الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أبوظبي السينمائي».. واسطة العقد

«أبوظبي السينمائي».. واسطة العقد
2 ابريل 2014 20:24
خلافاً لأنماط الإبداع الأخرى، تحتاج السينما إلى شروط إبداعية خاصة، تجعل من المستحيل الدخول في مغامرتها والنجاح فيها إن لم تتوفر مثل هذه الشروط. في السينما لا يمكن الارتهان إلى الرغبات الخيرة والنوايا الطيبة، لأنها لا تكفي.. الفيلم السينمائي لا تصنعه الرغبة الحارقة في الإبداع مهما علا منسوبها في روح وقلب السينمائي.. والشريط لا يتحقق هكذا، بجرة قلم، على عدد من الأوراق أو دندنة على عود.. الفيلم يعني المال، والقدرات البشرية المدربة والتقنيات والاستوديوهات والكاميرات و... تطول القائمة. باختصار غير مخلّ على الإطلاق: السينما صناعة. هذه العبارة التي تتردد على شفاه المخرجين والممثلين والمؤلفين وكتاب السيناريو وغيرهم من العاملين في حقل الإنتاج السينمائي.. والصناعة تحتاج إلى صنّاع ومصانع.. فإن غاب المصنع لن يفلح الصانع مهما أوتي من بأس ومكنة في الإبداع والعمل، مع التشديد على أن كلمة “صناعة” لا تعني بأي حال من الأحوال أي شبهة تجارية أو تسويقية أو ما شابه. الاتحاد الثقافي رغم كل ما سبق، يحدث أن تجد الموهبة الحقة لنفسها طريقاً ما للتغلب على العائق المادي، تماماً كالشجرة التي تمدّ جذورها بعيداً لتبحث عن الماء حين يجف الماء في تربتها، فتنمو ويشتد عودها، وتصبح – للمفارقة – أقوى من مثيلاتها ما يجعلنا أحياناً نحكي عن الاستثناءات الإبداعية التي تنجح في أن تشق طريقها رغم كل المعاناة، وتعلن حضورها في الحياة بكل قوة وعنفوان. دروس في أبوظبي حدث شيء يشبه هذا في ثمانينات القرن المنصرم.. وجد عدد من الشباب المشغوفين بالسينما أنهم في تربة لم تتهيأ بعد لصناعة السينما.. كان الأمر أشبه بالحلم. عملوا بجد، وحفروا في الصخر، وبحثوا بكل السبل عن سبيل ما يفتح لهم المشهد السينمائي لـ... يعبروا. وبين البداية والراهن جرت مياه كثيرة في نهر الصورة، نبتت في المشهد أسماء كثيرة، وتكونت مجموعات سينمائية، وتحققت أحلام لمخرجين كانت في الماضي من بنات الخيال، واتضح أن الخيال يمكن أن يهبط على الأرض، وثبت أن الحلم يظل مستحيلاً في حالة واحدة فقط: أن يكف الحالمون به عن مطاردته في تخومه العالية لكي ينزل إلى أرض التحقق.. هذا واحد من دروس كثيرة يمكن تعلمه من سرد حكاية السينما في الإمارات عامة وفي أبوظبي على وجه الخصوص، أما الدرس الثاني فهو: أن لا ننظر إلى جبل الجليد بل إلى ما يخفي وراءه، بمعنى، أن لا نبني توقعاتنا لحياتنا ومستقبلنا على الظاهر والآني، لأنهما متغيّران، وكل متغيّر يُخشى من التعويل عليه، إلا في حال واحدة: أن يكون ما نريد بناءه مؤسس على احتمالات التغيير. المهم أن التغيير هذه المرة جاء في صالح السينما والسينمائيين والثقافة ككل، وأن ما كان بالأمس من قبيل الأحلام والخيالات بات اليوم حقيقة ملموسة.. ودارت العجلة: ? أفلام الإمارات تطورت وما تزال تتطور، وتترسخ عاماً بعد عام. ? سينمائيون كثر حققوا أفلامهم، وعرضوها في جمهور حاشد، شاهدته يملأ المقاعد أكثر من مرة، بل وسافروا بها إلى الخارج وعرضوها في مهرجانات عربية ودولية. ? كتاب سيناريو وجدوا طريقهم إلى الاحتراف والتمكن، وأنتجوا نصوصاً جميلة، لا تتنكر للمكان ولا تفتح قوساً خارجه، بل تغوص فيه وتسبر حكاياه لتبوح بمكنوناته وتكون مرآته التي يتمرّى فيها.. ? موهوبون وجدوا الدعم المادي والمعنوي لإنتاج أفلامهم، أو دراسة السينما في كليات التقنية أو أكاديمية نيويورك. ? مئات الأفلام الجادة، والنوعية، من كل سينمات الأرض حضرت هنا إلى الإمارات، وحضر معها في معظم الأحيان مبدعوها من المخرجين والممثلين، لكي يراها السينمائي الإماراتي، ويتوفر له جو من الاحتكاك الثقافي والحوار والجدل واختبار الذات في مواجهة الآخر، والتعرف على الآخر الذي لطالما كان نموذجاً بعيداً، عن قرب، وبدت أبوظبي مراراً، وفي كل دورة للمهرجان، قبلة لصناع السينما ونجوم الفن السابع العالميين والعرب حتى إن المرء يتعب إن أراد تعداد الأسماء التي حلت ضيفة على المهرجان، وعلى جمهور الإمارات. كل هذا وغيره، كان من ثمار الاهتمام بالسينما الذي توّج بتأسيس مهرجان أبوظبي السينمائي، الذي شحذ همم السينمائيين، وأيقظ شغفهم، وأخذهم إلى أحلامهم مخفورين بالقدرة على التحقق. لكن هذا لا يعني، من جهة أخرى، أن المهرجان هو العامل الأوحد، بل هو الأقوى أو الأكثر تأثيراً أو قل هو واسطة العقد، فثمة عوامل أخرى كثيرة ذاتية تتعلق بالسينمائيين أنفسهم، ونضجهم، ووعيهم ودراستهم الأكاديمية للفن السابع، وبالطبع، موهبتهم الحقة التي وضعتهم على دربهم الذي اختاروه، والرصيد المعرفي لهذا الفن الذي بات يقف على أرضية صلبة. ثم هناك الحالة النهضوية العامة التي شهدتها الدولة في كل المجالات، وتبدت آثارها على الفنون ومنها السينما، حيث افتتحت صالات العرض السينمائي، وأقيمت أسابيع سينمائية متواترة، كما ظهرت مجموعات سينمائية بعضها مضى وبعضها ما زال حاضراً، إلى أن تأسست المهرجانات السينمائية في الدولة.. هكذا، يستقيم القول بأن وجود مهرجانات سينمائية، وصالات عرض متقدمة ومجهزة تقنياً، ونواد للسينما، هو تعبير عن تكامل المنظومة الحضارية الكاملة للدولة. الآن تكاد أبوظبي تغصّ بصالات العرض السينمائية، ولو كان المهرجان، أي مهرجان، يكتفي بعرض الأفلام لأغنت عنه صالات العرض السينمائي، لكن المهرجان في فكرته، التي يصدر عنها، أكثر من مجرد قاعة لعرض الأفلام أو سوق لعقد الاتفاقات، وإنما خوض في فكرة السينما نفسها، وقدرتها على تغيير الناس جمالياً وإمتاعهم فكرياً وبصرياً، والأهم، بناء بصيرتهم القادرة على تمييز الجيد من الرديء، والغث من السمين، وفتح آفاق السؤال وتحريض عقولهم على العمل وترك الاسترخاء، ومنحهم معنى ما للحياة والوجود. كلام كبير، ربما يقول قائل، إذن، لنترك الحقائق تعلن عن ذاتها. «أبوظبي السينمائي» .. سبعٌ سمان رغم عمره القصير نسبياً (سبع سنوات) فإن مهرجان أبوظبي السينمائي الذي تأسس في عام 2007 تمكن من أن يحجز لنفسه مكانة مهمة على خريطة المهرجانات السينمائية العربية والعالمية. ورغم أن التوقعات بشأنه لم تكن متفائلة كثيراً عشية تأسيسه، انطلاقاً من أن الإمارات والمنطقة الخليجية بشكل عام لا تزال تربتها السينمائية بكراً، وما من حركة إنتاج سينمائية متواترة ولا صناعة واضحة المعالم وغيرها من المخاوف التي تجعل من إقامة مهرجان سينمائي خطوة مبكرة أو مغامرة غير محسوبة، إلا أن المهرجان لمع بسرعة قياسية، واجتذب إلى نشاطاته وعروضه المترددين والمتشككين قبل المتحمسين. نجح مهرجان أبوظبي السينمائي في أن يسجل حضوره في المشهد الثقافي والفني كحدث من الأحداث التي تتصدر هذا المشهد، بل ورسخ حضوره الإقليمي والعربي والعالمي سنة بعد أخرى. وفي كل عام تصحو أبوظبي على مدى عشرة أيام على شغف السينما يزين الشوارع والقاعات والردهات، وتفتح صباحاتها على دعوة للاحتفال بالحياة، وما كان لكل هذا أن يتحقق لولا البرنامج السينمائي المتنوع، المختار بعناية مدروسة، والمقرون بالعديد من الفعاليات السينمائية المتخصصة، وكل ذلك محاط بالتفاف جماهيري ونقدي. أكثر من ذلك، يساهم هذا المهرجان مع غيره من الفعاليات الكبرى في تعزيز مكانة الدولة كمركز إقليمي للإبداع والابتكار. كما أنه يقدم برامج تساهم بتعريف المجتمع المحلي بالثقافات العالمية الأخرى من خلال الفن السابع. ويعرض أعمال صناع السينما العرب ويضعها في منافسة مع المواهب الأكثر إبهاراً في صناعة السينما العالمية. في دورته الأولى تلمست إدارة المهرجان ذوق الجمهور واهتماماته مما ساهم في تحقيق دورة أفضل في السنة التي تلتها والتي شهدت مشاركة عدد أكبر من الأفلام وحضور عربي أوسع في مسابقاته وعدد ضيوفه. الإدارة الجديدة في الدورة الثالثة أدخلت نظاماً أكثر نجاعة في مسابقاته وأقسامه مع حضور السينما العربية بشكلها الواسع. ساهم التفاف الجمهور الواسع في هذه الدورة في تكوين الإحساس بأن المهرجان بات كياناً راسخاً وموعداً ثقافياً كبيراً لا يمكن إغفاله. الدورة الرابعة شهدت تأسيس صندوق الدعم “سند”، وهي الخطوة الفارقة أو القفزة الأكثر نجاحاً تجاه تحول الإمارات من مكان لاستقبال العروض إلى إنتاجها والدخول في معترك صناعة الفيلم، تلا ذلك، في الدورة الخامسة توسيع لقاءات محترفي الصناعة السينمائية. وفي آخر دورتين ومنذ تولي الفنان علي الجابري إدارة المهرجان، تمكن مع فريقه من التوصل إلى الشكل المستقر لبناء المهرجان وفعالياته وأقسامه ومسابقاته. أسباب وعوامل كثيرة تقف وراء هذا النجاح، لكنه يتأتى بالأساس من قدرته على التطور والتكامل، وفق ما قال علي الجابري (مدير مهرجان أبوظبي السينمائي) في حوار مع “الاتحاد الثقافي”، ليضيف: “البيان التصاعدي لمجمل نشاط المهرجان هو الذي يشكل القوة الدافعة لتحقيق أهدافه والتفاف الجمهور حوله. هذا ما ميز مهرجان أبوظبي السينمائي أكثر من أي شيء آخر. البدايات كانت تتلمس الخطوات الأولى ببرنامج اقتصر عدد أفلامه على 80 عنواناً في الوقت الذي تجاوز عدد أفلام الدورة السابعة من المهرجان الـ 160 فيلماً تم اختيارها بعناية وتمحيص، والتطور لم يقتصر على مستوى الأرقام رغم أهميتها، بل في بلورة تصور متكامل لتوجه المهرجان ونشاطه”. تراكم وتوازن وعن تجربته منذ تسلمه مسؤولية إدارة المهرجان أشار الجابري إلى “أنه أتى إلى دفة القيادة من رحم المهرجان حيث تسلح بتجربة قيادته لمسابقة أفلام الإمارات، مستفيداً من تجارب من سبقوه في العمل، وحرصه على الاحتفاظ بجزء أساسي من المبرمجين وعناصر العمل الأخرى فواصل المهرجان برنامجه الدولي في استقطاب أفضل النتاجات السينمائية العالمية وأكثرها جدَة. نحن حريصون على بناء قاعدة معلومات رحبة من خلال مسح شامل لما قدمته المواهب السينمائية العالمية في مهرجانات: ساندانسن، روتردام، برلين كان، وغيرها من المهرجانات التي تحتل النصف الأول من الحصاد السينمائي، أو تلك التي يتم عرضها في نفس الفصل السينمائي الذي يعقد فيه مهرجاننا مثل: البندقية، تورنتو، سان ساباستيان، وبوسان. كما أننا، عربياً ومحلياً، نستغل الزيارات الميدانية لأكثر من عاصمة عربية وخليجية، هذا إضافة لأكثر من 3000 استمارة تقديم سنوياً تصل مقر المهرجان سواء للأفلام الطويلة أم القصيرة”. وأضاف: “لم يكن ليتيسّر لي إنجاح المهرجان لولا الدعم المقدَّم من كل طاقم مؤسستنا الأعمّ تو فور 54، وخاصة التفهم والتوجيه والمساندة من نورة الكعبي الرئيسة التنفيذية ومريم المهيري الرئيسة التشغيلية للمؤسسة”. أما بشأن تركيبة المهرجان وتوجهاته فقال الجابري: “يتحرك المهرجان وبوعي كامل كي يحفظ التوازن في دوره المحلي والعربي والدولي، الترويجي والفنَي، فأن ينجح في استقدام أضخم الأعمال الهوليودية والبوليوودية لن يكون على حساب تلك الأعمال التي تصنع مستقبل السرد السينمائي وتبحث في صلب المواضيع التي تعنى بحياته وهمومه ومشاكله، ولا يمكن أن يكون النجاح الدولي كافياً إن نسينا ما تقدمه المواهب السينمائية على امتداد الوطن العربي. وهذا لن ينجح إن لم ينعكس ذلك على تطوير الإنتاج الخليجي والإماراتي. من هذا المنطلق يتواصل العمل الحثيث في تعزيز مسابقة أفلام الإمارات والتي ستحتفل هذا العام بعامها الثالث عشر، والتي ارتبطت بالمهرجان منذ تأسيسه وأصبحت جزءاً عضوياً من فعالياته منذ دورته الثالثة، مشكّلة منصَة أساسية في عرض الأفلام القصيرة الإماراتية والخليجية مع غيرها من المبادرات الأخرى كالمختبر الإبداعي في توفور 54 ومهرجان جامعة زايد ومهرجان الخليج السينمائي وغيرها”. وتابع الجابري: كان مهرجاننا المكان الذي انطلقت فيه العروض العالمية لمجموعة من الأفلام الروائية الطويلة الإماراتية مثل: “حنَة” لصالح كرامة العامري، “ثوب الشمس” لسعيد سالمين المرَي، و”ظل البحر” لنواف الجناحي. ولم تتوقف برامج المهرجان على مسابقاته أو فقراته الأساسية في توفير الفرصة للمشاهد المحلي مائدة دسمة من العروض السينمائية بل حرص على الدوام على تقديم مجموعة من البرامج الخاصة والعروض الاستعادية والتي تسمح للجيل الشاب والذي يشكل الفئة الطليعية من مرتاديه في تكوين صورة عن المنجز السينمائي عربياً ودولياً، فتم تقديم مختارات من أفلام سينمائية لمخرجات عربيات، اضافة إلى نماذج من السينما الهوليودية بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال الهند. برنامج “مخرجات من العالم العربي” و “فلسطين وسينما العالم”،و “السينما التركية الجديدة” و“تخطيط الذات: تجريب في السينما العربية”، مع البدء في تقديم كلاسيكيات سينمائية مرممة والتي واصلها المهرجان في دوراته الثلاث الأخيرة بإعداد المبرمج محمد خواجا وبإشراف مديرة البرمجة تيريزا كافينا، والتي انفردت بتقديم برنامج عن السينما الكورية الحديثة في الدورة السادسة للمهرجان. العام الماضي قدم رامان جاولا مبرمج المهرجان لشبه القارة الهندية برنامج “تحية للسينما الهندية” بمناسبة الذكرى المئوية للسينما الهندية، كما قدم قبلها برنامجاً بعنوان “نتذكر طاغور” بمناسبة الذكرى الـ 150 لولادة الكاتب الهندي العالمي والتي صادفت مع الدورة الخامسة للمهرجان ومع احتفالنا بمئوية محفوظ. ولا ننسى احتفالنا بالسينما السويدية مكللة بعرض ثلاثة أفلام للمخرج الاستثنائي أنغمار بيرغمان عام 2011. لثلاث مرات متتالية قدم انتشال التميمي برامج موازية هدفت تسليط الضوء على جوانب متنوعة من النشاط السينمائي العربي، حيث احتفل المهرجان في دورته الخامسة بالذكرى المئوية لميلاد الكاتب العالمي الكبير نجيب محفوظ بعنوان: “محفوظ سينمائياً” تضمن إقامة معرض لنسخ من بوسترات لأعماله إضافة لإصدار كتاب تحليلي عن إسهامه السينمائي، وتلا ذلك برنامج عن السينما الجزائرية بمناسبة خمسينية استقلال الجزائر، وشهدت الدورة الأخيرة عروضا لتسعة أفلام عربية تمثل الأعمال الأولى لمخرجيها”. صندوق “سند” أحد أجمل اجتراحات المهرجان هي مشروع “سند”، الذي يصبّ بالفعل في خدمة السينما وتجاربها المختلفة، والذي يعتبر بالفعل سنداً للمخرجين الحالمين بتحويل مشروعاتهم إلى أفلام حقيقية. يتحدث انتشال التميمي مدير البرامج العربية ومدير “سند” عن المشروع معتبراً أنه “أحد أذرع مهرجان أبوظبي السينمائي الأساسية في دعم الإنتاج السينمائي العربي. وتصل القيمة الإجمالية المقدمة من “سند” إلى 500 ألف دولار أميركي تقدم سنوياً على شكل منح لمشاريعهم السينمائية في مرحلة التطوير أو ما بعد الإنتاج. يفخر المهرجان كونه الرائد في المنطقة في استحداث أسلوب تدعيم المشاريع السينمائية العربية والذي دفع بمبادرات أخرى في الخليج مثل “إنجاز” و”مؤسسة الدوحة للأفلام”. أن تواجد هذه المشاريع الثلاثة شكل نقلة هامة في دفع إنتاج الأعمال السينمائية العربية، خاصة صغيرة التكلفة”. وتابع التميمي: “يحتفل المهرجان في أكتوبر القادم بالذكرى الخامسة لتأسيس “سند” الذي قام بتقديم الدعم لأكثر من 90 مشروعاً سينمائياً خلال الأعوام الأربعة المنصرمة. عدد غير قليل من هذه الأفلام التي حملت شعار “سند” جالت في العديد من المهرجانات الدولية وحازت على جوائز قيِمة. كان بينها من اشترك في مسابقات كان مثل “بعد الموقعة” ليسري نصر الله، و”بلادي الحلوة.. بلادي الحادَة” لهنر سليم، و”على الحافة” لليلى كيلاني، واشترك في البندقية “الطيب والشرس والسياسي” للثلاثي تامر عزَت، أيتن أمين وعمر سلامة، ولأكثر من عام تحتل أفلام “سند” نصف قائمة الأفلام العربية المختارة لمهرجان تورنتو. ذهب إلى هناك مثلاً “موت للبيع” لفوزي بن سعيدي، “ديما براندو” لرضا الباهي، كما اقتصرت الأفلام العربية الطويلة في البرلينالة للعام الماضي على ثلاثة أفلام كلها لـ “سند”: “لمَا شفتك” لآن ماري جاسر، “الخروج للنهار” لهالة لطفي و”عالم ليس لنا” لمهدي فليفل والأخير جال أكثر من 70 مهرجاناً دولياً وحصد أكثر من 40 جائزة، بما يؤشر إلى التزام “سند” المشاريع ذات الإمكانيات الحقيقية ودعم صناع السينما العرب في إنضاج مشاريعهم بدءاً من مراحل التحضيرات الأولى ولغاية اكتمال الفيلم”. ومثلما أشارت نورا الكعبي، الرئيس التنفيذي لـ تو فور 54 في أكثر من مرَة فإن هدف صندوق “سند” يكمن في البحث عن المشاريع السينمائية الجريئة والاستثنائية سواء أكان أصحابها من السينمائيين المكرسين أو الصاعدين، بما ينسجم مع المهمة التي أخذتها على عاتقها وهي دعم المواهب العربية، ونتطلع إلى رؤية مشاريع الأفلام التي أعلن عن فوزها منجزة وإلى عرض أفضلها عالمياً كنموذج لعالمية المنجز الإبداعي القادم من المنطقة. وكما كررنا دوماً، يقول التميمي، “لا يقتصر الدعم المقدم من “سند” على المستوى المادي فحسب، بل بمساعدة المخرجين والمهنيين العاملين في الصناعة السينمائية، من خلال جلسات “سند” للإنتاج المشترك وصممها من أجل تشجيع الإنتاج المشترك وفوائد الشراكة بين مستفيدين مختارين من منحة “سند” ومنتجين ووكلاء مبيعات وموزعين وصناديق تمويل الأفلام ومبرمجي التلفزيونات وغيرهم من قطاعات الصناعة الأخرى. ولهذا السبب تمت دعوة أصحاب مشاريع مرحلة التطوير وما بعد الإنتاج من المستفيدين من منحة “سند” إلى حضور اجتماعات “سند” للإنتاج المشترك، حيث أتيحت لهم فرص تقديم مشاريعهم والتواصل مع لاعبين أساسيين في الصناعة السينمائية. ومن الجدير بالذكر أن دعم المشاريع متواصل في توفير الاستشارة الإبداعية والمهنية على مدار السنة والتزام دائم قطعة المهرجان على نفسه بمساعدة المخرجين والمهنيين العاملين في الصناعة السينمائية. وفضلاً عن اجتماعات الإنتاج المشترك، ينظّم المهرجان حلقات “دراسة حالة” من أجل تمكين الحاصلين على المنح من الاستفادة من تجارب زملائهم ممن عملوا على مشاريعهم بدعم من “سند” حتى صارت أفلاماً. «أفلام الإمارات».. منجم مواهب إذا كان مهرجان أبوظبي السينمائي صاحب اليد الطولى اليوم في المشهد السينمائي في العاصمة، فإن قوته امتدت أيضاً إلى مسابقة “أفلام الإمارات” التي اشتد عودها، ونضجت غالبية عروضها، وباتت منصة إبداعية حقيقية للسينمائيين الإماراتيين، الذين وجدوا فيها ضالتهم، وانطلقوا من خلالها إلى غاياتهم. يقول صالح كرامة العامري مدير مسابقة “أفلام الإمارات” رداً على سؤال حول حضورها وأثرها في إغناء المشهد السينمائي في أبوظبي: بالطبع، كان لمسابقة “أفلام الإمارات” وما يزال دور فعال وموضوعي في زج عدد كبير من السينمائيين في التجربة. والذين يتعاطون العمل السينمائي يعرفون أن هذه المسابقة أثرت بلا شك في المشهد السينمائي على صعيد الإمارات وليس أبوظبي فقط.. بل إن الغالبية العظمى منهم هم نتاج هذه التجربة النهضوية”. وأضاف العامري: “أستطيع أن أجزم بأن المسابقة عبر تاريخها كانت فاعلة، ولها حضورها الخاص والمميز لأن التعاطي مع هذا الشكل من أشكال التعبير الفني والإبداعي إنما ينبع من إيمان صادق بهذه الكوادر، وموهبتها، وقدرتها على اجتراح فعل سينمائي جميل وجمالي”. وزاد: “الذين شاركوا في مسابقة “أفلام الإمارات” مبدعون بحق. وأؤكد لك أنها في غاية النمو بحكم تفوقها كمسابقة تحمل الطابع المحلي، هذا ما ألمسه من خلال معاينتي لها ورؤيتي للأفلام المتقدمة، كما أن الجيل الجديد من السينمائيين يجمع على أنها ملاذه الإبداعي، كونها تمنحهم الفرصة للعمل بحرية، ولا تستحوذ عليه أو تصادر لغته السينمائية، لا أحد يهيمن عليه أو يفرض عليه شيئاً. من هنا، وجد فيها الشباب فرصتهم السانحة، وحضنهم الدافئ.. وهذا من حقهم. أنا شخصياً ابن هذه المسابقة البار، كما أنني ابن المسرح البار. هذان الفنان الوطنيان هما منبع الموهبة المحلية ومنجمها، وبئرها التي لن تنضب. ستظل تخرج لنا من أعماقها الساحرة مواهب مفاجئة”. وختم العامري بالقول: “لقد استطعنا أن نعزز حضور المسابقة في المجتمع، ونرسخ مكانتها أكثر فأكثر لأهمية ما تطرحه أولاً، ولكونها مشروعا فنيا متكاملا، من خلال توثيق العرى مع المعاهد والكليات التعليمية والجامعات الموجودة في الدولة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©