الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان وفيتنام...المقارنة الخاطئة

أفغانستان وفيتنام...المقارنة الخاطئة
8 سبتمبر 2009 00:17
هل باتت أفغانستان تشبه تكراراً لسيناريو حرب فيتنام؟ من الممكن، ولكنها لم تصبح كذلك بعد. ففي هذه المرحلة، مازالت ثمة اختلافات جوهرية بين الحربين، ومن ذلك: - الدعم في الداخل. فمما لا شك فيه أن دعم الجمهور الأميركي للحرب قد تقلص، غير أنه بعد ثماني سنوات على الحادي عشر من سبتمبر، مازال الحماس لتحقيق هدفها الأصلي والمتمثل في تدمير «القاعدة» قويا. - قوة محاربة أصغر وأكثر تركيزاً. على سبيل المقارنة، فإن أزيد من 500000 جندي أميركي كانوا في فيتنام عام 1969، أكثر من 58000 منهم قضوا في الحرب. أما في أفغانستان، فمن المنتظر أن يصل قوام القوات الأميركية هناك إلى 68000 في وقت لاحق من هذا العام. وحتى الأسبوع الماضي، مات في المعركة 562 جنديا – وهو عدد صغير مقارنة مع عدد الأميركيين الذين سقطوا في فيتنام. - تقييمات عسكرية نزيهة. في فيتنام، كان القادة العسكريون الأميركيون يزوقون التقييمات التي يرسلونها إلى الرؤساء في واشنطن. أما في أفغانستان، فقد وصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايكل مولن الوضع مؤخرا بـ «الخطير والمتدهور»؛ واعتبر مولن، الذي بدأ مشواره العسكري كضابط في البحرية في فيتنام، أنه من المهم عدم تقديم وعود بنصر سريع، وقال لي الأسبوع الماضي: «الأكيد أنني لا أعتقد أننا قادرون على قلب الأوضاع (في أفغانستان) في غضون 12 أو 18 شهرا، ولكني أعتقد أننا يمكن أن نبدأ ذلك». والواقع أن الحرب طويلة ومكلفة وغير ناجحة، ولكن أوباما وجنرالاته مازالوا يتوفرون على فرصة لتغيير الكفة فيها. بيد أنه من ناحية واحدة على الأقل هناك شبه بين أفغانستان وفيتنام بالفعل ويكمن في حقيقة أن حكومتها المركزية غير كفؤة وينخرها الفساد، وهو أمر كفيل بنسف الجهد الحربي. وفي هذا السياق، يحذر بروس ريدل، الذي أدار مراجعة الإدارة للسياسة الأميركية تجاه أفغانستان وباكستان المجاورة : «إذا بدأت الحكومة الأفغانية الآن سقوطا حرا على غرار الحكومات الفيتنامية الجنوبية في عقد الستينيات، فإن كل جنود العالم لن يكون لديهم أهمية في الحقيقة». ولكن، ما مدى سوء الأوضاع هناك؟ منظمة «الشفافية الدولية»، التي تقيس الفساد حول العالم ، تصنف أفغانستان باعتبارها واحدة من بين أسوأ خمسة بلدان في العالم من حيث الفساد، حيث تضعها في المرتبة الـ176 من أصل 180بلدا. ومن جانبهم، يشتكي الأفغان من أن الشرطة والقضاة ومسؤولين آخرين يطالبونهم بالرشى. وإذا كانت الانتخابات الرئاسية، التي شهدتها أفغانستان الشهر الماضي، قد أرادت دعم شرعية أي حكومة تفرزها الانتخابات، فإنها لم تفلح في ذلك، حيث قام أنصار الرئيس حامد كرزاي بإفساد الانتخابات على نطاق واسع، فسرقوا بطاقات التصويت، ومنعوا الخصوم من التصويت، وملأوا صناديق الاقتراع بالأصوات المزورة . وكانت نتيجة ذلك أن قوضت الانتخابات شرعية الحكومة بدلا من أن تعززها. ولذلك، فإن النقاش الحاد الذي أثير هذا الشهر حول عدد الجنود الإضافيين الذين سيرسلهم أوباما إلى أفغانستان ليس هو الأهم في الواقع. فمولن يقول إنه واثق من أن قائده في كابول، الجنرال ستانلي ماكريستال، قادر على تحسين الأوضاع الأمنية على الأرض بواسطة نسخة أفغانية من استراتيجية محاربة التمرد التي أثبتت نجاحها في العراق، حيث قال مولن في مؤتمر صحافي يوم الخميس: «إننا نعرف كيف نقوم بهذا الأمر». ولكن السؤال الأكثر صعوبة هو ما إن كانت الحكومة الأفغانية ستكون قادرة على أن تستغل وتغتنم أي أمن يوفره الأميركيون. وبالتالي، فإن أهم عدد ينبغي مراقبته والانتباه إليه ليس هو المتعلق بحجم القوات هناك، وإنما «زيادة عديد المدنيين» من مستشارين وعمال مساعدات وخبراء زراعيين ومحققين في محاربة الفساد والذين سينتقلون أيضا إلى البلاد. فالعدد صغير جدا، وتأثيره غير أكيد. ريتشارد هولبروك، الذي يدير الجهود المدنية، يصف المقاربة بـ «القوة الذكية». ويحاول هذا الدبلوماسي الأميركي المحنك زيادة عديد المسؤولين المدنيين الأميركيين في أفغانستان من نحو 450 إلى نحو 900 بنهاية العام، ويقول إن البرنامج على سكته. غير أن هذا العدد غير كاف. ونظرا لفقدان حكومة كرزاي المركزية مصداقيتها، على الولايات المتحدة أن تلتف على كابول وترسل المال ومساعدات أخرى إلى الحكومات المحلية في أقاليم أفغانستان الـ34 ومناطقه الـ399، وذاك أمر يتطلب أكثر من 900 شخص في الواقع. وفي هذا الإطار يقول أنتوني كوردزمان، المستشار المدني لماكريستال: «علينا أن نكف عن الحديث عن «القوة الذكية» كما لو كنا نملكها»، مضيفا «ليس لدينا مدنيون على الأرض. وما يسمى بـ «الزيادة المدنية» هي دون الحد الأدنى المطلوب». الخيار الذي لن ينجح، حسب مستشاري أوباما، هو الانسحاب، حيث يقول مولن: «من المستحيل هزم «القاعدة» - وذاك هو مهمتنا الرئيسية في أفغانستان - بواسطة تلك المقاربة فقط... إنك لا تستطيع أن تقوم بذلك عن بعد». غير أنه لمعرفة ما إن كان من الممكن الفوز في الحرب، وتلافي تحولها إلى فيتنام أخرى، على أوباما أن يقوم بشيئين: أن يحشد دعم الجمهور والكونجرس خلف زيادة أخرى في عديد القوات؛ وذلك سيكون الجزء السهل. ثم عليه أن يجد طرقا لإنجاح الحكومة الأفغانية عبر زيادة المستشارين والخبراء المدنيين، وإيصال المساعدات مباشرة إلى الزعماء المحليين الذين يقدمون الخدمات لناخبيهم – حتى وإن لم يكونوا، في بعض الحالات، نظفاء مثلما نريدهم أن يكونوا؛ وذاك سيكون الجزء الصعب. دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©