الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«مساء الورد» تقدم تشظي العلاقات البشرية حين يفقد الأمل بين الأفراد

«مساء الورد» تقدم تشظي العلاقات البشرية حين يفقد الأمل بين الأفراد
24 مارس 2013 00:08
عصام أبو القاسم (الشارقة)- بدت مسرحية «مساء الورد» التي قدمت مساء أمس الأول، ضمن عروض مهرجان أيام الشارقة المسرحية في دورته الثالثة والعشرين، حزينة ومأساوية في معظم وقتها، وهي صدّرت ثقلها وكآبتها إلى الحضور، فتسلل بعضهم خارجا من صالة العرض على نحو بدا لافتاً، مقارنة بسواه من عروض المهرجان. كتب العراقي محمود أبو العباس نص المسرحية، وأخرجه بفريق تمثيل من فرقة مسرح دبي الأهلي ويتكون من: بلال عبدالله وبدور وعبدالله الحريبي وماجد الصوري وحسن يوسف وأحمد مال الله، وقد أشادت بجهدهم الندوة النقدية التي شهدت نقاشاً حاراً حول موضوعات، مثل «علاقة المخرج بالمؤلف» و«صوت الممثل» و«الإضاءة». علاقات مضطربة وقارب العمل الذي قدم بمسرح قصر الثقافة ثيمات عدة على خيط مضفور من علاقة مضطربة بين الأب «بلال» والابن «حسن» من جهة ومن جهة ثانية هذيان عاطفي من قبل الابنة «بدور» تجاه حبيب ما عاد موجوداً وثمة طفلة مصابة بعاهة، وهي مشوشة بالعلاقات المشدودة بين أفراد عائلتها، ولكنها تتحرك في العرض لتسبغه بمسحة أمل استمدتها من حكايات خزنتها من والدتها الراحلة؛ وهذه الوالدة الراحلة وطريقة رحيلها هي الحدث الرئيس الذي تفرعت منه بقية الأحداث؛ فالابن يظن أن والده كان يمكن أن يحمي والدته، ويقف دونه والموت، ولكنه جبن واحتمى بها لتقع رصاصة الموت عليها وترحل! لكن هذه الخيوط التي نسجها المخرج والمؤلف أبو العباس بدت مفككة وفي حاجة إلى أن تكون مترابطة بحسب ما جاء في إفادات بعض النقاد الذين شاركوا في الندوة التطبيقية المرافقة للعرض، والتي أدارها المخرج العراقي محسن العزاوي. ودافع أبو العباس عن البنية المفككة للنص، مشيراً إلى انه تعمد أن يوازي تشظي العلاقات بين الشخصيات على كل مستويات العرض (الحوار، والأداء التمثيلي، والإضاءة) فهو لم يشأ أن يقدم العمل في وحدة مضمونية تصاعدية أو متراتبة، وذلك حتى يستفز المتلقي ويجره إلى مقاربة مختلفة للعرض، إلى طريقة مغايرة في تدبر المعاني والدلالات. العرض يتابع المشاهد للعرض مقاطع حوارية بين الممثلين تبدو للوهلة الأولى مكررة، وتعطي الانطباع بالدوران في حلقة مفرغة، كما أن الإضاءة مصممة، بحيث تشعر المتلقي بالشبحية، أما قطع الديكور فهي تحيلنا إلى بيت (سجن كبير) كل الأحداث تجري في نطاقه، وقد عمد المخرج دائما إلى تركيز الانطباع بضيقه وسواده، سواء بتحريكه من جهة لأخرى، أو عبر الظلال الضوئية وحركة الممثلين أم المؤثرات الصوتية. ثمة دلالة عامة يمكن للمرء أن يؤسسها بمتابعته (الحوار/ الصراع) بين الشخصيات (الأب، والابن، والابنة الكبرى، والابنة الصغري..) وهي تتعلق بالمكان الذي أراده (المخرج/ المؤلف) مرة في معنى البيت، ومرة أخرى في فكرة السجن، فهذا المكان لا يحتمل بالنسبة للأب الذي يبرز بصفة مركزية في العرض (يبدأه وينهيه)، إذ إن روح الأب تهفو إلى مكان أكثر رحابة وحرية، وفي سعيه ذلك يبدو الأب حانقاً جدا، فيما ثمة طفلته الصغيرة التي كل شغلها أن تفسح المكان لشمعات أكثر تغمر بسطوعها الظلام من حولها؛ لكن ليس معروفاً من أين استمدت هذه الطفلة طاقتها الإيجابية في وسط مفعم بالتشاؤم! مزايا شكلية تكلم بعض الحضور في الندوة عن مزايا شكلية عرفها العمل، وبخاصة في الجانب الخاص بعلاقات الكتل والفراغات وسواها، بعضهم الآخر تكلم عن إشكاليات في الأسلوب الإخراجي الذي اعتمده العباس، على رغم تنوع حلوله، سواء فيما يتعلق بأداء الممثلين، أو صياغة الرؤية السينوغرافية. وبدا الكلام عن الطابع التجريدي للعرض متفقاً عليه بين عدد من المتداخلين، فيما مضى أحد النقاد المغاربة إلى وصف العرض بالملغز، وانه لم يفلح في تسليم المشاهدين مفاتيحه وانغلق على ذاته. الشموع كانت دلالة الأمل في الإيقاع السوداوي للعرض لم يغلق أبو العباس عرضه على ذلك الإيقاع السوداوي الحزين، فهو قدم لوحة معبرة في نهاية العرض وجدت صدى واضحا وسط المشاهدين، حيث أنهى العرض بلوحة مضاءة بالشموع ـ دلالة الأمل ـ يتوسطها الأب الذي بدا دائما ناقما وحانقا، واللوحة ذاتها كان المخرج قدمها في لحظات مختلفة من العرض، وقد ظهرت في إطارها تلك الطفلة تغني ليوم أقلّ سواداً وأكثر جمالاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©