القاهرة (أحمد الصاوي) - تعتبر عمليات سك النقود المعدنية، من منتجات الفنون التطبيقية، وهي تأتي في دراستها كقاسم مشترك بين فروع من علم التاريخ أهمها تاريخ الفن والتاريخ الاقتصادي، فضلا عن مشاركة أساسية من علم الآثار وأخرى هامشية من الدراسات الحضارية المعنية بتتبع الصناعات المختلفة. وقد احتلت النقود المعدنية مكانتها بين الفنون القديمة بفضل الرسوم والزخارف، التي كانت تحتوي عليها وغالبها إما يشير إلى الحاكم بصورة شخصية أو رمزية أو يحمل معاني دينية كرسوم القديسين أو دور العيادة. أما في الفنون الإسلامية وعلى الرغم من ندرة الصور في العملات الإسلامية فإنها استحقت أن تكون في دراسات الفنون، لما تضمه من خطوط فنية دقيقة تعبر عن تطور الجوانب الزخرفية في الخط العربي.
ميدان أساسي
إعداد قوالب السك هو الذي منح للنقود المعدنية جدارتها الفنية لما تستلزمه عملية حفر الكلمات من دقة وبشكل مقلوب في حيز صغير من الصلب ومهارة فنية وصناعية. ويعد النقاش أو معد قوالب السك من أهم أصحاب الوظائف بكافة دور السك الإسلامية وتتوارث عائلات بعينها تلك الوظيفة لما يجب أن يتوفر في صاحبها من الأمانة والمهارة.
![]() |
|
![]() |
وأصبحت النقود المعدنية الإسلامية ميداناً واسعاً لاستعراض فن الخط العربي، وما لحق به من تجويد في النسب بين الحروف، وتطور في رسمها وهذا الباب شارك فيه ابتداء المسلمون في صناعة النقود، وما لبثوا أن شغلوا وظائف الصناعة المختلفة من سبك أو صهر للمعادن وطرق أو مد للسبائك وصولاً للترصيع أي إعداد القطع لاستقبال النقوش بالطرق عليها لضمان تماثل السمك وانتهاء بالضرب أو السك، وهو وظيفة يعرف صاحبها في دور السك باسم الضراب، وهو الذي يقوم بضرب القطع المعدنية بقالبي السك في وقت واحد لتظهر نقوشها بشكل عكسي ظاهرة مستقيمة كما يقول ابن خلدون. وظل اليهود يشغلون بعض الوظائف الفنية بدور السك الإسلامية المختلفة بدءا من المغرب بأقصى الغرب الإسلامي وصولا لأواسط آسيا بل وتخوم الصين شرقا ولكن عملهم يكاد يكون محصوراً في تزويد دور السك بالمعادن وفي بعض الأحيان إعداد السبائك المعدنية. ويعزى ذلك إلى أن المسلمين كانوا ينظرون لتجارة المعادن على أنها من أنواع الربا لذلك سمح لليهود بالقيام بذلك الدور وحتى بعد أن دخل بعضهم الإسلام ظلوا يقومون بتوفير المعادن النفيسة من الذهب والفضة لدور السك.
![]() |
|
![]() |