الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان الموصل من دون مصابيح خضراء

رمضان الموصل من دون مصابيح خضراء
29 يونيو 2016 02:34
سرمد الطويل (بغداد) يحل رمضان على مدينة الموصل للمرة الثانية وهي لم تتهيأ للشهر الفضيل كما كانت في الماضي، فبعد احتلال هذه المدينة على يد تنظيم «داعش» غابت أغلب طقوس المدينة الرمضانية؛ فلم تعد مساجد الموصل تعلق مصباحا أخضر اللون على قمم مناراتها لإبلاغ الناس بالوقت الذي يسمح فيه بتناول الطعام، وغابت ضحكات الشبان وهم يلعبون «الفر»، وبقي ما يفرضه التنظيم الإرهابي على سكان المدينة من عادات غريبة عنها. تنوع الأطباق يقول عصام عبد الرحمن من أهالي مدينة الموصل، والذي هاجر إلى بغداد قبل عام، بعد أن سيطر تنظيم «داعش» على منزله «من عادات أهالي الموصل الصعود إلى أسطح الدور لسماع صوت المدفع ورؤية المصابيح المعلقة على المآذن، والجميع يصيح عند إطلاق المدفع «طك الطوب، قائلاً: (افطغوا) أي افطروا لأن أهالي الموصل يلفظون حرف الراء غين، ليبدأ تناول التمر (وشربت الزبيب)، ثم الصلاة وبعدها تناول وجبة الإفطار». وتقع الموصل شمال العراق، وتبعد نحو 405 كم عن العاصمة بغداد، وتتميز المائدة الموصلية بتنوع أطباقها على مائدة الإفطار، كما تتميز نساء الموصل بحسن التدبير والبراعة في الطبخ، وفي أغلب البيوت الموصلية هناك مكان لحفظ الأطعمة وهو تقليد توارثه أهالي الموصل بعدما حوصرت هذه المدينة من قبل جيوش نادر شاه قبل مئات السنين؛ فتدبر الأمر أهالي الموصل وخرجوا من الحصار منتصرين، وذاع صيتهم بطريقة حفظ الطعام حتى مع وجود الثلاجات فأغلب البيوت القديمة لديها ما يسمى «باد كير»، وهو شبه سرداب تحت الأرض يكون بارداً لحفظ الطعام الذي تتميز به نساء الموصل عن غيرهن من نساء العراق. ويشير عصام إلى أن الطبق الرئيس لأهالي الموصل هو الدولمة ومعها الكبة الموصلية الشهيرة أو البرياني والشيخ محشي ومرق البامية إضافة إلى الطرشي «شربت الزبيب». وكانت النساء تتبارى في إعداد الأطعمة للإفطار، وكن يرسلن أطباقا مما صنعنه إلى الجيران لزيادة المودة والمحبة خلال هذا الشهر الفضيل. تغير العادات تغيرت الكثير من العادات الموصلية حتى قبل دخول «داعش» إليها فقد كان أهالي الموصل يستيقظون على صوت المسحر، الذي يقول «اقعدوا على السحور»، أما الآن فيعتمد أهالي المدينة على المنبه أو اتصال أحد المعارف للنهوض وتناول السحور. وأهالي الموصل كغيرهم من العراقيين يقصدون الأسواق في رمضان لاقتناء ما يحتاجونه من مواد غذائية ومنزلية، حيث شهدت الأسواق ازدحاماً شديداً بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك على الرغم من غلاء الأسعار، خاصة سوق العطارين وباب الطوب وسط المدينة. إلا أن الإجراءات الأمنية من غلق للطرق أدت إلى صعوبة الحركة والتنقل، وأجبرت قسماً منهم على اقتناء ما يحتاجونه من الأسواق التي انتشرت مؤخراً في الأحياء السكنية وسوق الكورنيش وسوق العطارين وسوق البورصة تعد أهم أسواق تجارية بالجملة والمفرد. من جهة أخرى، يقبل أهالي الموصل بشكل كبير خلال شهر رمضان على صلاة التراويح، حيث تكتظ الجوامع والمساجد بهم، وتستعد مساجد الموصل قبل رمضان بأيام لاستقبال الشهر الفضيل، حيث يقوم شباب الحي بتنظيف المساجد وإصلاح الإنارة وتعليق الزينة. وتضيف مساجد الموصل مصباحا أخضر اللون على قمم مناراتها لإبلاغ الناس بالوقت الذي يسمح فيه بتناول الطعام، وهذا المصباح يضاء مع أذان المغرب ويطفأ عند السحور كي يتسنى للمناطق البعيدة مشاهدته، وكان هذا المصباح ضرورياً جداً لكنه بات الآن تقليداً رمضانياً تمارسه أغلب جوامع المدينة على الرغم من غيابه منذ احتلال «داعش» المدينة. ولرمضان الموصل ألعابه الشعبية الخاصة به، وأكثرها شهرة لعبة «الفر»، التي تشبه لعبة «المحيبس» في بغداد، حيث يلعبها فريقان، ويتم وضع عشرة فناجين مقلوبة في صينية نحاسية ويقوم أحد الفريقين بإخفاء محبس أو خرزة تحت إحداها، ويقوم الفريق الآخر بالبحث عنها، والذي يجدها تحسب له نقاط بعدد الفناجين المتبقية التي لم يتم كشفها. لكن هذه اللعبة بدأت تنحسر تدريجياً بعد الانتشار الكبير للقنوات الفضائية ووسائل الترفيه الحديث، التي جذبت الناس، خاصة الشباب. خصوصية مائدة رمضان يعد شربت الزبيب «نوع خاص من عصير العنب الأحمر»، أحد أهم مظاهر شهر رمضان في الموصل، حيث يلاحظ وقوف الناس في طوابير طويلة أمام محال بيعه، بينما يشهد الطرشي «نوع من المخللات» إقبالاً واسعاً عليه هو الآخر. ولأهالي الموصل عادات وتقاليد لا تزال متبعة لحد اليوم وهي عمل صواني البقلاوة المنزلية، وكذلك الزلابية «نوع من الحلوى»، لغرض تناولها بعد الإفطار أو بعد صلاة التراويح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©