الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كتاب ايلاي»

18 مايو 2010 21:04
يتنبأ فيلم «كتاب ايلاي» The Book Of Eli للأخوين هيوز (البرت وألن) والمبدع دينزل واشنطن، بكارثة كونية تنتج عن حرب تدمر الغلاف الجوي فتحترق الأرض بحرارة الشمس ويحترق البشر وكل ما يعيش عليها من كائنات ومخلوقات وتجف مصادر المياه ويحترق كل ما بناه الانسان من حضارة.. ينطلق الفيلم من فكرة دور الكتب المقدسة في حياة البشر، وقيمة ما تحمله من عقائد دينية كانت ولا تزال المحرك الأساسي في مسيرة التاريخ الإنساني، فالإيمان نور يقتل الظلام ويدرأ الشر في النفس البشرية، ولكنه في الوقت نفسه يمكن ان يكون الدين ذريعة لدى قوى الشر للسيطرة والتحكم، بل وللقتل والتدمير، والشواهد في كثيرة قديما وحديثا. يبدأ الفيلم بصور دمار شامل لحق بالأرض، صحراء جرداء قاحلة، الجثث تنهشها الحيوانات الضالة، والأحياء من البشر ينهشهم اللصوص والقتلة وآكلو لحوم البشر، والجميع يعيشون في جهل وأمية وعمى، ولا هدف سوى البحث عن الماء والطعام من أجل البقاء. يطل البطل «إيلاي» (دينزل واشنطن) مرتديا الكوفية الفلسطينية الشهيرة، حاملا اسلحته البدائية وحقيبة تحمل الكتاب المقدس «الإنجيل»، وهو النسخة الوحيدة التي نجت من الكارثة الكونية. يمضي إيلاي بالكتاب المقدس إلى الغرب، بناء على أوامر أصوات سمعها من داخله، دلته على مكان وجود النسخة الأخيرة والوحيدة من الكتاب المقدس، تلك الاصوات امرته ان يتجه الى الغرب. الكوفية قد تشير الى ان ايلاي انطلق من الشرق منذ 30 عاما ربما بعد ان تمكن من النجاة من الكارثة. وعندما يصل الى قرية يجدها تحت سيطرة رجل شرير يدعى «كارنيجي» الوحيد الذي يعرف قيمة أن يملك الكتاب المقدس، وقيمة أن يتحدث باسمه، ودور ذلك في السيطرة على البشر من خلال الإيمان. يحاول «كارنيجي» انتزاع الكتاب لعلمه انه ليس مجرد كتاب إنه سلاح، سلاح يضرب القلب والعقل، ويجب أن تتحكم به كما يقول، يطارده ويتمكن في النهاية من حصاره، وإطلاق الرصاص عليه، ساخرا من الرب الذي لم يستطع حمايته. وعندما يحصل عليه، يكتشف أنه مكتوب بطريقة برايل فلا يتمكن من الاستفادة منه ويسقط. يحمل الفيلم في إحدى رسائله انتصارا للدين، على قوى الإلحاد والكفر والتشكيك، ويؤكد انتصار الإيمان بما يحمل من قوى روحانية وإيمانية. ويحفل الفيلم بإشارات دينية قوية، «جئنا من التراب وإلى التراب نعود»، تكشف في جانب منها قوة الإيمان «الإيمان قوة الضوء في الظلام»، والإشارات تحمل كلمات ومعاني من الكتب السماوية الثلاثة التوراه والإنجيل والقرآن. عندما يصل «إيلاي» بالكتاب إلى الغرب، حيث يجري جمع الكتب باعتبارها تحمل تاريخ الحضارة الإنسانية ومعارفها، يصل مصابا بطلق ناري، يطالب بأوراق وأقلام ويبدأ في إملاء الكتاب المقدس الذي يحفظه وتتم طباعته بعد ذلك ليوضع جنبا إلى جنب التلمود والقرآن الكريم الذي يظهر بغلافه المميز. يموت «إيلاي» بعد أن أدى مهمته، ولا تنتهي الأسئلة، حول علاقة الدين بالإنسان والسلطة، قوة الإيمان وقوة الإلحاد، علاقة الإنسان بالإنسان والكون، فما أدى إلى هذا الخراب هو الوفرة المفرطة التي ملكها الإنسان كما يرى الفيلم.. سعيد سالم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©