الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب العراق... بطالة «العائدين»

23 مارس 2013 22:22
جريج جيف أوكلاهوما هذا ما بدا عليه الأمر في ولاية أوكلاهوما بالنسبة للجنود الأميركيين الذين شاركوا في حرب العراق بعد عشر سنوات على انتهائها: جنود سابقون يرتدون بدلات سوداء رخيصة، ومديروا الموارد البشرية في الشركات يوزعون ابتساماتهم على الجميع ومعها كومة من المنشورات، فيما يظهر جانباً جندي سابق من جنود مشاة البحرية وهو يتحدث لمحطة تلفزيونية عن «الأوقات الصعبة»، التي يجتازها قدماء الجنود بحثاً عن عمل. وفي القلب من اللقاء، الذي عقد بإحدى قاعات المؤتمرات على هامش معرض للتوظيف نظم بالولاية لجمع أصحاب الشركات بقدماء الجنود وتسهيل توظيفهم يبرز النقيب في حرس الحدود، «مايك بولتن»، الذي يسعى إلى مساعدة الجنود الذين خدموا في العراق وأفغانستان وتأمين وظيفة لائقة من خلال التنسيق مع أقسام الموارد البشرية في الشركات وجمع السير الذاتية للجنود ودفعهم لاجتياز مقابلات التوظيف، وهو لذلك لا يكف عن الانتقال بين شركة وأخرى لعرض السير الذاتية وتشجيعهم على توظيف قدماء الجنود الذين قدموا يوماً ما خدمة جليلة لوطنهم. ولا يبدو أنه هناك من يختلف مع ضرورة توظيف الجنود، فالشركات الأميركية الكبرى تعهدت من خلال غرفة التجارة الأميركية توظيف أكثر من 200 ألف على مدى السنوات الخمس المقبلة، وحتى الكونجرس الأميركي اقترح تقديم خصومات ضريبية تصل إلى 5600 دولار بالنسبة للشركات المستعدة لتوظيف قدماء الجنود، و9600 دولار بالنسبة لمن يعانون من إعاقات. ولم يفت أوباما الدفاع عن الجنود قائلاً «لا أحد ممن يحارب من أجل هذا البلد عليه أن يحارب أيضاً للحصول على عمل». لكن في أوكلاهوما يعرف النقيب «بولتن» أن الأمور ليست بالسهولة المتصورة، وأن تأمين وظيفة لجنود سابقين دونه العديد من العقبات، فالشركات التي تنظر في السير الذاتية للمتقدمين للوظائف يحركها أكثر من مجرد الالتزامات الأخلاقية تجاه الوطن وضرورة مساعدة من خدم في العراق وأفغانستان، بل تفكر أكثر فيما إذا كانت تستطيع توظيف عدد من الأشخاص في وقت لم تتضح فيه الرؤية الاقتصادية بعد. وما إذا لم يكن من الأفضل الانتظار قليلاً لبضعة أشهر، لكن المساعدة التي يسعى بولتن لتقديمها تضاف إليها صعوبة أخرى تتمثل أن الشريحة، التي يهتم بها ويسعى لخدمتها هم الجنود الذين يعانون من مشاكل مترتبة عن خدمتهم في الجيش. فكيف يستطيع مثلاً إقناع جندي مخضرم أمضى سنوات في ساحة المعارك بتنميق سيرته الذاتية وصقلها حتى تبدو جذابة؟ وكيف يمكن مساعدة جندي يبلغ من العمر 35 سنة لا يستطيع تذكر تسديد فاتورة الكهرباء؟ وكيف يشجع آخر على التمسك بوظيفته فيما، هو يقول بعد رجوعه من القتال إنه «يكره البشرية»؟ والحقيقة أن كل سؤال من هذه الأسئلة يحيلنا إلى إحدى مخلفات الحروب الأميركية خلال العقد الأخير وتأثيراتها السلبية على الجنود وقدرتهم على الاندماج والتأقلم مع المجتمع. وفي البداية لم يكن «بولتون» يعتقد بأن سيواجه عقبات كأداء في تأمين وظائف للجنود القدامى، فهو كان يعرف أن نسبة البطالة في صفوفهم التي تبلغ 9.4 في المئة متجاوزة بذلك نظريتها لدى عموم المواطنين والتي تصل إلى 7.7 في المئة، لكن الدعم الذي حصل عليه الجنود من ولاية أكلاهوما تحديداً كان مشجعاً، لا سيما اللواء 45 المنحدر من الولاية والذي استُقبل استقبالاً جيداً من قبل الحاكم والمسؤولين. بيد أن مرور بضعة أشهر على عودة الجنود والاحتفاء بهم كانت كافية لاختفاء مظاهر الاحتفال لتصبح عودتهم جزءاً من الماضي ولتتبدى الحقيقة الصعبة، فـ«مونتي جونسون» البالغ من العمر 35 سنة، وأحد الذين شاركوا في الحرب على العراق وأفغانستان وأبلى بلاء حسناً طيلة فترة خدمته العسكرية يلاقي صعوبة جمة في لفت انتباه الشركات، ولم يجد أمامه سوى «بولتن» ليساعده في الحصول على عمل، هذا الأخير يعلق على الوضع الذي يجد فيه «مونتي» نفسه قائلاً «لقد قام بالكثير في أفغانستان لكنه لا يستطيع إيصال ذلك إلى مشغليه، وهم بدورهم غير مهتمين كثيراً بتقدير إنجازاته»، كما أن «مونتي» حاصل على شهادة جامعية في علم الاجتماع، وهو تخصص لا يقدره كثيراً من أصحاب الشركات، وفي إحدى المرات القليلة التي تمكن فيها من إجراء مقابلة مع إحدى الشركات حرص حريصاً مفرطاً على معرفة كل شيء عن الشركة ونشاطها عله يظفر بوظيفة، كما انخرط في ورشة من خمسة أيام نظمها برنامج فيدرالي لمساعدة الجنود السابقين في الاندماج، وهو ما دفع «بولتن» للتعليق، قائلاً: «أعتقد أنه يريد وظيفة إلى درجة يبالغ فيها أحياناً في الاجتهاد». وفيما عدا حالة «مونتي» غير القادر على إغراء مشغليه المحتملين يواجه آخرون مشاكل أكبر مثل «سال كيزر»، الذي حصل على عمل بإحدى شركات تصنيع المعدات النفطية بحوالي 15 دولاراً للساعة بالقرب من مقاطعة «تولسا بأوكلاهوما»، لكنه بسبب تجربته في الحرب يعاني من اضطرابات دفعت «بولتن» لاجتماع به لمساعدته على عدم خسارة وظيفته. فـ«كيزر» الذي كان يستمع بانتباه لما يقوله «بولتن» عانى من مشاكل مرتبطة بالشرب منذ عودته من أفغانستان، كما أن مشغليه لم يكونوا متأكدين كيف سيتعاملون مع اضطراباته خلال العمل، فهم يخشون أنه مع انطلاق دوي صفارة الإنذار، أو لدى تربيت أحدهم على كتفه قد يفقد «كيزر» السيطرة على نفسه بطريقة يلحق بها الأذى بالآخرين، لذا جاء «بولتن» للوقوف إلى جانبه والتوصل إلى تفاهم مع الشركة، وبالفعل بدلاً من تسريحه اتفق مع مديره على إخضاعه لبرنامج علاجي على أن يتم تقييمه بعد انتهاء البرنامج. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©