الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشرطة النسائية .. مدرسة وطنية تتألق فيها المرأة الإماراتية

الشرطة النسائية .. مدرسة وطنية تتألق فيها المرأة الإماراتية
18 مايو 2010 20:29
ميرة المنصوري ورقية البلوشي وهاجر الزعابي.. شرطيات مستجدات تحت التدريب، هن مثال للفتيات الإماراتيات الشجاعات، اللواتي تقدمن للأمام، بكامل لياقتهن البدنية وزيّهن العسكري الأنيق المحتشم، وبنادقهن ليتصدرن الصفوف في الذود عن الوطن واحتلال أماكنهن في الميادين الشرطية المختلفة، ليثبتن للجميع أن المرأة الإماراتية تقهر الصعاب وتهزم الأعداء. ربما يكنّ نساءً عاديات في الشكل أو القوام، لكنهن متميزات وموهوبات في ما حباهن الله من قوة إرادة وقدرة على التغيير مكنتهن من كسر حاجز الخوف من المجتمع ونظرته التقليدية للمرأة، ليصبحن رائدات في البطولة والإقدام، والحرص والالتزام تجاه الوطن وأبنائه.. هن نساء بكامل الأنوثة، وبكلّ ما تعني الكلمة من معانٍ عظيمة للحب والعطاء في منازلهن، أما في الميدان “فأخوات رجال” ينافسن إخوانهن بحمل البندقية والتسديد نحو الهدف. بين المدربات والمنتسبات، تشكل كلّ شرطية في مدرسة الشرطة النسائية بأبوظبي حالة خاصّة بحدّ ذاتها، تجتمع كلّها لتصب في ذات النهر، نهر العطاء والفداء، لتحكي عن عزم المرأة الإماراتية وتصميمها على إثبات نفسها في أصعب الميادين.. في مدرسة صناعة الأبطال، حيث يتم تدريب وتأهيل هذه الكوادر البشرية الجبّارة، التقت “الاتحاد” مجموعة من الشرطيات، لتلقي نظرة على ذلك الصرح الشرطي العملاق الذي تفد إليه الإماراتيات من جميع أنحاء الدولة لتخطب ودّه وتنخرط في صفوفه. تدريبات صباحية رائحة النظام والالتزام بالقانون تفوح من أمام بوابة مدرسة الشرطة النسائية بالعاصمة أبوظبي، تنتشر باكرا في أرجاء المكان المشرف على شارع المطار مع التحاق الشرطيات المستجدات في صفوف التدريب منذ الساعة الخامسة والنصف صباحا، أما أصوات التدريب بين صفوف المشاة فتمنح السامع الحماسة لتقديم أدوار البطولة في الذود عن حمى الأوطان.. أجواء حماسية حميمية تصقل القلوب وتجعلها أكثر حنانا على الوطن، وأشد قسوة على أعدائه، تصدر مع أصوات الشرطيات المستجدات وهن يؤدين التدريبات الصباحية للمشاة. ويتحدث العقيد وليد سالم الشامسي، مدير إدارة مدارس الشرطة في القيادة العامة لشرطة أبوظبي عن قسم تدريب وتأهيل الشرطة النسائية، أحد الأقسام التابعة لإدارة مدارس الشرطة عن القسم مبينا أنه تأسس في عام 1978، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم خرج حوالي 30 دورة إعداد أساسي. لافتا إلى الزيادة الملحوظة في أعداد المنتسبات للشرطة حيث ضمت الدورة الأولى نحو 24 شرطية، فيما تصل أعداد المنتسبات إلى ما يربو على 90 منتسبة حاليا، إذ يبلغ عدد المنتسبات إلى دورة المستجدات الحالية 93 شرطية من كافة الإمارات، بينهن 41 شرطية قادمة من دبي والإمارات الشمالية. موضحا أنه خلال الأعوام الماضية تم تخريج أكثر من 1500 شرطية إماراتية، تم توزيعهن على جميع المجالات الأمنية: مسرح الجريمة، الحراسة، التحريات، الجرائم الإلكترونية، المرور، الدوريات، مجال التدريب العسكري، والتعليم. حول شروط الانتساب لدورات الشرطة النسائية، توضح العريف فاطمة آل علي، فرع العلاقات العامة في إدارة مدارس شرطة أبوظبي، إن شروط الانتساب لدورات المستجدات سهلة ومتاحة لجميع المواطنات، وتبدأ من سن 18- 27 عاما، ويشترط في من تتقدم لها أن تكون مواطنة إماراتية، وأن تكون حاصلة على الحدّ الأدنى من التعليم الثانوي، وأن تتمتع بلياقة صحية جيدة. وتستغرق الدورة، بحسب آل علي، مدة 5 شهور متواصلة، تستهل أولا باللياقة البدنية مدة أسبوعين، ثم تبدأ الشرطيات بأخذ المواد التدريبية الميدانية المشاة، الرماية، الأسلحة، ثم بتلقي المواد الأكاديمية مدة 4 شهور، وفيها يتلقين مواد العلوم القانونية، والعلوم الشرطية، والعلوم المساعدة، والعلوم العسكرية. حصص التدريب تصطف الشرطيات المستجدات في مجموعة من الحلقات المنظمة، ثم تبدأ التدريبات الميدانية للمشاة والأسلحة والرماية، تتولى الإشراف على كلّ منها وتدريبها مدربة خاصة، تم اختيارها وفق أفضل المعايير الشرطية.. وتحت كلّ الظروف الجوية السائدة يبقى التدريب الميداني قانونا له قدسية واحترام، من خلاله تتعلم الفتيات الالتزام بالقانون والعمل على تطبيقه منذ اليوم الأول للانخراط في السلك الشرطي، الأمر الذي ينعكس على شخصيات الشرطيات المستجدات وسلوكهن منذ البداية. أصوات المدربات وهن يلقين بالأوامر العسكرية على المنتسبات تملأ ساحة التدريب أمام المدرسة، فيما تتعالى وراءها أصوات الشرطيات المستجدات وهن يرددن نفس الهتافات، وهي اللغة المشتركة التي يتم تداولها بين المدربات والمنتسبات وتعني كلّ منها حركة معينة.. توضح فاطمة الشامسي، وهي رقيب مدرب مشاة وأسلحة، آلية التدريب مبيّنة أنه يتم تقسيم المستجدات إلى فصائل أو مجموعات مختلفة، تتولى تدريبها مدربة مستقلة ذات خبرة وكفاءة عالية بحسب تقييمات السلك الشرطي. تضيف قائلة: “لقد تم اختياري من بين مجموعة من المدربات في نفس الدورة، وذلك بفضل تميّزنا في الأداء أثناء التدريب، حيث كنا نمتلك لياقة بدنية عالية بالإضافة إلى الجرأة والشجاعة، وهي مقوّمات مهمة يجب أن تتوفر لدى الشرطي الجيد”. وتتحدث زميلتها الرقيب بدرية محمد الزرعوني عن انضمامها وزميلاتها إلى مدرسة الشرطة النسائية قبل 8 سنوات، قائلة: “كنا من الأوائل على دفعتنا في الجرأة واللياقة الجسدية، وتم اختيارنا بعد انتهاء الدورة فوضعونا في الميدان لنتعرف على طبيعة العمل الميداني واكتسبنا بفضل ذلك العديد من المهارات والخبرات، بعد ذلك التحقنا بدورة لإنتاج مدربات، وتشمل المشاة والأسلحة، ثم تم تعييننا في المدرسة كمدربات بصورة رسمية”. وتلفت شقيقتها الرقيب موزة محمد الزرعوني، وهي مدربة أيضا: “انضممت وشقيقتي لنفس الدورة، إذ كنا نحبّ العمل الشرطي، لكننا أحببناه أكثر بعد أن انخرطنا في صفوفه”.. تضيف بفخر: “نحن من أوائل المواطنات في الشرطة النسائية، فقد انضممنا إلى الدورة الثانية للمدربات، ونحن فخورات بما وصلنا إليه اليوم من إنجازات”. وحول صعوبة العمل الشرطي وخطورته تعلّق المدربة الرقيب مريم بدر البوسعيدي بقولها: “ليس ثمة خطورة في العمل الشرطي، كل ما هنالك مجرد تعب بسيط في البداية من أجل الحصول على لياقة بدنية عالية، ولكن من يحب عمله لا يجده صعبا أبدا”. تضيف: “بالإضافة إلى تدريب المستجدات نقوم بالعديد من الأعمال، كالذهاب للجامعات وتقديم بعض الدروس أو التدريبات أو عرض الأسلحة أمام الطالبات، وأحيانا نذهب للمدارس لكي نعرّف البنات على العمل الشرطي ونرغّبهن به، وقد وجدنا لذلك صدى طيبا من قبل غالبية الفتيات اللواتي أبدين حماستهن للعمل الشرطي”. من جهة أخرى نفت الشرطيات أن يكون العمل الشرطي عائقا أمام أداء مسؤولياتهن المنزلية أو الأسرية، توضح المدربة موزة: “نحن أمهات ولدينا أطفال، وأنا شخصيا لديّ ولدان، ولا توجد هنالك صعوبة في التوفيق بين عملي الشرطي ومسؤولياتي كأم، فدوامي ينتهي باكراً، وبعدها يمكنني تولي مسؤولياتي الأسرية كأي أم أخرى”. رحلة عزيمة وتحدٍ من أماكن متفرقة من البلاد، من الإمارات الشمالية كلباء والفجيرة ورأس الخيمة ومن العين والمنطقة الغربية أيضا، جاءت مجموعة من الفتيات الشابات، قررن تحدي أنفسهن وأهليهن، وتحدّي المجتمع للانخراط في السلك الشرطي وإثبات جدارتهن من خلاله. تتحدث الشرطي المستجد رقية علي البلوشي، 18 عاماً، عن سبب انخراطها في الشرطة قائلة: “أحببت العمل الشرطي منذ صغري، وعندما عرضت على أهلي فكرة انتسابي لهذا السلك لم يوافقوا في البداية لكنهم رضخوا أمام رغبتي وإصراري، فأحببت أن أثبت خطأ قناعاتهم، وأن الفتاة قادرة على العمل بنجاح في هذا المجال، والحقيقة أن أهلي، والحمد لله، قد غيّروا فكرتهم سريعا تجاه الموضوع، بل إنهم أبدوا إعجابهم بما طرأ على شخصيتي من تغيير سريع رغم قصر الوقت، حيث لاحظوا أن جرأتي قد ازدادت كما أصبحت أكثر التزاما وأكثر ثقة بالنفس، الأمر الذي أسعدني وأشعرني بالنجاح فيما سعيت له”. رقية تميزت بمشاركاتها في لعبة الجودو ولعبة “الجيوجتسو” الرياضية والتي مكنتها من تمثيل دولة الإمارات في هذا المجال، حتى حصلت على بعض الجوائز، تقول البلوشي: “استطعت أن أثبت أن المرأة الإماراتية قادرة على دخول المجال الرياضي، وإحراز مراكز متقدمة وحصد الجوائز، وأتمنى الحصول على مزيد من الجوائز مستقبلا وأن أرفع راية الإمارات، وأن أحقق أرقاما قياسية وجوائز في لعبة “الجيوجتسو” الرياضية”. رسالة وطنية من جهتها تتحدث الشرطي المستجد ميرة المنصوري، خريجة كلية الشريعة والقانون من جامعة الإمارات عن سبب التحاقها بالسلك الشرطي موضحة أنها حصلت على تقدير جيد جدا في البكالوريوس ومنحة دراسية في الخارج لإكمال الماجستير، كما أنها حصلت على فرصة للعمل في أكثر من مكان، لكنها فضلت الانخراط في العمل الشرطي الذي تحبه كثيرا. تقول المنصوري: “أنتمي إلى أسرة محافظة من العين، وقد عارض الأهل انضمامي للشرطة في البداية، ولكن أمام إصراري العنيد وافقوا أخيرا، وتمكنت من تغيير فكرتهم نحو عمل المرأة الشرطي، والخطوة القادمة التي أنوي فعلها هي الإثبات للجميع بأن المرأة الإماراتية قادرة على العطاء والتميّز، وكذلك إيصال رسالة للآخرين مفادها أن الشرطة ليست المكان الأمثل للأشخاص الذين ليس لديهم شهادات، كما يعتقد البعض، فحتى حملة الشهادات العليا يتمنون الالتحاق بهذا السلك المشرّف”. وتواصل المنصوري، الحاصلة على عدة جوائز في الفروسية، الحديث عن طموحاتها الكثيرة في الحقل الشرطي، مشيرة إلى أنها تطمح بإكمال شهادة الماجستير في القانون أو العلوم الشرطية، وأن تحصل على رتبة وتكون قدوة لأخواتها من نفس البيئة. وكذلك أن تصبح مدربة في مجال الرماية الذي تحبه كثيرا. من جهتها تعترف هاجر عبد الله الزعابي، شرطي مستجد من منطقة كلباء بأن فكرتها السابقة عن الشرطة لم تكن صحيحة تماما، تقول: “أحب العسكرية وطموحي أن أصبح شرطية حقيقية، لكنني كنت خائفة من الانضمام إلى السلك الشرطي لاعتقادي بأنه حقل قاسٍ وصارم، أما على الواقع فوجدت الصورة أفضل بكثير، فالمدربات والمشرفات هنا متعاونات جدا، ونحظى بأفضل معاملة في التدريب وكذلك في السكن الداخلي الذي تتوفر فيه جميع متطلباتنا بالإضافة إلى توفر المواصلات”. تشجيع سيف بن زايد يؤكد العقيد الشامسي تشجيع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المرأة على إكمال دراستها العليا، حيث نرى كثيرا من الكفاءات النسائية الشرطية حاصلة على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وهنالك رعاية واهتمام خاص من قبل الإدارة العامة للموارد البشرية بالعنصر النسائي وتشجيعه، وكثير منهن حصلن على شهادات وجوائز. نعم.. ننافس الرجال بسؤالهن عما إذا كن ينافسن الرجال في المجال الشرطي أبدت مجموعة الشرطيات حماسة كبيرة للإجابة الفورية، والتي اجتمعت بدون تخطيط على كلمة نعم، تقول إحداهن: “نعم، ننافس الرجال، بكل تأكيد، ونحن نتميز بالانضباط أكثر من الرجال، وعلى سبيل المثال فقد دخلنا مجموعة من أهم الدورات من بينها دورة حماية الشخصيات، وفي إحدى دورات القوة الخاصة هبطت الشرطيات من طائرة الهليوكبتر بواسطة الحبل، الأمر الذي أسعدنا كثيرا، فنحن لدينا القدرة على عمل ذلك، ونتمنى أن يتم إعطاؤنا الفرصة لإظهار مواهبنا ومهاراتنا الشرطية في الذود عن الوطن”. تواصل بقولها: “في كثير من حفلات التخريج الشرطية يتم عمل منافسات بين الشرطيات والشرطيين، واللافت أن العديد من الضباط يقومون بتشجيع الشرطيات، وهو يدل على الاهتمام الذي تحظى به الشرطة النسائية في الدولة”. دورات الجامعيات هنالك دورات مخصصة للجامعيات، أي الفتيات الحاصلات على الشهادات الجامعية، الدورات الجامعية، بحسب بشرى اللحية العياشي، مشرفة دورات الجامعيات، وهذه الدورات تستمر لمدة سنة كاملة بنظام الفصلين، بحيث تتلقى فيها المنتسبات مواد ومهارات إدارية وبشرية، وبعد اجتياز الدورات بنجاح يتم ترفيع الشرطيات إلى رتبة ملازم وإلحاقهن بأماكن مختلفة حسب شهاداتهن وتخصصاتهن الأساسية، وكذلك بحسب مهاراتهن وميولهن. من جهتها توضح العريف شيخة أحمد الدهماني، مشرف دورة مستجدات، أن مدة الدورة تبلغ عشرين أسبوعا، أي 4-5 شهور، حيث نستقبل الدورة باجتماع تنويري للشرطيات المستجدات نعلمهن من خلاله التعليمات والأوامر بالنسبة للتدريب وكذلك فيما يتعلق بالزيّ والتعليمات الخاصة بالسكن الداخلي أو الخارجي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©