقبل الشاب والطفل المسلم في الدنمارك على المدارس الدنماركية دون المدارس الإسلامية لما يتوافر في الأولى من أنشطة وإمكانيات كبيرة جداً في النواحي الرياضية والثقافية والترفيهية والاجتماعية، ويضاف إلى ذلك نقص العلم الشرعي عند الوالدين، وكذلك الجهل بطرق التربية الصحيحة في هذه البلاد حيث إن الآباء نشأوا في بيئة تختلف تماماً عن البيئة التي ينشأ فيها الأبناء، ولهذا فإن الجيل الجديد يمر بمصاعب لم يمر بها الآباء من قبل. ومن المشكلات الأخرى، كما تقول الناشطة الباكستانية منى شيخ أحد أبرز أبناء الجالية الإسلامية في حوار منشور بموقع إسلام اونلاين، إن الدنمارك لا تسمح ببناء مسجد بشكله الإسلامي المعروف المميز، وإنما يكون البناء عادياً بحيث لا يظهر من الخارج أن هذا البناء مسجد، كما أن الدولة وإن كانت تلتزم بمبدأ حرية الأديان، فإنها لا تعترف بالدين الإسلامي كدين رسمي في البلاد. وهذا يعني أنه لا يحق لمسلمي الدنمارك العطل الرسمية في الأعياد والمناسبات الإسلامية، ولا تقوم الدولة كذلك بدعم مساجدهم كما تفعل مع الكنائس. وتمثل الصورة السلبية السيئة التي ترسمها بعض وسائل الإعلام في الدنمارك غالبا للإسلام والمسلمين بشكل يشوه الوجه الحقيقي للإسلام ويعمق من الكراهية للمسلمين أحد أبرز التحديات لمسلمي الدنمارك، وقد كان من أبرز انعكاسات تلك المشكلة الأزمة الخاصة بقيام صحيفة دنماركية بنشر رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم عام 2006 والتي أثارت مسلمو العالم على الدنمارك وحكومتها، وكذلك الاحتقانات التي تسببت في هجوم بعض الدنماركيين المتعصبين على أفراد مسلمين عقب تفجير السفارة الدنماركية بإسلام آباد في الفترة الأخيرة. وبالرغم من أن معظم تلك الحملات التي تشنها وسائل الإعلام في الدنمارك على الإسلام والمسلمين غالبا ما تمولها أصابع خفية للمنظمات الصهيونية وبعض الجهات المتعصبة ضد الإسلام، فإن بعض المسلمين في الدنمارك أسهموا في تشكيل ملامح تلك الصورة السيئة من خلال بعض السلوكيات السلبية والممارسات الأخلاقية التي تتنافى وتعاليم الإسلام، وتنفر الناس من الإسلام مثل قلة النظافة وكثرة المشاكل في الأحياء التي يكثر فيها المسلمون، وهي مظاهر سلبية يعمل الإعلام المتعصب على تضخيمها ونقلها لعامة الدنماركيين الذين يعتقدون أن هذا هو الإسلام، وهذه هي ثقافته وحضارته وبالتالي يعزفون عنه
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©