الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قوة الصين التجارية.. سلاح ذو حدين

17 ابريل 2018 23:30
للمرة الأولى منذ حروب الأفيون التي شهدها القرن التاسع عشر، تكون حدود الصين وأراضيها بعيدة عن الصراعات. وسمح هذا الاستقرار بالتسريع من وتيرة التصنيع وجذب الاستثمارات الأجنبية وارتفاع الطبقة المتوسطة الحضرية في الصين. فلماذا تُعرِض الصين كل هذا للخطر في خلاف تجاري مع الولايات المتحدة؟ لقد خلقت الوحدة السياسية التي تحققت بصعوبة الظروف المواتية في الصين للقيام بالإصلاحات التي شهدتها حقبة القائد الصيني «دنج شياو بينج»، والذي قاد الصين خلال فترة حكمه لها بين عامي 1978 و1992 نحو تبني اقتصاد السوق، والنجاح الاقتصادي العظيم الذي حققته البلاد. وهذه المكاسب، بدورها، تجعل الصين واثقة وتعزز موقفها في المباحثات مع إدارة ترامب، والتي ستحدث في نهاية المطاف. وهذا التقدم هو أيضاً أكبر ما يمكن أن تفقده الصين. وكلما كان موقف الصين قوياً، زاد الهدف - والضرورة - لتقديم تنازلات لدرء الصراع. والأمر المسلم به أن الولايات المتحدة لديها الكثير لتفقده فيما يمارس الرئيس دونالد ترامب ضغوطاً على الصين من خلال التهديد بفرض رسوم جمركية واستجابة بكين التي هي من نفس النوع. وفي منتدى كلية هارفارد في الصين الذي عقد في نهاية الأسبوع الماضي، أشار المتحدثون إلى أن الصين لا يمكن مهاجمتها. ربما يوفر الأمن الجغرافي الحالي للصين، خاصة على النقيض من الوضع في القرنين المضطربين الماضيين، طريقاً محتملاً للخروج من النزاع التجاري الذي سيلحق الضرر بالبلدين. وعلى أي حال، فإن بكين لديها لعبة استراتيجية أكبر بكثير لتمارسها: مبادرة الحزام والطريق. هذه الرؤية التي تبلغ تكلفتها نحو تريليون دولار ستفتح صلات جديدة للدولة مع آسيا وأوروبا وافريقيا، وذلك عبر السكك الحديدية والطرق البرية والموانئ وشبكات الكهرباء. هذا النوع من الاستثمار طويل الأجل هو ما تتيحه الوحدة السياسية. وعلى النقيض من ذلك، تبدو الولايات المتحدة بشكل أكبر أشبه بدولة من القبائل المنقسمة، حيث أصبح اتخاذ القرار يتسم بقدر أكبر من الفوضى. وعلى وجه الخصوص، ومع تبقي شهرين تقريباً حتى تدخل التعريفات المقترحة، والتي تبلغ 50 مليار دولار، حيز التنفيذ، يمكن للشركات متعددة الجنسيات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها والتي تركز على سلاسل توريد عالمية أن تمارس ضغوطاً كي تحقق ما تريد. إن المقياس الأوسع نطاقاً للصورة التجارية للصين، وهو فائض الحساب الجاري، يتناقص إلى درجة أنه لا يكاد يذكر. فقد كان يمثل 1.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2017. ومن ناحية أخرى، فإن اقتصاد البلاد يسيطر عليه بشكل متزايد قطاع الخدمات والاستهلاك والتكنولوجيا. وعلى الرغم من وابل الشتائم من جانب البيت الأبيض، في هجوم على نهج الصين العدواني فيما يتعلق بالتكنولوجيا وتحدي بكين، إلا أن مصالحهم قد بدأت بالفعل في التوافق. فقد تفوقت الشركات الصينية في العام الماضي على اليابان كثاني أكبر مسجل لبراءات الاختراع في العالم، وفقاً للمنظمة العالمية للملكية الفكرية. وبحسب الاتجاهات الحالية، فإنها ستتفوق على الولايات المتحدة في غضون ثلاث سنوات. وربما تبحث الصين بعد ذلك على حماية قوية للملكية الفكرية، وفقاً لما يقوله «فريد هو»، مؤسسة ورئيس شركة «بريمافيرا كابيتال» التي تتخذ من بكين مقراً لها. ومن بين الشكاوى الرئيسة للرئيس ترامب فيما يتعلق بالصين هي ما يصفه البيت الأبيض بالجهود التي تقودها الدولة للنقل القسري للملكية الفكرية أو حتى سرقتها. وفي هذا الصدد، قد تساعد المصالح المشتركة للصين وأميركا على توفير الأسس لتسوية أوسع نطاقاً فيما يتعلق بالتجارة. إنها القوة واتساع نفوذ الصين يضعانها في مكانة متفوقة. ومن الممكن نشر هذه القوة لنزع فتيل الحرب التجارية، وكذلك لإشعالها. *محرر الشؤون الاقتصادية في «بلومبيرج فيو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©