الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسرح.. فرقُ شتّى وهمٌّ واحد

المسرح.. فرقُ شتّى وهمٌّ واحد
2 ابريل 2014 20:23
تصوغ أبوظبي لحنها من تعدد ألوانها ومناخاتها، ومن عمق رؤيتها للحاضر والمستقبل، رائدة وسائرة في طريق النماء والتألق والفعل والإنجاز، وها هي اليوم تستذكر رموزها وتعيد رسم ملامح ماضيها ليكون عبرة لأجيال اليوم، ينفضون الغبار عن الرمال ليعلو صرح، وتطلع حديقة بألوان الربيع كافة. هذه الألوان التي لطالما جعلت من عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة فضاءً يطيب فيه العيش وتحلو فيه الحياة بكل تفاصيلها وشخوصها وبيئاتها وثرواتها. تعلن أبوظبي اليوم للعالم أنها أصبحت منذ عقود صاحبة موقع بارز ورائد على الخريطة العربية والإنسانية، والفضل كل الفضل يعود لبانيها وباني الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» صحبة رفاقه الشيوخ والحكام الذين أسسوا لملحمة وصاغوا خطوطها العريضة بحكمة ورصانة وذكاء، بل وفراسة وحصافة وشجاعة نادرة تقيم الدليل على التحدي والانتصار وعلو الكعب. فلم تترك أبوظبي الإمارة العامرة بالنشاط والإنجاز مجالاً إلا وخاضته، متحدية قساوة الطبيعة، وحارثة في البحر ليعلو الصرح وتتزايد الإنجازات في سمفونية رائعة عمل من أجلها الآباء والأبناء في تلاحم قل أن تجد له نظيراً في عالم اليوم. ساسي جبيل لم تنس أبوظبي فنونها وتراثها في ظل الذهب الأسود الغامر، كما لم يقتصر دورها على العمل الاقتصادي، بل تجاوزته للفعل الاجتماعي والرياضي والثقافي، هذا الأخير كان محل اهتمام في مجالاته المختلفة، ومن بينها المسرح موضع تناولنا في هذا الملف، المسرح الذي له تقاليده في إمارة أبوظبي منذ مسرح الاتحاد الذي تأسس قبل عقود، الذي تحول فيما بعد إلى مسرح أبوظبي، ومسارح العين وبني ياس والشباب وزايد للطفل، وهي فضاءات يجتمع فيها المبدعون ليؤسسوا لأبي الفنون تأسيساً فيه التكوين والتدريب واستقطاب المواهب واكتشافها، وفيه الإنتاج والإبداع وأبطاله نخبة من المسرحيين الذين آمنوا بقدرة المسرح على التعبير. وتبشر الحركة المسرحية من بين الفنون المختلفة بمستقبل واعد رغم بعض الصعوبات التي تحدث لنا عنها البعض، وهي صعوبات تعود بالأساس إلى ضرورة توفير الفضاءات الملائمة لتقديم أعمال مسرحية بإمكانها أن تمثل إضافة نوعية، فحيثما توافر الفضاء المثالي لإنجاز العمل الإبداعي كان التألق والتميز، فقد قدم المسرح في إمارة أبوظبي عدداً من الأعمال الواعدة التي يحتفظ بها المسرحيون في ذاكرتهم. مسرح له تاريخ المسرح ظهر في الإمارات منذ عام 1963، مع حرص كبير على حضور المسرح المدرسي سواء من خلال الورشات أو الملتقيات أو من خلال تقديم العروض من طرف الطلبة تحت إشراف مدرسيهم، مما ساهم في خلق مناخات مسرحية أهلت الكثير من المبدعين المهتمين للانخراط في إطارها بغية إبراز طاقاتهم الكامنة، والعمل على تطوير وصقل مواهبهم، وهذا ما حصل بالفعل على امتداد أكثر من ثلاثة عقود كانت حافلة بعطاءات مختلفة فيها ما هو موجه للكبار وفيها ما هو موجه للأطفال. يقول الباحث عبد الإله عبد القادر في كتابه عن تاريخ المسرح الإماراتي، إن المسرح في أبوظبي بدأ النشاط الفعلي من نادي الفلاح الرياضي، ويعتبر جمعة الحلاوي من أبرز الذين يقفون وراء هذا النشاط، ثم شكلت فرقة مسرحية أخرى من شباب النادي سميت (فرقة أبوظبي للتمثيل والفنون الشعبية)، وكان من أول أعمالها مسرحية (مطوع وخميس). كما شهدت الإمارات في نهاية الخمسينيات وعقد الستينيات دوراً بارزاً للأندية الرياضية في تطوير المسرح بشكل خاص، حيث وصل عد النوادي في عام 1972 إلى 24 نادياً يضم كل ناد منها فرقة مسرحية، واستمر العمل في تأسيس الكوادر عن طريق الدوريات التدريبية وصقل المواهب، ونهض قسم المسرح بوزارة الإعلام سابقاً بدوره في تنظيم المهرجانات المحلية للفرق المسرحية، وتقديم الدعم المادي السنوي لها، كما يقوم بدوره الإرشادي والتنسيقي لجميع الفرق المسرحية العاملة في الدولة وعددها عشرون فرقة، منها: مسرح الاتحاد، ومسرح أبوظبي الشعبي، ومسرح ليلى للطفل (متوقف حالياً)، وفرقة المسرح القومي للشباب، وفرقة المسرح الحر في الإمارات بالعين. كما تطورت القاعات المسرحية المجهزة لعرض الأعمال المسرحية المتزايدة، إذ كانت هناك خمس قاعات في أبوظبي وسادسة في العين، لتوظيف ذلك كله في ترسيخ جذور المسرح، والبحث عن نمط مسرحي عربي خالص، بعيداً عن نمط المسرح الغربي. وهذا ما نجحت فيه هذه الفرق من خلال تقديم أعمال تنبع من روح المجتمع وعاداته وتقاليده التي دأب عليها الآباء والأجداد، فكانت أغلب الأعمال المسرحية المقدمة ابنة بيئتها ومحيطها وصورة صادقة عن واقع المجتمع الإماراتي، وذلك في إطار موجة عامة تقريباً غمرت المشهد الإماراتي منذ ثمانينيات القرن الماضي، بنجاح عروض تنهل من هذا المعين على غرار «حبة رمل» و«جميلة» وغيرهما من المسرحيات التي استقطبت اهتمام الجمهور وجلبت إلى المسرح جمهوراً كبيراً في أغلب الأحيان، مما جعل توجههما المحلي اتجاهاً في المسرح الإماراتي لمدة طويلة من الزمن. رغم أنف المعاناة الفنان محمد مرشد (رئيس مجلس إدارة مسرح أبوظبي المسمى سابقاً بمسرح الاتحاد)، الذي تأسس سنة 1979 بإمارة أبوظبي، أكد أن هذا المسرح كان له الفضل في تكوين وإبراز العديد من الطاقات الإبداعية التي أصبح لها حضورها المتميز اليوم في المشهد المسرحي الإماراتي، ومن أهم الأعمال التي قدمتها هاته الفرقة البانيو، القائل نعم والقائل لا، في المقهى وغيرها من الأعمال التي كان لها حضورها المتميز سواء للكبار أو للصغار، التي شاهدها جمهور كبير وشهدت إجماعاً حول تميزها من قبل الجمهور والنقاد. وأضاف مرشد: «من أهم الجوائز التي حصلت عليها هذه الفرقة عن مسرحية البانيو في أيام الشارقة المسرحية ومسرحية في المقهى التي حصلت على جائزة أفضل ممثل لعلاء النعيمي، إضافة إلى المشاركات المحلية المختلفة في عدد من إمارات الدولة في أكثر من مناسبة، إذ عرضت أمام الآلاف». وعن اتجاهات المسرح الراهنة، تابع مرشد قائلاً: «اتجاهنا حالياً يتمثل في توجيه الأعمال خارج الدولة، والمشاركة في فعاليات مسرحية عربية، حيث قدمنا مؤخراً مسرحية الحديث نص صالح كرامة وإخراج عمر غباش في العاصمة العراقية بغداد ضمن مهرجان الشباب الذي انعقد السنة الماضية». وأما عن أهم الإشكاليات التي تعترض الفرقة، فقد قال محمد مرشد: «لا يوجد لنا مقر مسرحي خاص، ولا أدري هل الموضوع منوط بجمعية المسرحيين لكي تنظر في هذه المسألة، أم أن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع هي الجهة التي عليها أن تساعدنا على تجاوز هذا الأمر؟». وفي ظل عدم وجود المكان المسرحي الذي يلم شعث الفرقة، فإن التواصل بين الأعضاء يتم، حسب ما أوضح مرشد، عبر الهاتف لتنسيق العمل، وزاد: «أحياناً نستأجر المسارح، وأحياناً توفر لنا الوزارة المكان لفترة محدودة، والسؤال المطروح هو: كيف نسوق أعمالنا وندفع مبالغ كبيرة من أجل الإنتاج؟». بالطبع، لا يعني هذا أننا ننسى فضل الوزارة والشركات الخاصة التي لم تقصر في ذلك إلى حد ما. لكن المطلوب مسرحياً أكثر من المتاح لا سيما في ظل النهوض الثقافي الذي تشهده الدولة عامة وأبوظبي خاصة على الصعيد الثقافي، والمطلوب اليوم هو توفير مقر لجلب الشباب الموهوبين وتطوير حركة المسرح في إمارة أبوظبي التي لا تنسى أبناءها المبدعين وتلبي كل مطالبهم؛ لأن الدور الذي يلعبه المسرح كبير وهو أب الفنون التي لا غنى عنها. زيادة الدعم الفنان فضل التميمي (رئيس مجلس إدارة مسرح زايد للمواهب والشباب) الذي أشهر سنة 1984، وتأسس فعليا منذ عام 1983 من طرف مجموعة من الشباب، من بينهم عبدالله الأستاذ وعادل حسين وسعاد جواد وناصر الجهوري وعلاء النعيمي وغيرهم، قال: «قدم مسرح زايد للشباب أعمالاً كثيرة منها: سر الحجر، والأبطال الثلاثة، وأنقذوا النجمة، وبروسكات من المريخ، وتراث الأجيال والمهرج والدمى وآخرها جزيرة المشاعر»، وأضاف: «أما أهم الجوائز التي حصلنا عليها فهي: جائزة أحسن تأليف عن جزيرة المشاعر وأحسن سينوغرافيا، وقد بلغ عدد جوائزها الخمسة، كما نلنا العديد من الجوائز في المهرجانات المحلية». وعن أهم المشاركات، قال التميمي: «شاركنا في مهرجانات مسرحية للطفل بتونس والمغرب والأردن وفي مهرجان الإمارات للطفل في الشارقة». وأضاف التميمي أن الفرقة «تعد أعمالها في مقر مؤقت، في مكتب صغير تابع لشركة خاصة لي شخصياً، ومطالبنا أن نقدم أعمالاً كبيرة وراقية للطفل من شأنها أن تساعده على الخيال وتكوين الموهبة والإبداع في هذا المجال، فمسرح الطفل يحتاج إلى مصروفات كبيرة لما يتطلبه من ديكورات وسينوغرافيا وموسيقى وملابس لكي يجتذب الطفل، وكلها تكلف كثيراً. ذلك أن العمل مع الطفل يختلف كلياً عن العمل مع الكبار ومستلزماته ومتطلباته كثيرة، وهي مناسبة لنطلب من المشرفين زيادة الدعم لمسارح الطفل ومطالبة المؤسسات العمومية والخاصة بدعم الأعمال المسرحية الوطنية الموجهة للطفل والمفيدة للمجتمع، لتحقيق الأفضل ويكونوا محفزا لتقديم الأعمال بشكل متواصل، وأتمنى من الشباب والمواهب التواصل معنا للتعاون واكتشاف المواهب، ونحن على استعداد للأخذ بأيديهم». قفزة متوقعة تأسيس مسرح أبوظبي للشباب، فكرة تجسمت على أرض الواقع على يد المخرج منصور الظاهري، وهو صاحب تجربة فنية في المسرح، إذ أنجز وقدم الكثير من الأعمال المبدعة، وحصل على العديد من الجوائز، وكانت الخطوة الأولى التي بادرت إليها الجمعية الناشئة، وفق ما قال الظاهري، هي ورشة عمل تدريبية حول شؤون التمثيل وشجونه، استضافتها أكاديمية نيويورك للفيلم السينمائي في أبوظبي، وضمت ما يقارب العشرين مشاركاً من الذين أبدوا رغبة في صقل مواهبهم الفطرية من خلال الدراسة الأكاديمية المتخصصة، لا سيما حين تكون على أيدي متخصصين عالميين يملكون من الخبرة والتجربة ما يجعل من معطياتهم العلمية إضافة قيمة إلى المشهد الإبداعي الطامح نحو الأرقى. ويتابع الظاهري: «تحرص الأكاديمية التي تتبع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة دوماً على تقديم الدعم والمساندة لكل المشاريع الهادفة وإلى دعم جهود المنتمين إلى مختلف القطاعات الفنية، التمثيل خاصة»، موضحاً أن فترة الدراسة تتواصل على مدى أربعة أسابيع يتعلم الطلاب خلالها مختلف الضروريات لإتقان مهنة التمثيل، وذلك على أيدي خبراء أمضى بعضهم عقوداً طويلة في المهنة، وعملوا مع نجوم عالميين». وختم الظاهري بالقول، إن التعليم الأكاديمي هو بند رئيسي في جدول أعمال مسرح أبوظبي للشباب، لكن الجهد التنموي الذي بذل من قبل المؤسسين لا يتوقف عنده، بل يتعداه نحو متابعة سائر التفاصيل المشكِّلة لجوهر العمل المسرحي من إنتاج وتحضير ومتابعات يومية بما يؤول إلى قفزة نوعية في مسار المسرح الإماراتي، من المتوقع أن يشهد المهتمون تداعياتها خلال المرحلة القادمة. تكوين الممثل المحترف أكد عبدالله بوهاجوس، وهو أحد النشطاء والمتميزين بحضور لافت في المسرح الإماراتي من خلال مشاركته في العديد من المسرحيات الإماراتية، أن نهضة المسرح تتطلب تعاوناً وتنسيقاً بين مختلف القطاعات المعنية من القطاعين العام والخاص، وذلك لما فيه خير المسرح الذي يحتاج إلى بنية تحية وطاقات إبداعية وتكوين حقيقي بشكل احترافي في ظل غياب المعاهد المختصة. وأشار بوهاجوس إلى تعطش الشباب المهتم بالمسرح لقيام حركة مسرحية ناشطة، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الاهتمام بالتكوين في الكتابة المسرحية، والديكور والإضاءة والمؤثرات الصوتية وتقنية الإخراج المسرحي، وذلك بغية بناء بنية تحتية للعمل المسرحي الذي بإمكانه أن يحقق الأفضل ويرتقي بالمبدعين على اختلاف أعمارهم إلى الفعل الجاد والإبداع الباقي والمتميز. صعوبات ونجاحات محمد سالم البادي (نائب رئيس مجلس إدارة وأمين الصندوق في مسرح العين)، الذي كان يسمى سابقاً مسرح العين الشعبي أكد لنا أن هذه الفرقة المسرحية بدأت بـ 40 عضواً منذ عام 1990، وقدمت 18عملاً مسرحياً إلى حد الآن، وهي في أغلبها أعمال ناجحة مثل: طارش والعنود، الدكتور كوجاك، الدكتور، الفارس، بو رويشد فوق النخلة، صرخة ميثة، لمن يرغب من القبائل، القبض على طريف، حلوج، حلمنا كبير، لحظات منسية وغيرها، وهي أعمال استطاعت أن تقدم إضافة ولو بسيطة للمسرح الإماراتي عموما، وهو المجال الذي نتحرك في إطاره، كما أن أعمالنا موجهة للفئتين، أضاف البادي، وقد شارك مسرح العين في العديد من الفعاليات داخل الدولة وخارجها مثل أيام الشارقة المسرحية حيث حصلنا على جائزة أحسن ممثل دور ثان في مسرحية القبض على طريف، كما شاركنا على هامش مهرجان المسرح الخليجي، وضمن فعاليات مسرح دبي للشباب ومهرجان مسرح الطفل بالشارقة، كما مثلنا الدولة من خلال مسرحية لحظات منسية في المملكة الأردنية الهاشمية، وقدمنا أمسية خاصة في كوسوفو للقوات المسلحة التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة هناك أيام الأزمة الصربية. وأضاف البادي: «أهم الإشكاليات التي تعترض فرقة مسرح العين اليوم تتمثل في أننا بلا مقر مجهز بأحدث التقنيات، ومسرح خاص بالفرقة، ورغم ذلك فإننا ما زلنا ننتظر تحقيق هذا المطلب الذي سيمكننا من تقديم الأفضل والمساهمة الفاعلة في إنتاج أعمال قادرة على التميز محلياً ودوليا، فنحن نعمل في فيلا مستأجرة ونقدم بروفاتنا في مكاتب ضيقة أحيانا، وإذا اتسع المجال للعرض نقوم بإعداد بروفات العمل في مرآب السيارات، وقد حصل ذلك معنا في أكثر من مناسبة، فنحن لا ننفي الدعم الذي تقدمه لنا وزارة الثقافة وتنمية المجتمع، ولكن الأهم من الدعم المادي هو توفير فضاء قار يحتضن أعمالنا المسرحية التي لولا مساعدة وتوفير مسرح بلدية العين من حين إلى آخر لإعدادها، لوجدنا أنفسنا في التسلل». ألم.. وأمل غياب المقر المعد لفرقة مسرحية هو ما يقلق مضاجع فرقة بني ياس للمسرح التي لا يوجد لها مقر أصلاً، إذ يقول عبدالله بوشامس (رئيس مجلس إدارة الفرقة): «استأجرنا في بداية تأسيسنا مقراً بسيطاً هو عبارة عن مكتب صغير، ولكن أمام تعدد المصاريف والأعمال وتزايد التكاليف اضطررنا إلى تركه، والحقيقة أننا اليوم في أمس الحاجة إلى مقر لائق، لكن ظروفنا المادية تمنعنا من ذلك، فحتى اجتماعات مجلس الإدارة نعقدها أحيانا في المقاهي أو عبر وسائل التواصل الإلكتروني، فلا يخفى اليوم أننا نعمل في ظروف صعبة، ورغم ذلك فإننا نحصد الجوائز في كل المناسبات التي شاركنا فيها ولعل آخرها الحصول على جائزتين ضمن الدورة الرابعة والعشرين لأيام الشارقة المسرحية عن مسرحية الحصالة التي ألفها وأخرجها الفنان محمد صالح، وذلك بحصول بطليها على جائزتي أفضل ممثلين، وهو شرف كبير لنا جميعاً كفرقة مجتهدة، كما حصلنا سابقاً على عدد من الجوائز في أكثر من مناسبة، ونعمل بكل اجتهاد لتقديم أعمال مسرحية تنبع من محيطنا الاجتماعي الرائع الذي يزخر بالأحداث الممتعة، والصدق والإنسانية ويقدم صورة حية وواضحة المعالم عما يتحقق في دولة الإمارات الحبيبة من تطور ورقي وتألق عالمي على جميع المستويات». وختم بوشامس قائلاً: «أملنا كبير في أن تتحرك وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع لتعيد النظر في هذه الفرق وتمكنها من امتلاك مقرات دائمة بإمكانها أن تبدع من خلالها، ولا أظن أن معالي الشيخ نهيان بن مبارك الذي استبشرنا بتعيينه وزيراً سيترك مثل هذه الفرق بلا فضاءات تليق بها، وتساعدها على تقديم الأفضل». النعيمي: الحل بسيط الممثل والمخرج المسرحي علاء النعيمي يقول: إن الحركة المسرحية في أبوظبي مثل طفل إفريقي لا يجد قوت يومه، لكن هذا الطفل لا يعيش في مجاعة أو كارثة، إنما في مكان تتوافر فيه الراحة والرفاه، ولا يستطيع أن يقتات من هذا الغذاء والرغد الذي يعيش حوله، المسرح في أبوظبي يعيش في تناقض عجيب جدا، بين تعدد المسارح التي يصل عدد خشباتها الى 25، وهو دليل على توافر البنية التحتية المسرحية التي لا توجد في كثير من الأماكن في مناطق شتى من العالم، وهي مجهزة بالكامل وبين الفرق المسرحية الموجودة في أبوظبي تشتغل بروفاتها أحيانا في الحدائق والمقاهي، وهو أمر مثير للغرابة والجزع في آن واحد، كما أن كل الفرق تقريباً لا تمتلك مقار ثابتة ومجهزة. ويتابع: الفنان طارق العلي مثلاً عرض مسرحيته في المسرح الوطني في يومين، فأقبل عليه جمهور كبير أكد شغف الناس بالمسرح وحرصهم على متابعة عروضه، فهناك مسرحيات وأعمال متميزة في هذا المجال، لكن أين الأرضية المناسبة للفعل المسرحي، الفنان المسرحي في أبوظبي محتاج الى ظهر وسند، محتاج إلى داعم يؤسس للمستقبل وليس الى داعم مادي فقط لأعمال تنتهي بمجرد تقديمها لمرة أو مرتين. فرق المسرح في أبوظبي في حاجة الى من يتبناها، ومن يأخذ بيدها للخروج بها نحو عالم أرحب وأكثر اتساعاً وفعلاً جاداً، فهناك فنون وآداب ومعارض وملتقيات فكرية وندوات وفعاليات متعددة، ولكن أين المسرح من كل هذا؟ ويضيف: أنا من أوائل من فازوا بجائزة في أيام الشارقة المسرحية، ولكنني عانيت الأمرين، وفي الأخير استسلمت ورفعت الراية، وتركت الأمر للشباب لعله يأتي يوم يجدون فيه حظهم بالكامل، وأن يحفروا في الصخر للوصول الى تأكيد ذواتهم في المشهد. الجميع يحاولون اليوم دخول المسرح للوصول إلى التلفزيون، لذلك يعتمدون على المسرح كجسر ومحطة يتوقفون عندها لبعض الوقت ليمروا الى الصورة. وعن تجربته الشخصية يقول النعيمي: نزفت على خشبة المسرح عرقاً ودماً، وحاولت جاهداً أن أقدم الأفضل لكن يداً واحدة لا تصفق، فكنت للأسف كمن ينفخ في قربة مخرومة. المسرح في أبوظبي في حاجة الى من يعيد ترتيب بيوته، وإعادة توزيع الأدوار فيه بما يتناسب والمرحلة التي نعيش، فالمسرح أفضل طريقة لإيصال الخطاب مباشرة من دون وسائط، وهو المعبر الفعلي عن الواقع بكل تفاصيله، وخير من يكون سفيراً لوطننا الذي وصل من التطور والنمو والرخاء في وقت قياسي، ما لم يصله شعب آخر في هذا العالم. وأشار النعيمي أن من الحلول التي يقترحها في هذا المجال أقترح مساعدة الجهات الخاصة التي تدعم الفرق الثقافية، فإشراك القطاع الخاص مهم جداً، وقد ساهم في أكثر من مناسبة في دعم عدد من الأعمال، وقد أثبتت التجربة ذلك، فلماذا لا تعطى هذه الشركات الأولوية في المشاريع التي تنفذ مثلا. الأمر محتاج الى قرار مشترك بين المؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة لما فيه مصلحة المسرح ورجاله. ويختم النعيمي بالقول: إن المسألة بسيطة، وهي تتمثل في بناء مكان واحد به عدة قاعات لكل فرقة قاعة مجهزة ومكاتب إدارية وقاعات تدريب ومسرح مجهز للعروض تحت عنوان مجمع أبوظبي المسرحي، ويمكن أن تقيم فيه معارض وأمسيات وفعاليات وحفلات وورشة خاصة بالديكور، وأخرى للإضاءة وما إلى ذلك. غلوم: لتتوحد الفرق الدكتور حبيب غلوم العطار، مدير الأنشطة الثقافية بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، قال: لقد وضعنا خطة طموحة جداً لدعم كل المشاريع الثقافية والفنية والإبداعية لكل الفئات والشباب منهم بالخصوص المسرحيين والسينمائيين والفنانين التشكيليين، وفيما يتعلق بالدعم الخاص بالفرق المسرحية يعد قليلاً نوعاً ما، فنحن مقتنعون بهذا الرأي، ووضعنا خطة لتجاوز هذه الإشكالية، وإنما ليس بدعم كل الفرق المسرحية، وحل الإشكالية التي يرى بعضهم أنها تقض مضجعهم، بل الفرق المنتجة والمتميزة سيتم تمييزها ودعمها دون سواها، وسيظل الدعم القائم كما هو، ولكن سيتم رصد دعم إضافي لأي فرقة فنية، أو مسرحية ،أو سينمائية أو أي مجال فني آخر، وهذا الدعم الإضافي لأي مشروع إضافي، هو حق مكتسب لهؤلاء المجتهدين نود تقديمه. ويؤكد غلوم أنه كمتابع للحركة الثقافية والفنية على مدى 27 عاما في وزارة الثقافة، وعلى مدى أكثر من 32 عاماً كفنان في الساحة الفنية أنه آن الأوان لتوحيد صفوف المسرحيين في إمارة أبوظبي، وتوحيد الفرق تحت مظلة واحدة كفرقة، أو فرقتين لكي نجمع الجهود والطاقات الابداعية. ويضيف: لنكن واضحين أكثر، في أبوظبي الفرق أكثر من عدد الأعضاء الموجودين، لقد آن الأوان لكي نتكاشف ونزيح النقاب عن بعض الحقائق. إن من يريد أن يتعاون معنا عليه أن يترك طموحاته ومصالحه الشخصية جانباً، ونحن نرحب به، وأما من ينظر إلى المصلحة العليا، فنحن معه قلباً وقالباً، لكن لا يعقل ونحن في مدينة أبوظبي أن نؤسس كيانات صغيرة، ونطالب بالمزيد من دعمها، وهي لا تنتج. فإذا توحدت الجهود وعلت المصلحة العليا، فنحن مسؤولون عن دعم لا محدود، لكن إذا إستمرت الطموحات والهواجس والمصالح الشخصية، فلا نستطيع أن نوفر لهم ذلك، فتوحيد الصفوف ضروري، وساعتها سيكون الدعم بحجم أكبر، ولن ندخر جهدا في الوقوف إلى جانب المبدعين في الحقل المسرحي. وقال غلوم: نحن ضد أن تكون فرقة مسرحية كل أعضائها من خارج الفرقة، فمجالس إدارة الفرق ليس من مهامها شراء العروض أو الممثلين، بل عليها أن تنتج بالطاقات المنضوية تحت لوائها، فنحن ضد العروض الجاهزة، فبهذه الطريقة الملتوية نوعاً ما الوزارة لا تدعم الجهود الفردية. وأخيراً كانت جولة رائعة وممتعة في ساحات الفعل المسرحي في إمارة أبوظبي تحدث إلينا فيها المسرحيون بكل حب وحرية، مؤكدين أن المقرات الخاصة بالفرق مطلب ملح، وهو أمر ليس بعزيز على شيوخنا وحكامنا الذين ما انفكوا يسعدوننا بمبادراتهم الطيبة ويسعون لإرضاء الجميع تأكيدا على أننا جسد واحد يكمل بعضه بعضاً، ويسعى كلّ من موقعه لتجسيد إشعاع الدولة الحضاري، لتبقى واحة حب وحديقة سعادة، وبيتا يتسع لكل المبدعين وحضنا لا ينسى كل أبنائه في مختلف الحقول والمجالات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©