الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الطرشي» يوحد الأغنياء والفقراء على مائدة رمضان المصرية

«الطرشي» يوحد الأغنياء والفقراء على مائدة رمضان المصرية
5 سبتمبر 2009 23:24
يطلق المصريون كلمة طرشي على الخضراوات المخللة منذ أيام الفاطميين، وأصل الكلمة يرجع إلى «الطرشة» أي الإناء الخشبي أو المعدني الذي تحفظ فيه الخضراوات للتخليل، ويحظى الطرشجي بمكانة متميزة طوال شهر رمضان حيث يقبل عليه الفقراء والأغنياء من أجل طبق الطرشي الذي لا تخلو أي مائدة منه وتؤكد إحصاءات حديثة أن الأسرة المصرية تستهلك أكثر من 25 كيلوجراما من المخلل في رمضان. وصناعة الطرشي معروفة في مصر منذ مئات السنين وهو ما أدى إلى وجود عدد من الصناع المعروفين الذين يتفننون كل عام في تقديم أفخر الأنواع ويعتبر الطرشي وسيلة لحفظ الخضراوات عن طريق التخليل ويبرز منها اللفت والجزر والفلفل والليمون والخيار والزيتون والبصل وهو ما يطلق عليه الطرشي البلدي الذي يمتاز بوجود «مية الطرشي أو الدقة»، وفي مقابل الطرشي البلدي يتفنن الصناع في تخليل خضراوات تضاف اليها المكسرات واللوز والبندق فضلا عن تخليل الفواكة كالجوافة والمانجو والبلح والتفاح. والطرشي البلدي المشكل يحظى بالإقبال الأكبر بالمقارنة ببقية الأصناف وأسعاره تتراوح بين 3 وعشرة جنيهات للكيس الواحد، أما البرطمانات فتبدأ من عشرة جنيهات وحتى خمسين جنيها. محلات الطرشي أغلب محلات الطرشي تنتشر في الأحياء الشعبية بالقاهرة مثل السيدة زينب ومصر القديمة، ويعتبر أولاد الحاج محمود طه أصحاب أقدم محل للطرشي وورثوا المهنة عن والدهم الذي ورثها بدوره عن أبيه، وعمر المحل الكائن بمنطقة شارع المعز التاريخية يقترب من 120 عاما، ويديره الآن صفوت طه الذي يقول إنه ورث المهنة أبا عن جد والمحل متخصص في تصنيع الطرشي وتخليله ويشتهر بجودة الأصناف بالاضافة الى شهرته بمياه الطرشي الشهيرة واتباع طرق الحفظ السليمة. ويضيف أن طبق الطرشي له مكانة رئيسية على مائدة إفطار الأسرة المصرية لأنه خضراوات مخللة ويحتوي على العناصر الغذائية وفاتح للشهية وتخليل الخضراوات ينشط نوعا من البكتريا المفيدة التي توقف نمو البكتريا الضارة. ويبين أنهم يشترون الخضراوات بالطن من تجار المحاصيل الزراعية على مدار العام وتختلف المدة الزمنية لكل صنف من الطرشي في عملية التخليل فالجزر واللفت يستغرقان أياما بينما الخيار والليمون والزيتون تستغرق شهورا وكذلك تخليل الفاكهة وشهر رمضان هو الموسم الرئيسي لصناع وباعة الطرشي حيث يشهد زيادة الإقبال خاصة في الفترة التي تسبق عودة الناس إلى بيوتهم قبل الإفطار وأثناء خروج الموظفين من أعمالهم. ويؤكد طه أن الفترة التي تبدأ من الثالثة وحتى الخامسة بعد العصر فترة الذروة بالنسبة للإقبال على الطرشي، ويستمر العمل بالمحل حتى الثانية عشرة مساء لذلك تزيد الأيدي العاملة داخل المحل طوال شهر رمضان وبالنسبة للزبائن فهم مختلفون في أذواقهم فهناك من يطلب أكياس الطرشي المشكل وآخرون يطلبون اصنافا بعينها وهناك طلبات معينة مثل المانجو المخللة أو ورق العنب المخلل وهذه الطلبات تكون باتفاق مسبق. يرى طه أن الطرشي صديق الفقراء والأغنياء ويقبل عليه الجميع ولا تختلف صناعته عن ذي قبل وما يحدث من اختلافات عبارة عن تغييرات شكلية، ويقول: «زمان كان التخليل يتم في سلطانيات من الفخار ثم استخدمت البراميل الخشبية والآن يخلل الطرشي في البراميل البلاستيكية وكان الناس يشترون الطرشي في أطباق ثم جاءت مرحلة الأكياس البلاستيكية والآن نبيع الطرشي في برطمانات وعلب بلاستيكية بجوار الأكياس، والأسعار متفاوتة وتناسب جميع الدخول، وكل زبون يحدد طلبه بالسعر الذين يريده». وفي حي السيدة زينب اكثر من محل لبيع الطرشي والمحل الأشهر هناك هو محل الحاج إبراهيم سالم الذي ورث المهنة عن والده ويقول إن استهلاك الطرشي يزيد في رمضان لأنه موسم لدرجة أن هناك زبائن طرشي في رمضان فقط وسرعان ما يتراجع بانتهاء الشهر الكريم ولهذا يتنافس أصحاب محلات الطرشي على تقديم أفضل الأصناف وأجودها حيث يبدأ الموسم مع أول أيام شهر رمضان وينتهي في اليوم الأخير. ويضيف أنه يستعد لشهر رمضان استعدادا خاصا حيث يجهز البضاعة ويقيم سرادقا كبيرا للبيع ويحرص على تقديم الجديد والمتميز كل عام فبجوار الطرشي البلدي التقليدي الذي يحظى بالاقبال طوال الشهر يقدم أصنافا أخرى كالبامية والكوسة والفاكهة المخللة مثل الجوافة والتفاح والمانجو، وهذه الأصناف لها زبائن يقبلون عليها لأنها جديدة في السوق ويريدون أن يجربوها. معاملة خاصة يؤكد الحاج إبراهيم أن كل صنف من الطرشي له معاملة خاصة في التخليل فالجزر يتم تخليله طوال العام لأنه متوفر بينما البصل والليمون والفلفل يتم تخليلها في مواسمها، وكل صنف يأخذ مقاديره من التخليل من حيث ضبط نسب الملح والماء والمادة التي تعطي الطرشي لونه المميز وهي مادة صحية ومسجلة بوزارة الصحة تسمى الكامينا وبعد الانتهاء من عملية التخليل تجهز الأصناف للبيع باضافة التوابل والبهارات والخل والليمون عليها بشرط ان يحظى الصنف بالنكهة المميزة للطرشي والتي تجعل الزبائن حريصين على تناوله. وينصح الحاج ابراهيم الزبائن بتناول الطرشي بكميات معتدلة لأن الاكثار من تناوله قد يسبب متاعب لكبار السن والمرضى مثل اضطرابات الجهاز الهضمي ويجب الاكثار من شرب الماء اذا شعر الشخص بأنه تناول كمية كبيرة من الطرشي حتى يتجنب العطش ومتاعب الجهاز الهضمي وباستثناء ذلك فان للطرشي فوائد كثيرة فهو يحتوي على كافة العناصر الغذائية فالبصل يحتوي على فيتامينات أ وب والليمون فاتح للشهية ويحتوي على فيتامين ج والجزر يقي الجسم من الأمراض ويفيد الخيار في علاج الكلى ويريح المعدة، ويفيد الفلفل في الوقاية من أمراض القلب ويعتبر منشطا. واحتلت الخضراوات المطعمة بالمكسرات والفاكهة المخللة أعلى الأسعار حيث تراوحت أسعارها بين عشرين وخمسين جنيها للبرطمان لأنها تتكلف كثيرا وتستغرق وقتا أطول في التخليل وتم اعداد برطمانات للطرشي المشكل مختلفة الأحجام وتراوحت أسعارها بين عشرة وثلاثين جنيها، وأقل الأسعار كانت لأكياس الطرشي البلدي المشكل لتتراوح بين جنيهين وخمسة جنيهات للكيس الواحد. ويحرص عدد كبير من المشاهير والفنانين على القدوم إلى المحل والحصول على طلبات الطرشي المختلفة من أمثال صلاح السعدني وجمال الغيطاني ويوسف القعيد وشعبان عبدالرحيم ومحمود الخطيب وحسن شحاتة ناهيك عن أهالي المنطقة الذين يبدأون التوافد على المحل لطلب الطرشي في كل أوقات السنة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©