الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السعديات.. ملتقى الحضارات

السعديات.. ملتقى الحضارات
2 ابريل 2014 20:22
تمثل المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات جانبا شديد الأهمية ضمن المشروعات الثقافية التي تنجزها هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، سواء على المستوى الذي تحقق من خلاله هذه المنطقة رؤية أبوظبي الثقافية وانفتاحها على العالم والحضارات الانسانية المختلفة، أو على مستوى المنجز الفني بأبعاده العالمية الذي تسعى الهيئة لاستقطابه إلى أبوظبي.. ما يلي مزيداً من الضوء على مكونات منطقة السعديات الثقافية والإطار الثقافي الذي تنطلق منه باتجاه العالم. حتى العام 2020، تكون جزيرة السعديات قد استكملت مشروعها الثقافي على مستوى البنية التحتية بالدرجة الأولى والأهم ثم على مستوى الفعاليات التي بدأت منذ العام 2011 ولم تتوقف حتى الآن. السعديات، بالأساس، هي حاضنة لمشروع ثقافي بهوية محلية لكن بأبعاد إنسانية تعلي من شأن القيم الثقافية السامية التي يحملها خطاب دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العالم كله وليس للمحيط والجوار فالجوار البعيد فحسب. ولم يكن اختيار السعديات لأنها على مبعدة قُبلة من أبوظبي، أي الانتقال بالفعل الثقافي من الضجيج الهادئ لأبوظبي العاصمة إلى منطقة جغرافية وثقافية أقرب ما تكون إلى روح الفرد ورغبته في التخلص من ضغوطات الحياة اليومية، وتغيير المشهد البصري وما يثيره من أفكار إلى مشهد بصري آخر مختلف يريح البصر ويجعل من الأفكار أقرب إلى التأمل. ولعله من هذه الرغبة العالية في الحصول على متعة معرفية على نحو هيّن ومريح وغير ضاغط على المخيلة، كانت تلك التصميمات التي تتمتع بها المرافق الثقافية في جزيرة السعديات، سواء تلك التي أُنشئت أو التي ما تزال قيد الإنشاء أو حتى الخيالات والصور التي تخص أمكنة ثقافية في الجزيرة يحلم بها معماريون أدركوا الرسالة التي تسعى إلى إشاعتها أبو ظبي من خلال إنشاء هذه المرافق الإماراتية – العالمية. رسالة قائمة على التعدد وتعتبره خصيصة يمتاز بها المجتمع في الإمارات عن سواه من المجتمعات وتكتسب من مزاياه ممارسة نوع من الانفتاح على الثقافات الأخرى دون تمييز بينها أو تفضيل واحدة على أخرى، إنما هو الاحترام القائم على رؤية ثقافية ترى في الآخر مصدر غنى أيضا من الممكن الاستفادة من تجربته الإنسانية وإثراء هذه التجربة جماليا بما يجعل وطأة الحياة هيّنة أكثر على الذات والآخر والمجتمع دون أن يفقد أي من أعضاء المجتمع، في نطاق هذه الجغرافيا، تصوره عن نفسه بل بما يعزز معرفته بالآخر المتعدد والمختلف؛ هذه المعرفة غير القائمة على التصورات المسبقة أو الأفكار المستمدة من “نصوص” قد تكون ظالمة في أحيان وغير منصفة في أحيان أخرى وتنظر إلى هذه المنطقة بحجم الاستفادة منها دون النظر إلى الإنسان الفاعل على هذه الأرض. بهذا المعنى من المفترض أن يشكل هذا المشروع الثقافي “في القرن الحادي والعشرين” ملتقى للثقافة العالمية يستقطب الزوّار محلياً وإقليمياً وعالمياً من خلال مجموعة من المعارض الفريدة، والمجموعات الفنية الدائمة، والمنتجات وعروض الأداء المتنوعة التي تنظم على مدار العام. وستطبع مبانيها بصمة مميزة على الفن المعماري في القرن الحادي العشرين بما في ذلك متحف زايد الوطني، واللوفر أبوظبي، وجوجنهايم أبوظبي. وستعمل هذه المتاحف بالتعاون مع نخبة من أبرز المؤسسات الفنية والثقافية المحلية والإقليمية التي تُبنى في السعديات بما في ذلك جامعة نيويورك “بحسب ما يرد في الموقع الإلكتروني للسعديات”، أي أن الجزيرة بقدر ما، إذ تنفتح على مشروعات ثقافية عالمية فإن جذرها سيبقى كامن في الإمارات؛ في الرؤية الثقافية المنفتحة على العالم والثقافات من جهة وعلى التيارات الراهنة في الأدب والفنون إجمالا من جهة أخرى بحيث تكون منطقة استقطاب ثقافي بالمعنى الواسع للكلمة بما يتضمنه ذلك من استفادة من صناعة الثقافة على المستويين الاقتصادي المباشر والمعرفي العميق. شهد العام 2009 افتتاح مبنى “منارة السعديات” وبعد ذلك بعامين افتتح مبنى آخر هو “جناح الإمارات”. المبنيان، المتقابلان تقريباً، عبارة عن مركزين يمكن لهما أن يستقبلا آلاف الزوار في المنطقة الثقافية في السعديات لتذوّق الفنون التشكيلية بدءا من العمارة التي اشتملت على عناصر من بيئة إماراتية محلية أو استمدت بعض عناصرها من أفكار تخص البيئة أو الثقافة المحلية بالانسجام مع ما تحققه أبرز الاتجاهات الحديثة في العمارة العالمية، يُضاف إلى ذلك ما يشتمل عليه هذان المبنيان من أعمال فنية تاريخية وغير تاريخية في المتاحف التي يضمانها، في الأروقة والردهات ضمن شروط تحفظ للأعمال الفنية أسباب بقائها واستمرارها، وبما يتيح للجمهور الزائر التعرف على نوادر من الأعمال الفنية التي تنتمي إلى أمكنة وأزمنة مختلفة. “زايد الوطني”.. رؤية تتجسد يشكل متحف زايد الوطني، نقطة ارتكاز أساسية في تجسيد الرؤية الثقافية التي أرادتها دولة الإمارات العربية المتحدة من هذا المشروع بالمجمل. ينقل الموقع الإلكتروني للسعديات الثقافية هذا التصريح للمهندس المعماري نورمان فوستر الذي قام بتصميم المتحف: “إنه نصب تذكاري للراحل شيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويعتبر متحف زايد الوطني رمزاً لأمة متطورة، حيث يظهر تاريخ الإمارات وثقافتها وتحولها الاجتماعي والاقتصادي. هندسياً، كان الهدف جمع الشكل الحديث عالي الفعالية مع عناصر التصميم والضيافة العربيين التقليديين لخلق متحف مستدام ومرحب ومنسجم مع محيطه. ويقام متحف زايد الوطني وسط فضاء واسع من الحدائق الخضراء حيث المناظر الطبيعية الخلابة، والمزروعات والمسطحات الطبيعية التي تسلط الضوء على لحظات مهمة في حياة الشيخ زايد والتحول النوعي الذي أحدثه في دولة الإمارات العربية المتحدة”. ومن المقرر أن ينتهي العمل في المتحف في العام 2016، مشتملا على العديد من المنشآت والقاعات متعددة الأغراض بالإضافة إلى برنامج ديناميكي للمعارض يكتشف من خلاله الزوار تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وإرثها وثقافتها ومكانتها في العالم. كما يضم المتحف مركزاً ثقافياً ومسرحاً ومتاجر ومقاهي وحدائق طبيعية تترامى على مساحة من حوالي 66,000 متر مربع. وفي التوصيف أيضاً، فإن المعارض الدائمة ضمن متحف زايد الوطني تقسم إلى سبع قاعات عرض تكشف عن خصال الشيخ زايد وسجاياه والإمارات العربية المتحدة وصلاتها مع العالم من فترة ما قبل التاريخ وحتى يومنا الحاضر: حياة وعهد الشيخ زايد، والصيد بالصقور والمحافظة على الموارد الطبيعية، والتراث جوهر المستقبل، والبيئة عطاء الأرض، والإسلام والإنسانية، والعلم والحضارة، ومدن وحضارات. وللمزيد من التفاصيل التي تبرز الكثير من التصورات بالنسبة للمستقبل فقد جرى تنظيم معرض “روائع بلاد الرافدين”، أول معرض يسبق افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي في مارس من العام 2011 واستقبل 35,000 زائر. أما المعرض التالي في السلسلة نفسها فحمل العنوان: “كنوز ثقافات العالم”، وافتتح في أبريل من العام 2012 واختتم في يوليو 2012. وقد روى هذا المعرض قصة أكثر من مليوني سنة من حياة الإنسان عبر ما اشتمل عليه من المعروضات التي ضمت لقى وأحافير وتعبيرات فنية مختلفة من العالم وتم تنظيمه بالتعاون مع المتحف البريطاني، وضم أعمالاً معارة من كل من متحف العين الوطني ومتحف الشارقة للآثار. واستقبل حوالي 30,000 زائر. ثم كان معرض “كنوز ثقافات العالم”، وهو المعرض الثاني الذي يقام بالتعاون مع المتحف البريطاني بالإضافة إلى أعمال استعيرت أيضاً من متحفي العين الوطني والشارقة للآثار. واستمر المعرض خلال الفترة من 17 أبريل وحتى 17 يوليو 2012. وقدم تفسيرات متنوعة لمعنى كلمة “الكنز” - من اللوحات التي تحمل تقاليد فنية إسلامية غنية ومتنوعة، وأدوات صنعت في شرق أفريقيا خلال العصر الحجري القديم، إلى روائع من عصر النهضة أوروبا. اللوفر أبوظبي.. روح الانفتاح يجسّد متحف اللوفر أبوظبي، الذي سيتم الانتهاء منه هذا العام بحسب مخططات الإنشاء، “روح الانفتاح وحوار الثقافات”. هذا ما تصف به هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة المتحف، وذلك “من خلال ربط أبوظبي مع اسم متحف اللوفر، سيعرض اللوفر أبوظبي أعمالاً ذات أهمية تاريخية وثقافية واجتماعية منذ أقدم الحضارات وحتى الوقت الحالي”. غير أن ما هو إبداعي في المتحف يتجسد في تلك النواحي الإبداعية في المتحف سواء لجهة تصميمه المعماري، الذي أنجزه المهندس المعماري جان نوفيل، أو لجهة ما يشتمل عليه في أنشطته من عرض نتاج الكثير من الحضارات في مساحة وصالات وقاعات عرض واحدة مترابطة ومفتوحة على بعضها البعض. وسيتم تسليط الضوء على المواضيع العالمية والتأثيرات المشتركة لتوضيح أوجه تشابه التجربة الإنسانية المشتركة، التي تتجاوز حدود الجغرافيا والأعراق والتاريخ. ولابدّ هنا من الإشارة إلى تصميم العمارة وعلاقتها بالموروث المعماري الإماراتي. فقد قام المهندس نوفيل، انطلاقاً من إدراكه للسياق التاريخي لهذه المنطقة، بتصميم نظام ري مستوحى من الأفلاج يمر عبر المتحف في محاكاة للهندسة العربية القديمة. في حين تستلهم قبة اللوفر أبوظبي المزينة بمُخرّمات هندسية شكلها من سعف النخيل المتداخلة، التي كانت تستخدم في تغطية الأسقف، وذلك للسماح للضوء بالمرور عبرها وتكوين أشكال وألوان متعددة الإيقاعات. ويأتي نمط السقف المعقد نتيجة للتصميم الهندسي نفسه والذي يتكرر بأحجام وزوايا مختلفة ضمن عشر طبقات، خمس منها خارجية وخمس داخلية. وقد تم تركيب نموذج لقبة “شعاع النور” يبلغ قطرها ستة أمتار وتزن 75 طناً وبعمق 5.5 متر، وتدور حتى 30 درجة لمحاكاة الفصول وساعات النهار المختلفة. يتردد صدى هذا التجسيد المعماري للرؤية الثقافية فيما قاله جان نوفيل: “أردت أن يكون هذا المبنى على صورة أراض محمية تخصّ العالم العربي وتلك الجغرافيا”. مثلما في تصريح لهنري لواريت، مدير اللوفر، ننقله هنا وفقا للنص الذي أورده الموقع الإلكتروني للسعديات الثقافية: “إن مشروع اللوفر أبوظبي الفريد استثنائي وسيبقى كذلك. لا يقصد منه نسخ متحف اللوفر، بل نقل ماهيته، وتحديداً، متطلباته ومعرفته التي أدت إلى خلقه وتطويره. لن يكون اللوفر أبوظبي نسخة عن متحف اللوفر في باريس: بل سيكون متحفاً جديداً، يحمل ثقافة مزدوجة وتقليداً مزدوجاً. وسيجمع ما بين متطلبات المتحف الفرنسي وبين انفتاح الإمارات العربية المتحدة، ويقدم بعداً جديداً من العالمية إلى المتحف الأصلي”. وقبل التطرق إلى المتحف على مستوى المعارض والأنشطة الأخرى الموسمية وغير الموسمية، فإن اللوفر أبوظبي يعتبر متحفاً عالمياً بدأ في تطوير مجموعته الدائمة الخاصة التي يتم إغناؤها بأعمال معارة من المتاحف الفرنسية بما فيها متحف اللوفر، ومتحف أورسيه، ومتحف كاي برانلي، ومركز بومبيدو بالإضافة إلى ست مؤسسات فرنسية أخرى، حيث “يسمح الحوار بين الأعمال الفنية والمنحوتات والمعروضات للزوار باكتشاف التأثيرات المشتركة والصلات المدهشة بين الثقافات المختلفة من حول العالم”. في السياق ذاته، تقوم حكومة أبوظبي الآن باقتناء المحتويات من لوحات وأعمال فنية ومعروضات أخرى للوفر أبوظبي. وقد تم الإعلان عن البعض منها خلال السنوات الأخيرة الماضية. وقد عرضت بعض القطع الفنية خلال سلسلة “اللوفر أبوظبي: حوارات الفنون”، وهي برنامج عام تشكل من تسع محاضرات أٌقيمت جميعا في منارة السعديات بدءا من شهر سبتمبر 2011 واختتمت في يونيو 2012. ثم انطلقت في الشهر ذاته سلسلة أخرى من هذه الحوارات التي استمرت حتى أواخر العام 2012. وخلال السلسلة التالية من ندواته المتخصصة “حوارات الفنون”، كشف اللوفر أبوظبي عن المزيد من مقتنيات مجموعته الدائمة. وقد امتدت هذه السلسلة بدءاً من الثالث من أكتوبر 2012 ولغاية السادس والعشرين من يونيو 2013، وكانت عبارة عن برنامج ضم العديد من الأنشطة العامّة التي تسلط الضوء على أهمية الأعمال من الناحيتين الفنية والتاريخية ضمن سياق مجموعة مقتنيات المتحف المتزايدة. وكشف اللوفر أبو ظبي بعد معرضه الافتتاحي عن باقة من مقتنيات المتحف الأولى، فجرى تنظيم معرض آخر لاحقاً تحت عنوان “نشأة متحف”، وهو أول معرض بحجم كبير يقدم مجموعة من مقتنيات المتحف التي تمنح الزوار فكرة عن هندسته المعمارية والأعمال الفنية التي سيحتضنها. المعرض لا يعتبر معاينة شاملة لمجموعة المقتنيات بل يقدم مجموعة مختارة تضم ما يقرب من المائتي عمل فني تم اقتناؤها حتى الآن. متحف جوجنهايم.. الحداثة الفنية إلى متحف جوجنهايم أبو ظبي، الذي يعتبر متحفا عالميا متخصصا في الفن والثقافة المعاصرين، فهذا المتحف يمكن للفنانين مثلما لجمهور الزائرين أن يتعاملوا معه بوصفه منصة متميزة للفن والثقافة المعاصرين محلياً وإقليمياً وعالمياً. وسوف يتم إنجازه وافتتاحه على نحو دائم خلال العام2017. ولجهة تصميمه المعماري يحمل “جوجنهايم أبو ظبي” بصمة خاصة من واحد من أشهر مهندسي العمارة الأحياء في العالم، وهو الأميركي من أصول إسبانية فرانك جيري، الذي تعتبر مجمل إسهاماته المعمارية في كبريات مدن العالم بمثابة اتجاه جديد في التصميم المعماري في العالم، إلى حد أن الرجل يقترن اسمه بما يصنعه ويقدمه وليس بما تناله تصميماته الهندسية من جوائز أو مديح أو ثناء. وبلغة أهل هندسة العمارة ننقل: “يمتاز المتحف بإطلالاته الخلابة على المنطقة الثقافية في السعديات والخليج العربي. وتحاكي الأشكال المخروطية، المفتوحة على كافة العناصر الأخرى، البراجيل المعروفة في المنطقة والتي تسهم في توفير التهوية والظل للساحات الخارجية للمتحف في بيئة معمارية تمتزج فيها التقاليد العربية والمعاصرة، والتصميم المستدام. تم توزيع قاعات العرض، حول الردهة الرئيسية على أربعة مستويات ترتبط فيما بينها بجسور زجاجية. ويتضمن المتحف 13 ألف متر مربع من مساحات العرض في المباني الضخمة، و11 هيكلاً مخروطي الشكل تضيف مجتمعة 18 ألف متر مربع أخرى إلى مساحات العرض. كما سيتضمن المتحف مسرحاً يتسع لـ 350 مقعداً، حيث سيقدم مجموعة واسعة من البرامج التعليمية وعروض الأداء الفني”. أما فرانك جيري، فيقول باللغة ذاتها: “صمم المتحف نفسه بطريقة تقدم المرونة للمنظور التنظيمي، بالإضافة إلى تجربة دائمة التجدد للزائر. هناك عدة إشارات تطور التصميم من خلالها. وتم تنظيم صالات العرض في عدة مجموعات متصلة بممرات ومرتكزة على ساحة مسقوفة. بالإضافة إلى التدوير العمودي المركزي من الباحة، تحتوي كل مجموعة على مجموعتها العمودية الخاصة. وتسمح الوصلة بتنظيم الفنون بحيث تكون عمودية أو أفقية أو مزيج من الاثنين”. بمعنى آخر جرى تصميم هذا المتحف بحيث يستوعب في قاعاته اعمالا فنية تنتمي إلى مختلف الاتجاهات الفنية المعاصرة في العالم سواء أكان لوحة مسندية كلاسيكية بالمعنى المتداول والمتعارف عليه أو عملا مفاهيميا من الممكن صناعته وإنشائه في أرض المعرض، وبحيث تتم المحافظة على هذه الأعمال ضمن شروط خاصة من الممكن التحكم بها من قبل إدارة المعرض. أما ريتشارد أرمسترونغ، مدير مؤسسة سولمان آر جوجنهايم، فيبدو أشد حماسة من غيره إذ يقول: “عند افتتاحه، سيكون جوجنهايم أبوظبي واحداً من أفضل متاحف الفن المعاصر في العالم. إذ أنه بوجوده داخل مبنى من تصميم فرانك جيري، سيقدم جوجنهايم أبوظبي الأمثلة الاستثنائية للفنون منذ ستينيات القرن الماضي من مختلف أنحاء العالم. وسيتم تطوير برامج تعليمية وعامة تتماشى مع المنظورين المحلي والإقليمي. ومن خلال استراتيجيته العالمية الخاصة بالمجموعات والمعارض، تم تصميم جوجنهايم أبوظبي كمحفز للتفكير مع تقديم الترفيه في جزيرة السعديات”. خلال العامين2011 و2012، أقامت إدارة المتحف بالتعاون مع مؤسسة سولمان آر جوجنهايم جدلا حول العديد من القضايا المتصلة بالفنون المعاصرة والدور المنوط بالمتحف في هذا السياق على المستوى العالمي، وذلك ضمن مجموعتي عمل. وقد حصرت مجموعة العمل الأولى النقاش حول تحديد معنى “عالمي” في سياق جوجنهايم أبوظبي وكيف تتم ترجمته في المبنى ومجموعة القاعات والمرافق ومبادرات التعلم الأوسع للمتحف، وذلك في إطار العنوان: “جوجنهايم أبوظبي: متحف عالمي للقرن الواحد والعشرين”، الذي شهد سلسلة من الأحاديث والنقاشات كانت هي الأولى في “سلسلة جوجنهايم أبوظبي: حوارات الفنون” وذلك بهدف استكشاف رؤية جوجنهايم أبوظبي وبرامجه المستقبلية. أما مجموعة العمل الثانية، التي عقدت في أبوظبي في سبتمبر 2012، فناقشت موضوع تمثيل الفن من الشرق الأوسط ضمن مجموعة جوجنهايم أبوظبي الدائمة. ما يعني أن جوجنهايم أبوظبي سيعزز منظوراً عالمياً حول تاريخ الفن عبر مجموعته الدائمة ومعارضه ومنشوراته العلمية وبرامجه التثقيفية، مثلما ستحتفي المجموعات الدائمة والمعارض المؤقتة بالمساهمات الفريدة لتاريخ الفن وتؤكد الديناميات المتصلة للممارسة الفنية المعاصرة. تاريخ العالم والحال أنه منذ الثالث والعشرين من إبريل الجاري ولغاية الثامن عشر من أغسطس المقبل تشهد منارة السعديات إقامة معرض فني فريد من العالم يجسّد تلك الرؤية المعرفية التي يقوم عليها مشروع جزيرة السعديات الثقافية. يحمل المعرض العنوان: “100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم”، ضمن البرامج الخاصة بمتحف زايد الوطني الذي يركز على منتجات الحضارة البشرية وإسهامات شعوب العالم في التجربة الإنسانية. و”يدعوك هذا المعرض للذهاب في رحلة عبر الزمن تجوب فيها أرجاء العالم. ويحكي تاريخ العالم من خلال 100 قطعة فنية من مجموعة المتحف البريطاني الفريدة. وسواء كانت هذه الأعمال الفنية منحوتة ببساطة من الحجر، أو مصنوعة بطريقة معقدة من الذهب، إلا أنها تروي مجتمعة قصصاً عمرها 2 مليون سنة من التاريخ البشري.نحن نعتمد في حياتنا على الأشياء التي نصنعها. ومنذ أن قام الرجال والنساء الأوائل بتشكيل وصُنع الأدوات الحجرية الأولى، أصبحنا نعتمد على الأدوات لأسباب عديدة. فقد كانت هذه الأدوات والأعمال، بالنسبة لنا، إما سبباً ساعد بحل مشاكلنا، أو تأكيد مكانتنا، أو تقريبنا أكثر من معتقداتنا. وتعبّر هذه الأعمال عن مشاعر متنوعة من التحدي، والإثارة، والبهجة، والترفيه. وقبل كل شيء، تحكي لنا قصص صانعيها؛ حيث لم تترك الكثير من المجتمعات السابقة آثاراً مكتوبة لنقرأها، لذا فمن الممكن أن تشي الأعمال التي تركوها بالكثير عن تجاربهم، والكشف عن أوجه الاختلاف والتشابه بين عالمنا المعاصر وحضارات الماضي”. ولمزيد من تعميق الصلة بين الجمهور والمعرض فقد فتحت إدارة المتحف الباب للمشاركة في شارك في سلسلة من الورشات التعريفية والتعليمية والتفاعُلية، التي تستعرض أفكار ومفاهيم معرض “100 قطعة فنية تحكي تاريخ العالم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©