الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاشتراكيون الأوروبيون... ومؤشرات الكساد السياسي!

الاشتراكيون الأوروبيون... ومؤشرات الكساد السياسي!
5 سبتمبر 2009 23:56
تعتبر الحكومات الكبيرة في أوروبا والأحزاب الاشتراكية المدافعة عن دولة الرعاية من بين أكبر ضحايا الكساد الاقتصادي الحالي بعدما فشل الجميع حتى الآن في توظيف تململ الناخبين من مخاطر الرأسمالية الجانحة وتحويلها إلى مكسب سياسي، ففي ألمانيا التي ستشهد انتخابات وطنية في 27 سبتمبر الجاري يتجه الاشتراكيون الديمقراطيون نحو أسوأ أداء لهم خلال جيل كامل على الأقل، ممهدين بذلك طريقاً سالكاً أمام إعادة انتخاب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وعلى رغم تصاعد الاستياء الشعبي تجاه البطالة المرتفعة والمواقف المنزعجة من الأسواق المنفلتة تتكرر القصة نفسها مع الأحزاب اليسارية في جميع أنحاء أوروبا الأخرى سواء تعلق الأمر بفرنسا التي يعيش فيها الحزب الاشتراكي أزمة حقيقية لا تؤهله لتحدي الرئيس نيكولا ساركوزي، أو في إيطاليا التي أدى ضعف المعارضة اليسارية فيها إلى تعزيز مكانة بيرلسكوني وتمكنه من مواجهة سلسلة من الفضائح الشخصية وكأن شيئاً لم يقع، والأمر لا يختلف أيضاً كثيراً في بريطانيا التي يستعد فيها الناخبون لإخراج حزب «العمال» من الحكومة بعدما حكم البلاد منذ عام 1993. ومن المعروف أن الاشتراكيين الديمقراطيين في أوروبا ظلوا لزمن طويل يحذرون من مخاطر الأسواق غير المراقبة والعولمة الخارجة عن السيطرة، ومع أن الكثير من تنبؤاتهم ثبتت صحتها في أعقاب الأزمة الاقتصادية الحالية، إلا أنهم فشلوا في إقناع الناخبين بأنهم يمتلكون الأدوات والخبرة اللازمتين لعلاج الاقتصاد المتعثر. وفي هذا الإطار كشف «فرانك والتر شتاينماير»، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا والمنافس الرئيسي للمستشارة أنجيلا ميركل عن خطة، في الشهر الماضي، لاستحداث أربعة ملايين وظيفة والوصول بالبلاد إلى «العمالة الكاملة» بحلول عام 2020، لكن على رغم ذلك أظهرت استطلاعات الرأي أن واحداً فقط من بين كل سبعة ألمان يعتبر الخطة قابلة للتطبيق، بل لقد سخر منها المعلقون وشبهوها بالخطط الخمسية في الدول الشيوعية التي لم تتحقق أبداً. وعن هذا الموضوع يقول «مانفريد جولنير»، الباحث في مؤسسة «فورسا» لاستطلاعات الرأي «إن المشكلة الأساسية تكمن في عدم ثقة الناس في الاشتراكيين الديمقراطيين أو في قدرتهم على التعامل مع الأزمة الاقتصادية»، ويعتبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الشريك الأصغر في الحكومة الائتلافية بقيادة المسيحيين الديمقراطيين بزعامة أنجيلا ميركل، التي تسعى إلى التخلص من الاشتراكيين لتشكيل حكومة مع الحزب الديمقراطي الحر ذي الميول التحررية والمساند لسياسة السوق. وفي لقاء نظم يوم الإثنين الماضي على هامش الحملة الانتخابية في هانوفر خيمت أجواء متشائمة على الاشتراكيين الديمقراطيين، حيث بالكاد ألهب الحفل الغنائي الذي أقيم بالمناسبة حماس الحضور، كما أن الجمهور الذي جاوز الأربعة آلاف شخص صفق بصعوبة، ودون همة تذكر، عندما اعتلى «شتاينماير» المنصة في ساحة الأوبرا بهانوفر. لكن هذا الأخير الذي يشغل منصب وزير الخارجية في الحكومة الحالية أقر هو نفسه بصعوبة المعركة التي تنتظره، وقال أمام الجمهور إن حزبه دفع لإقرار 80 مليار دولار في إطار خطة الدعم الاقتصادي، متهماً ميركل بأنها لا تتوفر على برنامج لمعالجة مشكلة البطالة، مستطرداً: «نحن لم نبدأ بعد الحديث عن الأزمة الاقتصادية وأسبابها، وصدقوني أنا أريد انتهاء هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن لكنها لن تنتهي، كما أن الأسوأ ما زال قادماً في الطريق». ويظل التحدي الأكبر بالنسبة لشتاينماير هو الشعبية الطاغية التي تتمتع بها ميركل في أوساط الناخبين الذين يؤيدون سياسة الوسط التي انتهجتها، وابتعادها عن التجاذبات الحزبية، ومع أن الألمان عموماً يصوتون للأحزاب وليس للأشخاص أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة «فورسا» وصدر يوم الأربعاء الماضي أن 57 في المئة من الناخبين يفضلون ميركل كمستشارة مقارنة بنسبة 18 في المئة فقط لصالح شتاينماير. ولم تُجدِ الاتهامات التي وُجهت إلى ميركل وحزبها من أنه يحابي البنوك والشركات الكبرى التي استفادت من الإنقاذ الحكومي في النيل من مصداقيتها، حيث ما زال وزير الاقتصاد «كارل- تيودور زو جوتنبرج» هو الأكثر شعبية في الحكومة، وفي المقابل عانى الاشتراكيون الديمقراطيون من الانطباع الذي تولد لدى الرأي العام من أنهم انحرفوا عن جذورهم العمالية. ويضاف إلى ذلك تراجع دولة الرعاية كأحد أسباب انحسار شعبية الاشتراكيين الديمقراطيين، فقد بنت ألمانيا شبكة واسعة وممتدة من برامج الرعاية الاجتماعية عقب الحرب العالمية الثانية، والتي صارت مثار فخر لأغلبية الألمان الذين يرون أن من واجب الحكومة توفير التغطية الصحية الشاملة، فضلا عن معاش التقاعد وتعويضات البطالة، بيد أن برامج الرعاية هذه أصبحت تكلفتها باهظة، لاسيما في ظل تزايد معدل تقدم الأعمار في المجتمع وتناقص العمال الذين يسددون الفاتورة. وهذا الواقع دفع الاشتراكيين الديمقراطيين خلال فترة المستشار «جيرهارد شرودر» إلى التقليص من تعويضات البطالة وباقي المكاسب الاجتماعية بعدما أكد العديد من خبراء الاقتصاد صعوبة الاستمرار في توفيرها، فكانت النتيجة أن دفع الحزب ثمن ذلك غالياً في انتخابات عام 2005 عندما فشل شرودر في إعادة انتخابه أمام ميركل. وفي هذا السياق يقول «هانز أولريخ كلاوس»، العضو في البرلمان الألماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن التغييرات التي أجراها شرودر كانت ضرورية في حد ذاتها، إلا أن الحزب عجز عن توضيح الحقائق المالية للرأي العام، مضيفاً أن العديد من مناصري الحزب القدماء لم يغفروا للحزب تخليه عن البرامج الاجتماعية، وهو ما دفعهم إلى تغيير ولائهم. جريج ويتلوك - ألمانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©