الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسعار الصرف.. متاهة فنزويلية

2 ابريل 2014 23:20
راؤول جاليجوس محلل اقتصادي تؤكد المشاكل التي تواجهها شركات الطيران الدولية في فنزويلا أن السياسات الاقتصادية المضللة يمكنها أن تدمر دولة، حتى وإنْ كانت محظوظة بامتلاكها كميات من النفط ليست موجودة بأي دولة أخرى على كوكب الأرض. فشركات الطيران لديها ما يزيد على 3.5 مليار دولار محاصرة في فنزويلا بسبب القواعد المقيدة لتحويل العملة، والتي تمنع هذه الشركات من استعادة أموالها. كما لم تتمكن بعض الشركات من الحصول على دولارات خلال العام الماضي، وفقا لرابطة شركات الطيران الفنزويلية. وهذه القيود أيضاً تجعل من الصعب بالنسبة لشركات الطيران شراء قطع غيار الطائرات من الموردين الدوليين ودفع تكاليف التشغيل. وهذا يفسر سبب قيام بعض الخطوط الجوية، مثل «طيران كندا» بتقليص عدد رحلاتها إلى فنزويلا بالرغم من تهديدات الرئيس «نيكولاس مادورو» بمعاقبة الشركات التي تفعل ذلك، حيث قال في وقت سابق من هذا الشهر أن «الشركات التي ستغادر الدولة لن تعود إليها طوال فترة حكمي». وسبب إصرار «مادورو» هو أن الحكومة التي ورثها من «هوجو شافيز»، قد عززت الطلب الزائد على تذاكر الطيران – من خلال تقديم أسعار صرف منخفضة للمسافرين لإنفاقها بالخارج – ونقص الدولار الذي يشل صناعة الطيران حالياً. وكان قيام الدولة بفرض قيود على العملة القابلة للتعديل لمنع هروب رأس المال، هو أول أخطاء الحكومة. فقد تعلم الفنزويليون، تحويل مدخراتهم من العملة الوطنية «البوليفار» إلى دولارات لحماية هذه المدخرات من التضخم الجامح وخفض قيمة العملة الناتج عن الإنفاق الهائل للحكومة. إن وضع ضوابط لرأس المال لا يغير هذا السلوك، بل يجعله يزداد سوءاً. والنتيجة هي الحصول على نظام صرف أشبه بالمتاهة. فالدولة لديها أربعة أسعار للصرف، كل منها يضعف تدريجياً. والسعر الرسمي للدولار مقابل «البوليفار» هو 6.3، ولكن فقط مستوردي السلع الأساسية والأدوية هم الذين يحصلون على الدولار بهذا السعر الزهيد. وعلى الجانب الأخر، فإن أسعار صرف الدولار في السوق السوداء تبلغ تسعة أضعاف هذا المعدل. وهذه الفجوة في فروق أسعار الصرف هي التي تشجع على المضاربة. فالعديد من الناس يلجؤون لشراء تذاكر الطيران بالعملة الوطنية /البوليفار/ حتى يتظاهروا بالاستعداد للسفر ومن ثم يمكنهم شراء الدولار من الحكومة بأسعار صرف زهيدة للإنفاق بالخارج. وفي وقت لاحق، يقومون بالتخلص من تذاكر الطيران وبيع الدولار في السوق السوداء المحلية لجني الأرباح. لقد أصبحت المضاربة في العملة من أكثر الأنشطة الأكثر ربحاً للشركات في فنزويلا. كما تلعب شركات الخطوط الجوية نفس اللعبة. فمعظم هذه الشركات قامت العام الماضي بزيادة الأسعار بما يقرب من 40 بالمائة كنوع من التحوط في حالة قيام الحكومة بخفض قيمة العملة، كما فعلت ذلك سابقا خمس مرات خلال العقد الماضي وكذلك في شهر فبراير، أو قامت بوضع قيود على النقد الأجنبي المتاح لشركات الطيران، كما حدث خلال العام الماضي. وهذا الإجراء من شأنه زيادة كمية الدولارات التي تطالب بها شركات الطيران في نهاية الأمر من الدولة عندما تسعى إلى تحويل حصيلتها من عملة «البوليفار» المتراكمة من مبيعات تذاكر الطيران. لقد أصبحت أزمة نقص الدولار من السوء بحيث تطالب فنزويلا حاليا شركات الطيران بدفع مقابل خدمات المطار – مثل حظيرة الطائرة ورسوم الهبوط – بالدولار الأميركي بدلا من العملة المحلية. إذا كان التاريخ الحديث يدل على شيء، فيتعين على شركات الطيران أن تتوقع خسارة بعض المال. ففي عام 2010، منيت شركات الخطوط الجوية بخسارة قيمتها 17 بالمائة من إيراداتها المحاصرة عندما قبلت بسعر صرف منخفض نظير تحويل حصيلتها من «البوليفار»، ثم تمكنت الشركات من إنقاذ 260 مليون دولار من مبيعات التذاكر، وهذا المبلغ يمثل شريحة صغيرة من المليارات التي هي الآن على المحك. إن فنزويلا تكافح لكي تتعامل مع عواقب سياساتها. فقد بدأت في 24 مارس مزاداً للدولار تقترب فيه أسعار الصرف مقابل «البوليفار» من معدلات السوق السوداء، كما زادت الحكومة من رقابتها بحيث يصعب على الفنزويليين التلاعب بالنظام وبيع الدولارات الرخيصة محلياً. ولكن كلما زادت فنزويلا من قيودها، كلما زاد الناس بحثاً عن الثغرات للتلاعب من خلالها، ومن ثم تزداد المضاربات ازدهاراً. ولكن السياسات الاقتصادية السليمة المستمرة لفترات طويلة هي التي ستسمح لقوى السوق بتحديد أسعار الصرف، الأمر الذي سيعيد للناس ثقتهم بعملتهم الوطنية «البوليفار». ينشر بترتيب خاص مع خدمة « واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©