الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثلاثية الإسلام والنّفط والإرهاب

ثلاثية الإسلام والنّفط والإرهاب
19 مايو 2010 20:07
يروي كتاب “24 يوما: الحقيقة حول موت اليان حلمي” حادثة درامية حقيقيّة حصلت منذ أربعة أعوام تمثلت في اختطاف شاب يهودي فرنسيّ وتعذيبه ثمّ اغتياله بعد رفض أسرته دفع فدية ماليّة طالب بها المختطفون، وقد ألّفت الكتاب والدة الضّحيّة (وهي روائية) بالاشتراك مع الكاتبة إيميلي فراش. وإذا كانت الحادثة فظيعة فعلا، اذ أحرق المجرم ـ رفقة عصابة معه تضم فرنسيين وثلة من الشّباب المهاجر العربي والإفريقي ـ جسم الضحية بسجائر، وقصّوا له شعره وحاولوا الاعتداء جنسيّا عليه ـ وفق ماقيل وكتب ـ فإنّ الدّنيا قامت ولم تقعد لأنّ الضّحيّة هو يهودي ولأنّ المجرم مسلم وهو يوسف فوفانا Youssouf Fofana وهو أسود من أصل عاجيّ فوالديه هم من الكوت دي فوار (ساحل العاج)، وهو متّهم بأنّه هو المخطّط والمنفّذ لهذه الجريمة الشّنعاء، ولقد تمّ إلقاء القبض عليه بمدينة أبيدجان الّتي فرّ إليها من فرنسا، وتمّ استغلال الحادثة استغلالا كبيرا سياسيّا واجتماعيّا وإعلاميّا منذ حصولها وتواصل ذلك الى اليوم بمناسبة محاكمة المجرم والعصابة التي يرأسها، فقد أصدر القضاء الفرنسي عقوبة بالسجن المؤبد على يوسف، وهي أقسى عقوبة في فرنسا بعد أن تم إلغاء الحكم بالإعدام، وستتواصل محاكمة بقية أفراد العصابة في شهر أكتوبر المقبل بعد ان استأنفوا الأحكام المختلفة الصادرة ضدهم. وقائع الجريمة والجدير بالذكر أن إحدى الفتيات ـ وهي مهاجرة من أصل إيراني ـ هي الّتي تمّ استخدامها من العصابة كطعم لاصطياد الشاب المختطف بعد ان أغرته وأوهمته بإمكانية ربط علاقة جنسية معه، وقد وقع الشاب (23 عاما) في الفخ وتم اقتياده الى مكان قصيّ، وخلال 24 يوما تم تعذيبه ثم رموا به وهو بين الحياة والموت في غابة مهجورة، وبعد موته فإن الفتاة ذهبت من تلقاء نفسها إلى قسم الشّرطة وكشفت عن خفايا العمليّة برمّتها. والأم تروي في الكتاب معاناتها خلال الاربع وعشرين يوما التي تم خلالها احتجاز ابنها وتعذيبه، وقد ذكرت في روايتها ما جرى، فذكرت انها تلقت في تلك الفترة أكثر من 600 مكالمة هاتفية من المختطفين الذين طالبوها بفدية لإطلاق سراح ابنها، وتبين إن العصابة تضم مجموعة (حوالي 20 شخصا) اطلقوا على أنفسهم لقب “عصابة البرابرة”، والسؤال الذي أراد الكتاب الجواب عنه هو: ما هو هدف الجناة؟ ولم تقف الأم عند حدّ القول إنّها جريمة هدفها المال بل أشارت إلى انها جريمة عنصريّة دينيّة لانّ الضّحيّة هو شاب يهودي، والإعلام الفرنسي سار هو ايضا في هذا المنحى، أما المدوّنون في شبكة الانترنت فقد أجمعوا على القول أن كلّ الضجّة التي أثيرت الى اليوم حول هذه القضيّة حصلت لأنّ الضّحيّة يهوديّ. والملاحظ ان الآلة الإعلاميّة الفرنسيّة ـ والّتي يتحكم فيها اليهود ـ قفزت على هذه الحادثة ووجدت فيها ضالّتها لتصفية حساباتها مع الجالية العربيّة والإفريقيّة المسلمة في فرنسا. وتمّ تصوير يوسف في الإعلام على انّه متهوّر ومتعصّب وأهوج. وأوردت صورة عن صياحه أثناء مثوله أمام قاضي التّحقيق وهو يصرّح “إنّي حليف المسلمين والأفارقة، وضدّ اليهود والصّهاينة وسيتمّ تحريري من قبل كومندس مموّل بمال النّفط”. مقارنات وتساؤلات وفي فرنسا يموت كلّ عام عديد العرب والمسلمين والأفارقة غيلة، ومنهم من رموه حيا في نهر السان بباريس، ومنهم من ألقوا به حيا والقطار يسير فمات شر ميتة.. كلهم هلكوا في أحداث عنصريّة مقيتة، ولكن كلّ ذلك يمرّ مرور الكرام، وحتى وان كانت هناك ردود فعل فتكون محتشمة وباهتة وخجولة. ولا يتعدّى التّعليق عنها في أسطر في جريدة، أو في ثوان في التلفزيون إذا كان الحادث فظيعا، ولكن هذه المرّة ولأنّ الضّحيّة يهودي فرنسي والقاتل هو مسلم من الكوت دي فوار (ساحل العاج) فقد تمّ تضخيم الحدث واستغلاله والتّشهير بالإسلام والمسلمين والدّعاية للصّهيونيّة واليهود وصدرت مئات المقالات وخصّصت الشّاشة بالتّلفزيون أوقاتا مطوّلة للتّعليق على هذه الحادثة. ثم جاء هذا الكتاب وقد سارعت وسائل الإعلام بنشر مقتطفات من رسالة بعث بها يوسف فوفانا لأحد محاميه ـ او هكذا يقولون ـ يصف فيها اليهود بأنّهم “خلايا إرهابيّة منتشرة في العالم، هدفها أحداث الانشقاق بين الشّعوب” ويضيف بأنّ “اليهود ينهبون خيرات العالم من المواد الأوّليّة، وهم يظنّون أنفسهم بأنّهم شعب مختار في حين أنّهم ما فتئوا يقتلون المسلمين أينما وجدوا”، وجرت محاكمة يوسف في جلسات سرّيّة خشية أن ينقل الإعلام ما يقوله يوسف والشّعارات الّتي يرفعها مثل “الموت لإسرائيل”. والحقيقة أنّ القصّة برمّتها تثير التّساؤلات والشّبهات خاصة وان يوسف هذا الذي يقدم نفسه على انه مسلم يبالغ في الصراخ أمام الصحافيين ليقول: “كلّما مات يهوديّ كلّما شعرت بسعادة كبيرة تغمرني”، فهل يصدّق أحد ما أعلنه هذا المجرم انه كان يعتزم بجمعه للأموال من اليهود كفدية تكوين ميليشيا خاصّة به وهدفها: تحرير إفريقيا من اليهود والاسرائيليين. وهكذا تمّ جمع الثّلاثيّة المحبّبة للّوبي اليهوديّ في فرنسا: “الإسلام، والنّفط والإرهاب”، وهذه الأقوال المنسوبة ليوسف، لا أحد يعلم إن كان هذا الرّجل مختلّ المدارك أو موسوس أو مجنّد وهي احتمالات واردة كلّها والصّورة الّتي قدّمها هو للإعلام صورة غريبة مثيرة لألف سؤال وسؤال إذ أنّه كلما واجه كاميرات التلفزيون الا ويأخذ يضرب على صدره مردّدا “الله أكبر، الله أكبر”. والجدير بالذكر ان الشاب القتيل تم دفنه في القدس وأمه مؤلفة الكتاب تنشط ضمن جمعيات يهودية في فرنسا مناصرة لإسرائيل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©