الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«أحلوج» تقدم تجربة ترتكز على الجسد و «بايتة» تطرق التناقض في شخصيات هامشية

«أحلوج» تقدم تجربة ترتكز على الجسد و «بايتة» تطرق التناقض في شخصيات هامشية
27 مارس 2011 22:00
عُرضت أمس وهو اليوم الأخير من عروض مهرجان أيام الشارقة المسرحية مسرحيتين الاولى بعنوان “احلوج” لفرقة مسرح العين تأليف جواهر مراد وإخراج محمد صالح والثانية “بايتة” لفرقة المسرح الحديث تأليف مرعي الحليان وإخراج ناجي الحاي. مسرحية “احلوج” التي كانت خارج المسابقة عرضت على خشبة مسرح قصر الثقافة بالشارقة، تمثيل مروى راتب وحنان وياسر النيادي، وهي تنتمي إلى ما يمكن وصفه بأنه المسرح التجريبي “الشاب” الذي يعتمد بالأساس على عدد محدود من الشخصيات التي تعتمد في الحوار في ما بينها على الاستجابة العالية للجسد عبر حركات معبرة عن تحولات نفسية داخل الشخصية وسط اجواء لا تخلو من الفنتازيا، بمعنى أن “لعب” الجسد هو جزء من الحوار الذي على الممثل إيصاله إلى المتفرج كي تصل إليه حكاية العرض أو ما يشي بها على الأقل. كما يتعمد هذا النوع من المسرح على تقشف في أدوات السينوغرافيا وتلعب الإضاءة فيه دورا مهما في إبراز التضاد بين النور والعتمة ضمن خطوط أفقية للإضاءة او عمودية أو كليهما معا إنما بحيث يبقى التباين قائما بحيث يكون معبرا عن جانب معتم وآخر مضيء في بنية الشخصية ذاتها. ولعل الإضاءة كانت هي الحلقة الأضعف في هذا العرض المميز الذي خلا تقريبا من المؤثرات السينوغرافية غير المرئية تقريبا، وذلك عندما التقى خطّا الإضاءة ليجعلا من الخشبة مضاءة كلها بعيدا عن دورها الأساسي في العمل، أضف إلى ذلك أن التمثيل كان يهبط مستواه الفني ويصير أقل إقناعا عندما يتحول إلى نوع من الصراخ فيصبح الصراع في ما بين الشخصيات أشبه بالحوار غير المفهوم الذي لا يفضي بالمتفرج إلى أية نتيجة. في ما عدا ذلك، فقد سعى المخرج محمد صالح وفريق عمله إلى تقديم عرض شبابي لافت يقوم بالأساس على الخيال المبتكِر من ذلك النوع الذي يقلب العالم رأسا على عقب، وبالفعل قدم الفريق مشاهد صعبة ومقنعة في بعض الأحيان تبشِّر بمخرج وممثلين ربما يكون لهم شأن ذات يوم لو استمروا في ممارسة هذ النوع الصعب من المسرح الذي يتطلب انتماء عميقا إليه. “بايتة” أما مسرحية “بايتة” التي عرضت على خشبة معهد الفنون المسرحية بالشارقة القديمة، تمثيل حسن رجب ومرعي الحليان وموسى البقيشي وجمال الصميطي وخالد البناي، فبدت شيئا آخر تماما، ليس أكثر نضجا على المستوى الفني وحضور جملة من الإشكاليات والقضايا التي يريد العمل طرحها اكثر من أنه يحاول الاجابة عليها فحسب بل أيضا عبر الذكاء اللمّاح في اختيار حكاية كمفتاح لطرح هذه القضايا على نحو غير متوقع والتي يقدمها ممثلون من ذوي الخبرات المميزة في التمثيل في المسرح الإماراتي وفي المساحة الواسعة من الحرية التي منحها المخرج لممثليه في اختيار “كاركتر” كل شخصية على حدة كاشفة جميعا عن التعدد والتنوع الإنساني في الشخصية الإماراتية. تدور احداث المسرحية في غرفة معيشة في بيت بلغت سهرة المس فيه أكثر من حدّ الثمالة لتبلغ درجة اختطاف الوزير في الوزارة التي يعملون بها كي يشرح كل منهم مظالمه الخاصة إنما في إطار “حالة” مسرحية هزلية تسخر من كل شيء في العالم حيث يبدو المشهد الما قبل افتتاحي أحد المفاتيح المهمة في الحكاية، حيث الصخب وأغاني السهر الكلاسيكية والاحاديث التي تخرج غير مكتملة من هنا او هناك ومن بينها وضع المواطنين الإماراتيين بالنسبة للجالية الهندية حيث يتنبأ أحد السكارى بأن المواطن سوف يصبح عيّنة للسكان الأصليين يوما ما يشير إليها ابناء هذه الجالية. لكن فعل الاختطاف في حدّ ذاته، في حالة ثمالة، هي في إحدى تعبيراتها النفسية دلالة عجز عن مواجهة الواقع ودلالة على جبن يتحول إلى جرأة مبالغ فيها في حالة الثمالة لتعود الشخصية إلى إحساسها بالعجز والجبن بعد الصحو. إنها شخصيات يومية عربية مصابة بالتصدع النفسي والفكري وغير قادرة على التأثير في محيطها أو اتخاذ موقف إيجابي مما تراه سلبيا فيه. إنها شخصيات هامشية لا يطالها إلا التهميش والعيش في غيبوبة عن واقع بكل تفاصيله وإشكالياته. إن أكثر المشاهد تأثيرا من هذه الناحية كانت أكثر تجليا في تلك اللحظات التي كان ينبغي على كل موظف أن يقدم فيها مظالمه لوزيره، تلك التي لا ينتبه “معاليه” إلى مظلمة فيها لتبدأ المسرحية مثلما انتهت، عفوا، لتنتهي المسرحية مثلما ابتدأت فتضيع مطالب الموظفين في الصخب العالي لبناء الأبراج التي تزداد علوا وعلوا وسط وابل من اللهجات غير المفهومة ثم ليبقى الحال على حاله، او لتسدل الستارة عليه او ليجري إغماض العيون عنه تماما، بحسب المسرحية. وكان ملحوظا تماما أن هذه الشخصيات التي بدت بسيطة هي على درجة عالية من التركيب. فقد بدا واضحا تماما جهد المخرج ناجي الحاي في الربط بين هذه الشخصيات وبنائها السيكولوجي بحيث تأتي معبرة عن ما يحدث (الآن، وهنا) في المجتمع الإماراتي دون مبالغات أو إفراط في التأويل بل بكثير من البساطة التي تعتمد الكوميديا فيها على ما يُعرف بكوميديا الموقف ثم كوميديا التمثيل، أي أداء الشخصية معا.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©